لبنان.. وحلم الانتقال من الطائفة إلى الدولة
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في ظني أن المنطقة العربية قد تنفست الصعداء بعد انتخابات الرئاسة اللبنانية التي أسفرت عن انتخاب جوزيف عون قائد الجيش لمنصب الرئيس، ولعل أبلغ وصف عن حال الشرق الأوسط هو ما قاله عون عقب فوزه بأن رئاسته تأتي بعد زلزال ضرب المنطقة، نعم زلزال تلاعب بالحدود والأنظمة وقوى “المقاومة” الإسلامية سواء كان حزب الله أو حماس.
زلزال مصنوع بمهارة حقق معظم الأحلام الإسرائيلية في التوسع والسيطرة وإعادة تصميم ملامح جديدة للشرق الأوسط حسب تعبير بنيامين نتنياهو، ذهب بشار الأسد وجاء أحمد الشرع، وذهب إسماعيل هنية والسنوار وغابت إيران وتقدم أردوغان، زلزال زرع المخاوف في العراق وهدد الأردن ونسف غزة وكأننا بصدد سايكس بيكو ولكن هذه المرة تتم بقوة السلاح وتفجير البيجر والحرب من خلال الشاشات الإلكترونية والضغط على مفاتيح الكمبيوتر وتسخير الذكاء الاصطناعي لتحقيق الأهداف التي كانت صعبة ذات يوم، باتت الآن بسيطة وفي متناول اليد.
في ظل هذه الأجواء يأتي انتخاب جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية الذي يمكن اعتباره تطوراً كبيراً في المشهد السياسي اللبناني وذلك لكونه قائداً سابقاً للجيش، وإن كان هذا ليس غريباً على لبنان فقد سبقه ميشيل سليمان كقائد للجيش ثم رئيس بعد ذلك وكذلك ميشيل عون كقائد للجيش ثم رئيس بعد ذلك، ولكن الذي يعطي تميزاً لانتخاب جوزيف عون هو ما قاله عون أنه يأتي كرئيس في أعقاب زلزال هز الشرق الأوسط.
ولقد حرص عون على التأكيد بأن قضية السلاح في لبنان لا بد وأن تكون حكراً بيد الدولة، ويسهم هذا التأكيد بشكل واضح في إعطاء أولوية لقضايا الأمن الوطني وبلورة دور الدولة وتعزيز مكانة الجيش واعتباره المؤسسة الوحيدة المسئولة عن السلاح وحفظ الأمن.
مع توالي ردود الفعل الدولية المتحمسة لجوزيف عون، نرى أنه من المؤكد أن عون سوف يستخدم هذا الدعم الدولي لتقوية الجيش، مما يقلل الحاجة إلى وجود ميليشيات مسلحة موازية، والمعروف بالطبع أن نجاح عون لم يكن سهلاً فقد سبقه ترتيبات دولية وعربية من أجل دعمه وكان الشرط الأهم في هذه الترتيبات هو حصر السلاح بيد الدولة.
الطوائف اللبنانية موجودة في قلب المشهد وعلى سبيل المثال المسيحيون، خاصة القوى المناهضة لحزب الله، قد يرون في عون فرصة لإضعاف النفوذ المسلح خارج الدولة.
أما الطائفة الشيعية فقد تكون أكثر حذراً، وقد تعتمد على دور سياسي للحفاظ على مكتسباتها، وهنا لابد من التفريق بين الطائفة الشيعية ككل وبين حزب الله كحركة شيعية مسلحة تحت عنوان "المقاومة"، ويشغل مستقبل حزب الله أذهان الكثيرين ويفتح المشهد أسئلة متنوعة هل نرى تكيف الحزب مع الوضع الجديد، وذلك من خلال السعي للتفاوض مع جوزيف عون لتحقيق توازن يضمن له دوراً في الاستراتيجية الدفاعية للدولة؟ أم يصطدم محاولاً تعزيز "المقاومة" كهوية له ويستمر في الاحتفاظ بسلاحه، مع تبرير ذلك بضرورة مواجهة إسرائيل، خاصة في ظل غياب حل نهائي للصراع في الجنوب؟
وتبقى التحديات الشعبية داخل لبنان الذي فقد عملته الرسمية الكثير، وفقد اقتصاده ثقة المستثمرين خاصة الاستثمارات الخليجية، وسط تصاعد الأزمة المزدوجة الاقتصادية والسياسية.. هذه الحالة بشكل عام قد تدفع حزب الله لتقديم تنازلات والتركيز على دوره السياسي أكثر من دوره العسكرى، ويزيد من هذا التوقع غياب الإمدادات التي اعتاد عليها بعد أن تغيرت سوريا وهي دولة الممر لتلك الإمدادات وكذلك بعد أن تغيرت إيران من حالة الاندفاع إلى حالة الحذر والانتباه للمرحلة الترامبية التي تدخلها أمريكا بعد أيام قليلة وهي مرحلة يرى الكثيرون أنها تعتمد على الصدمة والمفاجأة.
ما قد يحدث خلال رئاسة جوزيف عون من إصلاحات سياسية وأمنية في ظل شبه توافق داخلي ودعم خارجي، قد يبدأ عملية تدريجية لنزع السلاح خارج الدولة، وهو الأمر الذي يمهد إلى تفاهمات في المحيط العربي مع إيران من ناحية وتفاهمات بين إيران والولايات المتحدة من ناحية أخرى.
