دور رئيس الجمهورية في الاستشارات: صندوق بريد أم شريك في التسمية؟
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
كتب جاد فقيه في" النهار": الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة، صلاحية أولاها الدستور لرئيس الجمهورية حصرا، لكن الإشكالية تكمن في دور الرئيس في هذه العملية، وما إذا كان يقتصر على جمع أصوات النواب ثم إعلانها، أو يمكنه الاعتراض على اسم وعرقلة وصوله إلى السرايا الحكومية. والحال أن نجاح أي عهد يقتضي تناغما ووئاما بين كل من الرئاسة الأولى والثالثة.
إنفاذا لأحكام الفقرة الثانية من المادة 53 من الدستور، يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب، بالاستناد إلى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسميا على نتائجها. هذه الفقرة أقرت مع التعديلات الدستورية التي رافقت اتفاق الطائف عام 1990، ومن حينها ساد تساؤل عما إذا كانت صفة "الملزمة" التي وردت في هذا النص يقصد بها ملزمة من حيث إجراؤها أو من حيث نتائجها.
يرى المحامي والأستاذ الجامعي في الدستور والقانون الدكتور عادل يمين أن "الرأي قر على أن هذه الاستشارات ملزمة للرئيس من حيث إجراؤها ومن حيث نتائجها أيضا، وجرت الممارسة على أن الرئيس يتقيد بنتائجها كما هي، ويسمي الشخصية التي نالت أعلى الترشيحات النيابية خلالها، بمعزل عما إذا كان هذا التأييد يشكل أغلبية مطلقة أو أغلبية عادية أو أغلبية موصوفة، وتاليا رئيس الجمهورية عليه أن يسمي الشخص الذي نال أكبر عدد من الأصوات حتى لو لم ينل الـ65".
وبحسب يمين "هذا النص يثير الجدل، إذ إنه لم يحدد الأغلبية المطلوبة للتسمية ولم يحدد ما إذا كان رئيس الجمهورية ملزما إجراء الاستشارات وملزما التقيد بنتائجها أو تحليلها واستخلاص العبر والتزام توجهها السياسي بغض النظر عن صاحب الرقم الأعلى، أما إذا تعادل مرشحان لرئاسة الحكومة في الأصوات فحينها على رئيس الجمهورية أن يؤدي دوره في هذه الاستشارات، ويفترض ألا يقتصر على كونه صندوق بريد".
ويضيف: "هذا الأمر خاضع لآراء فقهية واجتهادات مختلفة، ولكن في رأيي الشخصي، بعيدا من الممارسة المتبعة يستطيع رئيس الجمهورية أن يختار الشخصية التي يراها مناسبة بعد تقويم الاستشارات وخريطة المجلس وتوجهاته، لكي تحصل الحكومة في ما بعد على أكبر عدد أصوات في المجلس، كما أن لرئيس الجمهورية صلاحية إعادة إجراء الاستشارات إذا ارتأى أن نتائجها الأولى متقاربة.
أما في حال تسمية النواب بأغلبيتهم المرموقة، التي تفوق الأغلبية المطلقة (أي أكثر من 65 صوتا) اسما لتأليف الحكومة، فحينها لا يمكن رئيس الجمهورية أن يتنصل من هذه النتائج حتى لو كان لا يتفق مع الشخصية المرشحة من النواب، ولكن يبقى أمامه خيار عرقلة التأليف والتشدد في هذا الأمر".
ليس أكيدا أن الأمور ستتعقد في الاستشارات، وإن لم يتم الاتفاق على اسم لرئيس الحكومة حتى الآن. ويرى متابعون أن الضغوط الخارجية التي أدت إلى إنتاج رئيس في الدورة الثانية ستنجح أيضا في التوصل إلى اسم لترؤس الحكومة في اليوم الأول من الاستشارات النيابية. وما يرجح عدم العرقلة أيضا أن هذه الحكومة لن تبقى طوال فترة العهد الجديد، وستستقيل حال إجراء الانتخابات النيابية بعد نحو سنة وأربعة أشهر من اليوم.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: رئیس الجمهوریة إذا کان من حیث
إقرأ أيضاً:
الحكومة المصرية تقرر رفع الدعم نهائيا عن الوقود نهاية العام بسبب صندوق النقد الدولي
تواصل الحكومة المصرية تنفيذ خطتها للإصلاح الاقتصادي، والتي تشمل رفع الدعم عن المواد البترولية بشكل كامل بحلول نهاية عام 2025، في إطار جهودها لتقليل عجز الموازنة وتحقيق الاستقرار المالي.
وتأتي هذه الخطوة تماشياً مع التزامات مصر تجاه صندوق النقد الدولي، الذي أكد في مراجعته الأخيرة ضرورة إعادة هيكلة الدعم لضمان كفاءة توزيع الموارد المالية.
وأكدت مديرة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، إيفانا هولار، في تصريحات صحفية الأربعاء الماضي، أن التزام مصر الذي تم الإعلان عنه صيف العام الماضي لا يزال قائماً دون تغيير.
وأضافت: "السلطات المصرية التزمت بأن تصل أسعار منتجات الوقود إلى مستوى استرداد التكاليف بحلول كانون الأول/ ديسمبر 2025. هذا الالتزام يظل الأهم لضمان وصول أسعار الوقود إلى مستويات تعكس التكلفة الحقيقية".
وفي هذا الإطار، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على صرف الشريحة الرابعة من قرض مصر بقيمة 1.2 مليار دولار، بالإضافة إلى الموافقة على طلب السلطات المصرية بالحصول على تمويل إضافي بقيمة 1.3 مليار دولار من صندوق المرونة والاستدامة.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن الحكومة تواصل تنفيذ خطتها التدريجية لرفع الدعم عن الوقود بحلول نهاية 2025، مع الإبقاء على بعض أشكال الدعم، مثل "الدعم البيني" بين المنتجات البترولية، لضمان تحقيق التوازن في الأسعار.
وأشار إلى أن السولار وأنبوبة البوتاجاز ستظل مدعومة، مراعاة للفئات الأكثر احتياجاً.
وبحسب بيان رسمي صادر عن البنك المركزي المصري، بلغت الاحتياطيات الدولية نحو 47.39 مليار دولار أمريكي في نهاية شباط/ فبراير 2025.
وأوضح المتحدث باسم مجلس الوزراء، محمد الحمصاني، أن الدولة "مستمرة في جهودها لاستكمال مشروع الإصلاح الاقتصادي"، مؤكداً أن "ترشيد الدعم يأتي ضمن أولويات الحكومة لضمان وصوله إلى مستحقيه".
وأضاف الحمصاني أن عملية رفع الدعم ستتم بشكل تدريجي ومتوازن، مع استمرار دعم بعض المواد البترولية، بحيث يتم تغطية تكلفة بعض المنتجات من خلال تسعير منتجات أخرى، للحفاظ على مستوى أسعار السولار عند حد متوازن، نظراً لتأثيره المباشر على العديد من الخدمات.
وأكد المتحدث باسم مجلس الوزراء أن الحكومة "ستستمر في دعم السولار والبوتاجاز حتى بعد انتهاء العام المالي، لأنهما يؤثران بشكل مباشر على أسعار السلع، خاصة تلك التي تهم محدودي الدخل".
وشدد رئيس الوزراء على أن الدولة تستهدف خفض معدل التضخم إلى 10بالمئة بحلول عام 2026، لافتاً إلى أن "الاحتياطيات الدولارية مستقرة، ما يساعد على تقليل الضغوط الاقتصادية". وأكد أن رفع الدعم لن يكون خطوة مفاجئة، بل سيتم تنفيذه تدريجياً لتجنب حدوث صدمات سعرية كبيرة.
من ناحية أخرى، انخفضت إيرادات قناة السويس، التي تُعد مصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية، إلى 931 مليون دولار في الربع الثالث من عام 2024، مقارنة بـ2.4 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام السابق، بسبب اضطراب طرق الشحن البحري عقب اندلاع الحرب في قطاع غزة.
وكان وزير البترول كريم بدوي قد صرح في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بأن مصر لا تزال تنفق نحو 10 مليارات جنيه (197 مليون دولار) على دعم الوقود شهرياً، رغم رفع أسعاره ثلاث مرات خلال العام الماضي.
وسجل معدل التضخم الشهري في الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر 1.4 بالمئة في شباط/ فبراير الجاري، مقارنة بـ11.4 بالمئة في شباط/ فبراير الماضي و1.5 بالمئة في كانون الثاني/ يناير الماضي. وعلى أساس سنوي، بلغ معدل التضخم العام للحضر 12.8 بالمئة في شباط/ فبراير الجاري، مقارنة بـ24.0 بالمئة في كانون الثاني/ يناير الماضي.
يذكر أن الحكومة المصرية قامت قبل نحو عام بخفض قيمة الجنيه بشكل حاد، ورفعت أسعار الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس، ووقعت حزمة دعم مالي موسعة بقيمة 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وجاء قرض الصندوق في أعقاب صفقة استثمارية قياسية مع الإمارات بقيمة 35 مليار دولار.
وعلى مدار السنوات الماضية، واجه المصريون زيادات متتالية في أسعار السلع، خاصة مع رفع الحكومة أسعار الوقود، حيث تم رفع سعر البنزين مرتين خلال العام الماضي.