موسكو- تسبّبت تصريحات رئيس ليتوانيا غيتاناس نوسيدا بخصوص ملكية مقاطعة كالينينغراد الروسية في عاصفة من التصريحات الحادة من جانب المسؤولين الروس، وسط حديث بأن الأمر يحمل في طياته ملامح مرحلة جديدة من التصعيد بين البلدين.

وكان نوسيدا صرح بأن كالينينغراد تاريخيا هي "مدينة ليتوانية ويجب أن تحمل اسما يتناسب مع هويتها".

وحسب قوله، فإن "السكان الأصليين لليتوانيا الصغرى، والتي تعد الآن جزءا مما تسمى مقاطعة كالينينغراد، اختفوا منذ زمن طويل ويجب الحفاظ على آخر آثار الثقافة الليتوانية هناك".

وليتوانيا الصغرى التي يتحدث عنها الرئيس نوسيدا هي منطقة إثنوغرافية في بروسيا كان يعيش فيها الليتوانيون البروسيون.

وتصريحات نوسيدا رد عليها السكرتير الصحفي للكرملين، دميتري بيسكوف، قائلا إن ليتوانيا دولة غير صديقة لروسيا ومعادية لها ولديها مطالبات إقليمية، مضيفًا أن كلام الرئيس الليتواني يؤكد صحة الهواجس الروسية ويبرر بشكل كامل التدابير الأمنية التي اتخذتها موسكو.

أما المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، فوصفت نوسيدا بأنه "أحمق من الورق المقوى"، ونصحت السياسيين الليتوانيين بدراسة التاريخ والاهتمام بمراعاة حقوق الإنسان في بلادهم، حسب تعبيرها.

إعلان خلفية تاريخية

وكان الجيش الأحمر السوفياتي حرّر كونيغسبيرغ (كالينينغراد حاليا) في أبريل/نيسان 1945، وبعد الحرب، ووفقا لقرارات مؤتمري "يالطا" و"بوتسدام" في العام نفسه، تم ضم المدينة والأراضي المجاورة لبروسيا الشرقية إلى الاتحاد السوفياتي، قبل أن يتم تغيير اسمها إلى كالينينغراد.

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أصبحت المنطقة جيبا (منطقة بلا سيادة منفصلة عن الإقليم الرئيس للدولة ومحاطة بدول أخرى) لكنها احتفظت بأهميتها الجيوسياسية وهي متصلة بروسيا عن طريق البحر.

وتحدها من الشمال والشرق ليتوانيا، ومن الجنوب بولندا وتطل على بحر البلطيق، وهي تاريخيا جزء من بروسيا الشرقية، الأراضي التي غزاها في القرن الـ13 فرسان النظام التوتوني عام 1255.

استعمر الألمان هذه المنطقة وأصبحت جزءا من مملكة بروسيا، التي أصبحت مركز توحيد ألمانيا في القرن الـ18.

بعد خسارة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، تم التنازل عن بروسيا الغربية لبولندا. وكان الطلب بضمان حرية العبور لمواطني الرايخ الثالث إلى كونيغسبيرج عبر ما يسمى "ممر دانزيغ" هو الذريعة الرسمية لبدء الحرب العالمية الثانية.

بعد هزيمة ألمانيا النازية في هذه الحرب، انتقلت كونيغسبيرغ والمنطقة المحيطة بها، إلى الاتحاد السوفياتي. ولكن مع انهياره وجدت روسيا نفسها منفصلة عن موقعها الغربي عبر حدود ليتوانيا وبيلاروسيا.

علاوة على ذلك، تقع هنا القاعدة الرئيسية لأسطول البلطيق الروسي. ولهذا السبب، أعلن الرئيس الروسي أن "حل القضية حول مقاطعة كالينينغراد سيحدد كيفية تطور العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي."

ويأتي التوتر الأخير بين روسيا من جهة، وليتوانيا وبقية دول البلطيق من جهة أخرى، في أكثر مرحل العلاقات السياسية تعقيدًا، فدول البلطيق هي الوحيدة التي رفضت الحزمة الأخيرة من العقوبات الأوروبية ضد روسيا باعتبارها "لينة" للغاية، مطالبة بعدم ترك ثغرة واحدة للشركات الغربية للالتفاف على القيود.

ليتوانيا تقع في محيط من التوترات الروسية الأوروبية (الجزيرة) تحريض غربي

يقول محلل الشؤون الدولية دميتري كيم إن الرئيس الليتواني تسرع في إطلاق هذه التصريحات ويبدو أنه لا يدرك عواقبها.

إعلان

ويوضح في تعليق للجزيرة نت أن التصريحات تحمل في مضمونها دعوات لمراجعة نتائج الحرب العالمية الثانية، مضيفًا أن السير وفق هذا المنطق يعني أن منطقة البلطيق بأكملها يجب أن تعود إلى روسيا، كما كانت قبل الثورة (البلشفية)، بوصفها مناطق كانت تابعة للإمبراطورية الروسية منذ عام 1795.

ولفت إلى أن تصريح الرئيس الليتواني بأن كالينينغراد هي مدينة ليتوانية تاريخيا يمكن اعتباره تنفيذا لـ"طلب سياسي" من الدول الغربية لفتح جبهة توتر جديدة مع روسيا.

وفي هذا السياق، أشار إلى أنه إذا تواصلت الضغوط على كالينينغراد (الواقعة بين بولندا وليتوانيا)، فستصبح المنطقة الأكثر عرضة للخطر في حرب العقوبات ضد روسيا، والتي أدت بدورها لتدمير نظام تشغيل المنطقة الاقتصادية الخاصة المعفاة من الرسوم الجمركية، بعد أن سمح منذ عام 1996 لمؤسسات المقاطعة بكسب المال عن طريق تجميع المنتجات من مكونات أجنبية وبيعها في السوق الروسية.

الرئيس الليتواني ناوسيدا (يمين) والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (الجزيرة) تكامل أدوار

أما المختص في الشؤون الأوروبية أندريه كامكين، فيذهب أبعد من ذلك، ويرى أن ألمانيا وبولندا وليتوانيا تستعد لاستفزازات ضد منطقة كالينينغراد خلال العام الحالي، مشيرا إلى أن هذه الدول ستقوم بذلك عن طريق منع السفن الروسية من دخول خليج فنلندا.

وبرأيه، فإن تواتر التصريحات البولندية والليتوانية التي تعتبر مقاطعة كالينينغراد جزءا من أراضيها قد تكون مقدمة لاستفزازات لاحقة من دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، تتضمن كذلك محاولة منع النقل البري إلى المقاطعة.

ولفت إلى أن حلف الناتو سيجري عام 2025 سلسلة من التدريبات في هذه المنطقة، ستشمل نشر لواء كامل من الجيش الألماني في ليتوانيا، متوقعا أن يكون الوضع في منطقة البلطيق هذا العام متوترا ويهدد بصراع دبلوماسي صعب بين روسيا والاتحاد الأوروبي، خاصة مع ليتوانيا، ولربما يتطور إلى صدام عسكري.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مقاطعة کالینینغراد الرئیس اللیتوانی إلى أن

إقرأ أيضاً:

الجديد وصل .. جوجل تتحدى آبل في مجال الذكاء الاصطناعي الشخصي

أعلنت جوجل عن إطلاق ميزة جديدة تُعرف باسم "Gemini مع التخصيص"، وهي تجربة تجريبية تتيح للمستخدمين ربط Gemini بسجل البحث الخاص بهم لتعزيز استجابات المساعد الذكي، مع خطط مستقبلية لربطه بـ Google Photos وYouTube.

كيف تعمل الميزة؟

تعتمد Gemini مع التخصيص على نموذج Gemini 2.0 Flash Thinking التجريبي، حيث يتعين على المستخدمين تفعيلها يدويًا من خلال الذهاب إلى تطبيقات Gemini واختيار "التخصيص (تجريبي)" من القائمة المنسدلة.

بعد التفعيل، يقوم Gemini بتحليل سجل البحث قبل توليد الردود، لمعرفة ما إذا كان بإمكانه إضافة سياق أكثر دقة للإجابات، فيما  يتم استخدام سجل البحث فقط إذا قررت النماذج المتقدمة في جوجل أن ذلك سيساعد في تحسين الاستجابة.

جوجل تضيف مزايا التخصيص إلى Gemini استنادا إلى سجل البحثجوجل تتيح تشغيل كافة ألعاب أندرويد في الحواسيبالكشف عن مولد الفيديو الجديد بالذكاء الاصطناعي في Gemini من جوجلجوجل تطلق نماذج ذكاء اصطناعي متطورة لتعزيز قدرات الروبوتاتجوجل تجري تغييرات كبيرة على ميزة Timeline .. إليك ما يجب فعله قبل 9 يونيوAI Mode .. مستقبل بحث جوجل الجديد أم تهديد لمواقع الويب؟مخاوف الخصوصية

مع السماح لـ Gemini بالوصول إلى سجل البحث، قد تظهر مخاوف متعلقة بالخصوصية. لمواجهة هذه المخاوف، أكدت جوجل أن المستخدمين يملكون التحكم الكامل ويمكنهم فصل Gemini عن سجل البحث في أي وقت بسهولة.

عند استخدام هذه الميزة، سيظهر شريط واضح يحتوي على رابط لفصل سجل البحث إذا رغبت في ذلك. كما يمكن للمستخدمين تعديل سجل البحث الخاص بهم في أي وقت، مما يوفر طبقة إضافية من التحكم. علاوة على ذلك، تقدم جوجل إشعارًا واضحًا قبل ربط Gemini بسجل البحث أو التطبيقات الأخرى، مع عرض كامل للمصادر التي استندت إليها الإجابات.

من يمكنه الوصول؟

تتوفر ميزة "Gemini مع التخصيص" كتجربة تجريبية لمشتركي Gemini وGemini Advanced على الويب بدءًا من اليوم، مع طرح تدريجي للهواتف المحمولة. 

ومع ذلك، فهي غير متاحة للمستخدمين الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا، أو لمستخدمي Google Workspace والتعليم.

مقارنة مع آبل إنتليجنس

تعد هذه الخطوة مهمة في سعي جوجل لجعل Gemini مساعدًا شخصيًا متكاملًا يتصل بسلاسة بمهام المستخدم اليومية، وهو ما تسعى آبل لتحقيقه من خلال "Apple Intelligence". 

ومع ذلك، فإن ميزات Apple Intelligence الحالية تقتصر على أدوات مثل Genmoji وImage Playground وملخصات الإشعارات وأدوات الكتابة وتفريغ البريد الصوتي والذكاء البصري، إلى جانب تكامل ChatGPT. 

وأكدت الشركة مؤخرًا أن تحسينات Siri المنتظرة ستستغرق وقتًا أطول للوصول إلى المستخدمين.

وإلى جانب ميزة التخصيص، أعلنت جوجل  عن توسيع الوصول إلى ميزات أخرى ضمن Gemini، مثل "البحث العميق" و"الأحجار الكريمة" (Gems).

مقالات مشابهة

  • الجديد وصل .. جوجل تتحدى آبل في مجال الذكاء الاصطناعي الشخصي
  • غابات الصوفية تفجر خلافا بالأنبار.. البوسودة تتحدى الاستثمار وتتمسك بأراضيها
  • عمدة موسكو: الدفاع الجوي تصدى لهجوم 4 مسيرات باتجاه العاصمة الروسية
  • إيطاليا تستدعي السفير الروسي احتجاجًا على تصريحات موسكو ضد الرئيس ماتاريلا
  • بوريطة يستقبل مستشار الرئيس الفلسطيني ويؤكد دعم المغرب الثابت لفلسطين
  • الخارجية الروسية: موسكو وسعت قائمة عقوباتها ردا على حزمة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي
  • الخارجية الروسية: موسكو وسعت قائمة عقوباتها ردا على الاتحاد الأوروبي
  • الكرملين: المناطق الجديدة التي ضمتها روسيا واقع لا جدال فيه
  • وفد أمريكي إلى روسيا.. اتصالات ولقاءات لإقناع موسكو بمقترح وقف إطلاق النار
  • «الدفاع الروسية»: طائرات تابعة لحلف الناتو رافقت مقاتلات «سوخوي» فوق المياه المحاذية لبحر البلطيق