تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

نجح لبنان أخيرا في اختيار رئيس جديد للجمهورية يوم 9 يناير. وانتخب مجلس النواب العماد جوزيف عون، قائد القوات المسلحة اللبنانية، رئيسا على جولتين، مما أدى إلى تأمين الأغلبية المطلقة من الأصوات. وأنهت هذه الانتخابات فراغ السلطة الذي طال أمده وأصاب المشهد السياسي اللبناني بالشلل منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر 2022.

ذهب "عون" وجاء "عون" ولبنان لا يحتاج أكثر من العون حالياً للخروج من أزمته الطويلة والمعقدة، وينتظر من رئيسه الجديد أن يكون له عوناً حقيقياً في إصلاح أحواله الاقتصادية المتردية وإعادة إعمار ما خلفته الحرب الإسرائيلية مع الحرص على استقلالية موقفه الوطني ومصالحه بعيداً عن الضغوط المحيطة به والتي تكبله!

 لقد كافحت الأحزاب السياسية خلال أكثر من سنتين من أجل التوصل إلى توافق في الآراء بشأن خليفة الرئيس السابق ميشال عون، في ظل نظام التمثيل الطائفي في لبنان، حيث يجب أن يكون مسيحيا مارونيا، وقد فشلت 13 جلسة نيابية من قبل في انتخاب رئيس لبناني. لكن هذه المرة، لعبت الظروف المحلية والإقليمية الجديدة مثل سقوط بشار الأسد في سوريا وإضعاف حزب الله وجاهزية القوى الدولية لإعادة ترتيب المنطقة بعدما آلت إليه من ضعف وهشاشة، إلى التوصل لتسوية تسمح بانتخاب رئيس جديد. 

وخلال السنوات الأخيرة، كان جوزيف عون المرشح الأبرز للرئاسة في لبنان. وبصفته قائدا للقوات المسلحة مدة ثماني سنوات فهو يتمتع بدعم محلي ودولي. لكن قد يتساءل البعض عن الأسباب التي منعت انتخاب عون سابقا، وجعلت لبنان ينتظر طويلا مع شلل تام في البلاد بينما تحقق المأمول الآن.

إن مسار اختيار الرئيس مسألة معقدة في لبنان، وتتطلب توازنا صعبا بين الإجماع الداخلي والخارجي، حيث يحتاج المرشح حتى يصل إلى قصر بعبدا أن يجتاز ثلاث مراحل من المفاوضات. أولا، من الضروري إجراء مفاوضات بين المسيحيين؛ وبما أن الرئاسة مخصصة تقليديا لمسيحي ماروني، فمن غير المعقول انتخاب رئيس دون دعم أحد الأحزاب المسيحية الرئيسية، التي تعتبر الرئاسة أعلى تمثيل سياسي لها. ثانيا، هناك حاجة إلى إجماع لبناني أوسع نطاقا، يشمل الفصائل السياسية والطائفية الرئيسية لضمان التوازن الطائفي. ثالثا، تعد المواءمة الدولية أمرا بالغ الأهمية، لأن رئاسة لبنان تخضع لموافقة الجهات الإقليمية والدولية المتداخلة في لبنان ولديها مصالح تسعى لتعزيزها وعدم التفريط فيها. ولهذا السبب، يظل الشرط الأساسي هو الإجماع الذي كان السبيل إلى تحقيقه هو إضعاف حزب الله وسقوط نظام الأسد في سوريا لوقف دعمه لحزب الله، وتأثيره مع إيران، في الديناميكيات السياسية اللبنانية.

وسيواجه الرئيس الجديد عدة تحديات رئيسية، في مقدمتها تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، ودفع الانتعاش المالي والاقتصادي، وإدارة العلاقات مع النظام الجديد في سوريا، إضافة إلى قضية حزب الله وسلاحه وما تحيط بها من ضغوط في المطالبة داخلياً وخارجياً بالتصدي لترسانته، وبالتالي تصفية "المقاومة" اللبنانية في وجه الاحتلال الإسرائيلي.

