هدنة جزئية وصفقة تاريخية.. تفاصيل المفاوضات بين حماس وإسرائيل والحذر من اشتعال الضفة
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
تتسارع وتيرة الأحداث في الشرق الأوسط مع اقتراب صفقة الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس من مراحلها النهائية، وسط أجواء متوترة، تتشابك المواقف السياسية والمفاوضات مع أوضاع إنسانية مأساوية في قطاع غزة، حيث خلفت العمليات العسكرية حصيلة ثقيلة من الشهداء والمصابين.
في هذا السياق، برزت تصريحات وتحركات سياسية على مستويات إقليمية ودولية تشير إلى قرب التوصل لاتفاق قد ينهي الحرب المستمرة منذ أشهر.
تفاصيل الصفقة.. خطوات أولى لإنهاء الحرب
وفقًا لمصادر إعلامية إسرائيلية وفلسطينية، تشمل المرحلة الأولى من صفقة الأسرى إطلاق سراح 1000 أسير فلسطيني، بينهم 200 محكوم عليهم بالسجن المؤبد، مقابل 33 رهينة إسرائيلية.
ومن المتوقع أن تتضمن الصفقة أيضًا وقفًا لإطلاق النار لمدة 42 يومًا، مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق محددة شمال القطاع، وبدء إدخال مساعدات إنسانية تشمل الوقود والغذاء.
مواقف الأطراف
على الجانب الإسرائيلي، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطًا من حلفائه في اليمين المتطرف، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، الذين يهددون بتفكيك الائتلاف الحاكم حال الموافقة على الصفقة.
ومع ذلك، تشير تقارير إلى أن نتنياهو يمتلك أغلبية داخل حكومته لتمرير الاتفاقية، رغم المعارضة الداخلية.
أما في غزة، فقد أكد أسامة حمدان، القيادي في حركة حماس، أن المفاوضات جادة لكن الحركة تلتزم بسرية التفاصيل لحماية الجبهة الداخلية الفلسطينية ومنع إسرائيل من استغلالها في حرب نفسية.
أوضاع مأساوية في غزة
على الصعيد الإنساني، تتفاقم معاناة سكان غزة مع استمرار العمليات العسكرية. تشير التقارير إلى أن عدد الشهداء قد تجاوز 46،565، بالإضافة إلى 109،660 مصابًا منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023.
تحركات دولية
أعلنت مصادر أمريكية عن اتصالات مكثفة بين الرئيس جو بايدن ونتنياهو لدعم المفاوضات، كما أكدت مصادر أمنية مصرية أن واشنطن قدمت ضمانات لحماس لإنهاء الحرب فور التوصل إلى الصفقة.
من جهتها، تواصل الدوحة لعب دور الوسيط الرئيسي في المفاوضات، حيث زار رئيس الموساد والشاباك الإسرائيلي قطر لإجراء محادثات مع المسؤولين القطريين.
مع قرب انتهاء المفاوضات، تتزايد الآمال بإمكانية إنهاء الأزمة الإنسانية والسياسية التي تعصف بالمنطقة، ورغم التحديات، يبدو أن الأطراف الفاعلة على استعداد لتحقيق انفراجة طال انتظارها.
الصفقة والهدايا الأمريكية
من جانبه قال الدكتور نزار نزال، المحلل السياسي الفلسطيني، إن الأجواء السياسية في إسرائيل باتت إيجابية فيما يخص صفقة الأسرى المرتقبة، خاصة بعد اجتماع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع شركائه في الحكومة، من أبرزهم إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
أضاف نزال في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن نتنياهو تمكن من إقناع الأطراف داخل الائتلاف الحكومي بالموافقة على الصفقة لعدة اعتبارات استراتيجية، أبرزها الحفاظ على استقرار حكومته وتجنب تصدعها، موضحًا أن نتنياهو يسعى جاهدًا لمنع حجب الثقة عن حكومته، خاصة مع الضغوط التي تمارسها أحزاب الصهيونية الدينية.
أكمل أن التصعيد داخل الائتلاف قد يؤدي إلى انهيار الحكومة، وهو ما يهدد مستقبل نتنياهو السياسي مضيفًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يستهدف أيضًا استعادة قوة حزب الليكود الذي تراجع شعبيته مؤخرًا، حيث تشير التقديرات إلى فقدانه مقعدين في حال إجراء انتخابات جديدة.
