ترقب وقلق في انتظار إعصار ترامب!
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
لا شك أن فوز ترامب بانتخابات الرئاسة في نوفمبر الماضي للمرة الثانية والأخيرة يشكل إعصارا سياسيا في الولايات المتحدة فاجأ الكثير، وفرض على الحلفاء والخصوم التساؤل ماذا تعني عودته؟ وكيف يستعدون للتعامل مع ترامب العائد كما يفاخر للانتقام من الدولة العميقة التي أهانته واقتحمت منتجعه في فلوريدا وحاكمته وأدانته.
لذلك عمد لترشيح شخصيات تتماهى مع سعيه للانتقام من النظام السياسي نفسه، وخاصة وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي ـ ليرشح كاش باتيل ـ الهندي الأصل ومنافسه في انتخابات التصفية الحزبية للرئاسة قبل عام ـ مديرا لمكتب التحقيقات الفيدرالي لمواقفه المعادية والمناوئة لـFBI.
داخليا تثير ترشيحات ترامب لمناصب رئيسية القلق والتساؤلات، أبرزها وزير الدفاع المتطرف ومديرة الاستخبارات الوطنية والتي ستواجه المصادقة على ترشيحهما عاصفة من الانتقادات وكشف المستور عن عدم كفاءتهما وإلمامهما بأبسط دهاليز وخبايا وإدارة أكبر وزارة دفاع بأكبر ميزانية في تاريخ أمريكا والعالم، وأكبر مجمع استخبارات مكون من 18 جهاز استخبارات في العالم!
وأكثر ما يثير التساؤلات التي تهمنا هي مواقفه وتصريحاته وتهديداته وسياسته تجاه قضايانا الرئيسية: القضية الفلسطينية ـ حرب إبادة إسرائيل على غزة في شهرها السادس عشر بلا خط أفق وتحولها لحرب عبثية من أجل القتل والإبادة والتدمير والترحيل والإبادة الممنهجة.
وكان ترامب طالب نتنياهو أن يفعل ما يجب فعله وإنهاء الوضع في غزة والتوصل لصفقة تبادل الرهائن مع حماس. ثم أطلق تحذيرا ملفتا وكرره أكثر من مرة على حماس أن تطلق سراح الأسرى قبل تسلمه منصب الرئاسة وإلا سيواجه الشرق الأوسط الجحيم!! جحيم إعصار ترامب القادم. ليتندر الفلسطينيون متهكمين – عن أي جحيم يهددنا به ترامب ونحن نعيشه وفي قلبه!!
لكن الخطر الأكبر من التناغم الكبير بين ترامب ونتنياهو وحكومته اليمينية المتشددة وتفاخره بعلاقاته المميزة معه، هو أن تهود حكومة نتنياهو المتطرفة الضفة الغربية وتقضم المزيد من الأراضي وإخضاعها بالكامل بضوء أخضر من ترامب! وتوسعة المستوطنات غير الشرعية. ولا تبشّر ترشيحات وتعيينات ترامب «فريق الحلم» حسب المتطرفين، للشرق الأوسط من وزير خارجيته روبيو ومستشار الأمن الوطني النائب السابق مايك والتز ووزير دفاعه وحتى السفير الأمريكي في القدس هاكابي الذي لا يؤمن بوجود احتلال ولا مستوطنات ويسمي الضفة الغربية – يهودا والسامرة!! ومبعوثه للشرق الأوسط ستفين ويتكوف رجل العقارات اليهودي ونائبته لا تبشر بالخير ولا بالاعتدال في مقاربات ترامب مع قضايا منطقتنا!!
وأذكّر بأن ترامب من قدم تنازلات وعطاءات مجانية لإسرائيل ونتنياهو في رئاسته الأولى بالاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل الأبدية والموحدة، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في ذكرى النكبة السبعين في مايو 2018!!
ومن اعترف بالجولان السوري المحتل جزءا من أراضي إسرائيل! وكفاءه نتنياهو بتسمية مستوطنة غير شرعية باسمه في الجولان المحتل! وبضغط وتحريض من نتنياهو انسحب ترامب من الاتفاق النووي الذي توصل إليه سلفه أوباما ودول (5+1) دائمي العضوية في مجلس الأمن وألمانيا عام 2015.
وفرض أقسى العقوبات على إيران ليرضي اليمين المتطرف الصهيوني واللوبي الأمريكي ـ الإسرائيلي والجناح اليميني في حزبه الجمهوري… وثبت أن ضرر قرار انسحاب ترامب من الاتفاق النووي وفرض أقسى العقوبات-كان كبيرا، حيث خرقت إيران الاتفاق النووي ورفعت تخصيب اليورانيوم من 3.67٪ إلى 60٪ وتقترب من عسكرة البرنامج النووي ـ وامتلاك القدرات وحتى القنبلة النووية! وسبق أن نجح نتنياهو بتحريض بوش الابن وإدارته على غزو العراق لأن سقوط النظام العراقي كما زعم حينها سيحقق الأمن والاستقرار في المنطقة! وما حدث كما أثبتت الأيام كان عكس ذلك كلياً!!
