فك اللجام .. سيناريو الكارثة في السودان
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
طبيعي ان يتذمر العساكر من المكوث في المعسكرات فهو امر جد صعب لمن يعرفه ،طبيعي ان يخالفوا التعليمات بتصرف فينطلقوا في غزوة هنا وهجمة هناك يوقعون خسائر بعدوهم انتصارا لخسائرهم وانتصارا لذاتهم من خلال الاستجابة للاستفزازات فآلام الارتكاز حادة.
المواطنون ايضا يطالبون بفك اللجام لعدم معرفتهم بماهيته اذ ضاقوا ذرعا باستفزاز الجنجويد وذاقوا على يدهم التعذيب والتقتيل والنهب والاغتصاب وهم لا يعرفون ان سيناريوهات فك اللجام لربما تكون الاشد ضررا وفتكا بهم قبل مرتزقة الجنجويد .
ولشرح ما اوده يجب تفكيك المصطلح اولا وهو اللجام، اللجام مقصود به الأوامر والتعليمات والبروتوكولات التي تقنن استخدام أقصى قوة ،واقصى قوة هنا تشمل العدة والعتاد والخطط ،عدة من كتائب خاصة ومشاة ووحدات استراتيجية،وعتاد قتالي من طائرات ودبابات وصواريخ ومدفعية واسلحة تكتيكية واستراتيجية وخطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى بالإضافة لخطط التدمير والاقتحام والحصار وغيرها .
يقول قائل ومنتظرين شنو ما يستخدموها وساتصدى في هذا المكتوب لشرح المسألة وتعقيدها عسى أن أكون مفيدا .
هنالك عدة سيناريوهات متوقعة تمنع استخدام القوة المميتة شرحها يمكن ان يدفع الناس للدعاء صباح مساء حتى لا يضطر الجيش لاستخدامها ساشرح سيناريو واحد منها.
السيناريو الأول ان يتم استخدام القوة المميتة وحينها لن تجد المليشيا بدا من الغياب عن الشوارع نهائيا والتخندق في المنازل مستخدمين ميزة التموضع في الابنية العالية والتدرع بالمواطنين وفي هذه الحالة عشرون قناصا يمكن ان يردعوا متحركا كاملا ناهيك عن عشرات القناصين في عشرات الابنية بل مئات في مدينة واحدة صغيرة ،يستنزف الأمر قوة الجيش وسيوقع خسائرا اوساط المشاة ما يستلزم الرد على القناصة لتواجه الياتهم بوابل نيراني كثيف ينطلق من الازقة والابنية دانات حارقة ومضادات شديدة الانفجار وخارقات دروع وقاذفات خلف السواتر ظهرت ضمن تسليح المليشيا ومضادات طائرات تستخدم في مواجهة جنود الجيش وناقلاته وليس طائراته ولك ان تتخيل كيف سيكون ذلك مدمرا ،
الرد التلقائي على القوة النارية يكون بقوة نارية مساوية او اكبر فالاسلحة الخفيفة ستكون محيدة ساعتها والرد سيكون بالعتاد المميت المتمثل في منظومة الصواريخ والدبابات واسلحة الرباعي والثنائي وقذائف ال AGL قاذف القرنيت و منظومة المدفعية الثابتة ابتداءا بال 82 وال 4.2 وال 106 وال 120 وال 130
ربما لو حمي الوطيس ،ولمن لا يعرفون ال130 فعند اطلاقه ان كانت امرأة حاملا في محيطه لربما اجهضت فورا من صوته فقط ،لنتوقف هنا دون إكمال تعديد عتاد القوة المميتة ،فهذا لوحده كافي لمحو مدينة كاملة عن الوجود وجعلها أثرا بعد عين بالإضافة للقضاء على تسعين بالمئة من قوة الجنجويد المتحصنة واستسلام وفرار العشرة بالمئة ولكن بالمقابل سيتم القضاء على اي مدني يتنفس فهو لا يعرف كيف يرتكز او يتخندق او يحافظ على حياته وهنا سيكون الجيش فقد دوره الأساسي وهو حماية المدنيين.
