تحل اليوم الذكرى الـ17 على رحيل الشيخ الشحات أنور، أمير النغم، صاحب مدرسة فريدة في التلاوة يقلدها الآلاف من القُراء والمحبين في العالم، والشيخ الشحات محمد أنور عميد أسرة قرآنية، فيجيد أبناؤه تلاوة القرآن بصوت عذب وأداء ممتيز، كالشيخ أنور الشحات الملقب بالأستاذ، والشيخ محمود الشحات أنور الملقب بالعالمي وسفير دولة التلاوة.

 ولد الشيخ الشحات أنور عام 1950 ميلاديًا، في كفر الوزير بمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وبعد تسعين يومًا من مولده توفى والده، فتعهده خاله فكان خير أمين على الطفل اليتيم، وكان لنشأته في بيت قرآني أثره الكبير في إتمام حفظ القرآن وترتيله وهو في الثامنة من عمره، وبواسطة خاله الشيخ «حلمي مصطفى» تمكن من مراجعة القرآن أكثر من مرة فتفوق على أقرانه وعرف بينهم بالشيخ الصغير.

انطلق صوت الشيخ القارئ الشحات محمد أنور عبر الأثير إلى كل أقطاب الدنيا، مردداً قراءة قرآن الفجر على الهواء مباشرة، ومن يومها وهو حديث الناس وخاصة مشاهير القراء، لينطلق بعدها الشيخ الشحات إلى كل القارات ذهب إليها قارئاً ومكلفاً ومبعوثاً من وزارة الأوقاف المصرية.

محطات في حياة الشيخ الشحات أنور

وكان الشيخ الشحات أنور حديث الناس جميعاً وخاصة مشاهير القراء، وقال عنه الشيخ «محمود البنا» بأنه سيكون من أعلام مصر البارزين في تلاوة القرآن.

فتعلق به الملايين من محبي القرآن الكريم خارج مصر كمستمعي المركز الإسلامي بلندن ولوس انجلوس والأرجنتين وإسبانيا والنمسا وفرنسا والبرازيل ودول الخليج العربي ونيجيريا وتنزانيا والمالديف وجزر القمر وزائير والكاميرون وكثيرون من الدول.

وهكذا فرض الشيخ «الشحات» موهبته على الساحة ليكون أحد القراء الموهوبين الذين دون التاريخ أسماءهم على صفحة مشاهير السفراء.. سفراء القرآن.

الشيخ الشحات أنورأمير النغم

وقال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الشيخ الشحات محمد أنور مثال نموذجي للتأكيد على رسالة مهمة للعالم كله، وهي أن أرض مصر ولادة، وكأن العبقرية كامنة في جينات هذا الشعب الكريم، وتتضح عظمة هذه الرسالة كلما أبحرنا في قصة قارئ بدولة التلاوة من بدايتها إلى نهايتها.

وأضاف «جمعة»، خلال حلقة سابقة من برنامج «مصر دولة التلاوة»، أن الشيخ الشحات محمد أنور يضرب المثل الأعلى في الرسالة، ومفتاح شخصيته هو أنه أمير النغم كما وصفه الناس، لافتا إلى أنه درس النغمة الموسيقية دراسة مستفيضة واستطاع أن يتعمق فيها تعمقا أذهل المتخصصين في هذا الشأن.


 

اعتمد الشيخ الشحات أنور قارئًا بالإذاعة عام 1979 وسجل الشيخ القرآن الكريم مرتلًا وأجازه مجمع البحوث الإسلامية، وفى عام 1980 سافر الشيخ الشحات محمد أنور إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج.

 وفي عام 1994م قرأ القرآن في الاحتفال بالمولد النبوى الذى أقيم بالإسكندرية وحضره رئيس الجمهورية وفي عام 2001م فاز بالمركز الأول في مسابقة الملك فيصل الدولية حيث تفوق على قراء العالم الإسلامى وانضم إلى نقابة القراء، وكان يسافر مرات مكلفًا ومبعوثًا من قبل وزارة الأوقاف المصرية، ومرات بدعوات خاصة فتعلق به الملايين من محبي سماع القرآن خارج مصر في المركز الإسلامي بلندن ولوس أنجلوس والأرجنتين واسبانيا والنمسا وفرنسا والبرازيل ودول الخليج العربي ونيجيريا وتنزانيا والمالديف وجزر القمر وزائير والكاميرون وكثير من دول آسيا وخاصة إيران.

