كتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": يشهد السباق لتولي رئاسة الحكومة، وللمرة الأولى، منافسة بين ثلاثة مرشحين مدعومين من كتل نيابية كانت تقاطعت على انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، وإن كان الفريق المؤيد لإيصال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى الرئاسة الثالثة يستبق ما ستؤول إليه الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها الرئيس عون، الاثنين، لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، ويتصرف وكأنه يتقدم منافسيْه النائبين فؤاد مخزومي وإبراهيم منيمنة، بفارق كبير من الأصوات يمكن أن يصل إلى نصف عدد أعضاء البرلمان زائداً واحداً.



ومع أن المنافسة محصورة بالمرشحين الثلاثة، فإن اسم رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام كان طُرح انطلاقاً من استعداده لتوليه المسؤولية في حال أن الكتل النيابية سمّته رئيساً للحكومة. وجرى التأكيد، كما تقول مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»، بأنه جرى التداول باسمه في الاتصالات التي جرت بعيداً عن الأضواء وتجاوزت نواب المعارضة (سابقاً) والتغييريين إلى كتل أخرى، قبل أن يغادر بيروت في الساعات الماضية إلى لاهاي للالتحاق بمقر عمله، مع أن اسمه لم يُسحب من التداول.
وهذا ما يفسر تريُّث الكتل في حسم قرارها بصورة نهائية ليكون في وسعها مواكبة ما ستنتهي إليه مشاورات اللحظة الأخيرة.
وفي معلومات خاصة بـ«الشرق الأوسط»، فإن ميقاتي يسعى لزيادة عدد مؤيديه من النواب المسيحيين، وأن رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، عاود أخيراً التواصل معه عبر أصدقاء مشتركين، لعله يكرر ما توصل إليه لدى تشكيل الحكومة الحالية بحصوله على الحصة المسيحية الكبرى فيها، برغم أنه امتنع وكتلته عن تسميته في الاستشارات التي تولاها آنذاك الرئيس ميشال عون.
فانفتاح باسيل على ميقاتي لا يعني أن الطريق سالك سياسياً أمام حجز مقعد لكتلته النيابية في الحكومة العتيدة بعد أن امتنع عن انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، وخاض ضد إيصاله للرئاسة أقسى المعارك التي حملت طابعاً شخصياً، إضافة إلى وجود «فيتو» محلي - دولي يقضي بعدم إسناد حقيبة الطاقة لوزير يسميه هو شخصياً.
وفي المقابل، فإن باسيل يتواصل، في الوقت نفسه، مع مخزومي. وهذا ما كشفه الأخير في اجتماع المعارضة الذي انتهى إلى ترشيحه لرئاسة الحكومة، خصوصاً أنه كان اقترحه سابقاً لتولي هذا المنصب. ولا يعني، كما تقول مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»، أنه على استعداد لتسميته؛ كونه لا يريد أن يقطع علاقته بـ«حزب الله» الذي يأخذ عليه عدم التزامه بمواقفه، ولا يرى أن هناك إمكانية للتعاون معه، ويفضّل أن يتعامل وإياه على القطعة، بالمفهوم السياسي للكلمة.
ترى المصادر نفسها، أن لا مشكلة في إعادة تسمية ميقاتي، للمرة الرابعة رئيساً للحكومة، وتقول استناداً إلى ما توافر لديها من معلومات، وتتعلق بتوجهات الكتل النيابية بتسمية مرشحها في الاستشارات المُلزمة، بأن لا منافسة لعودته إلى «السراي»، وهو يحظى بتأييد الثنائي الشيعي وعدد من الكتل النيابية أبرزها من تيار «المردة»، و«الاعتدال»، و«التوافق الوطني»، و«تكتل اللقاء التشاوري المستقل» وحزب «الطاشناق»، إضافة إلى النائبين العلويين وعدد من النواب المستقلين. أما «اللقاء الديمقراطي» فأرجأ قراره لبضعة ساعات، ريثما يحسم موقفه حيال إصرار القاعدة الحزبية لـ«التقدمي الاشراكي» التي تطالب بأن يشمل التغيير رئاسة الحكومة، إسوة برئاسة الجمهورية.
وبالنسبة إلى المعارضة (سابقاً)، كما تقول مصادرها، فإنها لم تعد تصنّف على خانة المعارضة فور انتخابها العماد عون رئيساً للجمهورية، لا بل أصبحت قوة سياسية تأخذ على عاتقها إنجاح العهد الجديد بتوفير كل أشكال الدعم له لضمان تنفيذ ما تعهد به في «خطاب القسم» بالتعاون مع حكومة فاعلة وموثوقة شعبياً غير تلك الحكومات، ومنها الحالية، التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه من أزمات، ولم تحرك ساكناً لتستعيد زمام المبادرة في الجنوب، بدلاً من أن يعلن رئيسها بأن قرار السلم والحرب ليس بيده.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الملفات الهامة والحساسة التي حملها ميقاتي في زيارته لدمشق

