هذا المقال بقلم بارعة الأحمر، صحافية وكاتبة سياسية لبنانية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأيها ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

لا يتوقع اللبنانيون المعجزات أو الحلول السريعة لأزَماتهم لأنَ تحدّيات وقف انهيار الدولة وإعادة بناء المؤسسات، ضخمة ومتشعبة. إلا أن أسبابا واقعية تحملهم على التفاؤل اليوم، مع انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية.

ذلك أن نجاح عملية الانتخاب، أولا، اخترق الجمود السياسي وأنهى الفوضى الدستورية السائدة منذ سنوات. وثانيا أن شخصية الرئيس الجديد وما يمثله، إضافة الى باقة العهود التي قطعها للبنانيين، تطلق نهجا جديدا في قيادة الدولة. وأهمها حصر السلاح بالقوات المسلحة اللبنانية واستعادة هيبة القضاء واستقلاليته ومعالجةِ تداعياتِ الانهيار المالي، التي تحاول الحكومة الحالية إلقاء تبعاته على الشعب اللبناني من خلال حماية المرتكبين من المسؤولين المصرفيين والسياسيين.  

أول الغيث كان الاستجابة الإيجابية للأسواق المالية، حيث ارتفعت قيمة سندات اليورو التابعة للحكومة اللبنانية، قبيل جلسة الانتخاب بساعات. فهو رئيس يتمتع بدعمٍ عربي ودولي واسع، من دول أبدت استعدادها لتمويل إعادة الإعمار لما دمرته الحرب الإسرائيلية على لبنان، التي أعلنتها إيران وحزب الله وكان اللبنانيون وقودا لها.

مشهد انتخاب العماد جوزاف عون وخطاب القسم الرئاسي بدا أقرب إلى "انقلاب أبيض" بعد الزلزال الذي ضرب الواقع السياسي والعسكري في لبنان وسوريا والمنطقة وأدى الى اختلال توازن النفوذ في الإقليم. إلا أن النفق أمام لبنان يبدو مظلما حتى اللحظة. وسيبقى مظلما إن لم يُستكمل هذا الانقلاب كي يشمل السلطة التنفيذية والتشريعية التي تنتمي إلى توازنات ما قبل الزلزال وهي نتاج لمحاور لم تعد قائمة.

الرئيس قرر الدخول في هذا النفق وعدم التأجيل. ألغى الاحتفالات التقليدية في القصر الجمهوري لصالح بدء ورشة العمل، وحدد يوم الاثنين موعدا لاستشارات برلمانية تسمي رئيس/ة الحكومة وتفضي إلى التكليف. علما أن الفقرة الثانية من المادة ٥٣ من الدستور اللبناني جعلت صلاحية تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة من مهام رئيس الجمهورية، على أن "يقف على آراء النواب" ولطالما صدرت اجتهادات دستورية متعددة حول إلزامية الاستشارات بحسب المرحلة والتوازنات السياسية.

هذا بالطبع إن لم تكن رئاسة الحكومة المقبلة محسومة ومدرجة من ضمن الاتفاق، الذي شكل الغطاء العربي والدولي وساهم في انتخاب الرئيس.

فهل تم التوافق على رئاسة الحكومة مسبقا؟ أم أن الرئيس جوزاف عون قادر على تكليف رجل، أو ربما امرأة، لتشكيل حكومة تكون فريق عمل قوي يلبي طموحات اللبنانيين ويترجم خطته الطموحة إلى إنجازات؟

هي محطة حاسمة من شأنها أن تطلق عملية واسعة لإصلاح وتحديث مؤسسات الدولة، أوإن تكون فخا وحقل الغام للرئيس وللبنان، يضاف إليها التحدّي الأساسي وهو تطبيق القرار 1701 لأن الهدنة الهشّة مع إسرائيل تهدد استقرارَ الحدود.

 لا تسريبات جدية حول رئاسة الحكومة أو الفريق. فالرجل متكتم  مذ كان قائدا للجيش. لكنه مدافع عن حرية التعبير، فهو رفض إصدار أمر للعسكر بالانقضاض على المتظاهرين وقمع الاحتجاجات في أواخر عام 2019 وقد كلفه هذا الرفض اتهاما بالخيانة من قبل أركان الحكم في حينه. إلا أنه  قاد مؤسسة الجيش بصمت وهدوء وحزم، وحافظ عليها وسط انهيار تام لباقي مؤسسات الدولة.

وعلى الرغم من التفاؤل الحذر، يسود لبنان جو من الإيجابية حلو المذاق ويشبه طعم الحلم. منذ وقف في البرلمان رئيس شاب صاحب وجه صبوح، إلى جانب وجوه مغلقة ومتجهمة وديكتاتورية ومستبدة وعتيقة، لم تجلب للشعب اللبناني إلا الخيبات والأزمات منذ عقود. وتحاول اليوم البقاء داخل اللعبة  والابتزاز، سعيا للاحتفاظ بشيء من نفوذها المتبقي، بعدما خسرت كل المعارك والرهانات. إلا أن اللبنانيين الغارقين في الخسارات يراهنون على رجل واثق حازم، يفقه سلطة الابتسامة الهادئة للرئيس.  

