بعد غياب 12 عاماً..عمرو دياب يشعل الأجواء في لبنان
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
وسط حشد جماهيري لبناني غفير، أشعل النجم المصري عمرو دياب الأجواء في حفله الغنائي الأول في لبنان مساء أمس السبت، بعد غياب 12 عاماً منذ آخر حفلاته هناك، كما شهد الحفل استعدادات أمنية مشددة مع تأمين كافة الشوارع المحيطة بمكان الحفل، من قبل الجيش اللبناني، بالتنسيق مع القوى الأمنية والجهات المختصة.
وبحضور 16 ألف شخص، حسب الشركة المنظمة للحفل، بدأ صاحب لقب "الهضبة" حفله الغنائي بأغنية "يا أنا يا لأ"، وسط هتافات وتصفيق ورقص الجمهور، حيث طغى على الحفل حالة من البهجة، واستمر لأكثر من ساعتين، أطرب فيها عمرو جمهوره بعدد من أشهر أغانيه القديمة والحديثة.
دخول الهضبة الى المسرح???? #عمرو_دياب pic.twitter.com/sxFhkxqF9v
— سالي???? (@MhrS4569) August 19, 2023كما أعرب عمرو دياب عن سعادته وفرحته بلقاء جمهوره اللبناني بعد غياب سنوات، وصرح خلال لقاء حصري بقناة "Onetv" اللبنانية، قائلاً: "لبنان وحشاني جداً.. 12 عاماً لم أحضر إلى هنا.. أنا غلطان.. وحشتوني جداً من زمان".
View this post on InstagramA post shared by One TV (@onetvlebanon)
عمرو دياب يتصدر ترند لبنان ومصروتصدر اسم الهضبة "عمرو دياب" ترند منصة "إكس" في لبنان ومصر، منذ انطلاق حفله، وسط دعم محبي وعشاق الهضبة على السوشيال ميديا، على الرغم من استياء بعض اللبنانيين من الشرط الذي وُضع في الاتفاق على إقامة الحفل، بحظر إقامة أي مؤتمرات صحافية أو أي لقاءات مع وسائل الإعلام، ما أثار دهشة واستغراب الصحافيين اللبنانيين، الذين لم يتلقوا دعوات رسمية من الشركة المنظمة.
The one and only #AmrDiab ☝️
جمهور كبير لنجم كبير ❤️????????????????❤️#عمرو_دياب #مصر #لبنان #إنت_الحظ pic.twitter.com/sclHRnpnXM
وعلق على الأمر الإعلامي اللبناني نيشان، الذي كتب عبر حسابه على منصة إكس بأنه ليس حاضراً حفل دياب، مشيراً إلى أنه قدم حفل الأخير في دبي في يناير (كانون الثاني) 2017، وكان الهضبة في غاية اللطف واللباقة مع الصحافيين والحاضرين، موضحاً أن متعهد الحفلات عمر الدهماني أصر على استقبال الصحافيين بكل احترام يستحقونه، منتقداً عدم حضور الصحافية اللبنانية، معلقاً: "عمر دياب نجم استثنائي.. أما الصحافة اللبنانية فحتماً ستقول كلمتها، وما من متعهد يستطيع تكميم الأفواه في عصر كل مواطن فيه صحافي".
في 01/01/2017،
قدّمتُ حفل النجم
عمرو دياب في دبي.
كان في غاية اللطف واللباقة مع الصحفيّين والحاضرين.
متعهّد الحفلات
عمر الدّهماني أصرّ على استقبال الصحفيّين
بكلّ احترام يستحقونه.
كان حفلًا استثنائيًّا.
اليوم في بيروت،
لستُ حاضرًا في الحفل.
سيكون حدثًا استثنائيّا حتمًا
لأنّ عمرو… pic.twitter.com/JeWx51eWL2
وطغى على الحفل اللون الأبيض، حيث حرص على الهضبة على ارتداء قميصاً وبنطلون باللون الأبيض، كما شهد الحفل ارتداء الجمهور باللون الأبيض، الذي يعد شرطاً من شروط حضور الحفل المنظم من قبل شركتي "فيلفت برودكشنز"، و"فينشر لايف ستايل"، في المقابل أثار الهضبة جدلاً بين رواد السوشيال ميديا لارتدائه حلقاً في إحدى أذنيه، فلم يعتادوا على ذلك من قبل.
