في لحظة تاريخية فارقة، شهدت مصر في عام 1924 أول انتخابات برلمانية بعد صدور دستور 1923، لتؤسس بذلك مرحلة جديدة من الحياة الديمقراطية في البلاد.

وجاء فوز حزب الوفد الساحق في هذه الانتخابات كترجمة لرغبة الشعب المصري في التغيير واستعادة السيادة الوطنية.

السياق السياسي: من الثورة إلى الدستور

كانت انتخابات 1924 تتويجًا لجهود الحركة الوطنية التي قادها الشعب المصري بعد ثورة 1919، التي نادت بالاستقلال والحرية، تلك الثورة، التي تزعمها سعد زغلول ورفاقه من حزب الوفد، أجبرت بريطانيا على التفاوض مع المصريين، مما أدى إلى إصدار دستور 1923، الذي نص على إقامة نظام ملكي دستوري بوجود برلمان منتخب.


 

حزب الوفد والاستعداد للانتخابات

تصدر حزب الوفد المشهد السياسي في ذلك الوقت بفضل شعبيته الكبيرة التي اكتسبها من قيادته للحركة الوطنية ومطالبته بإنهاء الاحتلال البريطاني.

قاد سعد زغلول، زعيم الوفد، حملة انتخابية واسعة شملت مختلف مناطق مصر، حيث استطاع الحزب حشد الجماهير ببرنامجه الذي ركز على تحقيق الاستقلال الكامل، وحماية حقوق الشعب، وترسيخ مبادئ الدستور الجديد.

نتائج الانتخابات: انتصار كاسح للوفد

أسفرت الانتخابات عن فوز حزب الوفد بأغلبية ساحقة، حيث حصل على 188 مقعدًا من أصل 214 في مجلس النواب، هذا الفوز أعطى الحزب تفويضًا شعبيًا قويًا لتشكيل أول حكومة دستورية في تاريخ مصر الحديث.

حكومة سعد زغلول: إنجازات وتحديات

عقب فوز الوفد، تولى سعد زغلول رئاسة الوزراء، ليصبح أول زعيم شعبي يقود حكومة مصرية منتخبة، خلال فترة حكمه، واجهت الحكومة تحديات كبيرة، أبرزها التعامل مع الاحتلال البريطاني وقضايا السيادة الوطنية. ومن بين الإنجازات التي حققتها حكومة الوفد:

1. تعزيز سيادة القانون وتفعيل مواد الدستور.

2. العمل على تطوير التعليم والإدارة.

3. دعم الفلاحين وتحسين أوضاع الطبقة العاملة.

لكن التوتر مع بريطانيا ظل قائمًا، مما أدى إلى أزمات سياسية متكررة أبرزها حادثة مقتل السير لي ستاك، سردار الجيش المصري وحاكم السودان، في نوفمبر 1924، الحادثة أدت إلى تصعيد سياسي انتهى باستقالة حكومة سعد زغلول في العام نفسه.

الوفد والشعب: علاقة لا تنفصم

رغم التحديات التي واجهها حزب الوفد خلال قيادته للبلاد، ظل الحزب يتمتع بشعبية جارفة، فقد نجح في تمثيل صوت الشعب المصري الذي كان يطمح إلى التحرر الكامل من الاستعمار البريطاني وإرساء قواعد العدالة والديمقراطية.

تأثير الانتخابات على الحياة السياسية في مصر

مثل فوز حزب الوفد في أول انتخابات برلمانية خطوة كبيرة نحو ترسيخ التجربة الديمقراطية في مصر. 

ورغم أن هذه التجربة تعرضت لاحقًا لانتكاسات بسبب التدخلات الملكية والصراعات مع الاحتلال البريطاني، إلا أن انتخابات 1924 ظلت رمزًا لإرادة الشعب المصري وسعيه لتحقيق سيادته على أرضه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجيش المصري الشعب المصري حزب الوفد سعد زغلول الانتخابات البرلمانية المزيد الشعب المصری سعد زغلول

إقرأ أيضاً:

11 فبراير.. نهايةٌ بتسوية مبادِر عدوّ

محمود المغربي

يمكن للدول والشعوب أن تستوردَ القمح السكر الأدوية السيارات وأي شيء آخر أما ثورة فهذا غير وارد؛ كون الثورات منتجًا محليًّا، لا تستورد بل تُصنَع في الداخل.

وأعتقد أن ما حدث في 11 فبراير هو استيراد ثورة، ومن غير المعقول أن نسمِّيَ شيئًا مستوردًا بالوطني، كما أن الثورات تكون عفوية وغير مستنسخة ونقية لا تعرف الكذبَ والخداع والتزوير بعكس ما حدث في ساحات 11 فبراير من تزوير وكذب وخداع لم تشهد اليمن له مثالًا.

