في عصر تتعاظم فيه الظلمات على شتى الأصعدة، تتضاءل القيم، وتتكاثر التحديات النفسية والاجتماعية، يبقى النور هو المنقذ الحقيقي للمسلمين، وهو المعين في رحلة البحث عن الحقيقة، هذا ما أكده الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، حيث تحدث عن النور في القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، قائلاً: "أطلق الله النور في كتابه على عدة أشياء، أطلقه سبحانه على نفسه، وعلى نبيه صلى الله عليه وسلم، وعلى القرآن، وعلى الهداية، وأطلقه على نور الهداية والإيمان.

"

النور في القرآن: خمسة أنواع مختلفة

في حديثه عن النور، أشار الدكتور علي جمعة إلى أن النور في القرآن الكريم ورد على خمسة أنحاء رئيسية، وهي: نور الرحمن، نور القرآن، نور النبي صلى الله عليه وسلم، نور الإيمان، ونور الأكوان. يبرز هذا التصنيف الشامل كيف أن النور يمتد ليشمل كل جوانب الحياة الروحية والعقلية والجسدية، مظهراً ضرورة الانفتاح على هذا النور للتنقل من الظلمات إلى النور.

التحديات التي تواجهنا: الظلمات في عصرنا

في عصرنا الحديث، يعاني الكثيرون من الظلمات المختلفة، مثل ظلمات الكفر والإلحاد، ظلمات الظلم والاغتصاب، وظلمات العدوان وانتهاك المقدسات. وفي هذا السياق، يصبح من الضروري أن نتعرف على النور الذي تكلم عنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. يحتاج المسلم اليوم أكثر من أي وقت مضى أن يقتفي أثر هذا النور في حياته اليومية؛ ليعلم الفرق بين النور والظلمة، وكيف يمكنه الانتقال من حياة مليئة بالظلمات إلى حياة يملؤها النور والهدى.

دين النور: الإسلام في قلبه

يقول الله تعالى في سورة النور: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِى زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِى اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 35].

في هذا التشبيه البليغ، يصف الله تعالى نفسه بالنور، حيث يوضح أن هذا النور يضيء جميع الأكوان، وينير السموات والأرض. وهو نور هداية ورشاد يهدي من يشاء من عباده. يشرح هذا التشبيه كيف أن النور في الإسلام ليس مجرد ضوء مادي، بل هو نور روحي يهدي الأرواح، ويجعلها ترى الطريق إلى الحق والعدل.

الإمام ابن عطاء الله: الكون كله ظلمة في غياب النور

في تفسيره للكون، يقول الإمام ابن عطاء الله السكندري في كتابه الشهير "الحكم العطائية": "الكون كله ظلمة، وإنما أناره ظهور الحق فيه." يشير الإمام إلى أن الكون من حيث ظاهره يبدو مظلماً، لأن الإنسان إذا اكتفى بالظواهر المادية للأشياء، فقد فاته أن يرى النور الذي يشع من الحق الإلهي الذي يملأ الأكوان. فالنور الحقيقي لا يأتي من الأشياء المادية وحدها، بل يأتي من التجلي الإلهي الذي يظهر في الكون ويعطيه معناه وهدفه.

الكون نورٌ في عيون العارفين

وفي هذا السياق، يقول الشاعر: "وإذا لم تر الهلال فسلم لأناس رأوه بالأبصار." فالكون بالنسبة للعارفين بالله ليس مجرد ظواهر مادية، بل هو نور ينبعث من حقيقة إيمانية تملأ قلوبهم. هؤلاء العارفون لله لا يرون الكون من خلال حواجز الظاهر، بل من خلال بصيرة القلب الذي ينير بنور الله، فيرون في الكون نوره وجماله.

القرآن الكريم: نورٌ لا ينطفئ

من بين النعم العظيمة التي أنعم الله بها على المسلمين، هو كتابه الكريم، الذي يعد المصدر الأكبر للنور في حياتهم، يقول الله تعالى في كتابه: "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ نُورًا مُّبِينًا" [النساء: 174]. فكل آية من آيات القرآن الكريم هي نور يهدي المسلم إلى الطريق المستقيم. ومن هنا نجد أن القرآن هو أعظم نور في حياتنا، لا ينطفئ مهما تعددت ظلمات الحياة.

 إلى أين نحن ذاهبون؟

في الختام، يعطينا الدكتور علي جمعة صورة واضحة عن النور الذي يجب أن نتبعه في حياتنا اليومية. في عالم مليء بالظلمات، يجب أن نتمسك بنور الإسلام، وأن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يخرج الناس من الظلمات إلى النور. 