الجنجويد بدخولهم المدن وممارسة القتل والنهب والتشريد والاغتصاب يضغطون على الجيش عبر مواطنيه الذين يتساءلون أين جيشنا وحينها اما ان يرضيهم الجيش بالتخلي عن خططه ولجامه ويقتحم ليخسر شعبه قبل جنوده ووطنه وأما ان يتمسك بخططه واجراءاته.
ان ما يميز الجيش عن المليشيا هو ذلك اللجام وذلك الانضباط والتحرك المدروس والمحروس فمثلا يمكن للمليشيا ان تجلس مرتزقتها في ارتكاز غير محمي لا يهمها ان تمت ابادتهم ولو بعد حين كما حصل وسط الخرطوم
اما الجيش فلا ينصب ارتكازا دون تأمين ولا يجمع قواته في منطقة في العراء كما تفعل المليشيا دون إقامة معسكر لان عقيدته هي الحفاظ على قوته لذلك الجيش لا يغامر عكس المليشيا،
في غزوة امدرمان في مايو من العام 2008 هاجمت قوات خليل امدرمان بكل ما لديها وفشلت مغامرتها وتدمر عمود قوات خليل وقضى اكثر من أربعة سنوات لتجميع قوة مماثلة وهذه مغامرة لا يمكن أن يقوم بها الجيش النظامي لانه ان تدمر ستنتهي الدولة السودانية فورا ولن تنتظره ولا حتى سنة واحدة ليستعيد قوته .
خطة المليشيا وحلفائها من عملاء الحرية والتغيير ان يفقد الجيش لجامه لاستخدام القوة المميتة ويدمر الخرطوم ويفنى سكان الخرطوم مقابل خسارتهم مرتزقة لاقيمة لهم ولا دين ولا اخلاق
وبعدها تنطلق دعوات عملاء الحرية والتغيير بالتدخل عبر البند السابع ليحتل اليانكي البلاد تحت ذريعة حماية المدنيين ، بالضرورة سيقاتلهم الجيش الي ان يفنى وبعدها تحكم قحت رماد الخرطوم فهم لا يهمهم ماذا يحكمون المهم ان يحكموا ،وتفوز الدول الداعمة للمليشيا بقضمتها من الكيكة زرعا وموانئا وذهبا ونفطا وكل المعادن والموارد .
السؤال الذي يقفز الي ذهن كل منكم وما الحل؟؟؟
الحل ان يواصل الجيش في استراتيجيته المعتمدة على تفتيت قوة التمرد وقضمها على دفعات وان اخذت وقتا طويلا عبر الطائرات والعمليات الخاصة واستهداف قيادات المليشيا اسرا وقتلا وقطع خطوط الامداد ما امكن عبر حرق وتدمير الإمدادات القادمة من الخارج وخنق التمرد واستنزاف طاقته واللعب على تناقضاته الداخلية ونقاط ضعفه والتي اثبتت نجاحها
فبعد ان كانت المليشيا تحاصر الخرطوم بمئة وعشرون الف جنجويدي اصبحوا الان بضعة الاف وبعد أن كانوا يمتلكون عشرة آلاف من المركبات المقاتلة أصبحوا يتجولون على مركبات المواطنين وبعد أن كان الرباعي والثنائي مشهدا معتادا وصوته دائم السماع أصبح من النادر مشاهدته او سماعه، بل فقد التمرد قدرته على تحقيق اي نصر لاكثر من شهر .
الجيش يعمل على تقزيم المليشيا ميدانيا وهذا حادث وافساد الاستثمار فيها ديبلوماسيا وقد راينا كيف ان المواقف الدولية تغيرت كثيرا بعد أن كانوا ينتظرون اعلان السلطة الجنجويدية الجديدة ،كل هذا بالضرورة سينعكس اثره على المواطن فللحرب ويلات وويلات ولكن ويلات القوة المميتة لا تطاق .
