يحتفل العالم سنويا باليوم العالمي للشباب في 12 من آب/ أغسطس، والاحتفال بالشباب ليس حدثا عبثيا، ولا مُجرّد مناسبة عابرة كونهم الأساس المتين والحصن الحصين لأوطاننا.
والشباب هُم الطاقة المُتنامية للحياة، وبهم تُبنى الأوطان، وبسواعدهم تُصان الأعراض، وبعقولهم تُحرس البلدان وبهمتهم تُعمّر الأرض.
وبهذه المناسبة نتساءل: هل المطلوب من المجتمع والدولة والعائلة في يوم الشباب العالمي أن يقدّموا التهاني والتبريكات لشبابنا وشابّاتنا، والاحتفال بيومهم بقوالب الحلوى والهدايا الرمزية البسيطة، وبيانات التهنئة الرسمية المطرزة بالوعود والمشاريع (التنموية)؟
أتصوّر أن اقتصار الأمر على هذه الفعاليات الثانوية، رغم أهمّيّتها، تقزيم للشباب ولدورهم الحيوي.
وأظنّ أن القضيّة الأكبر تتعلّق بضرورة معرفة مشاكل الشباب وطموحاتهم والتحديات التي تواجههم، وكيفيّة مساندتهم للوصول إلى أهدافهم وهي بالنتيجة تَصبّ في مصلحة الوطن والناس.
وهنالك في وطننا العربي عشرات المعضلات المرهقة لشبابنا وشابّاتنا، وقد تكون آمال الشباب الزاهية وطموحاتهم المتنامية من أكبر عوامل توليد الإشكاليات، وتفريخ (الرهاب من المستقبل)!
وهذا التخوّف يمكن معالجته بالتثقيف المنزلي والرسمي (المدرسي والجامعي) وزراعة الثقة بنفوس الشباب.وتُعدّ البطالة من أبرز المشاكل المتنامية، وعلاجها يتلخّص بتوفير فرص عمل للشباب في القطاعين العامّ والخاصّ، وبتقديم القروض المالية (بدون فائدة) وبآجال معقولة لمشاريعهم الخاصّة.
والخطوات السابقة المقترحة لمكافحة البطالة يمكن استخدامها لمعالجة آفة الفقر المُتنامية في غالبية البلدان العربية.
ومن المعضلات المعقّدة قضيّة الهجرة إلى الخارج، ولا ندري كيف يمكن تفسير مجازفة آلاف الشباب سنويا بعبور البحار والمحيطات المُميتة للهروب إلى أوروبا؟
ويَتوجّب، على الدول العربية، تطوير الخطط الوطنية الاستراتيجية لاحتواء الشباب وترتيب الأرضية الصالحة للمحافظة على انتمائهم لأوطانهم وجعلهم أدوات بناء وعطاء، وتمنعهم، حقيقة، من التفكير بالهجرة القاتلة والهروب للمنافي المهلكة.
وبالتوازي قد تكون الفتن الفكرية والعقائدية والثقافية المواجهة للشباب أخطر من الآفات المادّية والماليّة، ومن أشدّها دعوات هدم المنظومات الأُسرية والأخلاقية!
وعلاج هذه المعضلة يكون بخطّة دقيقة تشارك فيها وزارات التربية والتعليم والأوقاف والثقافة والإعلام، وتسعى لبيان خطورة هذه الأفكار الهدّامة على كيان الدولة والمجتمع، والسعي لتوعية عموم المواطنين، والشباب خصوصا، بنقاط الخراب الموجودة في هذه الآفات المستوردة القاتلة.
ومن المعضلات الكبرى آفة تجاهل الشباب لقيمة الوقت!
وهذه الآفة تتطلّب حملة وطنية لبناء أندية ثقافية ورياضية ومجتمعية في غالبيّة الأحياء السكنية، ويكون الاشتراك فيها بأجور رمزية ولتكون بمثابة الديوان المجتمعي العامّ الناشر للخير والمحبّة والصحّة والتعليم وكلّ ما يتعلّق بالإنسان والحياة.
وهذه الأندية ستعالج تدريجيا آفات رفقاء السوء والمخدّرات والأمُيّة الحضارية وبقية التحديات!
