لماذا وصف وزير خارجية مصر الإدارة السورية بـسلطة الأمر الواقع؟ (شاهد)
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
كشف المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، عن سبب استخدام وزير الخارجية بدر عبدالعاطي وصف "سلطة الأمر الواقع" للإشارة إلى الإدارة الحالية في سوريا، وذلك خلال مقابلاته التلفزيونية.
وأوضح السفير خلاف، في مداخلة هاتفية عبر فضائية "ON" مساء أمس الأحد، أن مصطلح "سلطة الأمر الواقع" يعبر عن طبيعة المرحلة الانتقالية والواقع الفعلي للوضع في سوريا.
وأضاف أن هذا المصطلح يُستخدم عادة عند حدوث فراغ سياسي في أي دولة تشهد انهيارًا للسلطة التنفيذية وتفككًا سريعًا للمؤسسات، ثم يتم ملء هذا الفراغ خلال الفترة الانتقالية من قبل عناصر أو جهات غير منتخبة.
وأشار المتحدث إلى أن الموقف المصري تجاه سوريا يرتكز على مكونات رئيسية، منها منع تحولها إلى مصدر تهديد لدول المنطقة، ودعم المؤسسات الوطنية السورية، والعمل على إطلاق عملية سياسية شاملة لضمان نجاح الفترة الانتقالية.
وقال خلاف: "مصر تدعم سوريا طالما تجمع شمل السوريين وألا تصدر الإرهاب للمنطقة"، مضيفًا: "سنواصل متابعة ما يحدث في سوريا، والعبرة بالأفعال وليست الأقوال، والطريق ما زال طويلًا".
وحول ما إذا كان وزير الخارجية المصري يعتزم القيام بزيارة إلى سوريا قريبًا، أفاد المتحدث باسم الوزارة بأنه "لا توجد ترتيبات في هذا الشأن في الوقت الحالي".
وأكد المتحدث باسم الخارجية أن السفارة المصرية في دمشق تواصل عملها بشكل طبيعي على الأرض لتقديم المساعدة في توصيل المساعدات الإنسانية، نافيًا صحة الأنباء المتداولة بشأن إغلاقها.
كان وزير الخارجية المصري قد أكد، أمس الأحد، على ضرورة "عدم إيواء عناصر إرهابية" على الأراضي السورية، داعيًا إلى تكاتف الجهود الدولية لمنع تحول سوريا إلى "مصدر لتهديد الاستقرار في المنطقة أو مركز للجماعات الإرهابية".
جاءت هذه التصريحات خلال كلمته في الاجتماع الوزاري العربي الموسع حول سوريا، الذي عُقد في العاصمة السعودية الرياض.
يُذكر أن مصر تواصلت مع الإدارة السورية الجديدة لأول مرة بشكل رسمي ومُعلن، من خلال اتصال هاتفي بين وزيري الخارجية في 31 كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية المصرية بدر عبدالعاطي سوريا سوريا مصر السيسي بدر عبدالعاطي المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
لماذا لازال منهج ماركس حيا؟
١
أشرنا في مقال سابق عن الذكرى (١٤٢) لرحيل ماركس أن منهجه مازال حيا. ويساعد في دراسة الواقع والعمل على تغييره، وفهم المرحلة الحالية التي تمر بها البشرية التي تفاقمت فيها الأزمة العامة للرأسمالية واشتدت حدة الصراع الدولي على الموارد، وتزايد حدة الفوارق الطبقية، وتدهور أوضاع الطبقة العاملة المعيشية بعد فرض سياسة النيوليبرالية وسحب الدعم عن التعليم والصحة وحماية البيئة الشيخوخة والطفولة، وتزايد نفقات التسليح، واتساع الحروب لنهب الموارد مثل :الحرب الروسية - الاوكرانية ، وحرب غزة من أجل تهجير وإبادة جماعية للشعب الفلسطيني، بهدف نهب موارده مثل الغاز، وحرب السودان من أجل نهب ثرواته من المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب.
فماهي سمات المنهج الماركسي؟
٢
ما يميز المنهج الماركسي (الديالكتيك المادي) عن بقية الفلسفات والمناهج السابقة لها أنه لا يسعى لفهم ودراسة الواقع فقط ، بل من اجل تغييره . يقول ماركس: ( كل ما قام به الفلاسفة في السابق هو تفسير العالم بطرق مختلفة، بيد أن المطلوب تغييره) ( ماركس : موضوعات عن فيورباخ، رقم"6". وبالتالي، فإن الماركسية ومنهجها الديالكتيكي المادي لا غنى عنها للمناضلين الثوريين الذين يستهدفون تغيير الواقع وتجديد مجتمعهم الي الأفضل، بعد دراسة وفهم واقعهم.يتوسل المنهج الماركسي للتغيير بدراسة الواقع ، تلك الدراسة المنبثقة من الخبرة والممارسة والتنظيم والنشاط العملي ، فالنظرية ترشد الممارسة والممارسة تغني وتطور وتخصب النظرية.
