مع كل عام دراسى جديد، تتكرر أزمة القبول بالجامعات المصرية وسط صراع متزايد بين الطلاب وأولياء الأمور على الفوز بمقاعد الكليات المرموقة. ومع إعلان نتائج الثانوية العامة وظهور المجاميع العملاقة التى تفوق التوقعات، يبدأ سباق محموم نحو تحقيق أحلام آلاف الطلاب، ما يعكس تحديات قديمة متجددة فى النظام التعليمى المصري.
تشهد السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا فى نسب النجاح والمجاميع المرتفعة، حيث يحصل العديد من الطلاب على درجات تقارب الكمال فى المواد الدراسية. وبينما يعتبر هذا إنجازًا يعكس تفوق الطلاب، إلا أنه يؤدى إلى تضييق فرص القبول فى الكليات المرموقة مثل الطب، الهندسة، والصيدلة، التى تشهد ارتفاعًا مذهلاً فى الحدود الدنيا للقبول.
هذا الارتفاع يثير تساؤلات حول معيارية التقييم وجودة الامتحانات، حيث يرى البعض أن الأسئلة أصبحت تركز أكثر على الحفظ والتلقين بدلاً من قياس مهارات التفكير النقدى والتحليل.
مع تكدس الطلاب الحاصلين على مجاميع عالية، تصبح المنافسة شرسة للغاية، حيث يتطلب القبول فى بعض الكليات نسبًا تفوق 98% أو أكثر. هذا الواقع يجعل العديد من الطلاب يشعرون بالإحباط، خاصةً عندما تكون فرصهم فى تحقيق حلمهم التعليمى مرتبطة بفروق ضئيلة فى الدرجات.
وفى الوقت نفسه، يعانى طلاب المجاميع المتوسطة من نقص الخيارات التعليمية الجيدة، حيث تكون الكليات ذات الشعبية الأقل هى الخيار الوحيد المتاح لهم، مما يسبب شعورًا بالظلم بين شرائح واسعة من الطلاب. وأرى أن الأزمة فى غياب التنوع فى المسارات التعليمية مع التركيز الشديد على المسار الأكاديمى دون تعزيز التعليم الفنى والتقنى كخيار مستقبلى جذاب. ووجود نقص فى الأماكن بالكليات وعدم وجود توسع كافٍ فى إنشاء جامعات وكليات جديدة قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة.. والاعتماد المفرط على التنسيق الإلكترونى الذى يعتمد فقط على المجاميع كمعيار وحيد للقبول.
وأرى أن النظام المطروح حاليا لحل هذه الأزمة المتكررة سيجعل المشكلة الأساسية قائمة وهى صراع المجاميع العملاقة ويحتاج الخروج من الازمة التى ستظل تعانى منها مرحلة الثانوية العامة مع قدوم كل وزير يتولى مسئولية وزارة التربية والتعليم ويكون عينه على تحقيق مجد شخصى وليس انهاء الصراع ووقف عذاب الأسر المصريه كل عام الى استحداث معايير جديدة تشمل اختبارات القدرات، السيرة الذاتية، والمقابلات الشخصية، بدلاً من الاعتماد الحصرى على الدرجات.
وتوفير مسارات تعليمية بديلة قادرة على تقديم فرص عمل تنافسية. والتوسع فى إنشاء جامعات جديدة وتوسيع الكليات القائمة لاستيعاب المزيد من الطلاب. وإعادة النظر فى المناهج الدراسية لتشجيع التفكير الإبداعى بدلاً من الحفظ والتلقين.
ومع تعديل الأنظمة القائمة للثانوية العامة وطرح الدكتور محمد عبداللطيف وزير التعليم نسخة جديدة من الثانوية تحت مسمى البكالوريا المصرية مع وجود نظام جديد سبق أن طرحه الوزير ايضا لم يمض عليه شهور سيبقى صراع المجاميع العملاقة قضية شائكة تحتاج إلى تدخل سريع وجذرى لإصلاح النظام التعليمي. وتوفير نظام تعليمى أكثر عدلاً وكفاءة، يضمن تحقيق أحلام الجميع بغض النظر عن أرقام المجاميع وإدخال مواد ضمن المجموع أو خروجها من المجموع ليس هذا الحل وإنما الحل فى نظام مستقر للثانوية العامة واستراتيجية واضحة يسير عليها كل وزير ويكمل عليها وليست عرضة للهدم والإزالة مع قدوم كل وزير وكفانا تغيير فى نظام الثانوية ووضع انظمة جديدة أثبت فشلها فى عهد الوزراء السابقين.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التنسيق الإلكتروني وزارة التربية والتعليم من الطلاب
إقرأ أيضاً:
بكالوريا المستقبل!
