على مدار أيام، انشغل المصريون جميعًا، وتباينت ردود أفعالهم، بشأن موافقة مجلس الوزراء «بصفة مبدئية»، على مقترح وزير التعليم، باستبدال «شهادة الثانوية العامة» بـ«البكالوريا المصرية»، للتلاميذ الملتحقين بالصف الأول الثانوي من العام الدراسي المقبل «2025 ـ 2026».
ما فهمناه حتى الآن، أنه سيتم تقسيم المواد المضافة للمجموع الكلي على مدار 3 سنوات، إلى حين مناقشة آليات تنفيذ النظام الجديد داخل المجموعة الوزارية للتنمية البشرية، والتوافق على صيغة نهائية تطرحها الحكومة للحوار المجتمعي قبل بدء التطبيق الفعلي.
نتصور أنه يجب علينا الانتظار، حتى تتكشف «نوايا» الوزير، الذي يفاجئنا بين فترة وأخرى ـ منذ توليه الحقبة الوزارية ـ بقرارات «مصيرية»، تتعلق بمستقبل التعليم والأجيال القادمة، وإن كانت توجهات الحكومة تشير إلى خصخصة هذا القطاع المهم، وإلغاء ما يُعرف بـ«مجانية التعليم» المنصوص عليها في الدستور، بصورة تدريجية.
وبعيدًا عن «الهَرْي» و«القلش» و«خفة دم المصريين»، التي تغزو مِنَصَّات التواصل الاجتماعي، يمكننا القول بكل أريحية، إن منظومة التعليم ـ كانت ولا تزال ـ في حالٍ يرثى لها منذ عقود، سواء في مستواها أو مخرجاتها.
منظومة راسبة بامتياز، لا يوجد بها استراتيجية واحدة، أو منهج وطني موحد، في ظل وجود أنواع شتى للتعليم في مصر، كما لو أننا فى دول عدة، بقوميات مختلفة.. ما بين الحكومي، الفني، الثانوي العام، الأمريكي، الفرنسي، البريطاني، الألماني، الأزهري.. وللأسف المحصلة أننا نقبع في ذيل الترتيب العالمي!
بالتأكيد نتفق مع ضرورة تطوير المنظومة العقيمة، التي عفا عليها الزمان، ولا تستطيع مواكبة سوق العمل، حيث تعتمد على الحفظ والتلقين، لا حرية الفكر والإبداع والابتكار، ولكننا نستغرب من إهمال باقي عناصر المنظومة التعليمية، والاكتفاء فقط بتنفيذ قرارات غير مدروسة بشكل كامل!
ربما كان من الأفضل بدء تغيير حقيقي وتدريجي للمنظومة التعليمية، من خلال وضع استراتيجية شاملة، تتضمن أولًا تطوير البنية التحتية «المدارس، الفصول، الأدوات، المختبرات»، وكذلك تطوير المناهج، وتحسين أحوال المعلمين، وزيادة ميزانية التعليم بشكل عام، بالحد الذي يسمح بمواكبة الدول النامية!
نعتقد أنه بات لِزامًا تغيير نظرتنا للتعليم، وأن نتساءل بصدق: متى وكيف يكون لدينا تعليم حقيقي قادر على ضمان مستقبل أفضل لأبنائنا، وبناء دولة عصرية قادرة على المنافسة في ظل التحديات العلمية والتكنولوجية الراهنة.. وما ضمانات نجاح النظام الجديد، الذي ظهر فجأة، ولا يعرف الكثيرون ـ من أصحاب الشأن ـ عنه شيئًا؟
أخيرًا.. إن انتظار نتائج ملموسة من إصلاح جزئي غير مدروس، أشبه بمَن يقوم بطلاء واجهة مبنى آيل للسقوط، ولذلك نعتقد أن بواعث النهضة الحقيقية لأي دولة، لا ولم ولن تتحقق إلا بالعلم والبحث العلمي، وتوفير بنية حقيقية، لمنظومة تعليمية تستشرف المستقبل وتواكب التطور.
فصل الخطاب:
يقول الفيلسوف الإنجليزي «توماس براون»: «لا يجب أن نقترب من العلم بروح التاجر».
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: شهادة البكالوريا المصرية شهادة الثانوية العامة محمود زاهر نظام التعليم في مصر قرارات وزير التعليم مجانية التعليم مناهج التعليم امتحانات الشهادة الإعدادية
إقرأ أيضاً:
الغرير: التعليم تحول من ناقل للمعرفة إلى محرك للابتكار وبوابة للفرص
دبي: «الخليج»
نظّمت مؤسسة عبدالله الغرير، أمس، مؤتمرها السنوي لعام 2025 تحت عنوان: «الابتكار والتحول في التعليم العالي»، حيث اجتمع نخبة من قادة التعليم وصنّاع السياسات والخبراء في دبي لمناقشة مستقبل التعلم في عصر التحولات الرقمية المتسارعة.
حضر المؤتمر كل من عبد العزيز الغرير، رئيس مجلس أمناء المؤسسة، وهدى الهاشمي، مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للشؤون الاستراتيجية في حكومة دولة الإمارات، سونيا بن جعفر، الرئيسة التنفيذية للمؤسسة، إلى جانب نخبة من الشخصيات البارزة في قطاع التعليم، الذين ناقشوا الدور المتنامي للتقنيات الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، في إعادة تشكيل المشهد التعليمي، وخلق مسارات أكثر تكيفاً مع متطلبات المستقبل.وفي كلمته بالمؤتمر، أكد عبد العزيز الغرير، رئيس مجلس أمناء المؤسسة، أن الاستثمار في التعليم هو المفتاح لإحداث تحول حقيقي في المجتمعات، مشيراً إلى أن العمل الخيري الاستراتيجي يمكن أن يسهم في بناء منظومة تعليمية متطورة تلبي تطلعات الشباب. وقال: «التعليم ليس مجرد نقل للمعرفة، بل هو محرك للابتكار وبوابة للفرص، ولا يمكننا تحقيق تأثير مستدام إلا من خلال شراكات فعالة بين القطاعين العام والخاص».
رؤية استراتيجية
وفي كلمتها دعت الدكتورة سونيا بن جعفر، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبدالله الغرير، إلى تبنّي رؤية استراتيجية لإعادة تصور التعليم في العالم العربي، مؤكدة أن الاعتماد على التكنولوجيا وحدها ليس كافياً إذا لم يكن هناك التزام حقيقي بمعالجة الفجوات التعليمية.
وقالت: «نحن بحاجة إلى نماذج تعليمية أكثر مرونة واستباقية، قادرة على التكيف مع المستقبل وتوسيع نطاق الفرص التعليمية».
وكانت جلسات المؤتمر قد شهدت نقاشات مكثفة حول دور الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في تطوير التعليم العالي.
حكر للدول القادرة
وفي تصريحات خاصة ل«الخليج»، أكد إبراهيم الحجري- رئيس جامعة خليفة، أن مؤتمر مؤسسة عبد الله الغرير 2025 يسلّط الضوء على قضية حيوية تتجاوز الحدود الوطنية، مشيراً إلى أن التعليم لم يعد متاحاً للجميع على قدم المساواة، بل أصبح في كثير من الأحيان حكراً على الدول القادرة على توفير الإمكانات والبنية التحتية المناسبة.