طفولة الشيخ الشحات أنور

يقول الشيخ الشحات أنور عن أيام الطفولة: «في تلك الفترة كنت سعيدًا بحفظ القرآن سعادة لا توصف، وخاصة أثناء تجويدي للقرآن بعد ما أتممت حفظه، ولأن صوتي كان جميلًا، وأدائي للقرآن يشبه أداء كبار القراء، تميزت على أقراني وعرفت بينهم بالشيخ الصغير، وهذا كان يسعدهم جميعًا وكان زملائي بالكتّاب ينتهزون أي فرصة ينشغل فيها الشيخ عنا ويطلبون مني أن أتلو عليهم بعض الآيات بالتجويد ويشجعونني وكأنني قارئ كبير، وذات مرة سمعني الشيخ من بعيد فوقف ينصت اليّ حتى انتهيت من التلاوة فزاد اهتمامه بي فكان يركز عليّ دون الزملاء لانه توقع لي أن أكون ذا مستقبل كبير على حد قوله رحمه الله، وأذكر أنني أثناء تجويدي للقرآن كنت كثيرًا ما أتلو على زملائي ففكر أحدهم أن يحضر علبة كبريت «درج» ويأخذ منها الصندوق ويضع به خيطًا طويلًا ويوصله بالعلبة، فأضع أحد أجزاء العلبة على فمي وأقرأ به كأنه ميكرفون وكل واحد من الزملاء يضع الجزء الآخر من العلبة على أذنه حتى يسمع رنينًا للصوت فيزداد جمالًا وقوة.. كل هذا حدد هدفي وطريقي وأنا طفل صغير وجعلني أبحث جاهدًا عن كل السبل والوسائل التي من خلالها أثقل موهبتي وأتمكن من القرآن حتى لا يفر مني وخاصة بعد ما صرت شابًا مطالبًا بان أعول نفسي ووالدتي وجدتي بعد وفاة خالي الذي كان يعول الأسرة، فكنت عندما أسمع أن أحد كبار العائلات توفي وتم استدعاء أحد مشاهير القراء لإحياء ليلة المأتم كنت أذهب وأنا طفل في الثانية عشرة وحتى الخامسة عشرة، إلى مكان العزاء لأستمع إلى القرآن وأتعلم من القارئ وأعيش جو المناسبة حتى أكون مثل هؤلاء المشاهير إذا ما دعيت لمثل هذه المناسبة.

واستطاع الشيخ الشحات أنور في فترة وجيزة أن يكّون لنفسه شخصية قوية ساعده على ذلك ما أودعه الله إيّاه من عزة النفس وبعد النظر واتساع الأفق والذكاء الحاد والحفاظ على مظهره والتمسك بقيم وأصالة الريف مع التطلع بعض الشيء الى «الشياكة» في المعاملة التي تغلفها رقة تجعل المتعامل معه يفكر ثم يفكر أهي تكلف أم أنها طبيعية.

أما عن التحاقه بالإذاعة فكان لا بد لهذا الفتى المتألق دائمًا الذي كان يتدفق القرآن من حنجرته كجدول الماء الجاري العذب أن يشق طريقه نحو الإذاعة، ولأن شهرته سبقت سنه بكثير وجّه إليه رئيس مركز مدينة ميت غمر في سبعينيات القرن الماضي المستشار حسن الحفناوي دعوة في إحدى المناسبات الدينية التي كان سيحضرها المرحوم د. كامل البوهي أول رئيس لإذاعة القرآن الكريم وذلك عام 1975 1976 يقول الشيخ الشحات: «تقدمت بطلب للالتحاق بالإذاعة وجاءني خطاب للاختبار عام 1976، ولكن اللجنة رغم شدة إعجاب أعضائها بأدائي قالوا لي أنت محتاج إلى مهلة لدراسة التلوين النغمي.

 فسألت الأستاذ محمود كامل والأستاذ أحمد صدقي عن كيفية الدراسة فدلني الأستاذ محمود كامل على الالتحاق بالمعهد الحر للموسيقى فألتحقت به ودرست لمدة عامين حتى صرت متمكنًا من كل المقامات الموسيقية بكفاءة عالية، وفي عام 1979 تقدمت بطلب، للاختبار مرة ثانية أمام لجنة اختبار القراء بالإذاعة، وطلب مني أحد أعضاء اللجنة أن أقرأ 10 دقائق انتقل خلالها من مقام إلى مقام آخر مع الحفاظ على الأحكام ومخارج الألفاظ والتجويد والالتزام في كل شيء خاصة التلوين النغمي، وبعدها أثنى أعضاء اللجنة على أدائي، وقدموا لي بعض النصائح التي بها أحافظ على صوتي، وانهالت عليّ عبارات الثناء والتهاني من الأعضاء وتم اعتمادي كقارئ بالاذاعة عام 1979.