لكن يبقى القلق والخطر الحقيقي هو إذا ما كان سينجح نتنياهو باستغلال رئاسة ترامب الثانية وتحريضه على ضرب منشآت إيران النووية؟ وكان ترامب طالب نتنياهو بضرب منشآت إيران النووية في أكتوبر الماضي، انتقاما من استهداف إيران إسرائيل للمرة الثانية انتقاما لاغتيال إسرائيل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي في طهران نهاية يوليو الماضي، ولم تعترف بذلك حتى ديسمبر الماضي. واغتالت حسن نصرالله نهاية سبتمبر الماضي في الضاحية الجنوبية لبيروت، والمرشح لخلافته.
تهمنا مواقف ترامب حول الأمن الخليجي والعلاقة مع دول مجلس التعاون الخليجي. وبرغم الارتياح الخليجي من فوز وعودة ترامب خاصة وأن زيارة ترامب الأولى رئيسا للولايات المتحدة في كسر لتقليد الزيارات، كانت إلى السعودية في مايو 2017-ستفرض نفسها قضايا وملفات أمن الطاقة والتسلح ومقارباته بفرض عقوبات على إيران، والخشية من استجابة ترامب لتحريض وضغوط نتنياهو حول منشآت إيران النووية.
كعادة ترامب تسبب بعاصفة مدوية بتصريحاته المستفزة وتصرفه وكأن الولايات المتحدة يحكمها رئيسان وحكومتان. ما يغضب ويتسبب باستياء الحلفاء قبل الخصوم والأعداء.
من جهة يطالب ويضغط لضم كندا وجعلها الولاية 51!ويهدد بفرض ضرائب وزيادة الرسوم على الحليف والجار الكندي!! وهدد رئيس وزراء كندا ترودو المستقيل بالرد بالمثل! ويطالب ترامب بضم غرينلاند أكبر جزيرة في العالم تتمتع بحكم ذاتي وتخضع لسيادة الحليف دانمارك.
ويطالب باستعادة قناة بنما لمنع هيمنة الصين عليها في مبالغة مفضوحة. ويستفز المكسيك بمطالبته بتغيير اسم خليج المكسيك المعروف تاريخيا منذ مئات السنين إلى خليج أمريكا لأنه اسم أجمل ومناسب!! لترد رئيسة المكسيك الجديدة متهكمة، ومطالبة بإعادة تسمية الولايات الأمريكية التي كانت جزءا من المكسيك! وحتى أرسل مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف إلى قطر للاطلاع على مفاوضات صفقة تبادل الأسرى في غزة، في سابقة لم يقم بها رئيس قبل بدء رئاسته!
يترقب ويحبس الداخل الأمريكي المنقسم وحلفاء وخصوم الخارج أنفاسهم بانتظار إعصار ترامب وتقلبات مواقفه واستفزازاته وشطحاته غير التقليدية لرئيس من خارج المؤسسة الحاكمة، بل خصمها ومروضها!
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب الولايات المتحدة الولايات المتحدة البيت الأبيض ترامب مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة عالم الفن سياسة صحافة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
في مواجهة إسرائيل وعودة ترامب.. إيران تجري مناورات حربية
ذكرت وسائل إعلام رسمية أن إيران بدأت في إجراء مناورات دفاع جوي، السبت، في وقت تستعد فيه لمزيد من المواجهات مع إسرائيل والولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
وتأتي هذه المناورات الحربية بينما يواجه القادة الإيرانيون خطر إمكانية سماح ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية، فضلا عن تشديد العقوبات الأميركية على قطاع النفط في إيران من خلال سياسة "الضغوط القصوى".
وقال التلفزيون الرسمي الإيراني: "في هذه المناورات، ستتدرب الأنظمة الدفاعية على درء التهديدات الجوية والصاروخية وتهديدات الحرب الإلكترونية في ظروف (تشبه) ساحة المعركة الحقيقية... لحماية سماء البلاد والمناطق الحساسة والحيوية".
وقالت وسائل إعلام رسمية إن مناورات اليوم تأتي في إطار تدريبات تستمر شهرين وبدأت في الرابع من يناير وتضمنت بالفعل مناورات دافعت فيها قوات الحرس الثوري عن منشآت نووية رئيسية في نطنز ضد هجمات وهمية بالصواريخ والطائرات المسيرة.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للانباء بأن هذه المناورات تجريها قوات الدفاع الجوي للجيش الايراني والتي تأتمر لقيادة شبكة الدفاع الجوي الشاملة في البلاد.
وأضافت: "وستستخدم خلال هذه المناورات العديد من منظومات الدفاع الجوي المحلية الصنع، كما أنها ستحاكي الساحة الحقيقية للقتال وستجري خلالها تمارين لمواجهة التهديدات الجوية والصاروخية والحرب الإلكترونية".