زيارات التسوية.. هل تنجح بغداد وأربيل في تجاوز خطوط النزاع؟
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
13 يناير، 2025
بغداد/المسلة: أزمة كركوك تعود إلى الواجهة مجددًا في ظل التوترات المستمرة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، إذ باتت هذه القضية بمثابة قنبلة سياسية موقوتة، تعكس النزاعات المستعرة حول الموارد والسلطة. في مقدمة هذه التوترات تأتي المادة 140 من الدستور العراقي، التي أُعيد إحياؤها بعد أن ظلّت مجمّدة لعقود، لتكون محور صراع سياسي وقانوني بين بغداد وأربيل.
حكومة الإقليم برئاسة مسرور بارزاني فجّرت هذا الملف من جديد، معتبرةً أن الاستفتاء المنصوص عليه في المادة 140 لم يُنفّذ في السقف الزمني المحدد، رغم أن المحكمة الاتحادية قضت بدستورية المادة بغض النظر عن التوقيت. حكومة الإقليم ترى في هذا التأخير خرقًا لالتزامات الحكومة الاتحادية تجاه حقوق سكان كركوك والمناطق المتنازع عليها.
القضية تأخذ أبعادًا اقتصادية أيضًا، إذ اشتبكت الحكومتان حول عقود النفط والغاز. حكومة الإقليم تتهم بغداد بمحاولة الاستحواذ على هذه الموارد دون الرجوع إلى أربيل، ووصفت هذا النهج بأنه انتهاك للدستور العراقي، لا سيما المواد 140 و112. من جهة أخرى، ترد الحكومة الاتحادية بأنها التزمت بتسليم رواتب موظفي الإقليم، متهمة أربيل بعدم تقديم أي موارد مقابلة.
رئيس الإقليم، نيجيرفان بارزاني، سعى مؤخرًا إلى إجراء تسويات خلال زيارته إلى بغداد، لكن التجارب السابقة تشير إلى هشاشة مثل هذه الاتفاقيات. في كل مرة تعود التوترات إلى نقطة البداية مع تصاعد الاتهامات بين الطرفين، مما يعزز الانطباع العام بأن الحلول المؤقتة لا تعدو كونها مجرد تهدئة مرحلية.
كركوك، بتنوعها العرقي والديني، تظل نقطة تصعيد خطيرة في المشهد العراقي. الحديث عن استفتاءٍ لحسم تبعيتها يثير حساسيات قومية وسياسية، إذ يرى الأكراد فيه فرصة لتحقيق مكاسب تاريخية، فيما تخشى المكونات الأخرى من تغييرات قد تؤثر على توازن القوى في المحافظة.
وبينما تستمر التصريحات والبيانات المتبادلة، تبقى الأسئلة مطروحة حول جدوى المفاوضات وآفاق الحلول الدائمة. هل يمكن للطرفين تجاوز الخلافات التاريخية، أم أن كركوك ستظل ساحة مفتوحة لصراعات تُستخدم فيها الموارد والسياسة كورقة ضغط متبادلة؟
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
كردستان بين واشنطن وطهران.. من يملك الكلمة الفصل في تشكيل حكومة الإقليم؟
بغداد اليوم - بغداد
أكد الكاتب والباحث السياسي، جواد ملكشاهي، اليوم السبت (22 آذار 2025)، أن تشكيل حكومة إقليم كردستان يعتمد بالدرجة الأساس على العملية الديمقراطية والاتفاقات الداخلية بين القوى السياسية الكردية، مشددا على أن التأثيرات الخارجية، سواء من الولايات المتحدة أو إيران، تقتصر على تقديم مقترحات وأفكار دون امتلاك الهيمنة على القرار الكردي.
وقال ملكشاهي، في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "علاقات إقليم كردستان تقوم على التوازن مع دول الجوار والمجتمع الدولي، دون الانحياز إلى أي محور"، مشيرا إلى أن "حكومة الإقليم لطالما سعت إلى بناء علاقات إيجابية مع جميع الأطراف".
وأضاف، أن "الأحزاب الكردستانية تمتلك رؤاها السياسية المستقلة، وتبني علاقاتها الخارجية وفق توجهاتها الخاصة، مما يجعل تشكيل الحكومة ناتجا عن توافقات داخلية أكثر من كونه خاضعا لضغوط خارجية".
وبخصوص مدى تأثير واشنطن وطهران في ملف تشكيل الحكومة، أوضح ملكشاهي أن "كلا الدولتين ترغبان في تسريع العملية السياسية، لكن القرار النهائي يظل بيد الأحزاب الكردية"، مستشهدا بتأخير المفاوضات بين الحزبين الرئيسيين رغم الاهتمام الأمريكي والإيراني بإنجاز التشكيل الحكومي سريعا".
وأشار إلى أن "طهران، مثل واشنطن، لديها قنواتها الدبلوماسية للتأثير على المشهد السياسي في الإقليم، إلا أن عدم تشكيل الحكومة حتى الآن يعكس حقيقة أن القرار الكردي مستقل ولا يخضع بالكامل لأي جهة خارجية".
ويتمتع إقليم كردستان بحكم ذاتي منذ عام 1991، ويخضع لنظام سياسي تعددي، حيث يتنافس الحزبان الرئيسيان، الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، على النفوذ في الحكومة والإدارة.
إيران والولايات المتحدة، وفق ما يرى متتبعون، من أبرز اللاعبين الدوليين في الإقليم، حيث تسعى واشنطن إلى تعزيز نفوذها في كردستان، خاصة بعد التطورات في سوريا ولبنان، فيما تعمل طهران على حماية مصالحها الاستراتيجية عبر علاقاتها مع بعض الأحزاب الكردية.
ومع كل انتخابات، تتزايد التكهنات حول الجهة الأكثر تأثيرا في تشكيل الحكومة، إلا أن الوقائع على الأرض تؤكد أن القرار النهائي غالبا ما يكون بيد الأحزاب الكردية التي تخوض مفاوضات معقدة للوصول إلى توافقات بشأن توزيع المناصب وإدارة الإقليم.