التطرف الدينى ليس كما يشاع يعنى «الخروج على المألوف» أو عما تعارف الناس عليه فى المجتمع فى فترة زمنية ما، لو كان الأمر كذلك لكانت الأديان السماوية كلها تطرفا لأنها جاءت خارجة ومغايرة لما ظل سائدا قبلها قرونا طويلة.
التطرف الحقيقى ووفق التعريفات العلمية بدوائر المعارف العالمية والعلوم الاجتماعية مرادف للكلمة الإنجليزية « DOGMATISM» أى الجمود العقائدى والانغلاق العقلى، ووفق رؤية تحليلية للدكتور سمير نعيم، أستاذ الاجتماع الكبير، بدراسته المعنونة بـ «المحددات الاجتماعية والاقتصادية للتطرف الدينى» فإن هذا الانغلاق أو الـDOGMATISM هو جوهر الفكر الذى تتمحور حوله كل الجماعات المسماة بالمتطرفة.
ولكى نكون على وعى بحركتنا الحالية وهل هى حركة للأمام نحو المستقبل بكل تباشيره ومخاوفه أيضا، أم هى حركة للخلف وراء جبال الانغلاق الراسخة تحت جلدنا وبشرايين أفكارنا – لنقرأ ونتأمل إذن.
يقول الدكتور سمير نعيم بدراسته القيمة والتى نشرت ضمن إصدارات مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت 1990 (السياسيون متطرفون حين نجدهم يسلمون بفكر وباتجاه لا يقبل النقاش، ويرفضون رفضا قاطعا الرأى الآخر، ويكرهون من يحمل هذا الرأى، والمعلمون متطرفون حين يفرضون على تلاميذهم الرأى والفكر والمعرفة ولا يقبلون منهم نقاشا أو حوارا أو رأيا، والإعلاميون متطرفون حين يفرضون آراءهم وقيمهم وفلسفتهم على الجماهير، والبيروقراطيون الحكوميون متطرفون حين يتمسكون تمسكا جامدا أعمى بتفسيراتهم لنصوص اللوائح والقوانين، وفى السرة يسود التطرف حين يفرض الأب أو الزوجة أو الم رايهم وتفضيلاتهم وقراراتهم على أفراد الأسرة كافة.
فى مصر نلحظ مستويين من الدين، الدين الرسمى أى الجانب النصى المقدس بما أتى به من تشريع، والمستوى الثانى هو الدين الشعبى، أو بمعنى أدق «التدين الشعبى»، والمقصود به مجمل الفهم الشعبى والممارسات العملية ذات الطابع الدينى ولو من حيث الشكل بالنسبة لغالبية المصريين.
وفى دراسة الباحث الكبير أستاذ الاجتماع، على فهمى «دين الحرافيش فى مصر» يقر بنتيجة محددة وهى أن القهر السلطوى من ناحية والتمايز الطبقى الصارخ من ناحية ثانية، قد أفرز وكرس، على مدى التاريخ الاجتماعى المصري، ميلا عارما لدى غالبية المصريين نحو القدرية والتواكلية والسلبية، وكل هذه السمات المتجذرة وجدت طريقها إلى الظاهرة الدينية وطبعتها بطابعها، ومن ثم تحول الدين النصى تدريجيا إلى دين شعبى، أو بمعنى أدق إلى فهم شعبى للدين النصى وإلى ممارسة شعبية للأحكام الدينية النصية، ساعد عليها فى نصف القرن الأخير انتشار ظاهرة الدعاة بكل أطيافهم وانتماءاتهم، والذين خطفوا فطرة المجتمع المصرى الدينية البسيطة واستبدلوها بفهم صحراوى شديد الجفاف، وتلك قصة أخرى اختلطت فيها تجارة الأديان، بتجارة الدعوة، وسقوط الذمم والضمائر، وانتشار ظاهرة غسيل «الأحوال» لصالح ممالك وإمارات الزمن الطالح.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كامل عبدالفتاح المجتمع المصري
إقرأ أيضاً:
إبراهيم عيسى يهاجم ضم التربية الدينية لمجموع البكالوريا: ضد الدستور والقوانين
علق الإعلامي إبراهيم عيسى على قرار محمد عبداللطيف وزير التعليم بإقرار نظام "البكالوريا" بدلًا من الثانوية العامة، موضحًا أن كل ما يطرح هو شئ محترم وإطلاق هذا القرار "وهم" وهو توصيف لهذا الأمر، متابعًا: "هناك في مصر عدة مجالس متخصصة في التعليم لا بد أن تقدم دراستها في هذا الأمر، وبكالوريا ده اسم دلع للثانوية العامة".
