أحمد يوسف أحمد: معاهدة السلام لم توجد تطبيعًا شعبيًا بسبب أصالة الموقف المصري من القضية الفلسطينية
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الدكتور أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن القضية الفلسطينية هي قضية أمن قومي مصري، وهذا واقع تثبته الأحداث والمشاركة المصرية فيها عبر الزمن، من حرب ١٩٤٨، والعدوان الثلاثي على مصر الذي شاركت فيه إسرائيل لأن مصر كانت ترعى آنذاك حركة الفدائيين الفلسطينيين في غزة، إلى أن استخدمت إسرائيل كمخلب قط لضرب المشروع التحرري العربي الذي قادته مصر بزعامة جمال عبدالناصر في ١٩٦٧.
وجاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها اللجنة الثقافية والفنية بنقابة الصحفيين برئاسة محمود كامل وكيل النقابة لمناقشة كتاب "القضية الفلسطينية من صفقة القرن إلى طوفان الأقصى" للدكتور عبدالعليم محمد مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام.
ورصد أحمد يوسف اهتمام الدكتور عبدالعليم محمد في كتابه بالتفرقة بين الاتفاقات الإبراهيمية واتفاقيتي السلام مع مصر والأردن ، حيث مثلت صفقات سياسية بكون جزء من ارض مصر محتلا وتم تحريره بالطرق الدبلوماسية والأمر نفسه انطبق على الاْردن، أما الاتفاقات الإبراهيمية فكانت سلاما مقابل السلام وعبارة عن تطوع من الأطراف التي التحقت بها.
كما عني الكتاب بالتأكيد إن معاهدة السلام المصرية مع إسرائيل أوجدت سلاما رسميا ولكنها لم توجد تطبيعا شعبيا بسبب أصالة الموقف المصري من القضية الفلسطينية وأيضا بسبب أن الحكومة لم تقدم على اعمال من شأنها اجبار المصريين على التطبيع بخلاف ما تم من خلال الاتفاقات الإبراهيمية من تطبيع شعبي مع بعض القطاعات.
وشدد الدكتور أحمد يوسف على أن عملية "طوفان الأقصى" التي بدأتها حركة حماس في غزة في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ كان من نتائجها المباشرة أن كشف اليمين الإسرائيلي المتطرف عن وجهه تماما بمشاريع استعمارية لضم الضفة الغربية عام ٢٠٢٥، وما يجري في غزة من محاولة اقتطاع جزء منها بمحاولة تخفيف سكانها بالقتل او التجويع او التهجير، مشيرا إلى أن اسرائيل تمر الآن بحالة توحش، فهي منتشية ببعض الانتصارات التكتيكية التي حققتها، مستطردا بأن النهاية التاريخية لإسرائيل تقترب، حيث تصل حالات الاستعمار الاستيطاني لذروة تطرفها في مراحلها الأخيرة، وتشابه سلوك النظم العنصرية في جنوب افريقيا في سنواتها الاخيرة كثيرا مع السلوك الاسرائيلي الآن.
ولفت الدكتور أحمد يوسف إلى أن صدور هذا الكتاب يتزامن مع ما حققته المقاومة الفلسطينية، حيث ضربت مثالا عظيما بعملية طوفان الأقصى، قائلا "وفقا لنا كباحثين موضوعيين حققت إسرائيل إنجازات في هذه الجولة من جولات الصراع، فقد نجحت في توجيه ضربات لحزب الله وفككت وحدة الساحات وأسقطت نظام بشار الأسد في سوريا واحتلت أجزاء منها ودمرت الجيش السوري فيما يريد البعض أن يستغل هذه الفرصة ليرسل رسالة مفادها "ألم نقل لكم لا جدوى من المقاومة، لكن عندما نتأمل في إنجازات طوفان الأقصى ودلالتها، نجد أن المقاومة الفلسطينية أثبتت صمودها وقدرتها على إلحاق خسائر موجعة بإسرائيل لتضطر الولايات المتحدة أن تزود إسرائيل بأكثر بطاريات الدفاع الجوي تقدما وهي منظومة ثاد."
