عربي21:
2025-01-14@10:39:03 GMT

لماذا يدافع السيسي كثيرا عن نفسه؟

تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT

منذ استلام السيسي حكم مصر، في حزيران/ يونيو عام 2014، وقد حول السُلطة السياسية، تدريجيا، إلى سلطوية شمولية تتحكم في كل ما يخص حياة المصريين، أفعالهم وأقوالهم، وحتى تمثلاتهم المظهرية، أي الجسدية في الفضاءات العامة والافتراضية. هذا تجلّى في أحاديثه الدائمة، كما في تقنين التشريعات وفرض الضرائب وغير ذلك ممارسات سُلطوية.



لكن السيسي أيضا، لم يصبح حاكما شموليا فحسب، بل حوّل السياسة كلّها، وإداراتها، متمثلة في شخصه فقط. أي شخصَن السُلطوية، حسب وصف الباحثة إريكا فرانتز، فتدَرّج من كونه رئيسا يحاول استرضاء الشعب المصري بالوعود، كما كان يفعل، إلى كونه زعيما لا يأبه بآراء الجماهير، حتى وصل به الحال إلى حكمة الأنبياء، "ففهمنا سليمان"، كما قال وكرر أكثر من مرّة.

السيسي أيضا، لم يصبح حاكما شموليا فحسب، بل حوّل السياسة كلّها، وإداراتها، متمثلة في شخصه فقط. أي شخصَن السُلطوية، حسب وصف الباحثة إريكا فرانتز، فتدَرّج من كونه رئيسا يحاول استرضاء الشعب المصري بالوعود، كما كان يفعل، إلى كونه زعيما لا يأبه بآراء الجماهير
هذه الشخصنة تمثّلت، بشكل جاد، في خصومته مع المعارضين الذي كان التقى بهم بشكل شخصي، أو حتى دارت أحاديث عامة على لسانهم حول شخصه، حينما كان رئيسا للمخابرات أو وزيرا للدفاع قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية. مثلا، لا ينسى السيسي حين كان وزيرا للدفاع لقاءاته مع مسؤولي الإخوان المسلمين، أبرزهم القيادي خيرت الشاطر. إذ جسد السيسي لقاءه معه دراميا في أحد مشاهد مسلسل الاختيار، الجزء الثالث، الذي ظهر فيه السيسي بنفسه (الممثل المصري ياسر جلال).

بطبيعة الحال، كان المسلسل بإخراج وإشراف السيسي نفسه، تحديدا في المشاهد الذي ظهر فيها، ومنها مشهد المُشادّة الكلامية بينه وبين خيرت الشاطر، حين قال له الأول إن جيش مصر مستعد لحمايتها من أي إرهاب داخلي أو خارجي.

حين شارف المُسلسل على الانتهاء، اجتمع السيسي في حفل إفطار الأسرة المصرية، في أيار/ مايو عام 2022، وتحدّث عن الواقعة الحقيقية التي صوّرها المُسلسل، وحكى كيف هدده الشاطر بتدمير مصر، وكيف دافع السيسي عنها، كما رأينا في المسلسل. هنا يحكي السيسي من طرفه فحسب، إذ الطرف الآخر مغيّب في سجونه منذ تموز/ يوليو 2013. هذا أيضا ما حدث مع السياسي حازم صلاح أبو إسماعيل، إذ هو، وبشكل صريح وعلني، قد حذّر القوى السياسية وعلى رأسها الإخوان المُسلمين، من السيسي، بل ووصفه بـ"الممثل العاطفي"، حين كان وزيرا للدفاع، وقال إنّه يستجلب الناس ليعوّلوا على انقلاب الجيش، فلم ينس له السيسي حديثه، وكان أول المعتقلين بعد الانقلاب.