وزير السياحة اللبناني يكرم الهضبة عمرو دياب ???????? pic.twitter.com/7y9SeK7hm4
— Amr Diab Lovers (@AmrDiabsLovers) August 19, 2023 View this post on InstagramA post shared by One TV (@onetvlebanon)
سماء بيروت تُضاء بالألعاب النارية..احتفاءً بالهضبةوقبل نهاية الحفل أضاءت الألعاب النارية سماء بيروت، احتفاءً بالهضبة، وتعبيراً عن سعادة الجمهور اللبناني بعمرو دياب، كما شهد الحفل قيام الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لتطبيق "أنغامي"، اللبناني إيدي مارون، بتكريم عمرو دياب بعد النجاحات الكبيرة التي حققتها أغنياته التي تبث حصرياً عبر التطبيق.
الهضبة الأكثر استماعاً في العالم العربيوتصدر دياب في يوليو (تموز) الماضي قائمة "الأكثر استماعاً في العالم العربي"، محتلًا 3 مراكز في قائمة الأغاني الخمس الأكثر استماعاً باللغة العربية، بمجرد طرح الأغنيات الأولى من ألبومه لموسم صيف 2023، وهي "خلص على قلبي"، و"قولي اسمي"، و"والله أبداً"، بجانب أغنيته الديو مع نجله عبدالله "يا ليل".
#عمرو_دياب في بيروت ???????????? pic.twitter.com/onmKihHo45
— ihab fayad (@ihabfayad) August 19, 2023وبحسب القائمة الرسمية لمنصة "أنغامي" للأغاني العربية الأكثر استماعاً، احتلت أغنية "قولي إسمي" لعمرو دياب قائمة الأغاني الأعلى استماعاً في مصر، والسعودية، والإمارات، وقطر، وعمان، وليبيا، وتونس، وسوريا، والعراق، واليمن، والأردن، والكويت، وفلسطين، والبحرين، والسودان.
ليش #عمرو_دياب نجم اول من دون منازع؟
يحقق كل نجاحاته المستمرة لسنوات بلا شوشرة ولا انهيارات ..
أغانيه معروفة ومسموعة من الكل بالعالم الافتراضي وعلى أرض الواقع كمان ..
متجدد شبابي حقيقي وبيعرف يقدم مواضيع جديدة دائما
صوت مصر الحقيقي @amrdiab #بيروت #لبنان pic.twitter.com/O9lHThM0Oe
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني عمرو دياب لبنان الأکثر استماعا عمرو دیاب pic twitter com
إقرأ أيضاً:
لبنان لأول مرة منذ خمسين عاما بلا ظل الأسد فإلى أي طريق يمضي؟
من المؤكد أن السقوط المدوي والمفاجئ لنظام بشار الأسد كان بمنزلة زلزال إستراتيجي سوف تُلمس آثاره في المنطقة بأسرها، ولن يكون لبنان تحديدا بعيدا عن ذلك. فعلى مدار سنوات طويلة، كان مصير السياسيين اللبنانيين والقرارات الكبرى المتعلقة بالسياسة في بيروت تُصنع في دمشق، أو تخضع لفيتو صادر عنها في أدنى الأحوال.
يعود هذا الإرث إلى ما قبل زمان الاستعمار الفرنسي للمنطقة، ولكنه ترسَّخ بفعل التدخل السوري طويل الأمد في لبنان خلال سنوات الحرب الأهلية في السبعينيات وما بعدها، وأسهم انخراط حزب الله في الحرب السورية دعما لنظام الأسد منذ مطلع العقد الماضي في زيادة "التداخل السياسي" بين البلدين، وهو ما يجعل السياسة اللبنانية شديدة الهشاشة والتعقيد بالفعل، وأكثر حساسية للتغيرات السياسية في أروقة جارتها الأكبر، ولن تكون التطورات الحالية استثناء من ذلك.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كيف نفهم تغير خطاب إيران وحزب الله تجاه سوريا الجديدة؟list 2 of 2كيف سيغير سقوط الأسد شكل المنطقة؟end of list سوريا وحزب اللهفي واقع الأمر، تسبَّبت الحرب في سوريا في جلب الكثير من المتغيرات والتعقيدات إلى العلاقات السورية اللبنانية، على رأس هذه المتغيرات أن النظام السوري، وللمرة الأولى تاريخيا، لم يصبح صاحب اليد العليا في العلاقة مع لبنان، وبشكل أكثر تحديدا مع أحد الفاعلين اللبنانيين وهو حزب الله.
إعلانفي الحقيقة، لم تكن علاقة النظام السوري مع حزب الله جيدة على طول الخط، حيث سبق أن فرض قيودا على أنشطة الحزب وتسليحه، وحتى إنه قتل بعض أعضائه خلال حقبة السيطرة السورية على لبنان، لكن الانسحاب الإجباري أجبر النظام السوري على القبول بالحزب بوصفه وكيلا أساسيا للمصالح السورية في لبنان ضمن ترتيب إقليمي كانت طهران، وليست دمشق، هي صاحبة اليد العليا والكلمة الآمرة فيه.
