تشهد سماء الأرض هذا العام إحدى أجمل الظواهر الفلكية النادرة، إذ إن 6 كواكب ستصطف معا في سماء الأرض يوم 21 يناير/كانون الثاني الجاري، وهذه الكواكب هي المريخ والمشتري وأورانوس ونبتون والزهرة وزحل، ثم لاحقا سيحدث اللقاء الأكبر والعرض الأكثر إثارة، حينما ينضم عطارد إلى بقية المجموعة الشمسية ليلة 28 فبراير/شباط، وتشكّل بذلك عرضا استثنائيا للمجموعة الشمسية.

ويمكن لنا بعينين مجردتين أن نرى 5 من هذه الكواكب وهي المريخ والمشتري والزهرة وزحل وعطارد، وهي تزين سماء الأرض طوال الشتاء تقريبا، ما عدا عطارد الذي يظهر لفترة قصيرة ثم يختفي.

ويحدث في العادة اقتران واصطفاف عدة أجرام سماوية في آن واحد على مستوى 3 أو 4 كواكب، إلا أن اجتماع 6 أو 7 كواكب كما سيحدث لاحقا هذا الشهر وفي الشهر المقبل، يعد حدثا فلكيا نادرا للغاية.

ورغم أن الكواكب لن تظهر في خط مستقيم مثالي كما في الرسوم التوضيحية، فإنها ستصطف على طول خط وهمي نتيجة مداراتها المشتركة ضمن مستوى مسار الشمس (دائرة البروج).

الزهرة يلمع مثل مصباح منير (شترستوك) العلم وراء الاصطفافات الكوكبية

ينشأ اصطفاف الكواكب من الطبيعة المسطحة نسبيا للنظام الشمسي، حيث تدور جميع الكواكب حول الشمس ضمن مستوى يُسمى مستوى دائرة الكسوف، وهو مستوى تقريبي يشبه القرص، ويُطلق عليه أيضا "مستوى مدار الأرض حول الشمس".

إعلان

وهذا المستوى هو نتاج تكوّن النظام الشمسي من سحابة دوّارة من الغاز والغبار الكوني. ومع انهيار السحابة تحت تأثير الجاذبية، اتخذت شكلا مسطحا، مما أدى إلى تكوين الكواكب في مدارات قريبة من هذا المستوى. هذا التوزيع المداري يضمن، من منظور الأرض، تجمُّع الكواكب على جهة واحدة من الشمس من حين لآخر، مما يؤدي إلى حدوث هذه المشاهد السماوية النادرة.

تدور الكواكب حول الشمس في مسارات تسمى "المدارات"، وهي عادة ما تكون إهليلجية (بيضاوية الشكل)، وليست دائرية تماما، وفقا لقانون كبلر الأول. ويتميز مدار الكوكب بـ"معامل الاستطالة"، وهو مقياس يُظهر مدى انحناء المدار عن الشكل الدائري المثالي. كما أن الكواكب تتميز بـ"الميل المداري"، وهو زاوية انحراف مدار الكوكب عن مستوى دائرة الكسوف.

وإذا نظرنا إلى الميل المداري للأرض بالنسبة لدائرة الكسوف فنجده صفرا، بحكم أن مدار الأرض هو المرجع لهذا المستوى، في حين ينحرف مدار المريخ عن مستوى دائرة الكسوف بنحو 1.85 درجة، وأما المشتري 1.3 درجة، وأورانوس 0.77، وعليه فإن الكواكب لا تصطف باستقامة عندما تجتمع في سماء الأرض.

المشتري يلمع بلون أبيض واضح مثل الزهرة لكنه أقل لمعانا (ناسا) كيف يمكن مشاهدتها؟

ويعد الاصطفافان المرتقبان فرصة سانحة ومشوقة لرصدهما، ويتطلب الأمر سماء صافية وأدوات فلكية بسيطة، مثل المنظار المكبر أو التلسكوبات. كما يعتمد رصد هذه الاصطفافات بشكل كبير على الموقع الجغرافي ووقت الرصد وحالة الطقس المحلية.

ولحسن الحظ، ثمّة عديد من الأدوات التي تساعد المراقبين والهواة للاستعداد لمثل هذا الحدث، وتقدم مواقع إلكترونية مثل "تايم آند ديت" (Time and Date) أدوات تفاعلية لتحديد أوقات ظهور الكواكب ومواقعها في السماء، وبالمثل، توفر برمجية "ستلاريوم" (Stellarium) المجانية دليلا شاملا لمواقع الأجرام السماوية.

إعلان

ومن المهم الاستعداد جيدا قبل الحدث بليلة على الأقل، بوضع مخطط كامل لمسار جميع الكواكب في السماء، وتحديد ساعة الصفر للشروع بمراقبتها جميعا في لقطة واحدة، هذا مع التأكيد أن أورانوس ونبتون هما الكوكبان الوحيدان اللذان لن يكون بالمقدور رؤيتهما بالعين المجردة، ويتطلب الأمر أداة مساعدة لرؤيتهما.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات سماء الأرض

إقرأ أيضاً:

ما الذي يمكننا تعلمه من ظاهرة “قمر الدم” النادرة؟

في ليلة 13 مارس وحتى ساعات الصباح الأولى من 14 مارس، سيستمتع عشاق الفلك بحدث فلكي نادر وهو الخسوف الكلي للقمر.

