ميتا تنهي تعاقدها مع شركة فحص الحقائق.. هل يمتلئ فيسبوك بالشائعات؟
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
بشكل مفاجئ، أعلن مارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لشركة "ميتا" مالكة منصات "واتساب" و"فيسبوك" و"إنستغرام"، أن الشركة أنهت التعاون مع شركات مراقبة المحتوى الخارجية التي كانت تساهم في تنقيح وإدارة المحتوى الموجود داخل المنصة.
وبدلا من ذلك، تتبع الشركة الآن النموذج المستخدم في منصة "تويتر سابقًا/ إكس حاليا" التابعة لإيلون ماسك، حيث يتم مراقبة المحتوى وإدارته داخل المنصة من خلال مستخدمي المنصة أنفسهم، وذلك في محاولة للتحول إلى منصة أكثر حرية استعدادا لإدارة ترامب الجديدة للبلاد.
في الظاهر، تبدو هذه الخطوة مبشرة بمستقبل جديد في منصات "ميتا" التي تعد الأبرز والأكثر استخداما في العالم، وفي باطنها، تحمل هذه الخطوة خطورة غير مسبوقة حتى وإن كانت منصات مثل "إكس" تستخدمها، وذلك بفضل الشعبية الواسعة لمنصات "ميتا"، فهل يتحول "فيسبوك" إلى صحيفة صفراء لنقل الشائعات؟
بعض الشركات بدأت التواصل مع منصات تواصل اجتماعي غير تابعة لشركة "ميتا" للتعاقد معها لتدقيق المعلومات (غيتي إيميجز) ماذا حدث؟إعلان زوكربيرغ كان مباغتا للجميع، فحتى الشركات العاملة في هذا القطاع لم تدرك نيّة "ميتا" حتى إعلانها رسميًا، خاصةً بعد المناقشات حول تجديد عقود "ميتا" مع هذه الشركات للعام المقبل.
هذا الأمر دفع الشركات للدخول في اجتماع افتراضي مباشر لمناقشة هذا الأمر وتبعاته، وفق ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز"، وأوضح التقرير أيضًا أن هذا القرار يؤثر على المتعاقدين مباشرةً مع قسم توثيق المعلومات داخل "ميتا" إلى جانب الشركات الخارجية التي تتعاقد معها الشركة.
تفاجأ آلان دوك، وهو رئيس مجلة "ليد ستوريز" (Lead Stories) وأحد أقدم المتعاقدين مع قسم توثيق المعلومات منذ عام 2019، برسالة في بريده الإلكتروني من "ميتا" لإنهاء تعاقده مع الشركة في مطلع مارس/آذار المقبل، رغم أنه وقع عقدًا ممتدًا لمدة عام قبل أسبوعين.
إعلانوربما يختلف الأمر قليلًا من ناحية الجهات الخارجية التي كانت تتعاقد معها "ميتا" من أجل تدقيق المعلومات، فمثلًا "بوليتيفاكت" (Politifact) وهي إحدى الصحف المستقلة في أميركا كانت ضمن المتعاقدين مع "ميتا" من أجل تدقيق المعلومات، وكانت تعتمد على هذا العقد في الحصول على 5% من إجمالي أرباحها السنوية قبل إنهاء التعاقد معها.
وحتى مجلة مثل "ليد ستوريز" كانت تعتمد على أمر مماثل، ولكن بدلًا من تدقيق المعلومات والحقائق في اللغة الإنجليزية فقط، فإنها كانت تعتمد على 80 شخصا من خارج الولايات المتحدة من أجل مراجعة المعلومات في مختلف اللغات الكبيرة.
أثر واضح على الشركاتفي السنوات الماضية، أصبح العمل مع "ميتا" ومنصات التواصل الاجتماعي من أجل تدقيق المعلومات والوصول إلى تفاصيلها أمرًا رائجًا، لدرجة أن العديد من الشركات والصحف اتجهت إلى هذا الأمر لتضمن دخلا إضافيا لها بعيدًا عن طرق الدخل المعتادة.