في وقت لاحق، أسهمت الثورة السورية وما تلاها من حرب في تقويض موقع نظام الأسد في العلاقة مع حليفه اللبناني الذي ضحَّى بالمئات من مقاتليه على الأقل للحفاظ على خطوط الإمداد متصلة من طهران إلى بيروت عبر الأراضي السورية.
هذه الخطوط الحيوية، إضافة إلى العمق الإستراتيجي الذي وفَّرته الأراضي السورية لمقاتلي حزب الله ومعداته خلال فترات الضغط الإسرائيلي، ربما هي مَن أبقت نظام الأسد على أجهزة التنفس الصناعي طوال أكثر من عقد من الزمن.
قبض حزب الله ثمن حياة الأسد ونظامه هيمنة فعلية على السياسة اللبنانية، وأصبح حسن نصر الله هو صاحب الكلمة العليا في لبنان، وليس بشار الأسد.
بشار الأسد (يمين) وحسن نصر الله (رويترز)ولم يقتصر الأمر على لبنان، حيث أصبح حزب الله ونصر الله فعليا الضلع الأبرز في محور المقاومة الذي تقوده طهران، ومُنحوا تفويضا واسعا لصناعات السياسات الإقليمية، وكان الخاسر في هذه الديناميات هو لبنان نفسه، بعدما أدى انخراط الحزب في الحرب إلى تكريس التوترات الطائفية بين السنة والشيعة، وأدَّت "حديَّتُه" السياسية في نظر البعض إلى جمود طويل في السياسة اللبنانية.
بمرور الوقت، بدأ حزب الله في دفع نصيبه من هذه "الفاتورة" السياسية الباهظة للحرب السورية، وظهر ذلك جليا مع طوفان الأقصى الذي بعثر الأوراق الإقليمية إلى غير رجعة.
انخرط حزب الله، في مواجهة أرادها محدودة ومحسوبة بدقة ضد إسرائيل دعما للمقاومة الفلسطينية في غزة، ضمن مبدأ "وحدة الساحات" الذي يتنباه ما يُعرف بـ"محور المقاومة" في المواجهة مع إسرائيل.
إعلانلكن مع استتباب الأمور للاحتلال الإسرائيلي نسبيا على جبهة غزة، فإنه شرع في توجيه ترسانته نحو حزب الله، الذي اكتشف أن 14 عاما من القتال في سوريا حوَّلته إلى هدف مكشوف لإسرائيل. وفي غضون أسابيع، أرجعت الضربات الإسرائيلية حزب الله سنوات إلى الوراء عبر قتل معظم أعضاء صفوفه القيادية، وإحداث أضرار جسيمة بهيكله التنظيمي وخطوط إمداده ومخزوناته من الأسلحة.
الأنكى من ذلك أن ثمة اعتقادا في الأوساط الإيرانية واللبنانية أن نظام بشار الأسد ربما يكون متواطئا في تلك الهجمات التي استهدفت مسؤولي الحرس الثوري الإيراني وخطوط إمداد حزب الله على الأراضي السورية، عبر تمرير معلومات متعلقة بها إلى الجانب الإسرائيلي.
ما لم يتوقع أحد حدوثه، على الأقل بهذه السرعة، أن تراجع قوة حزب الله ستكون بمنزلة نزع القابس عن الأجهزة التي تنعش قلب النظام السوري ليفارق الحياة على نحو مفاجئ خلال 12 يوما فقط.
ورغم أن هوية سوريا الجديدة وطبيعة نظامها السياسي وتوازنات القوى به لا تزال قيد التشكُّل، يبقى مرجحا أن أي نظام جديد في سوريا سوف يكون في اتجاه مُجافٍ لحزب الله أو غير ودي تجاهه في أفضل الأحوال، ليس فقط لأن النظام الجديد سوف يكون "سُنيا" على الأغلب، ولكن الأهم بسبب الإرث الثقيل الذي خلَّفه دعم الحزب اللبناني لنظام بشار الأسد.
لذلك لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن سقوط نظام الأسد يُعد هو الصدمة الخارجية الأضخم التي تتلقاها السياسة اللبنانية منذ اتفاق القاهرة والحرب الأهلية اللبنانية.
