-تحليل مختصر على ضوء رؤية القرآن وطرح الشهيد القائد رضوان الله عليه-

محمد محمد أحمد الانسي -خبير اقتصادي

يمتلك الإسلام كفاءة كاملة ومتميزة وفريدة كمنهج لقيادة شؤون البشرية في كافة مجالات الحياة وعلى راسها المجال الاقتصادي والمعيشي المتوازن الشامل للجميع. ولكن تكمن المشكلة في شيئين:
الأول: (المجرمون) الذين دنسوا الدنيا بفسادهم وبمحاربتهم لرسالة الإسلام ومنهجيته وهم اليهود المرابون وأدواتهم الطواغيت ومن معهم من المجرمين.


الثاني: (الذين لا يفهمون قيمة رسالات الأنبياء، ولا ينطلقون بشكل صحيح) وهذه الفئة للأسف من المحسوبين على الإسلام رغم أنه كامل ويمتلك الكفاءة الشاملة الكافية وكماله مقترن بمصدره وهو الله العظيم رب العالمين الذي له الكمال المطلق، خالق الوجود وفاطر السماوات والأرض وخالق البشر العليم الخبير بمصالحهم سبحانه وتعالى.
هذا التحليل يتسند إلى القرآن وإلى طرح ورؤية وتحليل أعظم القادة وأقدس رجال الفكر والتنوير في العصر الحديث وأصدق الناس انتماء وعملاً وارتباطاً بقيم العدل والخير والفضيلة والحكمة الرجل القرآني العظيم الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-.
وفي هذا الإطار يجب علينا أن نتوقف أمام نص عظيم للشهيد القائد في محاضرة/درس ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ في الصفحة رقم (3) حيث يقول رضوان الله عليه ما يلي:
• (كلما يحصل من شقاء، كلما يحصل من معاناة حتى للأنبياء أنفسهم. من الذي صنع المعاناة هذه؟ المجرمون، دنسوا الدنيا، ولعبوا بالدنيا، والذين لا يفهمون قيمة رسالات الأنبياء، ولا ينطلقون بشكل صحيح، وإلا فرسالات الأنبياء كانت ستقضي على الفساد، والإسلام هذه مهمته)

وفي نص آخر للشهيد القائد يعتبر من أهم النصوص وأعظم الموجهات، في الدرس التاسع من دروس سورة البقرة صفحة 6 حيث يقول رضوان الله عليه ما يلي:
• (المشكلة كلها من عند القائمين على الناس، من عند من يحكمون الناس، هم الذين يكونون بشكل يجعل الفساد ينتشر فتقل البركات، تكون خططهم الاقتصادية فاشلة، ليس عندهم اهتمام بالناس، ليس عندهم خبرة في رعاية الناس، لا تربوياً، ولا غذائياً، وإلا فالله سبحانه وتعالى قد جعل الأرض واسعة، جعلها واسعة، ثم إنه بالنسبة للشعوب، بالنسبة للأمم، غير صحيح بأنه إذا ازدحم الناس، أصبح شعب من الشعوب عدده عشرين مليون بأنه سيكون شعباً ضعيفاً. لا. بل يقولون فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي: أن الشعوب الكبيرة تصبح هي سوق، هي سوق لنفسها، سوق استهلاكية).
***
مرة أخرى من المهم التأكيد على كفاءة الإسلام كنظام لإدارة شؤون الحياة لما فيه من حكمة وكمال وضوابط تنظيمية فريدة في كل المجالات على راسها المجال الاقتصادي فرؤية الإسلام تجاه موضوع الاقتصاد والثروة والمال وآلية تعامل الانسان معها عظيمة ومتميزة إلى حد الدهشة وإلى درجة أنها لا تقارن مع غيرها.
ولو لم يكن من التشريعات القرآنية سوى تجريم الربا والاحتكار لكانت كافية لمنع حدوث تفاوت طبقي ومعيشي بين البشر إذ يعترف كل عقلاء العالم حتى من غير المسلمين بتميز رؤية الإسلام الاقتصادية وكفاءتها وكفايتها لمنع انتشار الفقر والعوز وتحقيق عدالة اجتماعية واستقرار معيشي لكل شعوب المعمورة.
لقد حرّم الله الربا وشدد العقوبة عليه وصنع بذلك حماية للمال وصوناً للثروة من دخول المال الرابي المنتفخ الذي لا يحمل قيمة بل يترتب على قبوله حصول ظلم ومراكمة للثروة في يد المرابين فقط.
ولقد حرم الاحتكار فضمن فرص النهوض والدوران الاقتصادي للجميع.
لكن المشكلة في المسلمين أنفسهم في القائمين على شؤون الناس ممن يدعي الانتماء إلى الإسلام وهو لا يعمل بمقتضى إيمانه، ولا يثقون بالله ولا بتوجيهاته ورؤيته العظيمة إذ يفضلون تنظيرات بشرية ويقدمون مبررات دائما معظمها لمجرد مصالح قوى احتكارية.
والله ولي التوفيق.. أساله تعالى الهداية والتوفيق والثبات.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: رضوان الله علیه

