تجربة حصار قطر من قبل السعودية درس بليغ للعراق اليوم في إنشاء مسارات ترانزيتية
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
يسعى العراق اليوم إلى ربط مصالحه الترانزيتية بتركيا عبر طريق التنمية، إلا أن تجربة حصار قطر من قبل السعودية في عام 2017 تُظهر أن احتكار المسارات التجارية والترانزيتية قد يؤدي إلى حصار و تجويع داخل البلد.
احد أهم مقومات الأمن التجاري هو وجود مسارات متعددة لاستيراد و تصدير السلع. تُظهر دراسة الدول الناجحة في مجال التجارة أن هذه الدول تسعى دائمًا إلى تنويع مساراتها التجارية.
الصورة رقم 1 - المسارات المختلفة لمشروع طريق الحرير الصيني
من جهة أخرى، تسعى إيران أيضًا إلى تشغيل ممر الشمال-الجنوب وربط الهند بروسيا عبر ثلاثة مسارات: إيران-آسيا الوسطى-روسيا.ایران-أذربيجان-روسيا.ايران-بحر قزوين-روسيا .على الجانب الآخر، عندما تعتمد دولة على مسار دولة واحدة ولا تمتلك القدرة على تنويع أو إيجاد بدائل لمساراتها التجارية، فإنها قد تواجه مشكلات اقتصادية وتجارية كبيرة. وفي حال حدوث أي توترات سياسية أو أمنية مع الدولة التي يمر عبرها المسار، فإن خطر الحصار يصبح واردًا فعليًا، ربط التجارة كليًا بمسار واحد و دولة واحدة يؤدي إلى اعتماد شديد على تلك الدولة، مما قد يجعلها تستخدم هذا المسار كأداة ضغط سياسي.و على سبيل المثال، يمكن الإشارة إلى حصار قطر من قبل السعودية في عام 2017. بلغت التوترات السياسية بين قطر و السعودية ذروتها بسبب خلافات حول قضايا إقليمية. استغلت السعودية، التي كانت تشكل المسار التجاري الوحيد لقطر، هذه النقطة كأداة ضغط وأغلقت المعبر الحدودي في يونيو 2017. نتيجة لهذا الإجراء، توقفت تقريبًا جميع الواردات إلى قطر، مما تسبب في أزمات اقتصادية و تجارية كبيرة للبلاد.
الصورة رقم 2 - حصار قطر من قبل جيرانها العرب.
العراق أيضًا يُعد من الدول التي تملك بفضل موقعها الجغرافي، إمكانية تنويع مساراتها التجارية والاستفادة من الممرات الدولية بين الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب. و مع ذلك، فإن السياسة الحالية لبعض التيارات السياسية في العراق تقتصر فقط على استغلال موقع الترانزيتي لميناء الفاو وطريق التنمية من خلال الاتصال بتركيا، مما يعني ربط التجارة والمصالح الترانزيتية للبلاد بتركيا وحرمانها من مزايا ومنافع المسارات الأخرى. ربط الموقع الترانزيتي بتركيا يأتي في وقت تواجه فيه تركيا مشكلات سياسية و أمنية عديدة مع العراق، مثل احتلال جزء من أراضي البلاد، والاعتداءات الجوية المتكررة، و دعم تركيا لجماعات إرهابية مثل داعش في عام 2014 وما بعده. لذلك، يعتقد العديد من الخبراء أن حصر المصالح التجارية و الترانزيتية للعراق بتركيا يمثل مخاطرة كبيرة، حيث يمكن لتركيا، في حال حدوث أي توتر، أن تستخدم هذا المسار كأداة ضغط ضد العراق من خلال إغلاقه وقطع التواصل الترانزيتي للحصول على الامتيازات التي تسعى إليها. من هنا، تبرز ضرورة أن يعمل العراق على تنويع اتصالاته التجارية مع جيرانه الآخرين، مثل إيران والسعودية، لتجنب هذا الخطر الكبير وضمان مصالحه الاقتصادية والتجارية.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار
إقرأ أيضاً:
محاولة اغتيال وهدية السيستاني أهم ما ذكره البابا عن رحلته للعراق
تحدث البابا الراحل فرانشيسكو في مذكراته الصادرة في يناير/كانون الثاني الماضي بعنوان "الأمل" عن زيارته للعراق في شهر مارس/آذار 2021، ولقائه بالمرجع الشيعي البارز آية الله علي السيستاني.
