كشف أسباب زيارة الوفد العُماني إلى صنعاء
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
الجديد برس:
يواصل وفد الوساطة العُماني زيارته للعاصمة اليمنية صنعاء، وسط تسريبات إعلامية حول أن الملف الاقتصادي على رأس المواضيع التي سيناقشها الوفد مع القيادات التي سيلتقي بها في صنعاء.
وكشف موقع “يمن إيكو” معلومات خاصة حول طبيعة زيارة الوفد العماني، تشير إلى أن الوفد سيلتقي خلال الساعات القادمة رئيس المجلس السياسي بصنعاء مهدي المشاط.
وتداولت وسائل إعلام متعددة أن الوفد العماني حمل معه رؤى حول صرف مرتبات موظفي الدولة وفتح مطار صنعاء، وما يتعلق برفع ما تبقى من قيود على موانئ الحديدة، إلا أن معلومات موقع “يمن ايكو” كشفت أن الوفد العماني طلب زيارة صنعاء عقب تهديدات قائد أنصار الله، عبدالملك الحوثي، يوم السبت الماضي، في خطاب متلفز، باستهداف المصالح الحيوية للسعودية، وحدد منها مدينة نيوم، إذا لم يتم إنهاء ما وصفه بالحصار وحرمان الشعب من ثروته.
وتوضح المعلومات أن الوفد العماني جاء إلى صنعاء للاستماع إلى مطالب القيادات فيها، بعدما تنامى إلى سمع القيادة السعودية جدية التهديدات التي وجهت لها من قبل قائد أنصار الله، كما ذكرت إذاعة مونت كارلو الفرنسية أن هناك قلقاً في مجلس الأمن بعد تهديدات الحوثيين بمعاودة قصف الأراضي السعودية.
وفيما تؤكد المعلومات أن الوفد العماني جاء ينقل رسالة من صنعاء لقيادة التحالف والدول الداعمة له وليس العكس، كشف مصدر مطلع في صنعاء لـ”يمن إيكو” أن التأثير الأمريكي البريطاني ما يزال قائماً في جانبه السلبي، فيما يتعلق بصرف المرتبات ورفع كل القيود على مطار صنعاء وموانئ الحديدة، مشيراً إلى التصريح الأخير للمبعوث الأمريكي، الذي تمسك بتعبير “قضية معقدة” في تعليقه على قضية صرف المرتبات.
وأثناء وصوله والوفد العماني إلى مطار صنعاء الدولي، الخميس الماضي، صرح رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبدالسلام، بأنه يجري العمل على إحياء العملية التفاوضية بدءاً من الملف الإنساني وتداعياته الكارثية، سواء في فتح المطارات والموانئ أو صرف المرتبات، مضيفاً- في تصريح لقناة المسيرة التابعة لأنصار الله- أن الزيارة التي يجريها الوفد العماني لصنعاء، تأتي في سياق جهود الوساطة العمانية لإحياء العملية التفاوضية وتقييم المرحلة، وأنها ستتضمن مشاورات لإحياء العملية التفاوضية ضمن رؤية واضحة تعالج الملفات الإنسانية الأكثر إلحاحاً وتمس كل مواطن يمني.
وذكر عبدالسلام في تصريحه، أنه إذا لم تبدأ العملية التفاوضية بتنفيذ البنود الإنسانية فلا يمكن البناء على نوايا إيجابية للطرف الآخر، مضيفاً أنه “لا بد أن يتم البدء من تحسين وضع المطار والموانئ وإزالة الكثير من القيود، لأن الحصار ما يزال قائماً على كل الأصعدة”.
وكان المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، أكد عقب إعلان الخارجية الأمريكية، في 14 أغسطس الجاري، عن جولة له إلى المنطقة، أن الولايات المتحدة تعمل للتوصل إلى اتفاق هدنة جديدة في اليمن أكثر شمولاً، مضيفاً أن بعض القضايا التي تتم مناقشتها، مثل كيفية ضمان حصول جميع موظفي القطاع العام على رواتبهم، معقدة، ويمكن أن يكون لها آثار على مستقبل اليمن.
وقبيل زيارة الوفد العُماني إلى صنعاء، قدم المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، الأربعاء الماضي، إحاطته لمجلس الأمن الدولي ذكر فيها أنه يستمر في العمل على “بحث الخيارات مع الطرفين حول الطرق الأمثل لتلبية حاجات جميع اليمنيين واليمنيات بما يتضمن انتظام سداد رواتب موظفي القطاع العام في جميع أنحاء البلاد، وتحسين الخدمات، وتوفر السلع الأساسية بأسعار في المتناول، ومنظومة مصرفية قادرة على الاضطلاع بمهامها، وتيسير النشاط التجاري” مضيفاً أنه “تظل قضية سداد الرواتب، بما يشمل مسألة مصادر الإيرادات، قضية محورية تحتم على الطرفين إيجاد حل متفق عليه”.