والمنهج الديالكتيكي كما أشار ماركس في مقدمة الطبعة الثانية لمؤلفه "رأس المال" ( الديالكتيك يتضمن في شموله وحسمه ادراك الحالة القائمة للأشياء ، وفي الوقت نفسه ايضا ادراك معنى تغير هذه الحالة وزوالها الحتمي ، لأنه يعتبر كل شكل اجتماعي متطور تاريخيا في حركة دافقة ، وبذلك يضع في حسبانه طبيعته الانتقالية وبنفس الدرجة وجوده المؤقت ،لأنه لايترك شيئا يفرض عليه ، ولأنه في جوهره ثورى ونقدي).
هذا ويكمن كل الهجوم على الماركسية في هذه النقطة حيث أشارت الماركسية إلى أن التشكيلة الرأسمالية مرحلة عابرة في التاريخ، وأنه من احشاء المجتمع الرأسمالي سوف تبرز قوى التغيير والتي تتمثل في قوى الكدح العضلي والذهني والتي تتعرض للاستغلال الرأسمالي بامتصاص فائض القيمة منها، وأن التناقض الرئيسي في المجتمع الرأسمالي بين الطابع الاجتماعي للانتاج والتملك الفردي لوسائل الإنتاج سوف يحل في المجتمع الاشتراكي الذي ينفي ديالكتيكيا الرأسمالية.
كما يشير انجلز في مؤلفه: "انتي دوهرينغ" ( الديالكتيك يدرك الأشياء وصورها الذهنية ، الافكار، أساسا في علاقاتها المتبادلة ، في تتابعها ، في حركتها ، في ميلادها وفنائها).
كما يتعارض المنهج الماركسي مع الرأي القائل أن الانسان نتاج سلبي للبيئة، بل يؤثر فيها ويعمل على تغييرها، يقول ماركس : إن المذهب المادي الذي يقول أن الناس نتاج ظروفهم وتربيتهم ، وبالتالى ، ان الظروف المتغيرة والتربية المتغيرة ستخلف اناسا متغيرين ، أن هذا المذهب ينسى أن الناس بالتحديد هم الذين يغيرون الظروف ، وان الذي يعلم يجب عليه أن يتعلم هو ايضا (ماركس: موضوعات عن فيورباخ"3" ).
كما يعطى المنهج الماركسي اهمية فائقة للعلاقة المتبادلة بين المادة والوعي ( الواقع والفكر)، المادة تحدد الوعي ولكن للوعى استقلاله النسبي، ويعمل على التأثير في الواقع ويعمل على تغييره، ومن هنا جاء قول ماركس ( ان الافكار تصبح قوة مادية عندما تتملكها الجماهير). كما توصل الحزب الشيوعي السوداني منذ مؤتمره الرابع المنعقد في أكتوبر 1967م، إلى صيغة التطبيق الخلاق والمستقل للماركسية علي واقع السودان من أجل دراسته وفهمه وتغييره ، باعتبار ذلك هو الذي يؤدي إلى تحويل الحزب الشيوعي الي قوة جماهيرية ، وفي تنمية خطوطه السياسية والجماهيرية وفي اكتشاف الأشكال الملائمة للتنظيم.
والواقع أن المنهج الماركسي ينظر للظواهر بذهن مفتوح وبدون تصورات مسبقة ، وهو يعنى دراسة الأشياء كما هي عليه حقا، في علاقاتها المتداخلة وحركتها الحقيقية، أو كما يقول لينين: التحليل الملموس للواقع الملموس. وأن المنهج الديالكتيكي ما هو الا المنهج العلمي في أوسع معانيه.
كون استخدام الحزب الشيوعي السوداني للمنهج الماركسي أو المنهج العلمي ، فإن ذلك لا يعصمه من الاخطاء، ولكن في حالة حدوث الأخطاء يتم تحليل الظروف والشروط التي ادت اليها ونقدها، وبالتالي فإن منهج الديالكتيك نقدي وثوري ولايعرف الحقيقة النهائية.
كما اشرت سابقا، في حالة الخطأ ، فان المنهج الماركسي يؤكد علي ضرورة الاعتراف بالخطأ وتحليل الأخطاء واستخلاص دروسها والتعلم منها بدلا من التستر عليها.
هذا اضافة الي أن المنهج الماركسي لا يدعي أنه يمتلك الحقيقة النهائية والمطلقة، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، المنهج الديالكتيكي أو الماركسي يتعارض مع فكرة الحقيقة النهائية أو المطلقة.فشأنه شأن المنهج العلمي تكون الاجتهادات دائمة التجديد والانفتاح لقبول التحديات و الاستعداد للتخلي عن كل ما هو عتيق عند ظهور ما هو أفضل منه.