لبناننشر الاثنين، 13 يناير / كانون الثاني 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: إلا أن

إقرأ أيضاً:

البيت الأبيض: تهديد الحوثيين يجبر 75% من سفننا على تجنب البحر الأحمر

قال مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز -أمس الأحد- إن 3 أرباع حركة الشحن الأميركية التي يجب أن تمر عبر البحر الأحمر تضطر حاليا إلى تجنّب المنطقة والمرور عبر الساحل الجنوبي لأفريقيا، بسبب الضربات التي ينفّذها الحوثيون في اليمن.

وقال والتز عبر شبكة "سي بي إس" إنّ "75% من شحناتنا البحرية التي ترفع العلم الأميركي تضطر الى المرور عبر الساحل الجنوبي لأفريقيا بدلا من قناة السويس".

وقد توقفت هجمات الحوثيين مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في غزة يوم 19 يناير/كانون الثاني الماضي، لكن الحوثيين استأنفوها قبل أسبوع وتوعدوا بتكثيفها طالما استمرت إسرائيل في ضرباتها على القطاع الفلسطيني المدمر.

وخلال محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أكّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مساء الأحد وفق بيان لوزارته أن حكومته "مصممة على إعادة إرساء حرية الملاحة في البحر الأحمر عبر عمليات عسكرية ضد الحوثيين".

ووفق المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية شون بارنيل، فقد هاجم الحوثيون سفنا حربية أميركية "174 مرة" وسفنا تجارية "145 مرة" منذ عام 2023.

إعلان

وفي أحدث هجمات الحوثيين، قال الناطق العسكري باسم الجماعة يحيى سريع إنه تم الاشتباك مع حاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان وقطع حربية في البحر الأحمر بالصواريخ والمسيرات لعدة ساعات. كما أعلن استهداف مطار بن غوريون في إسرائيل بصاروخ باليستي. وأضاف أن العملية حققت هدفها بنجاح.

ومنذ أكثر من أسبوع، تنفذ الولايات المتحدة ضربات على معاقل الحوثيين هي الأولى منذ تولّي الرئيس دونالد ترامب منصبه يوم 20 يناير/كانون الثاني الماضي، وأسفرت عن مقتل أكثر من 70 وإصابة أكثر من 100 آخرين بينهم نساء وأطفال، بحسب بيانات حوثية. وقد أسفرت أحدث الغارات مساء أمس عن مقتل 4 أشخاص وجرح عدد آخر في قصف استهدف العاصمة صنعاء وصعدة.

كما تبنى الحوثيون عدة مرات إطلاق صواريخ باتجاه أهداف إسرائيلية منذ خرق إسرائيل وقف إطلاق النار مع حركة حماس الثلاثاء الماضي باستئناف قصفها قطاع غزة.

والتز: الرئيس ترامب قرر اتخاذ إجراء أصعب وأشد صرامة ضد الحوثيين (رويترز) أكثر صرامة

وقال والتز عبر شبكة "سي بي إس" مساء أمس إنّ الرئيس دونالد ترامب قرر اتخاذ إجراء أصعب وأشد صرامة ضد الحوثيين، على عكس الإدارة السابقة خلال عهد الرئيس جو بايدن.

وأضاف "خلال اليومين الماضيين، قرر الرئيس ضرب الحوثيين بقوة، على عكس ما كان عليه الحال بالإدارة السابقة، حيث كانت تمر أسابيع أو أشهر حرفيا على هذه الهجمات المفاجئة. ونتيجة لذلك، أُغلق أحد أهم الممرات البحرية في العالم. أعني أن الحوثيين يشبهون تنظيم القاعدة أو داعش، ولديهم صواريخ كروز متطورة، وصواريخ باليستية، وبعض أكثر الدفاعات الجوية تطورا، وكلها مقدمة من إيران".

وأكد مستشار الأمن القومي الأميركي أن "الحفاظ على الممرات البحرية مفتوحة، والحفاظ على التجارة مفتوحة، هو جانب أساسي من أمننا القومي" في مواجهة الحوثيين.

إعلان

وقال مسؤول دفاعي أميركي لوكالة الصحافة الفرنسية أمس -ردا على سؤال بشأن تقارير عن ضربات جديدة في اليمن- إن القوات الأميركية "تنفذ ضربات على مواقع متعددة للحوثيين المدعومين من إيران كل يوم وليلة في اليمن".

مقالات مشابهة

  • البيت الأبيض: تهديد الحوثيين يجبر 75% من سفننا على تجنب البحر الأحمر
  • الرئيس عون يحذّر من ضرب مشروع انقاذ لبنان
  • إلهام أبو الفتح تكتب: أصبت سيادة الرئيس
  • رئيس الحكومة اللبنانية يحذر من تجدد العمليات العسكرية في الجنوب
  • رئيس الحكومة نعى هدى شديد: ناضلت حتى الرمق الأخير
  • عن سلاح حزب الله... إليكم ما أعلنه رئيس الحكومة
  • عن الودائع والإنتخابات البلديّة وإعادة الإعمار... هذا ما أكّده رئيس الحكومة
  • الرئيس التونسي يقيل رئيس الحكومة ويعيّن الزنرري خلفا له (شاهد)
  • الرئيس التونسي يقيل رئيس الحكومة.. الزنزري بديلة عنه
  • الرئيس التونسي يقيل رئيس الحكومة.. النزنزري بديلة عنه