وتطرق غروندبرغ إلى أن “الحاجة ماسة لفتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات لتيسير حرية حركة اليمنيين واليمنيات” مؤكداً أن ” التوسع في الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء ضرورة ملحة لتخفيف الضغط عن المدنيين ممن يسعون للحصول على الرعاية الصحية أو التعليم، ولحماية استمرارية تشغيل شركة الخطوط الجوية اليمنية”.
ووصل وفد عماني، الخميس الماضي، إلى صنعاء، في زيارة تهدف- بحسب تصريحات رئيس الوفد المفاوض- إلى التشاور مع قيادة السلطة في صنعاء، وتقييم المرحلة واستئناف العملية التفاوضية وفي مقدمتها معالجة الملفات الإنسانية.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: العملیة التفاوضیة مطار صنعاء إلى صنعاء
إقرأ أيضاً:
تحديات المنهج التعليمي العُماني.. ما بين الواقع والتطلعات!
د. سالم بن محمد عمر العجيلي **
لا يخفى على أحد إنجازات التعليم في سلطنة عُمان، والتي ما تزال في تطوُّر وتقدم تصاعدي، وينبغي أن نشير أنه منذ نعومة أظفارنا ونحن نرى التطور الهائل في هذا المجال؛ فمن تحت ظل الشجرة إلى حيث المدارس الفارهة الحديثة الحالية على مستوى السلطنة بشكل عام، ونحن نشهد ونشيد بهذا التسارع المستمر وفق رؤى وثوابت نموذجية.
ومع هذه الطفرة والتسارع كان لا بد أن تكون هناك خطوات يجب مراعاتها ومراجعتها متى ما دعت الحاجة إلى ذلك، وهنا يجب أن نسلط الضوء إلى جانب واحد من هذا التطور وهو المنهج الدراسي التعليمي لدينا. ورغم الارتقاء الكبير في هذا المجال وتوسع وتعاظم قدرات هذا المنهج الدراسي، إلّا أن الواقع الدراسي الحالي على الأغلب لم يراع العوامل النفسية والبيئية والحياتية المحيطة بنا، والظروف المتقلبة وإمكانات الزمان والمكان في وقتنا هذا؛ حيث إن قدرات الطالب العُماني يجب دراستها والنظر فيها بتمعن، فلربما أن الطالب يملك مقومات كبيرة للتطور والاستيعاب كون أن البيئة العُمانية مساعدة على ذلك، ولكننا نعلم كذلك أن البيئة المحيطة بالفرد تؤثر فيه ويؤثر هو فيها، وهذا مربط الفرس.
هل نحن بحاجه لطالب يحفظ ويلزم بواجبات يومية مضاعفة؟ أم نحن بحاجة إلى الفهم وترسيخ المعلومة؟ الحفظ جيد، لكنه مع مرور الأيام يفقد الإنسان الكم الكثير من هذه المعلومات وتطوى إلى طي النسيان، عدا كتاب الله المنزل القرآن الكريم الذي قد تكفل الله به وحفظه جلت قدرته، بينما بالفهم والفطنة تثبت المعلومة بلا شك. والوضع الحالي يقول إن الطالب يجب أن يحفظ ويتم تزويده أحيانًا كذلك بواجبات يومية مكثفة ومعقدة تفوق وتتعدى قدراته ومستواه، لتعقد المنهج الواقعي للطلاب بالسلطنة الذي تطور ولكنه لم يراع المستوى النفسي الملموس لهذا الطالب وإمكانياته؛ فالمستوى تطور، لكنه في مستوى متقدم وأعلى من الإمكانيات والقدرات الحقيقية لهذا الطالب في كل مرحلة دراسية، وهذا ما جعل أغلب الأسر مضطرة ما بين خيارين، أن الوالدين وخصوصا الأم هي من تقوم بحل هذه الواجبات بدلًا عنه، أو من كان مُقتدرًا فبإمكانه تلقي دروس خصوصية مراعاة لوضعه الذي يواجهه.