وربما كانت "بوليتيفاكت" و"ليدز ستوريز" مثالًا حيًا على هذا الأمر، إلا أن قائمة الشركات المتعاونة مع "ميتا" في قطاع تدقيق المعلومات داخل الولايات المتحدة تمتد لأكثر من 10 شركات توظف مئات الأشخاص، فضلًا عن عدة شركات عالمية تعمل في مختلف اللغات الأخرى مثل "فتبينوا" الأردنية المسؤولة عن تدقيق المحتوى باللغة العربية مع "ميتا" و"إيه إف بي" (AFP) الفرنسية التي تعمل في المنطقة أيضًا.
في الوقت الحالي، كان قرار "ميتا" نافذًا على الشركات الأميركية فقط التي تعمل في قطاع تدقيق المعلومات، أي أن الشركات المسجلة خارج الولايات المتحدة لن تتأثر بهذا الأمر، ومن المتوقع أن يمتد قرار الشركة ليشمل جميع شركائها حول العالم.
عقب هذا القرار، بدأت بعض الشركات في التواصل مع منصات التواصل الاجتماعي الأخرى غير التابعة لشركة "ميتا" من أجل التعاقد معها على تدقيق المعلومات، وذلك أسوةً بشركة "ليدز ستوريز" التي تعتمد على "بايت دانس" المالكة لمنصة "تيك توك" بشكل أساسي.
لا يمر يوم دون ظهور معلومة جديدة تتشاركها المجموعات الكبيرة آلاف المرات داخل المنصة (رويترز) لماذا اتخذ زوكربيرغ هذا القرار؟لا يوضح البيان الذي نشرته "ميتا" أسباب اتخاذ زوكربيرغ هذا القرار، باستثناء أنها خطوة من أجل منصة أكثر حرية، لأنها ابتعدت كثيرًا عن هذا المسار في السنوات الماضية وكانت أداة للقمع والحجر على آراء المستخدمين.
إعلانفي مقطع مرفق مع البيان، قال زوكربيرغ إن هذه الخطوة قد تجعل منصاتها مليئة بالمعلومات السيئة والخاطئة، ولكنها أيضًا تترك المجال للأبرياء للتعبير عن آرائهم بحرية أكبر، وهي مقايضة تستعد الشركة لاتخاذها.
وبحسب ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" عن مجموعة من التنفيذيين داخل الشركة، فإن هذه الخطوة جاءت بالتنسيق مع إدارة ترامب القادمة، إذ تقابل زوكربيرغ وترامب في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ثم تبرعت الشركة بقيمة مليون دولار لصالح حملة ترامب تزامنًا مع ترقية جويل كابلان، الجمهوري الذي يشغل منصبًا إداريًا في الشركة، ليصبح هو المسؤول الأول عن سياسة الخصوصية والاستخدام وتدقيق المعلومات.
هذه الخطوات إلى جانب التوقيت الذي يتزامن مع صعود دونالد ترامب إلى الرئاسة تؤكد أن زوكربيرغ قرر الانصياع وراء ترامب واتباع مسيرة إيلون ماسك في تحويل منصته لشكل يشبه منصة "إكس"، وهو ما عززته تصريحات دونالد ترامب التي انتقد فيها "ميتا" وإدارة زوكربيرغ.
ورغم أن مثل هذه الخطوة تتيح حرية أكبر للمستخدمين، فإن حجم المستخدمين في منصات "ميتا" يصل إلى أضعاف مضاعفة لمستخدمي منصة "إكس"، فضلًا عن انتشارها الواسع في مختلف الدول حول العالم وتحديدًا دول العالم الثالث التي تفضل استخدام "واتساب" كمثال، وهو الأمر الذي ينبئ بطوفان من المعلومات المغلوطة.