وفيما يتعلق بالصفقة، أكد نزال أن نتنياهو يسعى لاسترضاء الولايات المتحدة والرئيس السابق دونالد ترامب تحديدًا، الذي يُتوقع أن يقدم لإسرائيل مكاسب سياسية كبيرة في الضفة الغربية، تشمل تسهيلات في الاستيطان وربما خطوات تجاه الضم، مشيرًا إلى أن نتنياهو يراهن على تأجيل الموافقة النهائية على الصفقة إلى التاسع عشر أو العشرين من الشهر الجاري، حيث يتوقع تقديم الصفقة كهدية سياسية للجمهوريين في أمريكا.
وفي سياق آخر، نوه الدكتور نزار نزال إلى أن نتنياهو يريد من خلال هذه الصفقة امتصاص غضب الشارع الإسرائيلي الذي يتجه نحو الغليان إذا لم يتم التوصل إلى هدنة أو اتفاق قريب، مؤكدًا أن العيون تتجه نحو الضفة الغربية كعنوان المرحلة المقبلة، وأن تعاطي ترامب مع إسرائيل سيحدد طبيعة المكاسب التي سيحققها نتنياهو.
أكد المحلل السياسي الفلسطيني، أن الحكومة الإسرائيلية تعيش مرحلة دقيقة وحساسة، حيث يواجه نتنياهو تحديات داخلية وخارجية تتطلب تحقيق توازن دقيق بين إرضاء حلفائه السياسيين والحفاظ على علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة.
تفاصيل الهدنة
كشف الدكتور عمرو حسين، المتخصص في العلاقات الدولية، عن مؤشرات قوية تشير إلى قرب التوصل إلى هدنة إنسانية ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، موضحًا أن زيارة المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعقبتها تطورات ملموسة في مسار المفاوضات الجارية في العاصمة القطرية الدوحة.
وأضاف حسين في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أن الاتفاق المزمع إعلانه سيمر بعدة مراحل، حيث تشمل المرحلة الأولى تبادلًا للأسرى، بإطلاق سراح 34 إسرائيليًا مقابل ألف أسير فلسطيني، بالإضافة إلى وقف إطلاق النار لمدة شهر ونصف، كما سيشمل الاتفاق انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في قطاع غزة؛ في المرحلة الثانية، سيتم الإفراج عن أسماء أسرى أحياء من حركة حماس، يليها تنفيذ عملية تبادل أسرى جديدة.
أستكمل حديثه قائلًا:" أن الاتفاق يشمل انسحابًا تدريجيًا للقوات الإسرائيلية من القطاع مع وقف نهائي للعمليات العسكرية، مشيرًا إلى دور مصر المحوري في مقترح تشكيل لجنة إسناد مجتمعية لإدارة قطاع غزة، فيما يعرف بمفهوم "اليوم التالي للحرب"، وستبدأ المرحلة الأولى بفتح المعابر، وعلى رأسها معبر رفح، لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية العاجلة، لضمان وصولها إلى مستحقيها".
الدكتور عمرو حسينوشدد حسين على أهمية هذه الخطوة في معالجة الوضع الصحي المتدهور، خاصة بعد توقف عمل المستشفيات بشكل كامل، بما في ذلك مستشفى كمال العدوان ومستشفى المعمدة.
وأوضح حسين أن الحرب التي استمرت 16 شهرًا خلفت أكثر من 45 ألف شهيد و130 ألف مصاب، ما دفع المجتمع الدولي للتحرك لوقف المأساة الإنسانية مضيفًا أن المحكمة الجنائية الدولية زادت من الضغوط على قادة إسرائيل، حيث يواجه بنيامين نتنياهو وكبار المسؤولين اتهامات بارتكاب جرائم حرب في غزة.
أشار المتخصص في العلاقات الدولية إلى أن الاتفاق المتوقع قد يرى النور قبل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما يمثل خطوة تاريخية لإنهاء المعاناة في غزة، بفضل الجهود المصرية والدولية الشاقة التي بُذلت لتحقيق هذه الهدنة الإنسانية.