وكشف البابا فرانشيسكو أنه نجا من محاولتي اغتيال، وأن أول زيارة بابوية للعراق كان يفترض أن يقوم بها يوحنا بولس الثاني عام 2000 لكن الرئيس الراحل صدام حسين لم يوافق عليها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2امرأة تتقدم بشكوى ضد رجل مزق حجابها في فرنساlist 2 of 2في عملية جريئة عام 1975 نُقل آلاف الأطفال جوا من حرب فيتنام.. فماذا حل بهم؟end of listوزاد أن أحدا تقريبا لم ينصحه بالقيام بهذه الرحلة، التي كانت ستكون الأولى لحبر أعظم إلى منطقة الشرق الأوسط المفصلية التي دمرها العنف المتطرف.
وقال إن وباء كوفيد 19 لم يكن قد خفف قبضته تماما بعد على المنطقة، حتى إن سفير الفاتيكان في ذلك البلد، المونسنيور ميتيا ليسكوفار، كان قد ثبتت إصابته بالفيروس للتو، وفوق كل شيء، كانت كل المصادر تشير بوضوح إلى وجود مخاطر أمنية عالية، لدرجة أن حدة الهجمات الدموية تفاقمت حتى عشية التوجه إلى العراق.
ثم استدرك موضحا "لكنني كنت أريد الذهاب إلى أقصى الحدود، شعرت أنني يجب أن أفعل ذلك. دأبت على القول، بشكل باتَ مألوفا، إنني أشعر بالحاجة إلى الذهاب لزيارة جدنا النبي إبراهيم، الجد المشترك لليهود والمسيحيين والمسلمين. إذا كان منزل جدك يحترق، أو إذا كان أحفاده في بلده معرضين لخطر الموت أو فقدوا حياتهم، فإن الشيء الصحيح الذي يجب عليك فعله هو الوصول إلى المنزل في أقرب وقت ممكن".
إعلانوأضاف أنه لم يعد ممكنا "أن نخيب أمل هؤلاء الناس مرة أخرى"، وذلك بعد أن تعذر عليهم قبل 20 عاما استقبال البابا يوحنا بولس الثاني الذي كان يرغب بشدة في افتتاح السنة اليوبيلية لعام 2000 من خلال زيارة العراق، لكن الرئيس آنذاك صدام حسين منعها بعد انفتاح أولي.
الموصل جرح في القلبوبخصوص ما جرى في الموصل، قال البابا الراحل في مذكراته "لقد كانت الموصل جرحا في القلب. وأنا على متن طائرة مروحية، شعرت بالصدمة وكأنني تلقيت لكمة: واحدة من أقدم المدن في العالم، مفعمة بالتاريخ والتقاليد، وتعاقبت عليها حضارات مختلفة على مر الزمن وكانت رمزا للتعايش السلمي بين الثقافات المختلفة في نفس البلد -العرب والأكراد والأرمن والتركمان والمسيحيين والسريان- لاحت أمام عيني مثل حقل واسع من الأنقاض، بعد ثلاث سنوات من سيطرة تنظيم الدولة الذي اختارها معقلا له".
وتابع أنه بينما كان يحلق على متن الطائرة المروحية بدت له المدينة من الأعلى "وكأنها تشع بالكراهية، ذلك الشعور الذي بات أكثر انتشارا في عصرنا، لأنه غالبا ما يولّد الذرائع التي تطلق شرارته وتغذيه".
وذكر أن عوامل السياسة، والعدالة، والدين، تصبح بشكل تجديفي دائما، مجرد دوافع سطحية، ونفاقية، ومؤقتة، لأن الكراهية "تسير وحدها"، كما جاء في أحد الأبيات الجميلة للشاعرة البولندية فيسوافا شيمبورسكا.
الانتحارية التي أرادت تفجير نفسهاوأوضح البابا أنه حتى بعد الدمار الذي حصل، لم تهدأ رياح الكراهية بعد. فقد أبلغت الشرطة العراقية قوات الدرك في الفاتيكان بمعلومات من أجهزة المخابرات البريطانية مفادها أن امرأة محملة بالمتفجرات، وهي انتحارية شابة، كانت في طريقها إلى الموصل لتفجير نفسها أثناء الزيارة البابوية. وانطلقت شاحنة أخرى أيضا بنفس القصد.
بَيد أنه واصل برنامجه، وعقد لقاءات مع السلطات العراقية في القصر الرئاسي ببغداد. أما اللقاء مع الأساقفة والكهنة والرهبان والمعلمين الدينيين فقد انعقد في كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك، التي شهدت قبل 11 عاما مقتل 11 كاهنا و46 مؤمنا من أتباع الكنيسة.
إعلانوذكر أنه بعد ذلك جاء اللقاء مع الزعماء الدينيين في البلاد في سهل أور "تلك المساحة المهجورة حيث تحد أطلال بيت النبي إبراهيم برج الزقورة السومري المدرج الرائع: المسيحيون من كنائس مختلفة، والمسلمون، الشيعة والسنة، والإيزيديون، وجدوا أنفسهم أخيرا معا تحت خيمة واحدة، بروح النبي إبراهيم، ليتذكروا أن أشد الجرائم تجديفا هو تدنيس اسم الله من خلال كراهية الأخ".
الحوار بين الأديان واللقاء مع السيستانيوتابع أنه قبل ذلك ذهب إلى مدينة النجف، المركز التاريخي والروحي للشيعة، لحضور اجتماع مغلق اهتمم به كثيرا، لأنه سيمثل علامة فارقة على طريق الحوار بين الأديان والتفاهم بين الشعوب. وتم اللقاء مع آية الله العظمى علي السيستاني في 6 مارس/آذار 2021، وهو اجتماع كان الكرسي الرسولي يعد له منذ عقود، دون أن يتمكن أي من أسلافي من تحقيقه.
وعن هذا اللقاء قال "لقد استقبلني السيستاني في منزله وخصني بترحيب أخوي، وهذه اللفتة تعتبر لدى أهل المشرق أكثر تعبيرا من التصريحات والوثائق، لأنها تعني الصداقة والانتماء إلى العائلة الواحدة".
وتابع البابا في مذكراته "لقد كان ذلك جيدا بالنسبة لي وجعلني أشعر بالشرف؛ فهو لم يسبق له أن استقبل أي رئيس دولة، ولم يقف قط على رجليه، ومع ذلك في ذلك اليوم، وبشكل ملحوظ، فعل ذلك معي عدة مرات، وبادلته نفس الشعور بالاحترام ونزعت حذائي قبل الدخول إلى غرفته".
وقال إنه لاحظ قلق السيستاني من خلط الدين بالسياسة، "وهي سمة خاصة أشعر أنها مشتركة بيننا وبين رجال الدين في الدولة، وفي الوقت نفسه، نشترك في دعوة القوى العظمى من أجل التخلي عن لغة الحروب، وإعطاء الأولوية للعقل والحكمة. وأتذكر على وجه الخصوص إحدى عبارات السيستاني، التي أخذتها معي فيما بعد كهدية ثمينة: "إن البشر إما إخوة في الدين أو متساوون في الخلق".
وبخصوص المهاجمين الاثنين، قال البابا إنه عندما سأل قوات الدرك في اليوم التالي عما يعرفونه عنهما، أجابه القائد باقتضاب "إنهما لم يعودا هنا". وكانت الشرطة العراقية قد اعترضتهما وقامت بقتلهما.
إعلان