لبنان في عهد سوريا الجديدةتُظهِر تجربة الخمسين عاما الماضية أن مصير لبنان لا ينفصم عن مصير سوريا، وأن مَن يسيطر على دمشق يمكنه بسهولة فرض نفوذه على لبنان والتأثير على الحياة العامة اللبنانية، حتى لو كان نظاما هشا مثل نظام الأسد، وأنه إذا أرادت الحكومة السورية منح فصيل ما ميزة كما حدث مع حزب الله، فسوف يكون هذا الفصيل في وضع جيد للهيمنة على السياسة اللبنانية.
إعلانهذه النقطة الأخيرة تحديدا ستكون هي الخسارة القادمة لحزب الله بعد التراجع الإقليمي الذي مُني به بفعل الاستهدافات الإسرائيلية التي ختمت عقدا ونيفا من الاستغراق المكلف في سوريا.
ولن تقتصر العواقب الإستراتيجية لسقوط الأسد بالنسبة لحزب الله على انقطاع خط الإمداد بينه وبين إيران، أو حتى على فقدان العمق الإستراتيجي السوري للحزب ومقاتليه، ولكنها تصل إلى قاعدته الشعبية الشيعية التي مثَّلت سوريا مهربها الأساسي إثر الضربات الإسرائيلية التي طالت الأرض اللبنانية، وهو مهرب من المقرر أن يصبح اليوم أقل ترحابا وأكثر تقييدا.
أبعد من ذلك، سوف تطول العواقب توازنات القوى على الساحة اللبنانية، ومن المرجح أن تعيد تشكيلها وفق العديد من الطرق المتوقعة وغير المتوقعة.
بشكل متوقع، سوف يُسهم سقوط الأسد في رفع وتيرة الاستياء الشعبي تجاه حزب الله في لبنان، مع تكشف ادعاءات الحزب والنظام السوري السابق حول عدم وجود سجناء لبنانيين في المعتقلات السورية وخروج هؤلاء المساجين من زنازين النظام التي أفرغتها المعارضة. وقد تسبب ظهور هؤلاء السجناء بالفعل في إحراج العديد من السياسيين، مثل وزير الخارجية اللبناني السابق جبران باسيل والرئيس اللبناني السابق ميشال عون، الذين قبلوا "التأكيدات" السورية بعدم وجود لبنانيين محتجزين.
ميشال عون (يمين) وسعد الحريري (الجزيرة)والأهم أن معارضي الحزب على الساحة اللبنانية، وأغلبهم من المسيحيين والسنة، سوف يرون فرصة إستراتيجية في تغيير موازين القوى في لبنان مع سقوط الظهير السوري، والتخبط الذي يعانيه الحزب بفعل الضربات الإسرائيلية.
وبعيدا عن كل ذلك، يظل التهديد النهائي الذي يمكن أن يواجه حزب الله بسبب تغيير النظام في سوريا هو حقيقة أن أي نظام سوري مستقر سوف يكون قادرا، من الناحية النظرية، على استهداف مقاتلي حزب الله وأصوله في لبنان، سواء بشكل منفرد أو من خلال التحالف مع خصومه في لبنان وفي مقدمتهم القوات الأمنية النظامية. ورغم أن محنة سوريا السياسية الخاصة وأزماتها الاقتصادية والمؤسسية سوف تعوقها عن فعل ذلك في المستقبل القريب، فلن يواجه أي نظام سوري مستقر مشكلة في إيجاد طُرق لتحقيق أهدافه على الساحة اللبنانية.
إعلانعلى قائمة الخاسرين في فاتورة رحيل الأسد على الساحة اللبنانية يبرز إذن حزب الله خاسرا أكبر، إذ أصبح نفوذه السياسي الخارجي والداخلي وحتى سلاحه على المحك بصورة غير مسبوقة. لكن الحزب ليس هو الخاسر الأوحد، حيث يوجد بجانبه جميع حلفاء الأسد اللبنانيين، وفي مقدمتهم الأحزاب القومية من حزب البعث اللبناني، إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب الاتحاد القومي، وصولا إلى الحلفاء السنة مثل آل كرامي في طرابلس وغيرهم.
على هذه القائمة أيضا لا يمكن إغفال الشخصيات والأحزاب الدرزية التي استثمر فيها الأسد الأب والابن في مواجهة زعامة عائلة جنبلاط التي لديها ثأر شخصي مع نظام الأسد الذي تتهمه بالمسؤولية عن مقتل الزعيم الدرزي كمال جنبلاط عام 1977، كعائلة أرسلان التي يتزعمها الوزير السابق طلال أرسلان، والوزير السابق وئام وهاب، وغيرهم.