والأهم من ذلك أن الثورة تغييرٌ شامل وجذري وانقلاب على ما كان سائدًا وغير قابلة لتدوير من خرج عليهم الشعب وأسقطتهم الثورة بعكس ما انتهت به أحداثُ 11 فبراير تسوية ومبادرة جاءت من الخارج ومن بلد كان جزءًا من المشكلة ومعاناة اليمن وأبنائها وسببًا في سخط وخروج الناس في 11 فبراير.

مبادرةٌ أعادت تدويرَ رموز النظام وتوزيع السلطة والنفوذ عليهم، بل تم تسليمُ مقاليد البلاد لمن هم أكثرُ فسادًا وظلمًا وفشلًا وتابعيةً للخارج من رموز النظام السابق الذي كانوا هم سببًا في سخط وخروج الناس عليهم إلى الساحات.

هذا الأمر قد خلق سخطًا وقهرًا في نفوس أبناء الشعب اليمني وعدم رضا عما وصلت إليه الأمور، ودافعًا لما حدث بعد ذلك من خروج شعبي في 21 سبتمبر 2014 للتعبير عن رفضهم لما حدث من انقلاب على 11 فبراير وتصحيح المسار وتحقيق أهداف وطموحات من خرجوا بعفوية وصدق ووطنية في 11 فبراير 2011م، وقد تحقّق لهم وللوطن ما كان يحلم به كُـلّ أبناء الشعب اليمني وهو الإطاحة بكافة رموز النظام السابق وكل من هيمن على السلطة والثروة لأربعة عقود.

ثورةٌ مسحت كُـلّ الوجوه الفاسدة والفاشلة والعميلة من ذاكرة الشعب اليمني ومن صفحات التاريخ وطمست معالم حقبة مهينة متسمة بغياب الدولة والقانون والعدل والمساواة وبتسلط وعنجهية وغطرسة بيت الأحمر وشلة قليلة هي أسوأ ما عرفت اليمن وسادت فيها ثقافة الفساد وصعد فيها كُـلّ فاشل ومتسلق وتم أقصى وتهميش كُـلّ صادق ومؤهل ووطني وأغلب أبناء الشعب اليمني.

المصيبة أن هناك من يحن لتلك الفترة ومن يرغب في عودة تلك الوجوه وتلك الحقبة واللطخة السوداء في تاريخ بلادنا وشعبنا والتي لا نزال نعيش تبعاتها وندفعُ ثمنها حتى اليوم.

صحيح أن ما جاء بعد ثورة 21 سبتمبر كان سيئًا من نواحٍ وأن المواطن لم يلمسْ تغييرًا كاملًا -أو حتى كبيرًا- وهذا أمرٌ طبيعي؛ نتيجة ما أحدث أُولئك الفاسدون من تدمير في جسد الوطن وَبنية الدولة والمجتمع وفي أخلاقيات وثقافة الناس، وهي أمور يصعُبُ إصلاحُها ومعالجة آثارها في يوم وليلة، كما أن الفرصة لم تُتَحْ لمن جاء بعدهم لإصلاح ذلك وإحداث تغير يلمسه الناس نتيجة محاولات الخارج استعادة ما فقدوا من مصالحَ وهيمنة على بلادنا ورغبتهم في إعادة أدواتهم العفنة إلى السلطة بكل الوسائل، ومن تلك العوائق العدوان على بلادنا والحصار والحروب الاقتصادية والثقافية والإعلامية، بالإضافة إلى محاولات رموز تلك السلطة والمنتفعين منهم استعادة ما فقدوا من سلطة ومصالح وجاه ودخل مادي كبير وغير مشروع وكل هذا أشغل من جاء عن محاولات الإصلاح والنهوض بالوطن وزاد من معاناة الناس لكن كُـلّ ذلك سيتغير بوجود قيادة صادقة ووطنية.

مقالات مشابهة

  • 11 فبراير.. نهايةٌ بتسوية مبادِر عدوّ
  • بطولة كريم عبد العزيز وأحمد عز .. 5 صور من فيلم فيلم The Seven Dogs
  • تارا عماد وسيد رجب والقصبي برفقة أحمد عز فى The Seven Dogs
  • 14 عاما على اندلاع ثورة فبراير اليمنية التي أسقطت علي صالح.. ماذا تبقى منها؟
  • قيادي بـ حماس: الوفد المصري لم يغمض له جفن لضمان تنفيذ الهدنة وإسرائيل ترفض
  • برلمانية: فقدان الكفاءات يكلف الاقتصاد المصري المليارات.. والاستثمار في العقول ضرورة وطنية
  • ماذا نعرف عن "أم القنابل" التي وافق ترامب على تسليمها إلى إسرائيل؟
  • ماذا نعرف عن "أم القنابل" التي وافق ترامب على تسليمها إلى إسرائيل؟.. عاجل
  • العكروت: على الأمم المتحدة توحيد ليبيا أولاً قبل أي دستور أو انتخابات
  • في مثل هذا اليوم.. فرحات عباس يطلق الشرارة التي فجرت ثورة التحرير الجزائرية