هدنة جزئية في الأفق.. عودة التصعيد محتمل في غزة والضفة الغربية
في هذا السياق، أكد الدكتور محمد جودة، المحلل السياسي الفلسطيني، أن إسرائيل بدأت تتلقى إشارات إيجابية من حركة حماس بخصوص مفاوضات صفقة تبادل الأسرى، وهو ما يشير إلى فكفكة الألغام والعقد التي كانت تعيق التوصل إلى اتفاق.
أضاف جودة في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن هذه التطورات تأتي في توقيت استراتيجي يتزامن مع اقتراب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من تولي منصبه في البيت الأبيض، مما يضع إسرائيل تحت ضغط كبير.
فسر جودة أن الفترة المقبلة قد تشهد الإعلان عن هدنة جزئية ذات طابع إنساني، تشمل عودة النازحين وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، إلى جانب إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين مقابل الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة، إلا أن العقبة الأكبر أمام هذه المفاوضات تكمن في إصرار المقاومة على وقف إطلاق النار الكامل وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، وهو مطلب ترفضه إسرائيل بشدة.
وأشار جودة إلى أن الشارع الإسرائيلي يشهد حالة من الغليان، مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية التي تهدد بالتصعيد إذا لم يتم التوصل إلى هدنة بحلول العشرين من الشهر الجاري، مضيفًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه تراجعًا كبيرًا في شعبيته، في ظل اتهامات بعدم قدرته على إدارة الأزمة.
وتابع جودة حديثه قائلًا: "إسرائيل تسعى إلى تنفيذ هدنة مؤقتة لتخفيف الضغط الداخلي، لكنها في الوقت ذاته تعمل على استغلال هذه الهدنة عسكريًا واستخباراتيًا لتقويض قوة المقاومة الفلسطينية، خاصة ملف الأسرى الذي يمثل ورقة ضغط قوية بيد حماس".
وحذر جودة من أن فشل التوصل إلى اتفاق قد يؤدي إلى عدوان عسكري جديد على غزة، وسط ضغوط داخلية قد تصل إلى تشكيل كتلة برلمانية جديدة بقيادة نفتالي بينيت، مما يهدد مستقبل نتنياهو السياسي.
كما أشار إلى أن الضفة الغربية لا تزال تشهد تصعيدًا إسرائيليًا متواصلًا، حيث تتعمد إسرائيل تنفيذ اقتحامات واعتداءات يومية، بهدف تهجير السكان الفلسطينيين وفرض السيطرة على الأراضي.
الدكتور محمد جودةوأوضح جودة أن الضفة الغربية تشكل بُعدًا أمنيًا واستراتيجيًا لإسرائيل، التي تعمل على تكثيف مشاريعها الاستيطانية هناك، مع سعيها لفرض سيادتها على المنطقة، خاصة مع اقتراب تولي ترامب منصبه، الذي يتوقع أن يدعم مخططات الضم الإسرائيلية بما يتعارض مع حل الدولتين.
وفي ختام حديثه، شدد المحلل السياسي الفلسطيني على أن الوضع الفلسطيني يمر بأسوأ مراحله في ظل الانقسام الداخلي، والتفكك العربي، والانشغال الدولي بقضايا أخرى مثل الحرب الأوكرانية-الروسية، مشيرًا إلى الحاجة ماسة لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على قاعدة الوحدة والشراكة السياسية لمواجهة مشاريع التصفية الإسرائيلية، وإعادة تفعيل منظمة التحرير كممثل شرعي للشعب الفلسطيني لتحقيق تطلعاته بالاستقلال.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الضفة الغربية قطاع غزة اسرائيل حماس التهدئة في غزة حماس وإسرائيل الهدنة الإنسانية المحلل السیاسی الفلسطینی بنیامین نتنیاهو الضفة الغربیة دونالد ترامب رئیس الوزراء إطلاق النار التوصل إلى أن نتنیاهو قطاع غزة فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تحول الضفة إلى مكب في جريمة بيئية مستمرة
تحوّل إسرائيل الضفة الغربية إلى مكب ضخم للنفايات السامة بتهريب نفاياتها الخطيرة إلى الأراضي الفلسطينية، بدلا من معالجتها بالداخل المحتل حيث تمتلك الأدوات اللازمة وتلزمها التشريعات، في ظل منعها السلطة الفلسطينية من تطوير منظومتها لمعالجة النفايات وحماية الفلسطينيين من الآثار البيئية المدمرة للنفايات الملوثة.
