13 يناير، 2025

بغداد/المسلة: تشهد التطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط تحولات معقدة تعيد تشكيل المواقف الاستراتيجية للدول الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة، في ظل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتصاعد التوترات الإقليمية.

و عودة ترامب، التي تمثل نقطة تحول في السياسة الخارجية الأمريكية، أعادت ملف الانسحاب الأمريكي من العراق إلى واجهة النقاش، وسط توقعات بتأثيرها الكبير على مستقبل العلاقات بين بغداد وواشنطن.

يرى محللون أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستتبنى موقفاً أكثر صرامة تجاه إيران، وهو ما يجعل الانسحاب من العراق خياراً غير مرجح. فالوجود الأمريكي في العراق، وفقاً لدوائر صنع القرار في واشنطن، يمثل ركيزة أساسية لاحتواء النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة. من جهة أخرى، تعد العراق محوراً مهماً لاستراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، خاصة بعد خسارتها لنفوذ كبير في سوريا لصالح المحور الإيراني.

التقارير الأمريكية، ومنها ما نشرته منظمة ستميسون، تؤكد أن الحديث عن انسحاب القوات الأمريكية من العراق لا يعدو كونه تصريحات إعلامية تهدف إلى تهدئة الأوضاع، حيث إن واشنطن تعتبر العراق جزءاً لا يتجزأ من أمنها القومي وأمن حلفائها في المنطقة.

و يعود ذلك إلى عقيدة السياسة الخارجية الأمريكية منذ عهد الرئيس جيمي كارتر، التي تركز على حماية أمن الخليج العربي ومواجهة التهديدات الإيرانية.

و في هذا السياق، تبدو فكرة الانسحاب مستبعدة، ليس فقط بسبب المصالح الأمنية، بل أيضاً بسبب التكاليف الاقتصادية الباهظة التي تحملتها واشنطن في العراق منذ عام 2003، والتي تجاوزت 3.5 تريليونات دولار.

من الناحية العراقية، يشير مراقبون إلى تحول في مواقف الفصائل المعارضة للوجود الأمريكي. فبينما كانت تلك الفصائل تقود حملة شرسة ضد القوات الأمريكية، أصبح خطابها اليوم أقل حدة، مما يثير تساؤلات حول وجود تفاهمات ضمنية أو اتفاقيات غير معلنة بين الجانبين. في المقابل، لا تزال الحكومة العراقية متمسكة بخططها المعلنة لإنهاء وجود القوات الأجنبية على أراضيها، وهو ما أكده رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في تصريحات سابقة، رغم أن تنفيذ تلك الخطط يبدو محفوفاً بالتحديات الإقليمية والدولية.

التغيرات الراهنة تلقي الضوء على الدور الذي يلعبه العراق في التوازنات الإقليمية. فبينما تعزز الولايات المتحدة وجودها العسكري والسياسي، تحاول قوى أخرى، مثل إيران، الاستفادة من أي فراغ قد ينجم عن تقليص الدور الأمريكي.

في هذا الإطار، يرى محللون أن الانسحاب الأمريكي من العراق قد يؤدي إلى إعادة ترتيب المشهد الجيوسياسي، حيث ستسعى أطراف مختلفة إلى ملء هذا الفراغ وتعزيز نفوذها في المنطقة.

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: من العراق

إقرأ أيضاً:

انسحاب واشنطن يعيد خلط الأوراق ويفتح السيناريوهات.. تركيا وإسرائيل في سوريا.. صدام مرتقب أم تقاسم نفوذ؟