بيئة خصبة للمعلومات المغلوطةفي عام 2019، قامت شركة استطلاعات رأي إندونيسية بإجراء بحث حول انتشار المعلومات المغلوطة والمضللة عبر منصة "واتساب" تحديدًا، وخلال فترة الدراسة التي امتدت إلى بضع أشهر، تمكنت الشركة من العثور على أكثر من 480 معلومة مغلوطة منتشرة عبر "واتساب"، وبحسب الدراسة، فإن أكثر من 60% من كبار السن الذين يتجاوزون 50 عامًا يؤمنون بدقة وصحة هذه المعلومات مع نسبة مشاركة وإعادة إرسال تصل إلى 46%.
هذه الدراسة بمفردها تشير إلى دور "واتساب" في نشر المعلومات المغلوطة والمضللة، وهو دور يعرفه كل من يستخدم المنصة، إذ لا يمر يوم دون ظهور معلومة جديدة تتم مشاركتها آلاف المرات عبر المجموعات الكبيرة داخل المنصة.
إعلانوتجدر الإشارة إلى أن هذا المعدل الكبير لانتشار المعلومات المغلوطة كان أثناء تطبيق سياسة تدقيق المعلومات والحقائق السابقة للشركة، أي أن المستقبل يحمل بداخله المزيد من المعلومات المغلوطة والشائعات مع غياب شركات تدقيق المحتوى.
ونظرًا للانتشار الواسع لمنصة "واتساب" في المنطقة العربية فضلًا عن "فيسبوك" و"إنستغرام"، فإنه من المتوقع أن ينفجر بركان من الرسائل المغلوطة والمعلومات الكاذبة، إضافة إلى الرسائل الاحتيالية عبر المنصات.
حرية أكبر لكشف الحقائقورغم أن مثل هذا النظام قد يحمل في داخله الملايين من المعلومات المضللة، فإنه فرصة أيضًا لكشف الحقائق ونشر القضايا التي كانت "ميتا" توقف نشرها في الماضي، وربما كانت القضية الفلسطينية إحدى أبرز هذه القضايا.
إذ استمرت "ميتا" منذ بداية الحرب من أكثر من عام وعدة أشهر في قمع المعلومات وإيقاف جميع الحسابات التي تشير إلى هذه القضية وتشارك المعلومات المتعلقة بها، ولكن مع النظام الجديد، قد يصبح النشر أكثر سهولة.
ويظل السؤال هنا، هل تزيل "ميتا" حقا كل القيود؟ أم تترك بعض القيود لترضي جهات بعينها؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المعلومات المغلوطة تدقیق المعلومات المعلومات ا داخل المنصة هذه الخطوة هذا القرار هذا الأمر تعتمد على أکثر من من أجل
إقرأ أيضاً:
بعد تغييره لسياسات «ميتا».. تقارب بين «ترامب» و«زوكربيرغ»
نقل موقع “سيمافور” الإخباري عن مصدر مطلع قوله “إن الرئيس التنفيذي لشركة ميتا مارك زوكربيرغ التقى بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في منتجع مار إيه لاغو، أمس الجمعة”، وذلك عقب قرار شركة ميتا تخفيف سياسات التدقيق في المحتوى على منصات الشركة في الولايات المتحدة.
وكانت شركة التكنولوجيا الأميركية العملاقة”ميتا ” قالت في وقت سابق “إنها قررت إنهاء برامج التنوع والمساواة والشمول، بما في ذلك برامج التوظيف والتدريب واختيار الموردين”، في مذكرة موجهة إلى موظفيها.
وفي الأسبوع الماضي، ألغت شركة التواصل الاجتماعي أيضا برنامج التحقق من صحة المعلومات في الولايات المتحدة، وخففت القيود المفروضة على المناقشات المتعلقة بالموضوعات المثيرة للجدل مثل الهجرة والهوية الجنسية، رضوخا لانتقادات المحافظين مع استعداد ترامب لتولي المنصب مرة أخرى.
وحذرت شبكة دولية للتثبت من الحقائق، الخميس، من أن توسيع شركة ميتا قرارها إلغاء التحقق من المنشورات على فيسبوك وإنستغرام سيؤدي إلى “ضرر في العالم الحقيقي”، نافية ادعاء، مارك زوكربيرغ، بأن الإشراف على المحتوى يرقى إلى مستوى الرقابة.