وخلال هذا الحدث، يتحرك القمر إلى داخل ظل الأرض، ما يحول لون سطحه من الأبيض الساطع إلى اللون الأحمر الغريب، وهو ما يعرف باسم “القمر الدموي” أو “قمر الدم”.

ويحدث هذا الخسوف عندما تصطف الشمس والأرض والقمر بشكل مثالي، ما يسمح للأطوال الموجية الطويلة للضوء الأحمر بالمرور عبر الغلاف الجوي للأرض وإضاءة القمر بألوان مذهلة تتراوح بين الأحمر الصدئ والقرمزي.

وستحظى أمريكا الشمالية والجنوبية بمشاهدة واضحة لجميع مراحل هذه الظاهرة الفلكية المذهلة، أما في أوروبا الغربية، فسيغرب القمر وهو ما يزال في مرحلة الكسوف.

وسيتمكن سكان غرب إفريقيا من رؤية الخسوف الكلي مع غروب القمر، وسيتمكن سكان أستراليا ونيوزيلندا من رؤية المراحل الأخيرة من الخسوف مع شروق القمر في 14 مارس.

لكن الخسوف ليس مجرد عرض فلكي ممتع، بل له أيضا أهمية علمية كبيرة. ففي العصور القديمة، ساعدت ظاهرة الخسوف في اكتشافات علمية مهمة. على سبيل المثال، أدرك الفلاسفة اليونانيون أن الأرض كروية بسبب شكل ظل الأرض المنحني على القمر أثناء الخسوف.

 

ما نتعلمه من الخسوف اليوم

 

– الغلاف الجوي للأرض: أثناء الخسوف الكلي، يمر ضوء الشمس عبر الغلاف الجوي للأرض، ما يتسبب في تشتت الألوان ذات الطول الموجي القصير، مثل الأزرق والأخضر، بينما تصل الألوان الحمراء والبرتقالية إلى القمر. وهذا يفسر سبب ظهور القمر باللون الأحمر أثناء الخسوف، وهو نفس السبب وراء الألوان الدافئة التي نراها أثناء شروق الشمس وغروبها.

ويمكن للون القمر أثناء الخسوف أن يخبرنا عن تغيرات في تركيب الغلاف الجوي للأرض. على سبيل المثال، بعد الانفجارات البركانية الكبيرة، قد يظهر القمر بلون بني رمادي داكن بدلا من الأحمر.

– دراسة سطح القمر: تستخدم المركبات الفضائية، مثل المركبة المدارية الاستطلاعية القمرية (LRO) التابعة لناسا لدراسة القمر أثناء الخسوف. ولاحظ العلماء أن سطح القمر لا يبرد بشكل موحد أثناء الخسوف، ما يكشف عن اختلافات في خصائص سطحه، خاصة حول الفوهات الصغيرة.

– تأثير الخسوف على المركبات الفضائية: المركبات الفضائية التي تعمل بالطاقة الشمسية، مثل المركبة المدارية الاستطلاعية القمرية (LRO)، تتأثر بالخسوف لأنها تفقد ضوء الشمس المباشر لساعات. لذلك، يتم إعدادها مسبقا لشحن البطاريات بالكامل قبل الخسوف، وإيقاف الأجهزة مؤقتا لتوفير الطاقة، ثم إعادة تشغيلها بعد انتهاء الخسوف.

– مستقبل دراسة الخسوف: مع استمرار هبوط المزيد من المركبات الفضائية على القمر وبدء عملياتها العلمية، بالإضافة إلى خطط ناسا لإعادة البشر إلى القمر عبر برنامج “أرتميس” (Artemis)، سنتعلم المزيد عن تأثير الخسوف على القمر نفسه.

 

وتقول كريستين شوبلا، مديرة التعليم في معهد الكواكب القمرية: “على عكس كسوف الشمس، الذي يمكن أن يراه فقط الأشخاص الموجودون على مسار ظل القمر، يمكن رؤية خسوف القمر من قبل أي شخص يمكنه رؤية القمر في ذلك الوقت”. وفي هذا الحدث للخسوف، سيتمكن أكثر من مليار شخص من رؤية القمر يتحول إلى اللون الأحمر.

 

مقالات مشابهة

  • باحثة فلكية: الميكروبات مفتاح فهم الحياة خارج الأرض ودعم المهمات الفضائية
  • بعد تجديد التعاقد.. اصطفاف معدات شركة النظافة بقرى الشهداء لمباشرة العمل
  • ناسا تدخل خدمة جي بي إس إلى سطح القمر قريبا
  • القمر يتعرض لظاهرة فلكية نادرة
  • خسوف جزئي للقمر يزين سماء المملكة المتحدة
  • فلكية جدة: كسوف جزئي للشمس نهاية رمضان
  • ما الذي يمكننا تعلمه من ظاهرة “قمر الدم” النادرة؟
  • 29 يومًا.. المعهد القومي للبحوث الفلكية يعلن مدة شهر رمضان فلكيًا
  • ما الذي يمكننا تعلمه من ظاهرة قمر الدم النادرة؟
  • ظاهرة كونية مذهلة.. ماذا يحدث فى سماء رمضان اليوم ؟