البلاد – دمشق
تشهد سوريا لحظة فارقة مع اقتراب انسحاب تدريجي مرتقب للقوات الأمريكية، في خطوة من شأنها أن تعيد تشكيل خريطة النفوذ الإقليمي، وسط تساؤلات متصاعدة حول ما إذا كان الفراغ الناتج سيفتح الباب لصدام تركي إسرائيلي، أم لتفاهمات جديدة بينهما تُعيد رسم حدود اللعبة شمال البلاد.
بحسب ما كشفته صحيفة “يديعوت أحرنوت”، أبلغت واشنطن حليفتها إسرائيل أنها تعتزم تقليص عدد قواتها في سوريا خلال الشهرين المقبلين، تمهيدًا للانسحاب الكامل الذي طالما لوّحت به إدارة ترامب في ولايته السابقة، ويُعاد الآن طرحه ضمن مراجعة أوسع للانتشار العسكري الأمريكي في المنطقة، رغم الحشد الأخير قبالة الحوثيين في اليمن وضمن الرسائل لإيران.
القرار الأمريكي الذي لم تُفلح الضغوط الإسرائيلية في وقفه، يثير قلق تل أبيب من أن يُترجم إلى إطلاق يد أنقرة شمال سوريا، بما يمنحها مرونة أكبر لتوسيع وجودها العسكري على حساب التوازنات القائمة. وقدّر أحد المسؤولين الأمريكيين أن التقليص المزمع قد يُخفّض عدد الجنود إلى نحو ألف فقط، مقابل ألفي جندي موزعين حاليًا على قواعد متعددة في الشمال الشرقي، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن حجم التقليص لا يزال قيد المراجعة، في ضوء المستجدات في سوريا والإقليم.
ورغم التصعيد اللفظي بين أنقرة وتل أبيب، بدأت محادثات تنسيقية بين الطرفين لضبط إيقاع التحركات في سوريا، حسبما ذكرت الصحيفة العبرية، التي استعرضت كذلك التصريحات المتباينة للمسؤولين الأتراك: فرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان اتهم إسرائيل بالسعي إلى تقسيم سوريا وتأجيج الصراعات العرقية، بينما تبنى وزير الخارجية هاكان فيدان لهجة أكثر تهدئة، مؤكدًا عدم نية بلاده الدخول في مواجهة مع أي طرف هناك.
هذا المشهد المتداخل يتقاطع مع توغل الجيش الإسرائيلي في جنوب سوريا منذ ديسمبر الماضي، بعد انهيار نظام بشار الأسد، متجاوزًا الخطوط التي كانت تُعد مناطق عازلة، ما يعزز المخاوف من نوايا توسعية تتجاوز مجرد الردع الأمني.
وفيما يبقى موقف واشنطن من توقيت الانسحاب وحجمه النهائي غير محسوم، يُطرح سؤال حاسم: هل يتجه الخصمان الإقليميان إلى صراع مباشر على ما تبقى من المشهد السوري؟ أم أن ترتيبات ما خلف الكواليس قد تنتج حالة تقاسم محسوبة للمصالح والنفوذ؟ في ظل هذا الانسحاب الأمريكي، يغيب الصوت العربي الفاعل، بينما تبدو سوريا ساحة مفتوحة أمام تفاهمات إقليمية غير عربية، ما يطرح بإلحاح الحاجة إلى دور عربي يعيد التوازن ويحمي وحدة الأرض السورية.

مقالات مشابهة

  • انسحاب واشنطن يعيد خلط الأوراق ويفتح السيناريوهات.. تركيا وإسرائيل في سوريا.. صدام مرتقب أم تقاسم نفوذ؟
  • صفقات المليارات النفطية: استثمار سياسي أم ورطة اقتصادية؟
  • مقترح بلا ضمانات… لماذا ترفض المقاومة الفلسطينية المقترحات “الإسرائيلية”؟
  • الخارجية الأمريكية: إدارة ترامب ترفض أن يكون “الناتو” أداة لخوض الحروب أو تمويلها
  • مسؤول إسرائيلي: لا نتوقع انسحابًا أمريكيًا كاملًا من سوريا
  • إعلام إسرائيلي: واشنطن أبلغت تل أبيب بنيتها الانسحاب من سوريا
  • واشنطن تحدد موعد بدء الانسحاب من سوريا
  • بين التراجع والتصعيد.. هل تغيرت شروط واشنطن في الملف النووي الإيراني؟.. المبعوث الأمريكي يطالب بوقف برنامج تخصيب اليورانيوم.. وإيران ترفض التفتيش الدولي على البنية التحتية العسكرية
  • العراق الرابح الأكبر من مصالحة واشنطن وطهران
  • وزير الخارجية الإيراني يبحث مع نظيره الكويتي آخر التطورات الإقليمية والدولية