وأثار إعلان مارك زوكربيرغ ، مؤسس شركة ميتا ورئيسها التنفيذي، المفاجئ هذا الأسبوع عن تخفيف سياسات التدقيق في المحتوى في الولايات المتحدة، حالة من القلق في دول مثل أستراليا والبرازيل.
وقال قطب التكنولوجيا إن مدققي الحقائق “منحازون سياسيا للغاية” وإن البرنامج أدى إلى “قدر كبير من الرقابة”.
لكن الشبكة الدولية للتثبت من الحقائق التي تضم وكالة “فرانس برس” ضمن عشرات المنظمات الأعضاء على مستوى العالم، قالت إن الادعاء بممارسة الرقابة “خاطئ”.
وحذّرت الشبكة من أن توسيع ميتا نطاق تغيير سياستها خارج حدود الولايات المتحدة لتشمل البرامج التي تغطي أكثر من 100 دولة، قد تكون له عواقب مدمرة.
وقالت إن “بعض هذه البلدان معرض بشدة لخطر المعلومات المضللة التي تؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي والتدخل في الانتخابات والعنف الجماعي وحتى الإبادة الجماعية”.
وأضافت الشبكة الدولية للتثبت من الحقائق أنه “إذا قررت شركة ميتا إيقاف البرنامج على مستوى العالم، فمن المؤكد تقريبا أن ذلك سيؤدي إلى ضرر في العالم الحقيقي في العديد من الأماكن”.
وندد جو بايدن يوم الجمعة بالقرار الذي اتخذته شركة ميتا بإنهاء برنامجها للتثبت من الحقائق في الولايات المتحدة. وقال الرئيس الأميركي للصحافيين في البيت الأبيض، عقب الإعلان الذي أصدرته هذا الأسبوع الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام وواتساب، إن “الحقيقة مهمة”.
من جهته شدد المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جنيف، الجمعة، على أن تنظيم المحتوى الضار عبر الإنترنت “ليس رقابة”.
وقال فولكر تورك عبر منصة إكس إن “السماح بخطاب الكراهية والمحتوى الضار عبر الإنترنت له عواقب في العالم الحقيقي. وتنظيم مثل هذا المحتوى ليس رقابة”.
وجاءت تغييرات شركة ميتا لسياساتها قبل أقل من أسبوعين من تولي الرئيس ترامب منصبه، وهي تتماشى مع موقف الحزب الجمهوري.
وكان ترامب منتقدا شديدا لميتا وزوكربيرغ لسنوات، واتهم الشركة بالانحياز ضده وهدد بالانتقام من مديرها التنفيذي بمجرد عودته إلى منصبه.
يبذل زوكربيرغ جهودا للتصالح مع ترامب منذ انتخابه في نوفمبر، فاجتمع معه في منتجعه بمارالاغو في فلوريدا، وتبرع بمليون دولار لصندوق أموال مخصص لمراسم تنصيبه.
كما عيّن رئيس بطولة القتال النهائي (يو إف سي) دانا وايت المقرب من ترامب، في مجلس إدارة الشركة.
وقالت أنجي دروبنيك هولان، مديرة الشبكة الدولية للتثبت من الحكم، الثلاثاء إن القرار جاء بعد “ضغط سياسي شديد”.
وأضافت أن “هذه الخطوة ستلحق ضررا بمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين يبحثون عن معلومات دقيقة وموثوقة لاتخاذ قرارات بشأن حياتهم اليومية وتفاعلاتهم مع الأصدقاء والعائلة”.
بدورها، اعتبرت أستراليا أن قرار ميتا “تطور ضار جدا”، فيما حذّرت البرازيل من أنه “سيئ للديمقراطية”.
وكانت ميتا قد عزّزت التثبت من الحقائق عقب انتخاب ترامب عام 2016، بعدما قال مراقبون إن انتشار المعلومات المضللة على فيسبوك وتدخل جهات أجنبية، من بينها روسيا، على المنصة ساهم في فوزه.
آخر تحديث: 11 يناير 2025 - 19:45