وقد كان لنا في تجربة فترة جائحة كورونا البائسة عِبرة في كيفية تطوير التعليم وآلياته والاستفادة من التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد؛ حيث كان الأجدر بنا أن نستثمر ونستمر على هذا المنوال في خط متصاعد مراعاةً للظروف الراهنة وللتقدم الحديث والاستدامة ودمج التعليم الحديث بالتعليم الحالي، وعن الحفظ والفهم كان يجب أن نتوجه لأسلوب الفهم الذي يتعاظم بقدرة ومستوى الذكاء للطالب؛ فالقراءة التصويرية التي تقوم على المشاهدة بالعين المجردة بمشاهد أو بصور قد تثبت المعلومة بصورة كبيره، فالكائن البشري يتطور أسرع كلما شاهد ورأى بأم عينه وخصوصًا مع التكنولوجيا الحديثة وتقنيات التواصل الاجتماعي الجديدة، بعكس الحفظ الذي قد يندثر بتوالي الأيام ولا يدوم.
ففي الدول المتطورة في التعليم مثل المملكة المتحدة، نرى في معظم مناهجهم التعليمية بما فيها تعلم اللغة الإنجليزية، يعتمدون كثيرًا على المشاهدة المرئية عبر التلفاز أو الفيديوهات أو غيرها من تقنيات ووسائل حديثة، والاستعانة أحيانًا بالاستماع والقراءة والإنصات؛ ما يعمل على تطور هذا الطالب بسرعة فائقة والارتقاء به إلى مراتب ومستويات أخرى؛ كونها تعتمد على المشاهدة والفهم والاستيعاب.
وهناك أفضل الدول المتقدمة في ممارسة التعليم المتطور وعلى رأسها فنلندا، التي لم تتبع الكثير من المبادئ العالمية لإصلاح التعليم، فلا توجد اختبارات قياسية مُوحَّدة أو عمليات تفتيش على المدارس؛ فنظام التعليم يعتمد على المساءلة الذكية، وتتميز بتوفير تعليم شامل ومتكامل يُركِّز على تطوير مهارات التفكير النقدي والإبداع لدى الطلاب. وتُستخدم الممارسات والتقنيات الحديثة في التعليم التي منها الشاشات الذكية في مدارسها بدلًا من التقليدية، ويستخدم الطلاب الأجهزة اللوحية الإلكترونية بها والتقليل من كم الواجبات المنزلية عليهم، وغير ذلك من أسلوب تعليمي حديث مشوق جعلها تتربع في صفوة الدول المتقدمة في هذا المجال في العالم.
وهناك أيضًا سنغافورة التي تقدمت وأصبحت من الدول الرائدة في مجال التعليم، ومثالًا يحتذى به؛ حيث تتميز بنظام تعليم متطور يُركِّز على تطوير مهارات العلوم والتكنولوجيا والرياضيات وجودة المدارس والمعلمين والمناهج.
ونحن هنا في عُمان بحاجة إلى مثل هذه الآليات والممارسات والإمكانيات المتطورة للنهوض بالتعليم لدينا؛ فنحن وطن النهضة ونحن مدرسة للأجيال ونحن نهضة متجددة، نسعى بكل قوة للتصدر والتفوق والاهتمام بتنمية كل ما هو جديد ومفيد للنهوض بهذا المجتمع وهذا المواطن وصولًا به لتحقيق السعادة وجودة الحياة له. وبكل تأكيد إن الجهات المعنية بالتعليم لدينا سعت وتسعى للتطور، وقد حصدت أعلى الشهادات والاعترافات الدولية لعل من أبرزها شهادة الآيزو العالمية التي لا تُمنح إلّا لمن حقق التفوق في أنظمة الآيزو العالمية ووصلت مستوى جودة الخدمات به لمرحلة الريادة والرفاهية. ولكن هناك بعض اللمسات كالبلسم التي إن تم ضبطها لأضافت للتعليم رونقًا ووسامًا خالصًا، مع الاهتمام النوعي بالجانب النفسي والبيئي والظرفي للطلبة وعدم الإغفال عنه في مجتمعنا؛ فهذا هو الواقع، وصولًا للتطلعات والمأمول لدرجة أقل ما نصفها بالكمال وهي النقطة الصعبة البعيدة التي يحلم بها الجميع.
إنَّنا على ثقة ويقين بقدرة مؤشرات التعليم لدينا بالوصول إلى بر الأمان، وإلى ذلك المستوى من الرقي والازدهار في عُمان المجد وعُمان المستقبل، ولن ننسى ما حيينا تلك المقولة الرنانة التي ترددت على ذهن كل عُماني "سنُعلِّم أبناءنا ولو تحت ظل شجرة".
** خبير الجودة والتميز المؤسسي والتخطيط الاستراتيجي