ونجح الشيخ الشحات أنور في الاستقلال بنفسه، وجعل له مدرسة في فن التلاوة وحسن الأداء، وأصبح يوم 16/12/1979 يومًا لا ينسى في حياة الشيخ الشحات وفي ذكريات عشاق صوته وفن أدائه إذا كان اليوم التاريخي الذي وصل فيه صوته الى كل أقطار الدنيا عن طريق الإذاعة أثناء قراءة قرآن الفجر على الهواء، وقلد الشيخ الشحات الكثير من القراء كونوا ما يشبه المدرسة التي كان هو رائدها.

وفي يوم 13 يناير عام 2008 ميلاديًا رحل الشيخ الشحات محمد أنور عن عالمنا إلى الدار الآخرة، تاركًا إرثًا كبيرًا وكنوزًا من التلاوة الرائعة.. رحم الله الشيخ الشحات أنور وجزاه عنا خير الجزاء.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الشحات أنور الشيخ الشحات أنور المزيد الشیخ الشحات محمد أنور الشیخ الشحات أنور

إقرأ أيضاً:

هل القلب هو الفؤاد أم بينهما فرق؟.. الشيخ مختار جمعة يجيب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تطرق الشيخ مختار جمعة في حديثه إلى جانب لغوي وفلسفي في تفسير القرآن الكريم، ويشير إلى طريقة استخدام القرآن للألفاظ بما يتناسب مع المعنى والمغزى الديني عند الحديث عن الأعضاء والوظائف، يُبرز الشيخ كيف أن القرآن لا يقتصر على استخدام الألفاظ بمعناها الظاهر فحسب، بل يشمل أيضًا المعنى الوظيفي والرمزي لها.

كما ذكر الشيخ مختار جمعة في برنامج على قناة "تن" أن السمع والبصر والفؤاد، كلّ واحد منها له وظيفة معينة، وأن القرآن يربطها بمسؤولية الإنسان عن هذه الوظائف.

وأضاف، أن هذا يوضح أن الإنسان مسؤول عن استخدام حواسه وأعضاءه فيما يرضي الله تعالى، وفي قول المولى عز وجل: "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا"، يُنبه القرآن الكريم إلى أهمية استغلال هذه الحواس في الطريق الصحيح.

واستكمل، أما فيما يتعلق بالتفريق بين "القلب" و"الفؤاد"، فإن العلماء اللغويين يوضحون أن "القلب" يشير إلى العضو الذي يضخ الدم، بينما "الفؤاد" يُستخدم في بعض الأحيان للإشارة إلى الوظيفة أو المعنى المعنوي المتعلق بالعاطفة أو الفهم، ولكن إذا تم الجمع بين الكلمتين، فإنها تشير إلى العضو والوظيفة معًا.

وأوضح، أنه بالنسبة لمسألة العمى، الشيخ مختار جمعة يشير إلى أن العمى في القرآن لا يتعلق فقط بعدم الرؤية البصرية، بل يشمل أيضًا العمى الفكري أو الروحي، ففي قول المولى تبارك وتعالى  "ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا"، حيث يتحدث القرآن عن أولئك الذين فقدوا بصيرتهم العقلية والروحية وليس البصر فقط.

مقالات مشابهة

  • قيثارة السماء في شهر رمضان «الشيخ محمد رفعت»
  • تكريم 15 حافظاً للقرآن الكريم من مدرسة الأنصار في مدينة البيضاء
  • عائلة السادات تحيى ذكرى العاشر من رمضان بمنزل الرئيس الراحل بمسقط رأسه
  • جامع الأشاعر في الحديدة… تاريخ عريق وعمارة إسلامية فريدة 
  • في ذكرى رحيله .. إعلامية: البابا شنودة شخصية خالدة تجاوزت الزمن
  • في ذكرى رحيله: مازال منهج ماركس حيا
  • 1,666 طالبًا وطالبة في دورة “باسقات الرمضانية” لمراجعة التلاوة وتصحيحها برفحاء
  • أعمال صيانة وتأهيل مدرسة الأنشطة في حي الشيخ طه
  • الجامع الأزهر يكثف نشاطه التوعوي ويواصل رحلته نحو عالم التلاوة والقراءات
  • هل القلب هو الفؤاد أم بينهما فرق؟.. الشيخ مختار جمعة يجيب