تحذير من إدراج مادة التربية الدينية في مجموع البكالوريا.. مدخل للتمييز (فيديو) تحذيرات من إضافة التربية الدينية لمجموع الثانوية العامة عرض نظام البكالوريا على المجالس المتخصصةوشدد إبراهيم عيسى، خلال تقديم برنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، على أنه لم يتم عرض نظام البكالوريا على المجالس المتخصصة أو المجالس التابعة لرئاسة الجمهورية، متابعًا: "شكك البعض في مؤهلات وزير التعليم.. جايبين منين التجرأ الشديد على أنه يغير نظام التعليم، ده موضع تشكيك، لماذا هذا العناد مع المواطنين؟".
وأشار إبراهيم عيسى إلى أن مادة التربية الدينية في المجموع الكلي يجعل من الدين مادة حفظ وتلقين ومادة من مواد تثير الفتنة، مشددًا على أن التربية الدينية هي تربية وليست امتحانات في الدين بما فيها أنها تقيس قوة إيمان الطفل والطالب، موضحًا أن هذه الفكرة ضد الدستور وضد القوانين.
تحذيرات من إضافة التربية الدينية لمجموع الثانوية العامةحذر الدكتور محمد كمال، الخبير التعليمي وأستاذ مساعد فلسفة الأخلاق بجامعة القاهرة، من إضافة مادة التربية الدينية للمجموع في نظام البكالوريا المصرية بديل الثانوية العامة.
وبحسب نظام البكالوريا المصرية المقترح كبديل لنظام الثانوية العامة من محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، يدرس طالب الصف الثالث الثانوي مادة التربية الدينية كمادة أساسية مضافة للمجموع.
إضافة التربية الدينية قد يثير الفتنة الطائفية
وأوضح الخبير التعليمي أن إضافة التربية الدينية للمجموع في نظام البكالوريا المصرية يمكن أن يتسبب في فتنة طائفية بسبب اختلاف مستوى الصعوبة بين المنهجين.
وأكد الخبير التعليمي رفضه القاطع لوجود مادة التربية الدينية مادة مجموع في الثانوية العامة، مشيرا إلى أنه من الأفضل وضعها مادة نجاح ورسوب فقط ولا تضاف للمجموع حتى تتحول إلى فتنة طائفية.
ونبه بأن إضافة التربية الدينية للمجموع في الثانوية العامة المؤهلة للالتحاق بالجامعات، قد يحرم طالب مسيحي _على سبيل المثال_ من الالتحاق بكلية بسبب صعوبة الامتحان مقارنة بالدين الإسلامي أو العكس.
واقترح الخبير التربوي وضع مادة تتضمن القيم المشتركة بين الأديان بحيث يدرس فيها الطالب القيم الأخلاقية المختلفة المشتركة في الأديان السماوية على أن يتم تناول القيم في الديانتين الرئيسيتين في مصر فيدرس الطالب مثلا قيمة الصدق والحق والأمانة والعدالة والمساواة وحب الوطن من خلال نصوص دينية إسلامية ومسيحية، ويكون الامتحان عن القيمة ذاتها.
واختتم الخبير التربوي كلامه قائلا: "لا تلقوا بمصر في وسط فتنة دينية تأكل الأخضر واليابس بحسن نية يستغلها البعض بسوء نية وأنتم ترون المنطقة مشتعلة ولا يحفظ مصر كتلة واحدة بعد الله سوى جيشها ووحدة شعبها فلا تسمحوا لمثيري الفتن والطابور الخامس بدس السم في العسل.. كلمة حق للتاريخ اللهم قد بلغت اللهم فاشهد".