سلم الله البلاد والعباد
والنصر لقواتنا المسلحة
كتب المهندس سامي عبدالوهاب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
تقرير: الوفيات الناجمة عن الصراع في السودان "أقل بكثير من المعلن عنها"
الخرطوم - من المرجح أن يكون عدد القتلى في حرب السودان "أقل بكثير من المعلن عنه"، وفقاً لتقرير صدر مؤخراً، حيث ذكر أن الأرقام الخاصة بولاية الخرطوم وحدها كانت أكبر من تقدير حالي للبلاد بأكملها.
وجاءت هذه النتائج في تقرير أعده باحثون في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي (LSHTM).
ووجد الباحثون أنه خلال الأشهر الـ14 الأولى من الصراع، بين أبريل/نيسان 2023 ويونيو/حزيران 2024، توفي أكثر من 61 ألف شخص لأسباب مختلفة في ولاية الخرطوم ــ وهو ما يمثل زيادة بنسبة 50% عن معدل الوفيات قبل الحرب.
ومن بين هذه الوفيات، نُسب 26 ألف حالة إلى العنف بشكل مباشر - وهو رقم أعلى بكثير من 20,178 حالة وفاة ناجمة عن الإصابة العمدية والتي تم الإبلاغ عنها في البلاد بأكملها من قبل منظمة جمع البيانات وتحليلها "بيانات مواقع الصراع المسلح وأحداثه" (ACLED).
وذكر تقرير مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي أن "نتائجنا تشير إلى أن الوفيات لم يتم اكتشافها إلى حد كبير".
وقال الباحثون إن هذه هي أول دراسة تصف أنماط الوفيات في زمن الحرب في جميع أنحاء السودان وتقدم تقديراً تجريبياً لجميع أسباب الوفيات في ولاية الخرطوم.
وقال التقرير إن "تقديرات الوفيات الناجمة عن الإصابات العمدية في الخرطوم وحدها أعلى بكثير من عمليات القتل المبلغ عنها في البلاد بأكملها خلال نفس الفترة، مما يسلط الضوء على نقص كبير في الإبلاغ".
لقد تعطلت عملية جمع أعداد الضحايا بسبب الافتقار إلى البيانات الخام وصعوبة الحصول عليها.
قام باحثو مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي بجمع قوائم الوفيات الفردية من استطلاع عام ونعي تم مشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى استطلاع آخر نُشر على شبكات خاصة.
وخلص التحليل إلى أن الأسباب الرئيسية للوفاة في معظم أنحاء البلاد أثناء الصراع كانت الأمراض التي يمكن الوقاية منها والجوع.
وكانت الوفيات الناجمة عن العنف أعلى نسبيا في منطقتي كردفان ودارفور.
وقالت ميسون دهب، المؤلفة الرئيسية في مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي: "تكشف نتائجنا عن التأثير الشديد وغير المرئي إلى حد كبير للحرب على حياة السودانيين، وخاصة الأمراض التي يمكن الوقاية منها والمجاعة".
وأضاف أن "المستوى الهائل من عمليات القتل في كردفان ودارفور يشير إلى حروب داخل الحرب".
اندلعت الحرب في أبريل/نيسان 2023 بين الجيش بقيادة الحاكم الفعلي للبلاد عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو.
وفي الشهر الماضي، اتهم خبراء الأمم المتحدة الأطراف المتحاربة باستخدام "تكتيكات التجويع" ضد 25 مليون مدني.
حذرت ثلاث منظمات إغاثة كبرى من أزمة جوع "تاريخية" مع لجوء الأسر إلى أكل أوراق الشجر والحشرات.
Your browser does not support the video tag.