والواقع أن اختزال "الديالكتيك المادي" في فترة الجمود النظري في نصوص ذات طابع علمي افرغت الواقع المادي من محتواه، بحيث جعلته في وحدة ثابتة نهائية، اضرت بالمنهج الماركسي وجردته من محتواه العلمي والنقدي، وأصبح اداة لتبرير الواقع بدلا من نقده وتغييره الي الأفضل.
٣
علي أن جوهر المنهج الماركسي هو دراسة الواقع بهدف معرفته للتأثير فيه وتغييره. والواقع أن ماركس وانجلز لم يقدما بيانا منهجيا كاملا عن منهج الديالكتيك المادي أو المنهج الماركسي ، بل استخدما هذا المنهج خيطا هاديا ومرشدا في أبحاثهما ودراساتهما، وتوصل ماركس وانجلز في مؤلفهما "الايديولوجية الألمانية" إلى اكتشاف المفهوم المادي للتاريخ، والذي وصفه انجلز على قبر ماركس: أنه مثلما اكتشف دارون قانون تطور الانواع بالانتخاب الطبيعي، اكتشف ماركس قانون تطور المجتمع البشري.
كما استخدم ماركس المنهج الديالكتيكي والمفهوم المادي للتاريخ في مؤلفه (رأس المال):وبعد دراسة باطنية شاقة وملموسة لتطور الرأسمالية في انجلترا والتي وصلت القمة في المجتمعات الرأسمالية يومئذ، اكتشف ماركس قانون فائض القيمة الذي وضح جوهر الاستغلال الرأسمالي. بهذين الاكتشافين تحولت الماركسية إلى علم ، والعلم لا يعرف الحقيقة النهائية. وبعد ماركس جاء إسهام لينين الذي فسر الظواهر الجديدة التي أفرزتها الرأسمالية في المرحلة الاحتكارية، كما أسهم غرامشي في تطوير الماركسية من خلال التركيز على دور البنية الفوقية واستقلالها النسبي، ودور العامل الثقافي في التغيير ..الخ.
٤
قامت الماركسية علي نقد الرأسمالية، وطالما ظلت الرأسمالية قائمة بكل ركائزها، فإن مشروعية النقد تظل قائمة، وبالتالي لايمكن تجاوز الماركسية لأن الظروف التي ولدتها مازالت قائمة ، كما كان يقول الفيلسوف الفرنسي سارتر، وبالتالي مهم تكثيف نقد الواقع الرأسمالي المشوه الذي نشأ في السودان، باحصاءات دقيقة، وتوضيح التفاوت في توزيع الثروة والتفاوت في التطور بين الأقاليم المختلفة والتفاوت في النوع ..الخ، كل ذلك ضروري من اجل التنمية المتوازنة بين اقاليم السودان المختلفة، والتوزيع العادل للسلطة والثروة، وتوفير احتياجات الناس الأساسية (تعليم، صحة، خدمات" مياه، كهرباء.. الخ" ، وتحقيق المساواة الفعلية بين المرأة والرجل،.. الخ. فكلما كثفنا النقد للواقع الرأسمالي المؤلم في البلاد باحصاءات دقيقة ، كلما اقتربنا من جوهر المنهج الماركسي.
٥
خلاصة ما نود أن نقوله أن المنهج الماركسي أو منهج الديالكتيك المادي، يدرس الواقع من اجل فهمه واستيعابه وتغييره، وأنه يعتمد علي الدراسة الباطنية الملموسة، على الارض، للواقع، واستخلاص نتائج من الواقع لا من تصورات ذهنية مسبقة، ويتعامل مع الظواهر والمستجدات في الطبيعة والمجتمع بذهن مفتوح، ويخصب بالحوار، دون الاستعلاء، مع التيارات السياسية والفكرية الأخرى، وأنه في جوهره نقدي وثوري، كما أنه لا يدعي الحقيقة المطلقة والنهائية، وهو ينظر للظواهر في شمولها وحركتها وتغيرها الدائم، وهو طريقة في البحث ، ويصل للحقائق من الواقع و بذهن مفتوح ، ولا يخضع الواقع للنظرية، بل تخضع النظرية للواقع، النظرية ترشد الممارسة والممارسة تغنى وتخصب النظرية، كما يأخذ في الاعتبار الخصائص والظروف التاريخية لكل بلد في الاعتبار، وأن هذا المنهج يتم تطبيقه تطبيقا خلاقا ومستقلا حسب واقع وظروف كل بلد، بالتالي هو في جوهره المنهج العلمي في أوسع معانيه
alsirbabo@yahoo.co.uk