يبقى في المشهد الغامض التحرك التركي في سوريا وكذلك التحرش العسكري اليومي من جانب إسرائيل، وهما المعروف عنهما صفات لا تتفق مع طبيعة المرحلة المتفائلة التي أفرزت نجاح جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية، الجانب التركي يتمتع بانتهازية سياسية وطموح الدولة الوازنة لحساب مصالحها وحلمها اليومي بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وهو ما يدفعها للتدخل السافر في الشئون السورية التي تنعكس وفق منطق الإزاحة على الجانب اللبناني، أما إسرائيل وأحلامها التوسعية سوف تبقى دائما شوكة في حلق أي طموح عربي للتقدم والتنمية، وهو ما يستدعى الانتباه والحذر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: لبنان انتخابات الرئاسة اللبنانية حزب الله جوزيف عون جوزیف عون حزب الله
إقرأ أيضاً:
6 قتلى خلال أقل من 24 ساعة : إسرائيل تكثف استهداف قادة «حزب الله» الميدانيين بالمسيرات
بيروت - قتل ستة أشخاص بجنوب لبنان خلال الساعات الأخيرة في قصف إسرائيلي استهدف ثلاث سيارات لعناصر يعتقد أنهم من «حزب الله»، الأولى ليل الجمعة والثانية صباح الخميس والثالثة بعد الظهر، في وقت حدّد فيه رئيس كتلة «حزب الله» النيابية محمد رعد أولويات الحزب في هذه المرحلة، بـ«إنهاء الاحتلال وإعادة الإعمار وصون السيادة وتحقيق الإصلاح المنشود في بنية الدولة والحرص على الشراكة الوطنية»، حسب الشرق الأوسط.
وأفيد بعد ظهر الخميس عن مقتل شخصين جراء غارة استهدفت سيارة في بلدة برعشيت جنوب لبنان، بعد مقتل ثلاثة أشخاص في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة في بلدة يحمر الشقيف صباحاً وفق ما أفادت وزارة الصحة اللبنانية في بيان لها، بعدما قصفت المدفعية الإسرائيلية صباحاً محلة الدبش في البلدة نفسها التي تقع خارج منطقة جنوب الليطاني، حيث أحصي سقوط 6 قذائف على المنطقة المستهدفة. في المقابل، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه استهدف إرهابيين من «حزب الله» ينقلون أسلحة في منطقة يحمر في جنوب لبنان. وكانت «الوكالة الوطنية» أفادت ليلاً بسقوط قتيل باستهداف مسيرة إسرائيلية «سيارة في بلدة معروب» في قضاء صور.
رعد يحدد أولويات المقاومة
في غضون ذلك، حدد رئيس كتلة «حزب الله» النيابية محمد رعد أولويات المقاومة في هذه المرحلة وهي «إنهاء الاحتلال وإعادة الإعمار وصون السيادة وتحقيق الإصلاح المنشود في بنية الدولة والحرص على الشراكة الوطنية». وقال خلال لقاء مع «الهيئات النسائية» في «حزب الله»: «المقاومة في لبنان كانت وستبقى مقاومة المؤمنين ضد الاحتلال والطغيان، ضد الغزاة والمعتدين»، مشيراً إلى «أن المقاومة حققت إنجازات كبرى، وفرضت على العدو معادلة تحييد المدنيين عن القصف العشوائي، كما تصدت لحربه العالمية على لبنان عام 2006 وهزمته».
وأشار إلى أنه «عندما أعلنت المقاومة حرب الإسناد في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كان ذلك قراراً استباقياً لحماية لبنان والمقاومة وأهلها»، مؤكداً «أن هذا القرار آخر خيار العدو في توسيع الحرب ضد لبنان، بعدما كان يبحث منذ 11 أكتوبر 2023 في أول جلسة لحكومته مسألة فتح الجبهة الشمالية لسحق المقاومة الإسلامية في لبنان».
وأوضح رعد «أن المقاومة التزمت التزاماً حاداً بوقف إطلاق النار، رغم إدراكها أن العدو لن يلتزم به، ورغم الخروقات الإسرائيلية التي تواصلت منذ الأيام الأولى». وشدّد على «أن المقاومة لم تكن بديلاً عن الدولة في تحمل المسؤولية، بل كانت عوناً لها من أجل حماية لبنان ودفع الاحتلال إلى الانسحاب، وحفظ السيادة والكرامة الوطنية. والآن الحكومة رفعت شعار الإصلاح، هذا الشعار نحن عون لتحقيقه، ونحن جاهزون لمواكبة الحكومة، نصحاً ومشاركةً وتصويباً لعملية الإصلاح التي يريدونها للبلاد».
وكان لبنان قد شهد الأسبوع الماضي أعنف تصعيد منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ بعدما شنّت إسرائيل ضربات في جنوب البلاد أوقعت ثمانية قتلى على الأقلّ، وذلك رداً على إطلاق صواريخ على أراضيها. وفيما لم تتبن أي جهة إطلاق الصواريخ على بلدة المطلّة في شمال إسرائيل، كان مصدر عسكري أفاد «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن «الصواريخ أطلقت من منطقة واقعة بمحاذاة شمال نهر الليطاني بين بلدتي كفرتبنيت وأرنون» في محافظة النبطية. ونفى «حزب الله» أن تكون له «أي علاقة» بإطلاق الصواريخ، وأكد في بيان التزامه «اتفاق وقف إطلاق النار، وأنّه يقف خلف الدولة اللبنانية في معالجة هذا التصعيد».
ونصّ الاتفاق على سحب الدولة العبرية قواتها من جنوب لبنان وانسحاب «حزب الله» إلى شمال نهر الليطاني، أي على مسافة نحو ثلاثين كيلومتراً من الحدود، في مقابل تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) في المنطقة. ومع انقضاء المهلة الممدّدة لإنجاز الانسحاب الإسرائيلي في 18 فبراير (شباط)، أبقت الدولة العبرية على قواتها في خمسة مرتفعات استراتيجية تخوّلها الإشراف على مساحات واسعة على جانبي الحدود.
Your browser does not support the video tag.