واشار إلى تحذير الكاتب من من نزع عملية "طوفان الأقصى" من سياقها وهو أنها حركة تحرر وطني رد فعل لاحتلال استيطاني غاصب، قائلا "رغم شكرنا الجزيل لجنوب إفريقيا على تقدمها بالقضية أمام محكمة العدل الدولية، إلا أنها وقعت في خطأ البدء في مذكرتها بإدانة حماس على العملية الإرهابية، فعملية طوفان الأقصى تتم في سياق المقاومة للاحتلال والتي تقوم بها أي حركة تحرر وطني أخرى".
ورصد الدكتور احمد يوسف تعرض الدكتور عبدالعليم محمد إلى الطابع التحرري لطوفان الأقصى، وأفاض في الحديث عن أن العملية مثلت نقلة نوعية في حركة المقاومة الفلسطينية، مستعرضا مهارة الخداع الاستراتيجي وصمود المقاومة وفشل إسرائيل في تحقيق الهدفين الاستراتيجيين الذين أعلنتهما منذ البداية؛ وهما تحرير أسراها والقضاء على حماس، حيث نفذت عملية نوعية قبل يومين أسفرت عن اربعة قتلى وأحد عشر جريحا مستخدمة متفجرات من بقايا القذائف الاسرائيلية المتطورة.
وعرض الدكتور أحمد يوسف إلى المحاولات التي تناولها الكتاب لإجهاض القضية الفلسطينية؛ بدءا من صفقة القرن وهي المحاولة الاولى لتصفية القضية الفلسطينية، والمحاولة الثانية هي الاتفاقات الإبراهيمية الاسرائيلية والمحاولة الثالثة هي صعود اليمين الاسرائيلي المتطرف ليبدو المشروع الإسرائيلي الاستيطاني سافرا.
وفيما يتعلق بصفقة القرن؛ ذكر الكتاب بمصدرها وهو الولايات المتحدة، وفضح جوهرها وهو الحل الاقتصادي للصراع العربي الاسرائيلي عبر التخطيط لغزة والضفة أن تكونا مثل سنغافورة، عبر فتات يتحمله العرب ذوو الأموال الطائلة، وكأن الرئيس ترامب يريد أن يدفن القضية الفلسطينية بأموال العرب، ولفت الدكتور احمد يوسف إلى فشل صفقة القرن على غرار كل صفقة لا تلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، منوها بأن الكاتب اعتبر الاتفاقات الإبراهيمية امتدادا لتعويض صفقة القرن، حيث فشل ترامب في إقرار القبول بها، وحاول أن يصل إليها بشكل ملتف.
ورصد الدكتور أحمد يوسف تطرق الكتاب إلى حرب الوعي ومحاولات تشويه المقاومة الفلسطينية؛ حيث هناك أصوات تحرص على تسفيه المقاومة دون النظر الى تاريخ حركات التحرر الوطني الأخرى، فكل هذه الحركات نجم عنها خسائر بشرية ومادية هائلة ومنها المليون ونصف مليون شهيد في الجزائر، مضيفا "من يقول إن حماس أعطت الذريعة لإسرائيل لكي تقتل وتدمر نقول له إن إسرائيل تقتل وتدمر منذ عام ١٩٤٨، قبل حماس او ظهور مقاومة".
وعرض الكتاب لسيناريوهات رشيدة لانتهاء الحرب، حيث اوضح الدكتور أحمد يوسف "إلى الآن أقول إن المقاومة مازالت مستمرة وحتى الأيام القليلة الماضية جرت أعمال بطولية في غزة، ولا يتعارض ذلك مع خسارة المقاومة لجولة او اكثر، ومثلها مرت المقاومة الجزائرية للاحتلال الفرنسي ببعض الانكسارات لتصبح بعدها أقوى مما كانت".
وتعرض الدكتور احمد يوسف لما عرضه الدكتور عبدالعليم من حلول مقترحة، عبر استراتيجيتين؛ أولهما حل الدولة الواحدة وكيف أن الجانب الفلسطيني عرض منذ ثلاثينات القرن الماضي وبعد ذلك طرحته فتح في مطلع الستينات، وطرحته منظمة التحرير في عام ١٩٦٨ وطرحه المجلس الوطني الفلسطيني في عام ١٩٧١.