وعلى قائمة الخاسرين تبرز أيضا بعض الشخصيات المسيحية المرتبطة مؤخرا بحزب الله والنظام السوري، وفي مقدمتهم سليمان فرنجية الذي تراجعت حظوظه لنيل الرئاسة في لبنان مع اغتيال نصر الله وسقوط الأسد، وخاصة بعد تراجع شعبيته وفقا لنتائج الانتخابات الماضية.
الرابحون من رحيل الأسدفي مواجهة هؤلاء الخاسرين، تبرز قائمة من الرابحين المفترضين على الساحة اللبنانية في مقدمتهم السنة عموما، وبالأخص تيار المستقبل بقيادة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، نجل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، الخصم الأبرز للنظام السوري السابق على الساحة اللبنانية.
فرغم الضغوط التي دفعت الحريري الابن للتصالح مع الأسد مطلع عام 2010 بعد المصالحة السورية السعودية، فإن الانقلاب على حكومة الحريري مطلع 2011 ومن ثم اندلاع الثورة السورية دفعا الحريري إلى إعلان الانحياز إلى الحراك السوري وتبني مطالبه، وهو موقف يعبر عن المزاج العام للشارع السني في لبنان.
إعلانبيد أن اعتبار أن تغيير الحكومة في دمشق سوف يصب بالضرورة في مصلحة السنة في لبنان هو اعتقاد يتجاهل تعقيدات السياسة اللبنانية، القائمة على توازن طائفي معقد. ومن المؤكد أن رحيل الأسد سوف يبعث بعض الحيوية في الجسد السياسي للطائفة السنية في لبنان، لكنه سوف ينعش العديد من الفاعلين الآخرين أيضا، ومنهم للمفارقة حركة "أمل" المنتظر أن تتولى زمام القيادة للمكون الشيعي بديلا لحزب الله.
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (الجزيرة)فمنذ لحظة اندلاع الثورة السورية مطلع عام 2011، رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري وزعيم حركة أمل الانخراط في الحرب السورية دفاعا عن الأسد ونظامه، الأمر الذي سبَّب أزمة كبرى بين بري وبشار الأسد انعكست على محاولات حلفاء الأسد محاصرة بري وشن حملات تحريضية عليه.
بجانب ذلك، يبرز ضمن قائمة الرابحين اسم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي والزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي انحاز إلى الثورة في سوريا منذ اليوم الأول، وخاصة أن جنبلاط لديه علاقة جيدة مع هيئة تحرير الشام التي تتولى مسؤولية الإدارة المؤقتة في سوريا، وسبق أن دعم انتفاضة الدروز في السويداء ضد نظام الأسد عام 2023. وقد التقى جنبلاط بالفعل بأحمد الشرع، القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا مصحوبا بوفد لبناني درزي رفيع المستوى، ليصبح بذلك أول مسؤول لبناني يلتقي الإدارة السورية الجديدة.
وأخيرا، من المرجح أن تنظر بعض القوى المسيحية الرئيسية، وفي مقدمتها حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، وحزب الكتائب بقيادة سامي الجميل، بالارتياح لرحيل الأسد، في ضوء الخصومة القائمة بين الطرفين منذ مواجهتهما المسلحة خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وهو ما سيمنحهم فرصة لكسب نقاط سياسية إضافية وتحجيم حلفاء النظام السابق من المسيحيين.
ولكن بغض النظر عن تلك القائمة، الافتراضية والنظرية، للرابحين والخاسرين، من المرجح أن تلعب الملفات الرئيسية العالقة بين البلدين دورا رئيسا في تحديد طبيعة العلاقة الجديدة، وأهمها مسألة ضبط الحدود البرية ومنع التهريب وإغلاق المعابر غير الشرعية، وترسيم الحدود البحرية، إضافة إلى ملف اللاجئين السوريين، وكذلك ملف المعتقلين والمختفين قسريا في سوريا الذي يُشكِّل الملف الإنساني الأبرز والأطول في تاريخ العلاقة بين الجانبين.
إعلانيطوي السوريون واللبنانيون معا صفحة الأسد إلى غير رجعة، وفي غضون ذلك يستكشف البلدان ما الذي يعنيه ذلك للعلاقة بينهما. من المؤكد أن سوريا سوف تنشغل طويلا بشؤونها الداخلية، لكن ما يجري فيها سوف ينعكس بأسرع ما يكون على لبنان. وسوف يكون الاختبار الأول للتحولات القائمة حين يجتمع اللبنانيون مجددا الشهر المقبل لانتخاب رئيس جديد للبلاد في غياب نظام الأسد للمرة الأولى منذ أكثر من 5 عقود.