بيروت- بزيارة تعد الأولى من نوعها منذ 15 عاما، وصل رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم السبت، إلى العاصمة السورية دمشق، والتقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في قصر الشعب، حيث تكتسب هذه الزيارة أهمية كبرى على الصعيدين السياسي والأمني، إذ تمثل بداية عهد جديد في العلاقات بين لبنان وسوريا في ظل تغييرات جذرية شهدتها المنطقة.

وحمل ميقاتي في زيارته ملفا دقيقا يركز على الأمن والإصلاحات الثنائية، ورافقه وفد رسمي ضم وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب المدير العام لأمن الدولة العميد حسن شقير.

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقد بعد اللقاء، قال الشرع إنه "من الضروري أن تكون هناك علاقات إستراتيجية طويلة الأمد مع لبنان، تستند إلى أسس صحيحة وسليمة"، مؤكدًا أن سوريا ستظل ملتزمة بالوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف اللبنانية، وأضاف "هناك العديد من القضايا التي يتم بحثها مع لبنان ومن أبرزها ضبط الحدود".

من جانبه، أكد ميقاتي أن المناقشات تركزت على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، مبرزًا أهمية الحوار والعلاقات الودية التي تجمع الشعبين اللبناني والسوري، ولفت إلى أن "إعادة النظر في ملف اللاجئين السوريين في لبنان بات أمرًا ملحًا، بالنظر إلى الضغوط التي يشكلها هذا الملف على لبنان"، وأعرب ميقاتي عن ارتياحه لتفهم الشرع هذا الموضوع.

إعلان مرحلة جديدة

يلاحظ الأستاذ الجامعي علي مراد أن زيارة ميقاتي جاءت في توقيت حساس بالنسبة للمشهد اللبناني، إذ تزامنت مع انتخاب رئيس الجمهورية الجديد جوزيف عون، مما أعطى زخما لعجلة إعادة تكوين السلطة في لبنان بعد أكثر من سنتين من الفراغ، وقبل تكليف رئيس الحكومة، وهذا يعكس بداية نوع من الشرعية مع وجود رئيس للجمهورية، بالإضافة إلى أنها زيارة لرئيس مكلف.

وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح مراد أن الزيارة تحمل طابعا من محاولات التسويق الدولي والإقليمي لميقاتي في مرحلة ما بعد التكليف، بهدف كسب تأييد النواب في جلسة يوم الاثنين المقبل.

ويضيف "من المهم أن نعلم أن ميقاتي كان يعتبر من الشخصيات القريبة من النظام السوري وحلفائه في لبنان –حركة أمل وحزب الله– لذلك تعتبر الزيارة خطوة نحو تعزيز العلاقات بين مكون سياسي لبناني لم يكن معارضا للنظام السوري السابق، مما يعكس وجود علاقة ثابتة بين البلدين بغض النظر عن من يتولى السلطة في كل منهما".

من ناحية أخرى، اعتبر مراد أن الزيارة التي تمت بالطائرة تحمل دلالة أخرى على عمق العلاقة بين لبنان وسوريا، حيث تكرس هذه الزيارة العلاقة الرسمية بين البلدين.

أما بالنسبة للنتائج المتوقعة، فيشير إلى وجود العديد من القضايا العالقة بين لبنان وسوريا، أبرزها تعزيز الاعتراف المتبادل بسيادة واستقلال كل من البلدين، وعدم التدخل في شؤونهما الداخلية، وقد تجلى ذلك في تأكيد رئيس الجمهورية اللبنانية في خطاب القسم على أهمية العلاقات الندية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول".

كما يشير الأستاذ الجامعي إلى وجود عدة ملفات أخرى مثل قضية المعتقلين، وضبط الحدود، وإعادة النظر في اتفاقيات التعاون بين البلدين، بالإضافة إلى ملف اللاجئين وضمان عودتهم إلى بلادهم، ومسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية.

كما تظل قضية مزارع شبعا قضية إشكالية، حيث يعتبر الموقف الرسمي اللبناني أنها أرض لبنانية، رغم بعض الأقاويل غير المؤكدة عن وجود اعتراف ضمني لبناني بالسيادة السورية على هذه المنطقة.