وقال: "اعتبر هذا حلا مثاليا لكن إسرائيل لا يمكن أن تقبل به لأنه ينفي وجود الدولة الصهيونية وينفي الايدولوجية تماما، والحل الثاني وهو حل الدولتين، ومصدره الشرعية الدولية والمفارقة أن طوفان الأقصى عزز حل الدولتين بشدة إلى درجة أن الولايات المتحدة رفعته كشعار ولكن في الوقت نفسه أصبح أكثر صعوبة من ذي قبل بسبب ما حدث من جرائم إسرائيلية، كما أنه شديد الصعوبة بسبب تغلغل الاستيطان في الضفة الغربية، وأن عدد المستوطنين فيها لا يقل عن ٨٠٠ الف".
وتابع: "نحتاج إلى التأكيد على جدوى المقاومة، وأيضا أن المقاومة المسلحة ليست مستحيلة أمام عملاق عسكري مثل إسرائيل، فقد واجهت الجزائر عملاقا عسكريا وانتصرت بعتاد وعدد محدود. والفكرة الخبيثة التي زرعها إسحاق رابين باتفاقية أوسلو وأرييل شارون بالانسحاب من طرف واحد من غزة لم توجد للفلسطينيين من وسيلة سوى النضال العسكري".
واستطرد بقوله: "لكل من يظن أن المقاومة خسرت هذه الجولة؛ أقول إن الجولة مازالت مستمرة ولا أنكر أن المقاومة يمكن أن تخسر جولة لكنها تقوم بعدها أقوى مما كانت، والآثار الحقيقية لطوفان الأقصى لن تظهر الآن بفعل التحولات التي حدثت في الرأي العام العالمي، وكذلك التحولات التي حدثت داخل المجتمع الإسرائيلي، فمازالت المقاومة قادرة على إدهاشنا"، مضيفا أن الجزائر وجنوب اليمن تحررتا بالمقاومة المسلحة، والهند حررها غاندي بالمقاومة السلمية وجنوب افريقيا حررها مانديلا بمزيج من المقاومة المسلحة والعصيان المدني.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: من حرب ١٩٤٨ المقاومة الفلسطینیة القضیة الفلسطینیة الدکتور أحمد یوسف طوفان الأقصى أن المقاومة صفقة القرن فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل كان طوفان الأقصى كارثيا؟ وهل هُزمنا فعلا وللأبد؟ «1-2»
تبسط أجواء الحزن ومناخات الهزيمة جناحيها كطائر الرخ على قلوب وأفئدة كثير من الشعوب العربية. وبعد استشهاد ثلاثي المقاومة العربية إسماعيل هنية وحسن نصر الله ويحيى السنوار وانهيار محور المقاومة وسقوط سوريا أمام ٣ احتلالات أمريكية وإسرائيلية وتركية عاد الإعلام الغربي والصهيوني والصهيوني العربي.. إلى تزوير التاريخ.
حتى ونحن نعيش هذا التاريخ ونقف شاهدين على فصوله يتجاسرون ويصفون طوفان الأقصى بأنه قرار أهوج وخطيئة سياسية وأن إسرائيل لم تتلق هزيمة موجعة بل حصدت النصر المطلق الذي لطالما تحدث عنه نتنياهو.