ومن ضمن التحديات أيضا اختيار أعضاء البرلمان رئيسا جديدا للوزراء وتصويتهم لتشكيل الحكومة. وسيمارس الرئيس نفوذه على السلطة التنفيذية من خلال التعيينات الوزارية، والترشيحات السياسية، وطبعا السياسة الخارجية. وفيما يتعلق بمسألة القرار 1701، سيعمل الرئيس على ضمان تنفيذ لبنان المنظم لأحكام القرار، لا سيما تحت إشراف الولايات المتحدة وهدفها الرئيسي المعروف في وقف أي تهديد محتمل للدولة العبرية من الجانب اللبناني. وبالتوازي مع ذلك، سيكون على الرئيس القيام بدور فعال في تأمين الدعم المالي لإعادة إعمار المناطق التي دمرها القصف الإسرائيلي ومن غير المرجح أن تتأخر جهود إعادة الإعمار وكذلك الإصلاحات الضرورية للتعافي الاقتصادي هذه المرة، كما كان الحال في الحكومات السابقة، حيث إن المانحين الغربيين لن يماطلوا في تقديم التمويلات طالما حققوا أهم أهدافهم وهو إعادة لبنان لصفهم بدون مخالب "حزب الله".

 ومن جهة أخرى، سيكون الرئيس مطالبا من أحزاب الداخل وقوى الخارج بإحياء الاستراتيجية الدفاعية، وهو مشروع كان قد بدأ في صياغته الرئيس قبل الماضي ميشال سليمان- وهو أيضا كان قائدا للجيش قبل توليه الرئاسة-وحاول التركيز على تعزيز أركان الجيش الوطني واستعادة احتكار الدولة لاستخدام القوة وتقليص عقود من النفوذ الإيراني والسوري. 

وأخيرا، يشكل صعود نظام إسلامي جديد في سوريا تحديا جيوسياسيا كبيرا. وسيحتاج الرئيس إلى التعامل بعناية مع هذه الديناميكية المتطورة لحماية أمن لبنان ومصالحه الوطنية وضمان سلامة أراضيه واستقراره من التهديدات. وبينما سيكون التركيز المباشر للرئيس الجديد على حدود لبنان الجنوبية مع الكيان الإسرائيلي، فإن مصالح لبنان الاستراتيجية ​​تكمن شرقاً أيضاً في علاقات البلاد مع سوريا، وهي علاقات سادها لعقود الصراع والتدخل السياسي بما في ذلك الاغتيالات. فهل يتمكن الرئيس جوزيف عون من بناء علاقات قوامها تبادل المنفعة والتكامل الاقتصادي والسيادة مع إيجاد حلول للقضايا العاجلة مثل وضع اللاجئين السوريين في لبنان ومصير المفقودين وترسيم الحدود؟.

كل ذلك سيتوقف في الأيام المقبلة على الحكام الجدد في دمشق ومدى حرصهم على طي الصفحة القديمة والتعامل مع القضايا بشكل مسئول بما يخدم مصالح البلدين، كما سيتوقف بالمثل على إنهاء التنافس بين القوى الإقليمية والدولية التي طالما استخدمت لبنان كساحة بالوكالة للتنافسات الجيوسياسية وسياسة العصا والجزرة من خلال الطوائف حيث اعتبر كل طرف دولي نفسه راعياً رسمياً لطائفة معينة وزعيمها، بينما اعتبرت الطائفة وزعيمها موسم الانتخابات وتأمين الأصوات لمرشح مفضل مثل موسم "اليانصيب" لتحقيق المصالح وجني المكاسب!.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حزب الله الحكام الجدد في دمشق فی لبنان فی سوریا حزب الله

إقرأ أيضاً:

شراكة بين "سند" و"برات آند ويتني" لصيانة وإصلاح محرّكات الطائرات

أعلنت مجموعة "سند" عن عقد شراكة جديدة في مجال صيانة وإصلاح وعمرة محركات الطائرات في أبوظبي، مع شركة "برات آند ويتني" الأمريكية، إحدى شركات "آر تي أكس" المتخصصة في تصميم وتصنيع وخدمة محرّكات الطائرات ووحدات الطاقة المساعدة.

