السعي وراء الحقائق دأب كل عاقل !!
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
ليس شيء كالانتقاد مظهراً للعيوب كي تجتذب، ومبيناً للخطأ ليصلح ومميزاً للصواب من الخطأ ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ).
فالانتقاد يمحص الحقائق، ويثير الأذهان، ويوسع نطاق العقول، ويبرز الحقيقة من خفايا الوجود بأبهى حللها وأجمل برودها. تتجلى للرائين كالغزالة عند الطلوع، فتعشو عند ذلك عيون المكابرين، فيرتد بصرهم خاسئاً وهو حسير.
وليس من أمة حطت عنها أعباء الكسل، ورمت بإهمالها إلى أقصى مكان، إلا كان الانتقاد هو الداعي الأكبر، والسبب الأقوى في تقدمها. ولذلك نرى أن مقدار ارتقائها إلى أوج السعادة في المعرفة والمدنية، بكثرة عدد المنتقدين فيها، واقتدارهم على معرفة مواضع النقد ليظهروها، وحذقهم بمحال العلة فيخرجوها. وما المنتقدون إلا كالأطباء، يرون العلل وأسبابها، فيعملون على تطهير البدن منها، ويصفون لها من العلاجات والأدوية ما يكون عاملاً على إخراجها، وإراحة الجسم من أذاها. هذا إذا كان الطبيب نطاسيا حاذقاً، يقيس الأشباه بالأشباه والنظائر بالنظائر؛ وليس فهمه قاصراً على درسه، وإلا فيكون ضرره أكبر، وخطبه أعظم.
إن السعي وراء الحقائق دأب كل عاقل يربأ بنفسه أن يرد موارد الأوهام والظنون، وشنشنة المرء الذي لا يهمه إلا التنقيب عما هو حقيقة راهنة لا تقبل الابهام. فمعرفة الحقيقة واستطلاع شؤونها غاية ما يتطلبه العقلاء، ومنتهى ما يسعى لأجله الأدباء.
وقد زعم قوم أن لا حقيقة في الوجود. وهذا قول صادر عمن لا رؤية له ولا تعقل، إن قصد به نفي الحقيقة. وقد يكون له وجه من الصحة، إن بذلك أن الحقيقة مستورة بأباطيل المبطلين، واستار المموهين، الذين يرون الحق أبلج، غير أنهم يعدلون عن الجهر به لأغراض لهم: كخوف من مستبد، أو خجل من الإقرار بالخطأ، وغير ذلك. فإن كان المدعي من هذا القسم فهو ممن يمكن اقناعهم وارجاعهم إلى الوجه الحق بالبراهين والأدلة التي لا تقبل الرد.
ومتى ثبت أن في الوجود حقيقة راهنة، فلابد من السعي وراءها، وذلك دأب من تحركت في جسمه عاطفة الأدب، وجرى في جثمانه دم النبل. غير أن معرفة هذه الحقيقة صعبة على من لم يجلب الدهر أشطره، ويعرف حلوه ومره، لأن تحصيل هذه المعرفة يتوقف على اذكاء نار الجد، وإيقاد جذوة الطلب والاجتهاد، والمباحثة والمذاكرة، والرد والاعتراض، والمناقشة والانتقاد.
فقد عرف فائدة ذلك العقلاء، فدرجوا عليه، وتحققوا فوائده، فاتخذوه أساساً لأعمالهم، ورائداً لهم في أمورهم. حول نظرك إلى تاريخ من تقدم من سلف العلماء فترى أن مجالسهم كانت تغص بالأدباء، وتموج بأمواج العلماء، هذا يفيد، وذاك يعترض والآخر ينتقد. ووجهة الكل واحدة، وهي نصرة الحق، وإظهار الصحيح من قواعد العلم. اللهم إلا ما شذ عن ذلك، وهم قليل لا يعبأ بهم، ولا يُلتفت إليهم.
أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميةللتواصل : [email protected]
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
على الباغي ستدور الدوائر.. البرهان يوجه رسالة لدقلو إن لم تضع الميليشيا السلاح
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان وقائد الجيش، عبدالفتاح البرهان، إن طريق السلام وإنهاء الحرب ما زال مشرعاً، وأن السبيل إلى ذلك هو أن تضع المليشيا المتمردة السلاح أو "على الباغي ستدور الدوائر".
جاء ذلك في خطاب البرهان بمناسبة عيد الفطر، حيث قال وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السودانية: "قوات الشعب المسلحة تقف على مسافة واحدة من جميع المواطنين، المساندين لها والمدافعين عن السودان، وعن الحق، وأنه لا تفضيل ولا انحياز لأي جهة على حساب الأخرين"، مبيناً أن "حرب الكرامة ميزت الخبيث من الطيب والوطني من المأجور".
وتابع: "الفظائع التي ارتكبتها مليشيا آل دقلو الإرهابية في حق شعبنا والمرارات التي أذاقها لهم هؤلاء المجرمون صورها وأصواتها وجراحها المتجددة تجعل الخيارات صفرية في التعامل مع هؤلاء المجرمين وداعميهم وأقول لهم بصوت الشعب النازح والمهجر والذي نهبت أمواله والمحاصر والأمهات الثكالى والأطفال الإيتام والشهداء إننا لن نغفر ولن نساوم ولن نفاوض ولن ننكص عن عهدنا مع الشهداء".
وأضاف: "أجدد عهد القوات المسلحة مع الشعب أن لا تراجع عن هزيمة وسحق مليشيا آل دقلو الإرهابية ورغم ذلك ظلت أبواب الوطن مفتوحة لكل من يحكم عقله ويتوب إلى الحق من الذين يحملون السلاح فالعفو عن الحق العام ومعالجة الأمر العسكري ما زال ممكناً ومتاحاً وهنا أناشد أهلنا في مناطق سيطرة التمرد برفع أيديهم عن مساندة مشروع آل دقلو الاستعماري وحماية أبناءهم من الذين سيوردونهم المهالك فالسودان الواحد الموحد أرضاً وشعباً أمانة تاريخية يجب عدم التفريط فيها".
ووجه البرهان تحية للمجموعات التي ساندت وقاتلت مع القوات النظامية بمختلف كياناتهم ومناطقهم، وخصّ بالتحية المقاتلين في شمال دارفور وكردفان، على صبرهم وتحملهم الحصار، وقال لهم "إننا قادمون"، مؤكداً بأن طريق النصر واضح المعالم وأن خيار الشعب لن يوقفه إلا تطهير كامل السودان من مليشيا آل دقلو الإرهابية.