فهل حقا كانت عملية السابع من أكتوبر فعلا عبثيا؟ هل لم تهزم إسرائيل في بدايتها هزيمة منكرة؟ هل كانت إسرائيل قادرة على الصمود في الحرب واستعادة زمام المبادرة لولا اعتمادها الكامل على السلاح الأمريكي وعلى الاستخبارات الأمريكية؟ هل كانت إسرائيل التي عجزت لأكثر من ٣٠٠ يوم عن تحقيق إنجاز عسكري له قيمة أن تعود لتحقق انتصارات دون الانصياع الرسمي العربي التام للقرار الأمريكي المبكر منذ ٧ أكتوبر ومفاده: اتركوا غزة تباد، لا تمنعوا قتلا، ولا تكسروا حصارا ولا تقطعوا علاقة مع العدو، بل كونوا طرفا في استراتيجية دعم اقتصاد وأمن إسرائيل من جهة واستراتيجية القضاء على حماس ومحور المقاومة من جهة ثانية؟
طوفان الأقصى كان قدرا مقدورا:
الشواهد والتراكمات والتحذيرات كلها كانت وكأنها طرق تؤدي إلى طوفان الأقصى حتى يكاد المرء أن يقول إنها كانت قدرا مقدورا وليس قرارا أهوج لقائد محلي في غزة. في ٢٠٢٣ التي وقع فيها هجوم السابع من أكتوبر كأعظم تحد عربي لمسار النصف قرن من الخضوع لأمريكا دوليا ولإسرائيل إقليميا الذي بدأه الرئيس السادات، تراكمت كل عوامل الانفجار هذه، في هذه السنة حلت الذكرى الثلاثين لاتفاقية أوسلو محمّلة بخيبات ضياع ما يزيد على نصف الضفة الغربية تحت هيمنة المستوطنين وثبت أن الاتفاقية لم تكن طريقا لإقامة الدولة الفلسطينية بل طريق لقضم متدرج لأراضيها وأن سلطة أوسلو لم يتبق منها سوى سلطة تنسيق أمني يحمي الأمن الإسرائيلي وينكل بالمقاومة في مدن ومخيمات الضفة أو كما قال إيلان بابيه: باتت سلطة لإدامة الاحتلال. في هذه السنة وفي سبتمبر الحزين منه أيضا بدا أن مشروع صفقة القرن لشطب القضية الفلسطينية من التاريخ -والذي فشل ترامب في إكماله قبل رحيله عن ولايته الأولى- على وشك أن يستكمل ولكن على يد بايدن. في الهند تم التوقيع على اتفاق ممر استراتيجي يمر بين الهند والخليج عبر إسرائيل وتم الإعلان عن اتفاق تطبيع سعودي - إسرائيلي وشيك في تعميم محتمل لنموذج «السلام الإبراهيمي» الذي يتخلى بمقتضاه العرب عن القضية الفلسطينية سياسيا بعد أن تخلوا عنها عسكريا. الضفة تُسرَق، أي الدولة الفلسطينية لن تكون لها أراض لتقام عليها، والسعودية أكبر دولة عربية بعد غياب الدور المصري منذ ١٩٧٥ قد تنضم بممر بهارات للتطبيع وتقود بمكانتها النفطية والمالية والرمزية الدينية كبلد الحرمين الشريفين باقي العالم العربي والإسلامي إلى خندق التطبيع وتتم ساعتها قراءة الفاتحة على القضية الفلسطينية.
هذا في الدوافع الجيوسياسية الدولية والإقليمية، التي حفرت مجرى نهر طوفان الأقصى، أمّا في الدوافع الفلسطينية/ الإسرائيلية السياسية والاقتصادية والدينية والأخلاقية فحدّث ولا حرج. خرج نتنياهو في ٢٥ سبتمبر قبل ١٢ يوما فقط من طوفان الأقصى حاملا خريطة للمنطقة تمتد فيها إسرائيل من النهر للبحر ومشطوب منها أي ذكر لأرض أو شعب فلسطيني. حكومته المتطرفة لم تقصّر في التمهيد للطوفان فقد رفعت درجة الغليان بانتهاكات إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى وإثارة شعور المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين وبدأت قوات الشرطة تحت إمرته في ممارسة درجات عالية من التعذيب للأسرى الفلسطينيين والأخطر أخلاقيا بدأت عمليات الاعتداء على الحرائر من الأسيرات الفلسطينيات. القدس والأقصى والعربيات الفلسطينيات يتعرّضون للانتهاكات والمزارعون يعتدي عليهم المستوطنون يوميا ويسرقون مزارعهم أو يحرقون المحصول وسط سكوت عربي اللهم إلا من بيانات مسدس الصوت التي تحذّر من انفجار.. في غزة نفسها كانت الدوافع الاقتصادية والسياسية تقود إلى النتيجة نفسها فلقد تباطأت التحويلات القطرية التي كانت ترسل للقطاع بعد إقدام ثلاثي القادة «السنوار وهنية والعاروري» على إعادة العلاقات مع الأسد وإحياء الارتباط التسليحي مع إيران وحزب الله، كما قطع بن غفير أيضا الطريق على دخول العمال الفلسطينيين من غزة للعمل في إسرائيل.. باختصار جرى ضرب الموردَين اللذين يعتاش عليهما سكان القطاع المحاصر كسجن كبير منذ ٢٠٠٧. توصيات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بفتح الباب نسبيا أمام الأيدي العاملة من غزة والتوسط عبر الأمريكيين لدى الدوحة لإعادة وتيرة التدفق المالي لم تلق صدى من نتنياهو المتطرف فكان الانفجار محتوما. فإذا أضفنا إليه الغرور القاتل والثقة المفرطة في أن حركة حماس صارت سلطة ولن تحارب، وانشغال الجيش الإسرائيلي المفرط بالضفة المشتعلة مقاومة في المخيمات آنذاك لكان مفهوما كيف أن السنوار اتخذ القرار المحتوم والضروري وفي اللحظة المثالية لمفاجأة الاحتلال.