وتأتي هذه الشراكة الاستراتيجية في إطار التزام شركة "آر تي أكس" ببرنامج التوازن الاقتصادي الذي يشرف على تنفيذه مجلس التوازن، حيث يسهم المشروع في تحقيق أهداف البرنامج الرامية إلى تعزيز المحتوى المحلي وتطوير الصناعة الوطنية في قطاع التكنولوجيا المتقدمة والطيران.
تم توقيع اتفاقية الشراكة على هامش فعاليات اليوم الثاني من معرض آيدكس 2025 بجناح مجلس التوازن، بحضور مارتينا سترونغ، سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الدولة ، والدكتور ناصر حميد النعيمي، الأمين العام لمجلس التوازن، وممثلين عن شركة مبادلة للاستثمار، وهم الدكتور بخيت الكثيري، الرئيس التنفيذي لقطاع الاستثمار، وإسماعيل عبد الله، المدير التنفيذي لوحدة المجمعات الاستراتيجية.
كما حضر من جانب مجلس التوازن شريف هاشم الهاشمي، الرئيس التنفيذي للعمليات ومثّل شركة برات آند ويتني إريك فاغنر، المدير الأول لتحول المحركات التجارية، فيما شارك عن شركة ريثيون التابعة لشركة "آر تي أكس" توم لاليبرتي، رئيس قطاع الأعمال البرية والدفاع الجوي، وفهد المهيري، المدير العام لشركة ريثيون الإمارات.
ووقع الاتفاقية كل من منصور جناحي العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة سند، وماجد سيف الشامسي، المدير التنفيذي للبرنامج الاقتصادي في مجلس التوازن، ومارك ميريديث، نائب الرئيس لمحركات "جي تي أف" ما بعد البيع في برات آند ويتني، وشاندر نيجون، نائب الرئيس للأنظمة والإستراتيجية والعمليات العالمية في ريثيون.

قطاع قوي ومستدام

وقال ماجد سيف الشامسي، إن هذه الشراكة في مجال صيانة وإصلاح وعَمرة محركات الطائرات بدعم وتمكين من مجلس التوازن، تأتي في إطار الجهود الرامية إلى إنشاء قطاع قوي ومستدام للصناعات العسكرية والطيران، حيث يسهم هذا المشروع بشكل فعال في تعزيز مكانة الإمارات كقوة صناعية رائدة وتعزيز قدراتها في مجالات الطيران، والخدمات اللوجستية، وسلاسل الإمداد إلى جانب توفير فرص واعدة للكوادر الوطنية وتعزيز القيمة المضافة للاقتصاد الوطني.

وأضاف أن قطاع الطيران يشكل دعامة أساسية للجهود المبذولة لبناء اقتصاد معرفي قائم على الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة، بما يتماشى مع تطلعات القيادة الرشيدة في الدولة ومستهدفات الرؤى الوطنية.
وأكد أهمية تمتين أواصر التعاون مع الدول الرائدة في الصناعات الدفاعية، والعمل على نقل المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة إلى الدولة، لما لها من دور هام في تسريع وتيرة توطين التكنولوجيا وتأهيل الكوادر الوطنية ورفع كفاءتها إلى مستويات عالمية، مما يرسخ دعائم التنافسية والابتكار في هذا القطاع الحيوي.

