آيات الله في تابوت طالوت واختبار النهر.. دروس في الطاعة واليقين
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
واصل آيات سورة البقرة كشف أحداث بني إسرائيل ومواقفهم مع طالوت، الملك الذي اصطفاه الله لهم، رغم اعتراضهم في البداية على اختياره، في تفسير الآيتين (248 - 249)، يقدم الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، رؤى ثرية حول معجزات التابوت واختبار النهر، وأهميتها في سياق الطاعة والانضباط.
قال جمعة عبر صفحته الرسمية عبر الفيسبوك أن التابوت الذي ذُكر في قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 248]، كان دليلًا إلهيًا على أحقية طالوت بالملك.
و عن السكينة: يشير القرآن إلى أن في التابوت "سكينة من ربكم"، وهي هدوء نفسي وروحي يطمئن قلوب المؤمنين.
وعن البقية: تضم التابوت أشياء مباركة تركها آل موسى وهارون، ربما كانت عصا موسى أو ألواح التوراة.
اختبار النهر: الطاعة أساس النجاح
في الآية التي تليها، قال طالوت لجنده: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البقرة: 249].
كان اختبار النهر امتحانًا للطاعة والانضباط في الصفوف العسكرية، حيث طُلب منهم عدم الشرب من النهر إلا بقدر يسير، لا يزيد عن غرفة باليد.
العبرة العسكرية: يوضح الدكتور علي جمعة أن هذا الامتحان كان يعكس أهمية الانضباط والطاعة في الجيوش، فحتى إن لم تكن الحكمة واضحة، فإن الالتزام بالأوامر أمر ضروري لحماية الجيش وتحقيق الانتصار.
قاعدة لغوية من الآية
يشير جمعة إلى قاعدة لغوية في كلمة "نهْر" المذكورة في الآية، في اللغة العربية، كل فعل تأتي عينه من حروف الحلق (مثل الهمزة، الهاء، العين، الحاء، الغين، الخاء) يجوز فيه السكون والفتح، وبالتالي يمكن نطقها "نهْر" أو "نهَر"، وكلاهما صحيح. ومن أمثلة ذلك أيضًا "شغْب" و"شغَب".
ماذا نتعلم من الآيتين1. الإيمان بالمعجزات: كانت عودة التابوت برهانًا ملموسًا على صدق طالوت وأحقيته بالملك، وهو درس في أهمية اليقين بالآيات الإلهية.
2. الطاعة والانضباط: يبرز اختبار النهر أن الطاعة في المواقف الحرجة لا تقل أهمية عن الشجاعة.
3. السكينة كمكافأة: السكينة التي يمنحها الله للمؤمنين هي زاد روحي يعينهم على مواجهة التحديات.
آيات التابوت واختبار النهر تحمل رسائل خالدة عن الطاعة، الإيمان، والانضباط، إنها دعوة للتأمل في أفعالنا، واليقين بحكمة الله في كل ما يقدره لنا، حتى وإن لم تكن الحكمة واضحة في البداية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التابوت معجزة سورة البقرة جمعة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الاستيقاظ لصلاة الفجر يقي من الجلطات
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، أن الله سبحانه وتعالى هو مالك الكون ويعلم ما لا نعلم، مشيرًا إلى أن هناك العديد من الحقائق التي لم يدركها الإنسان إلا بعد مرور الزمن والاكتشاف العلمي.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، خلال بودكاست "مع نور الدين"،اليوم الخميس، أن الإنسان يستيقظ لصلاة الفجر ليس فقط للوضوء وأداء الصلاة، بل لأن هناك حكمة إلهية وراء ذلك، مشيرًا إلى أن الأطباء اكتشفوا أن الاستيقاظ في هذا الوقت يقي من الجلطات، قائلًا: "الأطباء في هذه الأيام يقولون إن هذه الساعة حين تستيقظ فيها تمنع عنك الجلطة، سبحان الله!".
وأضاف أن هناك معلومات لم يكن المسلمون على دراية بها، لكن العلماء غير المسلمين قاموا بملاحظتها وتفسيرها وربطها علميًا، مستشهدًا بتجربة علمية في السويد حيث تمكن أحد الباحثين من رصد "الهالة" المحيطة بجسم الإنسان، واكتشف أن هذه الهالة تصبح أكثر انتظامًا بعد الوضوء والصلاة، مما يدل على تأثير العبادات على الطاقة الداخلية للإنسان.
وتابع الدكتور علي جمعة قائلًا: "الإنسان سيد في الكون وليس سيدًا للكون"، موضحًا الفرق بين الفلسفة الإسلامية والفلسفة اليونانية التي جعلت الإنسان سيدًا للكون وجعلت الآلهة في صراع معه، بينما الإسلام جعل الإنسان مسؤولًا عن هذا الكون ومسخرًا له، لكنه في الوقت ذاته خاضع لأوامر الله.
وشدد على أن التكليف الإلهي للإنسان ليس عبئًا، بل هو لصالحه وسعادته، حيث أمره الله بتعمير الأرض والمشاركة في الحضارة، مؤكدًا أن المسلمين كانوا دائمًا في طليعة الباحثين والمكتشفين حتى جاءت الهزة الحضارية من الاستعمار، مما أدى إلى انشغالهم بأمور أخرى.
وختم بقوله: "علينا أن نعود مرة أخرى للمساهمة في الحضارة، ليس بالاعتماد على غير المسلمين، ولكن من خلال البحث والاكتشاف وفهم أسرار العبادات التي لم تكن معروفة من قبل".