طوفان الأقصى كان نصرا عربيا وهزيمة أمريكية وإسرائيلية. كتّاب الافتتاحيات العبرية الناطقة بالعربية التي كان الطوفان قد ألقمهم حجرا عادوا للحديث عن نصر إسرائيلي مطلق وعن هزيمة عربية شاملة فهل لم يكن طوفان الأقصى في ٧ أكتوبر وصمود المقاومة في غزة عاما ونصف العام تقريبا انتصارا عربيا وهزيمة إسرائيلية؟
نشير بعجالة إلى ما عدده جنرالات إسرائيل ورؤساء وزرائها فقط، «٧ أكتوبر هو أكبر فشل استخباراتي في تاريخ إسرائيل»، «هو أكبر انهيار لفرقة إسرائيلية في تاريخ إسرائيل العسكري (فرقة غلاف غزة)»، «أكبر إصابات وقتلى في يوم واحد منذ نشأة الدولة ومنذ الهولوكوست»، «من أكثر الحروب في الخسائر البشرية فقد تعدت الـ١٢٥٠٠ قتيل وجريح مدني وعسكري منهم نحو ألف من الجنود ربعهم من ٢٥٠ من ضباط النخبة.. انخفاض الروح القتالية وتهرب نحو ٤٠% من الاحتياط عن تلبية الاستدعاء»، «اختطاف نحو مائتين وخمسين أسيرًا بقي منهم أقل من مائة مما مثل وجعا مستمرا في قلب إسرائيل».. «لم يعُد النزوح واللجوء مظهرا فلسطينيا فلأول مرة منذ نكبة الـ٤٨ يذوق الإسرائيليون في مستوطنات الجنوب والشمال مرارة اللجوء مكوّنة مشكلة لاجئين لنحو ١٢٥ ألف إسرائيلي ما زالوا مرتعبين من فكرة العودة لمستوطناتهم خوفا من صواريخ وهجمات المقاومة»، «وصول الصواريخ قلب تل أبيب وبيت رئيس الوزراء وأهم قاعدة جوية في البلاد»، «عدم تحقيق الأهداف من الحرب في غزة يتحدث أهم معلقيهم ناحوم برنياع عن أن الجيش الإسرائيلي ما زال يدفع ثمنا فادحا من القتلى والمصابين في الجيش ومزيدا من القتلى من الأسرى وعدم تحقيق هدف واحد من أهداف غزة وحتى يسرائيل كاتس يعترف بعد عام ونصف العام من الحرب عن الحاجة لتغيير أسلوبها في غزة لأن ما يحدث هو حرب استنزاف فرضتها المقاومة»، «انكشاف إسرائيل كدولة عاجزة عن حماية نفسها دون غطاء أمريكي وعربي في حلف النقب. فصد الصواريخ الإيرانية والحوثية واللبنانية تم بمعاونة كل هؤلاء، وحتى رد الخطر الحوثي تم بمعاونة أطلسية وما زالت حتى الآن عاجزة عن ردعه».
بسقوط سردية الضحية وسقوط فكرة أن إسرائيل الملاذ الآمن لليهود في العالم وانهيار نظرية وقوة الردع الإسرائيلية.. اللطمة التي تلقاها وجه إسرائيل في ٧ أكتوبر تركت ندبة لن تمحى أبدا فيقول أيهود باراك بعد ٧ أكتوبر: يعرف كل مسلم أن بوسعه أن يهاجم إسرائيل ولم تعُد نظرية الردع قائمة. لكن هل حقا خسرنا كعرب الحرب الآن وهل سقط خيار المقاومة للأبد؟
حسين عبد الغني كاتب وإعلامي مصري