ويُهرّب الاحتلال منذ سنوات الطين الناتج عن معالجة مياه الصرف الصحي، والنفايات الطبية، والزيوت المستعملة، والمذيبات، والمعادن، والنفايات الإلكترونية، والبطاريات، إلى الضفة الغربية، مما يحولها إلى مكب ضخم للنفايات الإسرائيلية، وفق تقرير للمركز الفلسطيني للأبحاث الإسرائيلية (مدار).
وتتمثل خطورة هذه النفايات في أنها غير قابلة للتحلل، مما يؤدي إلى تراكمها في التربة وتلوثها للمياه والنباتات، قبل أن تصل تداعياتها السلبية إلى الفلسطينيين وتؤثر على صحتهم.
وحسب منظمة الأمم المتحدة، يعد إلقاء النفايات والمواد الخطرة والسامة والاتجار غير المشروع بها، جريمة بيئية، والتي تُعرّف بأنها مجمل الأنشطة غير المشروعة التي تمس بالبيئة وتعود بالنفع على بعض الأفراد والمجموعات والمنشآت.
وضبطت سلطة جودة البيئة الفلسطينية 51 حالة تهريب نفايات ضارة من إسرائيل إلى الضفة الغربية بين عامي 2021 و2022، بما يعد جريمة بيئية وفق تعريف الأمم المتحدة.
إعلانوشملت الحالات مخلفات البناء والزراعة وزيوت وبطاريات مستعملة ونفايات طبية وبلاستيكية ولحوم فاسدة، حسب تقرير حالة البيئة في دولة فلسطين الصادر عام 2023، والذي نوه إلى أن ما ضُبط خلال الفترة المذكورة "هو جزء يسير من حجم ما تهربه إسرائيل إلى الضفة".
ويشرح الباحث في المركز الفلسطيني للأبحاث الإسرائيلية (مدار) وليد حباس -في حديث للجزيرة نت- أن إسرائيل تتهرب من قوانين وتشريعات حفظ البيئة التي تطبقها، وذلك بتهريب النفايات إلى الضفة الغربية المحتلة، مؤكدا أن ذلك جزء من السياسات الاستعمارية.
ويضيف أن إسرائيل نقلت شركات ومصانع تلوث البيئة وتحرق النفايات، إلى الضفة الغربية "حيث لا تخضع للرقابة" وتسهم أيضا بتوطين الاستيطان.
ويدير الاحتلال أكثر من 15 منشأة لمعالجة النفايات في الضفة الغربية، 6 منها تعمل على معالجة النفايات الخطرة، وفق مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأرض المحتلة (بتسيليم).
ويذكر تقرير المركز الفلسطيني للأبحاث الإسرائيلية (مدار) 10 شركات إسرائيلية متخصصة في التعامل مع أنواع مختلفة من النفايات الخطرة المهربة، وتنتشر في المناطق الصناعية التابعة للمستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية.
ومن بين أبرز هذه المناطق: معاليه إفرايم شرق قرية دوما، غرب أريئيل، وشيلو الصناعية شرق رام الله، وميشور أدوميم شرق القدس، والأغوار الشمالية، إضافة إلى مناطق صناعية أخرى مثل بركان، كدوميم، عطاروت، وميتاريم قرب الخليل.
وتشغّل هذه المنشآت مكبات ضخمة للنفايات الصلبة ونفايات البناء. وتستقبل سنويا نحو 350 ألف طن من النفايات الإسرائيلية الخطرة، حيث تستفيد من التسهيلات الإسرائيلية والمعايير البيئية المخففة المطبقة في المستوطنات.
إعلان نوعان للشركاتوتوجد في الضفة الغربية فئتان من الشركات الإسرائيلية التي تدير عملياتها بشكل مختلف بالتعامل مع النفايات المهربة. فالأولى هي الشركات المرخصة، التي تمتلك تراخيص من قبل السلطات الإسرائيلية، وتعمل داخل المناطق الصناعية الإسرائيلية المنتشرة في الضفة الغربية والتي تصل إلى 35 منطقة، حسب ما يوضح حباس.