ومن المشاكل المُستجدّة عزوف الشباب عن الزواج لارتفاع التكاليف نتيجة المهور العالية والأعراف والتقاليد المليئة بالتبذير والبذّخ!
وهذه المعضلة يمكن معالجتها عبر الأندية الثقافية المقترحة آنفا في المدن، والتثقيف بضرورة تقليل المصاريف الخيالية، والتركيز على الصرفيات المهمّة وترك الكماليات الهامشية.
هذه المقترحات ليست صعبة التطبيق ولكنّها بحاجة إلى إرادات شعبية ورسمية ومجتمعية لبذرها في أرجاء أوطاننا.
والتجارب الإنسانية أثبتت أن هذه الآفات المجتمعية لا تقلّ خطورتها على مجتمعاتنا من كوارث الحروب والأوبئة والأعمال التخريبية الإرهابية.
لنضع أيدينا بأيدي الشباب، ولنكون عونا لهم ليقتنعوا قناعة كافية أن الهجرة والتراخي محاولات للهروب والتخدير الفكري وليست محاولات للنجاح والتطوّر، وليؤمنوا أيضا بأنّنا معهم لبناء حاضرهم ومستقبلهم.
لا تُضَيّقوا على الشباب وتدفعونهم لركوب قوارب الموت بحثا عن ملاذات أفضل!
الشباب عماد الوطن ودعمهم في الجوانب الفكرية والعقائدية والجسدية والنفسية والعملية، الآنية والمستقبلية، مسؤولية الجميع.
الشرق
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الهجرة أوروبا أوروبا لجوء هجرة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء الباكستاني: نلتزم بتمكين الشباب من أجل مستقبل سلمي ومزدهر
أكد رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف التزام حكومته القوي بتمكين الشباب، داعيا إلى تعزيز الشراكة ودعم ريادة الأعمال وإعطاء الأولوية لتعليم الشباب وتنمية المهارات لتمهيد الطريق لكومنولث مرن ومستقبل مزدهر.
وقال رئيس الوزراء الباكستاني إنه "من خلال ضمان بقاء الشباب محوريين في عمليات الحوكمة وصنع القرار يمكننا أن نقود الطريق في تعزيز الشراكات ودعم ريادة الأعمال وإعطاء الأولوية للتعليم وتنمية المهارات، وأن ذلك سيضمن مستقبلنا في أيدي جيل شاب".
وأضاف شهباز شريف مخاطبا الجلسة الافتتاحية لقمة تحالف الكومنولث الآسيوي للشباب والتي يشارك فيها عدة دول: أن باكستان بصفتها عضوا مؤسسا تولي أهمية كبيرة للكومنولث ومؤسساته التي كانت بمثابة منصة مهمة لبناء الإجماع وتعزيز الشراكات.
حضر الجلسة الافتتاحية للقمة الدولية مندوبون من 12 دولة ووزراء اتحاديين ودبلوماسيين و 113 عضوا جديدا في المجلس الوطني للشباب وطلاب وأكاديميين من جميع أنحاء البلاد.
وقال إنه مع وجود أكثر من 60٪ من سكان الكومنولث تحت سن 30 عاما ، فإن المستقبل يقع في أيدي الشباب. يجب تمكين هذه الأيدي وتجهيزها من خلال التدريب القوي والوصول إلى التكنولوجيا الحديثة، وهذا سيمكنهم من صنع مستقبل سلمي وتقدمي ومزدهر".
وأشار إلى أن باكستان مع تضخم الشباب الذي يبلغ حوالي 70٪ من السكان الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما ، تدرك تماما الإمكانات حيث يمكن بسهولة تحويل التحدي إلى فرص كبيرة.
وحث الشباب على بذل الجهود والمساهمة في بناء الأمة، ونصح قائلا: "حلموا بجرأة، وتصرفوا بشجاعة، واعملوا بلا كلل، وتحلوا بالإيمان وروح الاقتناع. تذكروا أنتم - أبناؤنا وبناتنا - أنتم رواد مستقبلنا. من خلال معرفتك وخبرتك ستطلق العنان للإمكانات غير المستغلة مما يضمن رفاهية باكستان وتقدمها وازدهارها ".