التزام راسخ 

وقال عامر صديقي، رئيس وحدة المجمّعات الإستراتيجية بقطاع الاستثمار في الإمارات في شركة مبادلة للاستثمار، إن هذه الاتفاقية تؤكد التزامنا الراسخ بتأسيس ورعاية وتطوير الشركات الوطنية التي تُحفّز النموّ الاقتصادي المستدام، مما يُعزز دورنا في دعم الابتكار والتقدم على مستوى قطاع الطيران.
وأضاف أنه بفضل ريادة سند المتميزة في قطاع الطيران، يُمثل عقد الشراكة الجديد لصيانة وإصلاح وعَمرة المحرّكات بالتعاون مع شركة "برات آند ويتني"، خطوة فارقة على مسار تحوّل دولة الإمارات وإمارة أبوظبي على وجه الخصوص إلى مركز عالمي متكامل للطيران.

#فيديو| صناعة إماراتية 100%.. محمد عايش مدير التطوير والاستحواذ في شركة "ريسورس للصناعات" متحدثاً لـ24 عن آليات "مرعب" الجديدة ضمن #آيدكس_ونافدكس #آيدكس2025 #نافدكس2025 #IDEX2025 #NAVDEX2025 pic.twitter.com/NDTAqz8yZt

— 24.ae | الإمارات (@24emirates24) February 18, 2025

وقال منصور جناحي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة سند إن الاتفاقية الجديدة تعزز موقعنا ضمن المستوى الأعلى لمزوّدي الخدمات العالمية في هذا القطاع، وفي تقديم قدرات هندسية متطورة، وتوفير وظائف عالية المهارات لمواطني الإمارات، ورعاية وتمكين القوى العاملة من الكوادر الوطنية.
وأضاف أن هذا المشروع التحوّلي، المتوافق مع رؤية أبوظبي والمدعوم من قبل توازن، ينسجم مع رؤيتنا في سند نحو تعزيز منظومة الطيران في أبوظبي على نطاق العالم، ويُعزز سمعتنا كشريك موثوق بتقديم حلول التميز الهندسي في قطاع الطيران العالمي.
من جانبه، قال مارك ميريديث، نائب الرئيس لمحركات "جي تي أف" ما بعد البيع في برات آند ويتني إنه في ظلّ النموّ المتواصل لأسطول محرّكاتنا، وزيادة الطلب على خدمات ما بعد البيع، ملتزمون بتوسيع شبكتنا العالمية من المزوّدين الروّاد على مستوى القطاع بخدمات الصيانة والإصلاح والعَمرة؛ مثل سند، مزوّد الخدمة الرائد لمحرّك V2500 لأكثر من عقد من الزمن، والتي ستوفر للعملاء مستوى عال من الخدمة يتجاوز توقعاتهم.

مقالات مشابهة

  • سوريا.. ضبط مجموعة متورطة بتهريب السلاح لحزب الله في لبنان
  • انتشال عشرات الجثامين جنوب لبنان.. ودعوة لإنهاء معاناة المعتقلين السوريين بـ«سجن رومية»
  • المالطي: اجتماع القاهرة هدفه وضع خارطة طريق واضحة لإنهاء الجمود السياسي
  • بعد انتهاء مهلة الانسحاب واستمرار الخروقات.. لبنان يلجأ لمجلس الأمن لإنهاء احتلال أراضيه
  • نصح وإصلاح أم استهزاء وهدم
  • شراكة بين "سند" و"برات آند ويتني" لصيانة وإصلاح محرّكات الطائرات
  • المدير التنفيذي للنادي الأهلي: الإستاد الجديد يحتاج 800 موظف لتشغيله
  • الرئيس اللبناني يبدي تخوفه من عدم التزام إسرائيل بإتمام انسحابها
  • الرئيس اللبناني يبدي تخوفه من عدم التزام إسرائيل من إتمام انسحابها
  • الرئيس اللبناني يعرب عن تخوفه من عدم تحقيق الانسحاب الاسرائيلي "كاملا"