فالرسول صلى الله عليه وسلم كان أول من أضاء دروب البشرية بالنور الإيماني، ونحتاج نحن اليوم أن نتبع هذا النور في كل جوانب حياتنا، من عباداتنا إلى تعاملاتنا، لنكون من أهل النور الذين يسيرون على صراط الله المستقيم.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جمعة القران الكريم القرآن النور صلى الله علیه وسلم القرآن الکریم النور الذی هذا النور فی القرآن علی جمعة النور فی نور فی

إقرأ أيضاً:

محمود الشحات أنور يُحيي ذكرى رحيل والده: تعلمت منك كيف أكون مؤمنًا مُحبًا للقرآن الكريم

أحيا الشيخ محمود الشحات أنور، القارئ العالمي، الذكرى  الـ17 على رحيل والده الشيخ الشحات أنور أمير النغم صاحب المدرسة الفريدة في التلاوة، الذي رحل عنّا في مثل هذا اليوم 13 يناير عام 2008 ميلاديًا، وبقى صوته العذب خالدًا في أذهاننا وتلاواته الخاشعة الفريدة أسكنت القرآن الكريم في القلوب، وأفاضت الدموع في العيون، فهو نموذج للتفاني في خدمة القرآن الكريم.

ونشر الشيخ محمود الشحات أنور، عبر صفحته على «فيسبوك»، قائلاً: «من النرويج أذكرك ياحبيبي، أبي الحبيب يامن علمتني حب القرآن فعرفت مَعنى الحياة، أنت مَن أمسكت بيدي على دروبها، أجدك معي في ضيقي، أجدك حولي في فرحي، أجدك توافقني في رأي حتى لو كنت على خطئي.

وأضاف: «فأنت مُعلمي، وحبيبي فكنت تنصحني إذا أخطأت، وكنت تأخذ بيدي إذا تعثرت، وكنت تسقيني إذا ضمئت، وكنت تمسح على رأسي إذا أحسنت، أبي أنتَ مثلي الأعلى في الحياة، منك وحدك تعلمت كيف أكون مؤمنًا محباً للقرآن رحمة الله عليك ياحبيبي».

في الذكرى الـ 17 لرحيل الشيخ الشحات محمد أنور .. "أمير النغم" ساكن قلوب الملايينذكرى رحيله الـ17.. الشيخ الشحات أنور أمير النغم عبقري دولة التلاوة وصاحب مدرسة فريدة

ولد الشيخ الشحات أنور عام 1950 ميلاديًا، في كفر الوزير بمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وبعد تسعين يومًا من مولده توفى والده، فتعهده خاله فكان خير أمين على الطفل اليتيم، وكان لنشأته في بيت قرآني أثره الكبير في إتمام حفظ القرآن وترتيله وهو في الثامنة من عمره، وبواسطة خاله الشيخ «حلمي مصطفى» تمكن من مراجعة القرآن أكثر من مرة فتفوق على أقرانه وعرف بينهم بالشيخ الصغير.

انطلق صوت الشيخ القارئ الشحات محمد أنور عبر الأثير إلى كل أقطاب الدنيا، مردداً قراءة قرآن الفجر على الهواء مباشرة، ومن يومها وهو حديث الناس وخاصة مشاهير القراء، لينطلق بعدها الشيخ الشحات إلى كل القارات ذهب إليها قارئاً ومكلفاً ومبعوثاً من وزارة الأوقاف المصرية.

محطات في حياة الشيخ الشحات أنور

وكان الشيخ الشحات أنور حديث الناس جميعاً وخاصة مشاهير القراء، وقال عنه الشيخ «محمود البنا» بأنه سيكون من أعلام مصر البارزين في تلاوة القرآن.

فتعلق به الملايين من محبي القرآن الكريم خارج مصر كمستمعي المركز الإسلامي بلندن ولوس انجلوس والأرجنتين وإسبانيا والنمسا وفرنسا والبرازيل ودول الخليج العربي ونيجيريا وتنزانيا والمالديف وجزر القمر وزائير والكاميرون وكثيرون من الدول.

وهكذا فرض الشيخ «الشحات» موهبته على الساحة ليكون أحد القراء الموهوبين الذين دون التاريخ أسماءهم على صفحة مشاهير السفراء.. سفراء القرآن.

الشيخ الشحات أنور

مقالات مشابهة

  • محمود الشحات أنور يُحيي ذكرى رحيل والده: تعلمت منك كيف أكون مؤمنًا مُحبًا للقرآن الكريم
  • جمعة: الحب الحقيقة الكبرى التي قام عليها الكون
  • بمشاركة 25 دولة.. انطلاق مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم "صور"
  • 5 أنوار فى القرآن الكريم .. علي جمعة يوضحها
  • إذاعة القرآن الكريم تكشف عن مواعيد الأيام البيض في شهر رجب
  • مشهد مُبهج.. تكريم 72 من حفظة القرآن الكريم في إهناسيا ببني سويف (صور)
  • أنواع الظلم .. احذر من الوقوع فيه
  • دعاء يونس عليه السلام .. كلمات من القرآن تفرج الهموم
  • أطفال حلايب يقرأون القرآن الكريم أمام وزير الأوقاف.. صور