كما انتقم السيسي بشكل مباشر من السياسيين المصريين عصام سُلطان وعبد المنعم أبو الفتوح، إذ تحدَّث الأول عن السيسي بعد انقلابه، قائلا: "الآن عندنا قائد للانقلاب العسكري، وقائد للثورة المضادة، اسمه عبد الفتاح السيسي"، أما الثاني، فقد نوى الترشّح للرئاسة، وأجرى حوارا تلفزيونيا على قناة الجزيرة، وتحدث عن فشل السيسي في إدارة مصر، على كافة المستويات، فضلا عن انتقاده للقمع الأمني وتجفيف السياسة، هذا قبل عودته من لندن واعتقالِه فور وصوله مصر، والحكم عليه بعد ذلك بالسجن لمدة 15 عاما.


يعاني الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من عقدة الذنب، ليس بمعناها الأخلاقي، لكن بمعناها النفسي، ما يجعله دائما يردد تبريراته عن نفسه والمسارات التي سلكها، كنوع من ميكانيزم دفاع، يحاول من خلاله تكرار ما يُمليه هو على نفسه، لأنه لم يسأله أحد ولم يُطالَب بالدفاع عن نفسه! حتى يصل إلى مرحلة الإنكار أو إلى أن يُصدّق نفسه حول أن كل ما ارتكبه من بشائِع في حق المصريين، كانت من أجل إنقاذ مصر وشعبها
السمة الأُخرى من طبائع حكم السيسي الشخصَانية هي الدفاع "الذاتي"، وهي سمة نفسية بامتياز، إذ لم يفوت السيسي عاما، منذ حكمه، إلَّا وكرر أكثر من مرة أنّه بريء من كل جرائم قمعه الموثَّقة، سواء القتل الجماعي، أو الاعتقال، أو الإخفاء القسري والتعذيب وغير ذلك من انتهاكات بحق المصريين. مؤخرا، وفي أقل من شهر، تحدث السيسي مرّتين أن يده غير "متعاصة بالدماء"، وأنّه لم يأخذ أموالا من أحد، وأن الله هو من سيحاسبه على فترة حكمه لمصر. هذا بالإضافة إلى أن معظم خطابات السيسي يعود بها إلى الماضي، فينتقد ثورة يناير، وأهل الشر، ويمَّجد ذاته، بما أنها أنقذت مصر من الضياع والإرهاب وغير ذلك من مؤامرات يؤلّفها ويُكررها.

كان مسلسل الاختيار دليلا قويا على أن السيسي مصرّ على إعادة حكاية التاريخ بسرديته التي تبرئه من انقلابه العسكري، ومن جرائمه بحق الشعب المصري، وفشله في إدارة البلاد سياسيا واقتصاديا وأمنيا. إذ حاولت الأجزاء الثلاثة من المسلسل، لا سيما الجزء الثالث، بث سردية الاستثناء التي عاشتها البلاد بعد ثورة 25 يناير (2011)، وصولا إلى ذروتها ما بعد تموز/ يوليو 2013، وكيف حاربت الدولة، ومُنقذها، أهل الإرهاب والشرّ متمثلين في جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم من الجماعات، لا سيما تنظيم الدولة في سيناء.

يعاني الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من عقدة الذنب، ليس بمعناها الأخلاقي، لكن بمعناها النفسي، ما يجعله دائما يردد تبريراته عن نفسه والمسارات التي سلكها، كنوع من ميكانيزم دفاع، يحاول من خلاله تكرار ما يُمليه هو على نفسه، لأنه لم يسأله أحد ولم يُطالَب بالدفاع عن نفسه! حتى يصل إلى مرحلة الإنكار أو إلى أن يُصدّق نفسه حول أن كل ما ارتكبه من بشائِع في حق المصريين، كانت من أجل إنقاذ مصر وشعبها، ويؤكد على أن الله مُطّلع على نواياه وأعماله، وهو، وحده ولا شريك له، من سيحاسبه يوم القيامة. أما المصريون فليس لهم سوى السمع والطاعة، لأنه العارف بأمور البلاد والعباد، وأنه اختيار ربَّاني.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السيسي مصر انقلاب ثورة مصر السيسي انقلاب ثورة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عن نفسه

إقرأ أيضاً:

نجل نصر الله: لن أدخل السياسة ووالدي طلب تفرغي لطلب العلم (شاهد)

أكّد نجل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، محمد مهدي نصر الله، اليوم السبت، قراره بعدم الدخول إلى ساحة السياسة أو القتال، وتسخير جهوده في طلب العلم، وذلك عبر  مقطع فيديو، نشره على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "انستغرام".