على مدار أيام، انشغل المصريون جميعًا، وتباينت ردود أفعالهم، بشأن موافقة مجلس الوزراء «بصفة مبدئية»، على مقترح وزير التعليم، باستبدال «شهادة الثانوية العامة» بـ«البكالوريا المصرية»، للتلاميذ الملتحقين بالصف الأول الثانوي من العام الدراسي المقبل «2025 ـ 2026».
ما فهمناه حتى الآن، أنه سيتم تقسيم المواد المضافة للمجموع الكلي على مدار 3 سنوات، إلى حين مناقشة آليات تنفيذ النظام الجديد داخل المجموعة الوزارية للتنمية البشرية، والتوافق على صيغة نهائية تطرحها الحكومة للحوار المجتمعي قبل بدء التطبيق الفعلي.
نتصور أنه يجب علينا الانتظار، حتى تتكشف «نوايا» الوزير، الذي يفاجئنا بين فترة وأخرى ـ منذ توليه الحقبة الوزارية ـ بقرارات «مصيرية»، تتعلق بمستقبل التعليم والأجيال القادمة، وإن كانت توجهات الحكومة تشير إلى خصخصة هذا القطاع المهم، وإلغاء ما يُعرف بـ«مجانية التعليم» المنصوص عليها في الدستور، بصورة تدريجية.
وبعيدًا عن «الهَرْي» و«القلش» و«خفة دم المصريين»، التي تغزو مِنَصَّات التواصل الاجتماعي، يمكننا القول بكل أريحية، إن منظومة التعليم ـ كانت ولا تزال ـ في حالٍ يرثى لها منذ عقود، سواء في مستواها أو مخرجاتها.
منظومة راسبة بامتياز، لا يوجد بها استراتيجية واحدة، أو منهج وطني موحد، في ظل وجود أنواع شتى للتعليم في مصر، كما لو أننا فى دول عدة، بقوميات مختلفة.. ما بين الحكومي، الفني، الثانوي العام، الأمريكي، الفرنسي، البريطاني، الألماني، الأزهري.. وللأسف المحصلة أننا نقبع في ذيل الترتيب العالمي!
بالتأكيد نتفق مع ضرورة تطوير المنظومة العقيمة، التي عفا عليها الزمان، ولا تستطيع مواكبة سوق العمل، حيث تعتمد على الحفظ والتلقين، لا حرية الفكر والإبداع والابتكار، ولكننا نستغرب من إهمال باقي عناصر المنظومة التعليمية، والاكتفاء فقط بتنفيذ قرارات غير مدروسة بشكل كامل!
ربما كان من الأفضل بدء تغيير حقيقي وتدريجي للمنظومة التعليمية، من خلال وضع استراتيجية شاملة، تتضمن أولًا تطوير البنية التحتية «المدارس، الفصول، الأدوات، المختبرات»، وكذلك تطوير المناهج، وتحسين أحوال المعلمين، وزيادة ميزانية التعليم بشكل عام، بالحد الذي يسمح بمواكبة الدول النامية!
نعتقد أنه بات لِزامًا تغيير نظرتنا للتعليم، وأن نتساءل بصدق: متى وكيف يكون لدينا تعليم حقيقي قادر على ضمان مستقبل أفضل لأبنائنا، وبناء دولة عصرية قادرة على المنافسة في ظل التحديات العلمية والتكنولوجية الراهنة.. وما ضمانات نجاح النظام الجديد، الذي ظهر فجأة، ولا يعرف الكثيرون ـ من أصحاب الشأن ـ عنه شيئًا؟
أخيرًا.. إن انتظار نتائج ملموسة من إصلاح جزئي غير مدروس، أشبه بمَن يقوم بطلاء واجهة مبنى آيل للسقوط، ولذلك نعتقد أن بواعث النهضة الحقيقية لأي دولة، لا ولم ولن تتحقق إلا بالعلم والبحث العلمي، وتوفير بنية حقيقية، لمنظومة تعليمية تستشرف المستقبل وتواكب التطور.
فصل الخطاب:
يقول الفيلسوف الإنجليزي «توماس براون»: «لا يجب أن نقترب من العلم بروح التاجر».
[email protected]