إعلان

ويختتم بقوله إن هذه الملفات تشير إلى "تركة من الالتباسات التاريخية والهواجس المتبادلة بين البلدين على المستويين الشعبي والمؤسساتي، وهي مسؤولية يتحملها بشكل رئيسي النظام السوري السابق".

ويضيف "مع ذلك تمثل هذه الزيارة خطوة نحو فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، حيث إن وجود مسؤولين أمنيين مرافقين لرئيس الحكومة يعكس الأولوية الأمنية التي تحظى بها العلاقة في هذه المرحلة".

زيارة دبلوماسية

ومن جانبه، يربط رئيس تحرير صحيفة "اللواء" صلاح سلام زيارة الرئيس ميقاتي إلى دمشق اليوم بمضمون خطاب القسم للرئيس جوزيف عون، الذي أكد فيه أهمية العلاقة الودية مع سوريا وضرورة معالجة الملفات العالقة بين البلدين، ومن أبرز هذه الملفات، وفقا لسلام:

معرفة مصير اللبنانيين المعتقلين في السجون السورية. عودة النازحين السوريين إلى وطنهم. ترسيم الحدود البرية شرقًا والبحرية شمالًا بين لبنان وسوريا، خاصة في ظل الاهتمام المتزايد بملف الغاز والنفط في البحر الشرقي للمتوسط، والذي يمتد من مرسين في تركيا إلى غزة جنوبا.

ويشير سلام، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن هذه الزيارة تُعدّ ذات أهمية خاصة، كونها أول اتصال رسمي بين بيروت ودمشق، "وليس فقط في عهد النظام اللبناني الجديد، بل منذ سنوات طويلة من القطيعة بين الحكومتين التي سادت خلال حكم الرئيس السابق بشار الأسد".

ويضيف سلام أن الهدف الأول من هذه الزيارة "ليس مراجعة معاهدة التعاون والتنسيق بين لبنان وسوريا، بل هو إلغاؤها، نظرًا لأنها كانت تعتبر مجحفة بحق لبنان، فالمعاهدة وضعت في ظل الهيمنة السورية السابقة على لبنان"، وأضاف "من المتوقع أن تُفتح ملفات عالقة على ضوء هذه الزيارة، حتى وإن كانت النتائج النهائية لن تُنجز خلال لقاء واحد أو في فترة قصيرة".

لكن الأهم -وفقا لسلام- أن تطرح هذه الملفات المعقدة على طاولة البحث بين البلدين، "خاصة أن العلاقات اللبنانية – السورية يجب أن تكون تكاملية، بما يتماشى مع الروابط العميقة والمصالح المشتركة التي تجمع الشعبين".

إعلان

كما يشير سلام إلى ملف مزارع شبعا الذي يعد إستراتيجيا وأمنيا بالغ الأهمية للبنان، "ويتطلب تأكيد السيادة اللبنانية على المزارع لضمان الحق القانوني والدستوري في المطالبة بانسحاب إسرائيل منها".

وذكر سلام أن إسرائيل تعتبر هذه الأراضي سورية إذ احتلتها خلال حرب يونيو/حزيران 1967، وهي تخضع بالتالي للقرار 242 وليس للقرار 425، أو القرارات اللاحقة المتعلقة بالاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ لبنانية.

ويخلص سلام إلى أن زيارة ميقاتي تعتبر "خطوة إيجابية، تعكس حرص لبنان على تعزيز أمن واستقرار النظام الجديد في دمشق، وبناء علاقات متوازنة بين البلدين، كما تهدف إلى دعم التعاون المثمر على المستوى الرسمي بما يخدم مصالح الشعبين اللبناني والسوري".

مقالات مشابهة

  • الاستشارات النيابية لتسمية الرئيس المكلف اليوم.. اوساط حكومية: ميقاتي ليس في منافسة شخصية مع احد
  • تكتل التوافق الوطني: سنسمي ميقاتي لتشكيل الحكومة
  • المالية النيابية: الحكومة لم توافق لغاية الآن على رفع عمر المتقاعد إلى (63) سنة
  • بدل ميقاتي..المعارضة في لبنان ترشح مخزومي لرئاسة الحكومة
  • قوى المعارضة اللبنانية: ندعم ترشيح النائب فؤاد مخزومي لرئاسة الحكومة
  • بيان لها.. من ستسمي المعارضة لرئاسة الحكومة؟
  • الملفات الهامة والحساسة التي حملها ميقاتي في زيارته لدمشق
  • مادورو يؤدي اليمين رئيسا لفنزويلا لولاية ثالثة والمعارضة تندد
  • الرئيس اللبناني الجديد سيجري الإثنين المقبل الاستشارات النيابية لتسمية المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة