ود مدني… سيناريوهات متطابقة في الحرب السودانية .. تبادل السيطرة على المدينة… ودور محوري لقوات «درع السودان»
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
دخل الجيش السوداني مدينة ود مدني الاستراتيجية بوسط البلاد في 11 يناير (كانون الثاني) الجاري، بعد أن كانت «قوات الدعم السريع» قد انسحبت منها. وكانت «قوات الدعم السريع» قد استولت على المدينة نفسها قبل نحو عام في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2023، بعد أن كان الجيش قد انسحب منها أيضاً، في سيناريو مشابه لما حدث يوم السبت الماضي.
في 8 يناير الجاري، بدأ هجوم الجيش على مدينة ود مدني عبر عملية عسكرية كبيرة شنها الجيش بالتعاون مع حركات مسلحة حليفة له. وتقدمت القوات المهاجمة باتجاه المدينة من عدة محاور، هي محور «ميجر 5» ومحور «الخياري» من جهة الشرق عند مدينة الفاو في ولاية القضارف، ومحور مدينة «المناقل» الذي تحرك أيضاً من جهتين، ومحور «ود الحداد» في غرب ولاية الجزيرة، وهي قوات قادمة من ولاية سنار المجاورة.
معارك تكتيكية
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
واستطاع الجيش والقوات المتحالفة معه بقيادة فصيل «درع السودان»، تحقيق انتصارات تكتيكية في جهات الشرق والغرب والجنوب، حيث أزال الجيش خلالها تجمعات «قوات الدعم السريع» في عدد من البلدات الصغيرة والقرى في تلك المناطق، لكنه لم يجد مقاومة كبيرة كان يتوقعها. ثم توالت انسحابات «قوات الدعم السريع» شمالاً، ما عدا عمليات محدودة في جهتي سنار والمناقل ومعارك كر وفر في بلدات أم القرى، وود المهيدي، والشبارقة على تخوم مدينة ود مدني عاصمة إقليم ولاية الجزيرة.
وخاض الجيش معارك تكتيكية ضد «قوات الدعم السريع» استمرت ثلاثة أيام، وبعدها مباشرة دخل مدينة ود مدني بـ«سهولة مدهشة» وفق وصف شهود. كما عبرت قوات الجيش جسر «حنتوب» دون مقاومة تذكر، ولم تجد مقاومة في داخل المدينة أيضاً، ثم ظهر قائد «درع السودان» أبو عاقلة كيكل ليعلن للناس «تحرير» ود مدني، في وقت تلاشت فيه «قوات الدعم السريع» التي كانت تتمركز بكثافة في المدينة.
وشبّه الكثيرون سيناريو استعادة ود مدني بسيناريو استيلاء «الدعم السريع» عليها قبل نحو عام، إذ خاضت حينها «قوات الدعم السريع» القادمة من جهة الخرطوم، طوال ثلاثة أيام معارك على أطراف عند منطقة حنتوب، ثم انفتح الطريق الوحيد أمامها إلى داخل المدينة عبر جسر «حنتوب» فعبرته من دون مقاومة تذكر، وحين وصلت مقر قيادة «الفرقة الأولى مشاة» التابعة للجيش في وسط المدينة، وجدته خالياً فسيطرت عليه من دون قتال، وهو ما تكرر قبل يومين عندما عاد الجيش للمقر العسكري ذاته، أيضاً من دون قتال.
دور «درع السودان»
ويرجع محللون «كلمة السر» في تطابق أحداث ود مدني وتبادل السيطرة عليها، إلى دور قائد قوات «درع السودان» أبو عاقلة كيكل، وهو ضابط متقاعد من الجيش برتبة رائد؛ إذ إن الرجل قاد السيطرة على المدينة في المرتين، الأولى حين كان مع «قوات الدعم السريع» وهزم الجيش، والثانية عندما كان مع الجيش وهزم «قوات الدعم السريع».
ونشأت قوات «درع السودان» في ديسمبر (كانون الأول) 2022، تحت أعين قيادة الجيش في منطقة سهل البطانة بولاية الجزيرة، بوصفها رد فعل لاتفاقية «سلام جوبا» التي مثلت صُلحاً بين الحكومة المركزية وحركات مسلحة من غرب السودان بشكل أساسي. وكان الغرض من نشأة «درع السودان»، وفق ما ذكر مؤسسها كيكل وقتها، هو إعادة التوازن مع الحركات المسلحة الموقعة على «سلام جوبا».
وفي أغسطس (آب) 2023، أي بعد اشتعال الحرب بأربعة أشهر، فاجأ كيكل الجميع وأعلن انحيازه إلى «قوات الدعم السريع» بدافع «مناصرة قضايا الهامش ومحاربة الإسلاميين»، فسارعت «قوات الدعم السريع» بمنح كيكل رتبة لواء. وظهر كيكل في مدينة ود مدني 18 ديسمبر معلناً «تحريرها» من سيطرة الجيش وتسليمها لـ«قوات الدعم السريع»، بعد أن لعبت قواته دوراً رئيسياً في السيطرة على المدينة الاستراتيجية؛ لكونه يعرف جغرافيا المنطقة جيداً. ثم حقق كيكل مفاجأة أخرى بإعلانه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الانسلاخ مرة أخرى بكامل قواته عن «الدعم السريع» والانحياز للجيش، وقاتل إلى جانبه حتى استرداد المدينة يوم السبت 11 يناير الحالي.
«الدخول من باب الخروج»
وشبه المحلل السياسي محمد لطيف أحداث ود مدني بأحداث رواية «الدخول من باب الخروج»، حيث تبادل الجيش و«الدعم السريع» دخول المدينة والانسحاب منها بسرعة مفاجئة في المرتين. واعتبر لطيف ظهور كيكل في الحالتين تأكيداً للتطابق بين عمليتي الدخول والخروج، قائلاً: «كيكل قبل أكثر من عام، ظهر في مقر الفرقة الأولى معلناً الاستيلاء على المدينة، ثم ظهر مرة أخرى الآن في المقر نفسه معلناً استعادة ود مدني للجيش».
واستبعد لطيف حدوث تسوية بين الجانبين المتحاربين، في ظل تردد أحاديث عن تحسن موقف الجيش التفاوضي، وقال إن اعتراف قائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي» بالهزيمة في ود مدني وتعهده باستمرار الحرب، يقطع الطريق أمام احتمالات التفاوض مع الجيش. وأضاف لطيف أن استعادة الجيش لمدينة ود مدني تعد «أكبر انتصار يحققه الجيش منذ بداية الحرب، وتعيد التوازن المعنوي والعسكري، وربما تجعله أكثر استعداداً للتفاوض مع الطرف الآخر لإنهاء الحرب».
كمبالا: الشرق الأوسط: أحمد يونس
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع مدینة ود مدنی على المدینة درع السودان بعد أن
إقرأ أيضاً:
بعد السيطرة على ود مدني.. الجيش السوداني يواصل تقدمه داخل الخرطوم
الثورة /متابعات
يواصل الجيش السوداني تقدمه في العاصمة السودانية الخرطوم بعد تقدم سابق في محاور أخرى.
وقال مصدر عسكري إن الجيش تقدم من معقله بسلاح المدرعات جنوبي العاصمة نحو وسط الخرطوم، وأشار إلى أن الجيش تمكن من تدمير دفاعات قوات الدعم السريع بمجمع الرواد السكني ومستشفى بست كير.
كذلك أعلن الجيش السوداني أنه سيطر على مجمع الرواد، وأنه كبّد الدعم السريع خسائر كبيرة في الأرواح.
وأكد المصدر أن الجيش في طريقة للالتحام مع قوات الدعم الموجودة بمنطقة المقرن وسط الخرطوم.
وكان الجيش السوداني قد استعاد السيطرة أمس الأول، على مدينة وَد مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط البلاد.
وأوضح مصدر في الجيش أن استعادة السيطرة على المدينة جاءت بعد معارك محتدمة مع قوات الدعم السريع حول مقرّ الفرقة الأولى في المدينة.
كذلك قال المصدر إن الجيش استعاد سلسلة جبال البَكاش المحيطة بمصفاة الجَيلي للبترول في الخرطوم بحري بعد اشتباكات ضارية في محيط المصفاة التي تخضع لسيطرة الدعم السريع.
وفي هذا السياق، تعهد رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان باسترداد القوات المسلحة السودانية كل شبر من الأراضي التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع.
ووجه البرهان -في منشور على منصة إكس- التحية للشعب الذي قال إنه صبر على أذى ” المليشيات الإرهابية”، كما وجه التحية “لشركاء معركة الكرامة” من القوات المشتركة وقوات الأمن والشرطة والمقاومة الشعبية ومجموعات الإسناد الشعبي.
وشهدت مدينتا أم درمان وبورتسودان احتفالات بعد استعادة الجيش السيطرة على مدينة ود مدني، وشاركت في المسيرات الاحتفالية قوات الجيش مع المواطنين وسط شعارات داعمة للجيش.
كذلك شهدت المدن في ولايات الشمالية ونهر النيل والقضارف وكسلا والنيل الأزرق وسنار مسيرات مماثلة.
وفي المقابل، قال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) إن قواته خسرت جولة ولم تخسر معركة.
وأكد حميدتي في تسجيل صوتي أن قواته خسرت مدينة ود مدني وسط البلاد، مشيرا إلى أنهم سيعملون على استعادتها مرة أخرى.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية السودانية إن الانتصار في ود مدني هو بداية نهاية الكابوس الذي جثم على صدر الشعب السوداني قرابة عامين.
وهنأت الخارجية -في بيان- الشعب السوداني والجيش والقوات المشتركة بما وصفته بالانتصار العظيم الذي تحقق باستعادة المدينة.
وفي السياق ذاته، قال حاكم إقليم دارفور والقيادي بالقوات المشتركة المتحالفة مع الجيش السوداني مني أركو مناوي إن الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه سيواصلان عملياتهما حتى تحرير كل المدن التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
ومنذ منتصف أبريل 2023م، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.