وقال نجل نصر الله، عبر مقطع الفيديو نفسه، الذي تم تداوله على نطاق واسع: "لاحظت في الفترة الأخيرة سقفا عاليا من التوقعات بالنسبة إلى شخصي، فقررت أن أصوّب هذه التوقعات إلى ما هو واقعي".

وأوضح مهدي نصر الله، أنه طالب علم ملتزم بتوجيهات والده، وذلك بالقول: "تكليفي هو ما طلبه مني سماحة السيد، التفرغ التام لطلب العلم. وما زلت أتابع دراستي الحوزوية".

وفي السياق نفسه، أشار  نجل نصر الله، إلى كونه سوف يكون في خدمة المجتمع عبر كافة المجالات الإعلامية والثقافية التي يجيدها، مؤكدا دوره كجزء من مجموعة المبلغين والإعلاميين ممّن يعملون من أجل تعويض الفراغ الذي خلّفه استشهاد والده حسن نصر الله.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎محمد مهدي نصـ ـر الله‎‏ (@‏‎mhmdmahdina‎‏)‎‏
وكان نجل الأمين العام السابق لحزب الله، قد نشر في وقت سابق صورة له وهو يرتدي فيها عمامة والده الشهيد، وكتب على صفحته على "إنستغرام": "قد منً الله عليً بأن وفقني لأكون في محضر الولي الفقيه والمرجع الأعلى السيد علي الحسيني الخامنئي (دام ظله الوارف)، الذي وبيديه المباركتين ألبسني العمًة التي كان والدي (قدس سره) متوجا بها".

وتابع خلال المنشور نفسه الذي حظي بتفاعل واسع: "عسى أن يوفقني الله تعالى لما وعدت به والدي وأنا على جثمانه الطاهر، بأن أكمل مسير العلم والدراسة على نهج أهل البيت (عليهم السلام)".


وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، كان "حزب الله" اللبناني قد أعلن عن "استشهاد" أمينه العام حسن نصر الله، في غارة للاحتلال الإسرائيلي استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية.

وقال الحزب في بيان، إن "سيد المقاومة انتقل إلى جوار ربه ورضوانه شهيدا عظيما قائدا بطلا مقداما شجاعا حكيما مستبصرا مؤمنا".

وأضاف البيان ذاته، أن نصر الله "التحق برفاقه الشهداء العظام الخالدين، الذين قاد مسيرتهم نحوا من ثلاثين عاما، حيث قادهم فيها من نصر إلى نصر".

مقالات مشابهة

  • بايدن يدافع عن سياسته الخارجية في خطابه للأميركيين
  • إعلام إسرائيلي: بيت حانون تؤكد أن قدرات حماس لم تتضرر كثيرا
  • رجل يعرض نفسه لعاهة مستديمة للاستقالة من عمله
  • "لا يحتاج من يدافع عنه".. حفيد شكري سرحان يكشف سراً
  • قيادي في تيار الحكمة: العراق سيد نفسه ولا يجب أن يتحكّم الغرباء في سياسته
  • ليست هي من تعطل الصفقة.. زعيم المعارضة الإسرائيلية يدافع عن حماس
  • نجل نصر الله: لن أدخل السياسة ووالدي طلب تفرغي لطلب العلم (شاهد)
  • أنواع الظلم .. احذر من الوقوع فيه
  • شاب يطلق قذيفة B7 احتفالًا بفوز جوزاف عون ثم يُسلم نفسه .. فيديو