إقرأ أيضاً:

فن الإدارة في الإسلام.. نموذج فريد للتنظيم والقيادة

 

 

عبدالعزيز بن حمدان الإسماعيلي **

a.azizhh@hotmail.com

تُعد الإدارة عنصرًا أساسيًا في نجاح أي مؤسسة أو مجتمع، وقد قدم الإسلام نموذجًا إداريًا متكاملًا يستند إلى مبادئ العدل والشورى والمسؤولية والأمانة، وقد انعكست هذه المبادئ بوضوح في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، مما أسهم في بناء دولة إسلامية قوية ومستدامة.

الإدارة في الإسلام ليست مجرد عملية تنظيمية، بل هي منظومة متكاملة تهدف إلى تحقيق التنمية والاستقرار وفق مبادئ أخلاقية تعزز من العدالة والشفافية، فمبدأ الشورى يشكل جوهر الإدارة الإسلامية؛ حيث يعتمد القائد على التشاور مع أهل الرأي والخبرة قبل اتخاذ أي قرار مصيري، مما يضمن اتخاذ قرارات سليمة تحقق الصالح العام، كما أن العدل يعد ركنًا أساسيًا إذ يجب على القائد التعامل مع الأفراد بإنصاف بعيدًا عن المحسوبية والتمييز، مما يضمن الاستقرار وخلق بيئة عمل صحية.

المسؤولية والمحاسبة هما من الدعائم التي تقوم عليها الإدارة في الإسلام، إذ يُحمّل القادة مسؤولية أعمالهم ويخضعون للمحاسبة أمام الله وأمام الأمة، مما يؤدي الى توطيد روح النزاهة والالتزام، وإلى جانب ذلك تشكل الأمانة في القيادة عنصرًا أساسيًا، حيث يجب على المسؤولين أداء أدوارهم بصدق وإخلاص، متجنبين أي ممارسات قد تضر بالمصلحة العامة، أما التخطيط والتنظيم الفعّال فيُعد ركنًا جوهريًا لضمان استغلال الموارد بشكل أمثل وتحقيق الأهداف بكفاءة عالية.

ولقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم قائدًا إداريًا بارعًا، استطاع بناء دولة قوية رغم التحديات التي واجهته، فقد اعتمد في إدارته على الشورى  فلم يكن يتخذ القرارات بشكل فردي بل كان يشاور أصحابه لضمان أفضل الخيارات الممكنة، أما على الصعيد المالي فقد وضع نظامًا دقيقًا للموارد المالية مثل الزكاة والغنائم، وخصصها لتحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصًا على اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب، فكان يعين القادة والمسؤولين بناءً على الكفاءة والنزاهة، مما عزز كفاءة المؤسسات الإدارية في الدولة.

ولم يقتصر نجاح النبي صلى الله عليه وسلم الإداري على الشؤون الداخلية، بل امتد ليشمل العلاقات الخارجية فقد برع في التفاوض وإبرام المعاهدات، مثل صلح الحديبية الذي شكّل نموذجًا بارعًا في الدبلوماسية وإدارة الأزمات، كما أنه وضع نظامًا دقيقًا للرقابة والمحاسبة، حيث كان يحاسب المسؤولين ويعفي من يقصر في أداء مهامه، مما وطد الانضباط الإداري والعدالة في تولي المناصب.

وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، واصل الخلفاء الراشدون نهجه الإداري، كلٌ بأسلوبه الذي يعكس احتياجات عصره، فقد واجه أبو بكر الصديق رضي الله عنه تحديات كبيرة، أبرزها حروب الردة التي تعامل معها بحزم؛ مما أسهم في الحفاظ على وحدة الأمة، كما حرص على ترسيخ الاستقرار المالي، وأدار الموارد بفعالية لضمان استدامة الدولة، إلى جانب بدئه للفتوحات الإسلامية في العراق والشام؛ مما عزَّز نفوذ الدولة الإسلامية.

أما عُمر بن الخطاب فقد أحدث نقلة نوعية في الإدارة الإسلامية، حيث أنشأ الدواوين، مثل ديوان الجند وديوان الخراج، لتنظيم شؤون الدولة المالية والعسكرية، كما وضع نظامًا دقيقًا لمراقبة أداء الولاة والموظفين، لضمان النزاهة وتحقيق العدالة، ولم يقتصر إبداعه الإداري على ذلك؛ بل امتد إلى التخطيط العمراني، فأسس مُدنًا جديدة مثل الكوفة والبصرة مما أدى الى ارساء الاستقرار والتنمية وكان حريصًا على وضع تشريعات جديدة لحماية حقوق المواطنين وتنظيم الأسواق.

وعندما تولى عثمان بن عفان الخلافة ركز على التوسع العمراني، فعمل على توسعة المسجد الحرام والمسجد النبوي، لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المسلمين، كما ساهم في تطوير الأسواق وتنظيم التجارة مما أسهم في ازدهار الاقتصاد لكن إنجازه الأبرز كان توحيد المصحف الشريف، حيث جمع الأمة الإسلامية على مصحف واحد، مما ضمن وحدة المرجعية الدينية وساهم في الحفاظ على النص القرآني.

أما علي بن أبي طالب- كرَّم الله وجهه- فقد ركز على الإصلاح الإداري؛ حيث عمل على تعيين الأكفاء في المناصب الإدارية ومحاربة المحسوبيات كما حرص على تحقيق العدالة الاجتماعية، فاتخذ إجراءات لضمان توزيع عادل للثروات والموارد بين المسلمين وعلى الصعيد العسكري واجه تحديات داخلية كبيرة حيث خاض معارك للحفاظ على استقرار الدولة الإسلامية وحماية وحدتها.

نجد اليوم ان المبادئ الإدارية الإسلامية لا تزال صالحة للتطبيق في المؤسسات الحديثة؛ حيث يمكن دمجها مع أحدث المفاهيم الإدارية لضمان تحقيق الأهداف بكفاءة، مع الحفاظ على القيم الأخلاقية وتظل الحوكمة الرشيدة والتخطيط الاستراتيجي وإدارة الأداء من أهم الأسس التي يمكن توظيفها لتطوير المؤسسات وفق مبادئ الإدارة الإسلامية.

ويُثبت التاريخ أنَّ الإدارة الإسلامية نموذج فريد يجمع بين الكفاءة والعدالة، ويظل هذا النهج صالحًا للتطبيق في مختلف العصور وعندما يُدار أي نظام وفق المبادئ الإسلامية، فإنه يُحقق النجاح والاستدامة، مما يجعل الإدارة الإسلامية نموذجًا يُحتذى به عالميًا.

** باحث دكتوراه في الإدارة العامة

مقالات مشابهة

  • متحدثة أممية: الوضع في غزة كارثي وعواقب وخيمة لاستمرار إغلاق المعابر
  • الصحة العالمية تحتفي باليوم العالمي لمكافحة السل بهدف محاصرته والقضاء عليه
  • هل الرحمة تجوز على غير المسلم؟.. الدكتور أيمن أبو عمر يجيب
  • وزير المالية السوداني  يكشف للإعلام الوضع الاقتصادي الراهن
  • دمشق.. أولى عواصم الإسلام
  • فن الإدارة في الإسلام.. نموذج فريد للتنظيم والقيادة
  • نواب: تعظيم الاستفادة من ثروات البترول قيمة مضافة للدولة.. وتوفير طاقة مستدامة محور النمو الاقتصادي
  • (نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية العشرون للسيد القائد 1446هـ
  • مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (20) للسيد القائد 1446
  • مفتي الجمهورية: الوفاء بالعهد قيمة إيمانية وأخلاقية تحصن المجتمعات من الفساد