ويردف أن هذه المناطق تم إنشاؤها بهدف توسيع الاستيطان الإسرائيلي وبناء بنية تحتية للمستوطنين، وتتمتع هذه الشركات بمرونة كبيرة في العمل دون أي قيود تفرضها إسرائيل، خصوصا في المناطق الصناعية من النوع (أ) التي تحظى بتسهيلات واسعة.
أما النوع الثاني، فهو الشركات غير الرسمية التي تعمل في شبكات المصالح غير المرخصة، مثل حرق النفايات الإلكترونية، وفق حباس.
كما يضيف أن إسرائيل تبيع هذه النفايات إلى شبكات من المقاولين الذين يديرون عمليات الحرق العشوائية في الضفة الغربية، مما يشكل تهديدا بيئيا كبيرا.
ويعمل في هذه الشبكات سوق سوداء تضم عمال التهريب الذين يحظون بحماية من القوات الإسرائيلية، ويتركز نشاطهم بشكل خاص في جنوب الخليل، حيث تُترك النفايات الإلكترونية لتُحرق بشكل ارتجالي، مما يعمق الأزمة البيئية في المنطقة، حسب ما يتابع حباس.
أخطار كبيرةوضبطت السلطة الفلسطينية 7 مواقع للمكبات الإسرائيلية عام 2024 في قلقيلية، كما ضبطت 6 آلاف طن من النفايات الإسرائيلية المهربة في سلفيت في 4 عمليات ضبط قامت بها سلطة جودة البيئة، فضلا عن تخلص مستوطنة "أرئيل" من 120 ألف طن من الحمأة غير المعالجة في الضفة الغربية، حسب التقرير السنوي لسلطة جودة البيئة العام الماضي.
وفي هذا الصدد، أكد حباس أن إسرائيل تمنع السلطة الفلسطينية من تطوير أدوات لمعالجة النفايات الخطرة، معتبرا أن ما وصفه بـ"العشوائية بإدارة ملف النفايات يمنع السلطة الفلسطينية من العمل في الأماكن التي تستطيع تنظيمها"، وفق تعبيره.
إعلانوذكرت مؤسسة هنريش بيل الألمانية أن الاحتلال أقام أكثر من 200 ورشة للنفايات الإلكترونية في قرية إذنا غرب مدينة الخليل في عام 2021، وأوضحت أن عملها يؤدي إلى تغلغل المواد الكيميائية السامة كالزئبق في الأرض، وبالتالي تلويث المياه.
وأردفت أن حرق النفايات الإلكترونية يلوّث المحاصيل الزراعية ويهدد التنوع البيولوجي ونوعية الغذاء، مما يؤثر على صحة الفلسطينيين.
ويُخشى من تسرب الملوثات مثل الرصاص والزئبق والكادميوم من البطاريات والنفايات الإلكترونية، وهي مواد سامة تدوم لعقود في البيئة، وتؤثر على النظام البيئي بأكمله، بما فيه الحيوانات والنباتات.
كما أن النفايات السائلة والناتجة عن طين الصرف الصحي تسهم في تلويث المياه الجوفية، والتي تعد المصدر الأساسي لمياه الشرب والري في معظم المناطق الفلسطينية.
وتقدر الخسائر الصحية والاقتصادية الناجمة عن تلوث الهواء بسبب حرق النفايات في الضفة الغربية بنحو 9.1 مليارات شيكل بين العامين 2023 و2030. وفي العام 2022 وحده، قدرت التكاليف الصحية والاقتصادية بما يتراوح بين 880 مليون و1.3 مليار شيكل، وتشمل هذه التكاليف خسائر في الإنتاج الزراعي، والنفقات الصحية، والأضرار البيئية، وفق تقرير المركز الفلسطيني للأبحاث الإسرائيلية (مدار).
يذكر أن فلسطين انضمت إلى اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود عام 2015، وتُستخدم الآليات والأدوات القانونية التي توفرها هذه الاتفاقية في التصدي لعمليات تهريب نفايات الاحتلال الإسرائيلي إلى الأرض الفلسطينية، وذلك من خلال تقديم البلاغات إلى أمانة اتفاقية بازل ضد عمليات التهريب.