إن الغموض والسرية، التي اكتنفت تاريخ الجماعات الإجرامية الوظيفية، في مختلف أصقاع العالم، يعكس حقيقة دورها المنحط، ومهامها القذرة، وطبيعتها التوحشية الإجرامية، المنافية لكل القيم والمبادئ والأعراف الدينية والإنسانية، وهو ما يجعلها محل رفض واستنكار ونقمة المجتمع، رغم قبوله الضمني بها – كأمر واقع – وحصانتها الملكية المطلقة، إلا أنها ظلت قيد التخفي والكتمان الشديد، ولم يحدث أن ظهر أعضاؤها علنا، إلا وقد غطوا وجوههم بالأقنعة، معتمدين في عملياتهم الإجرامية، على عنصر المفاجأة والمباغتة، والهجوم الخاطف، خوفا من أن يُعرفوا، فيصبحوا عرضة للثأر والانتقام الشخصي، من ذوي ضحاياهم، علاوة على خشيتهم من غضب ونقمة المجتمع، ليقينهم بدورهم السلبي الهدام، لبنيته القيمية والأخلاقية، نظرا لانحطاطهم المركب، الجامع قبح الجرأة على ارتكاب الجريمة، بالإضافة إلى رذيلة الارتزاق منها.


شكَّلت الحروب الصليبية، نقلة نوعية في تاريخ الجماعات الوظيفية، ومحطة مغايرة كمَّاً وكيفاً، في مسار صناعة الإجرام والتوحش، الذي انتقل من المستوى المحلي/ الداخل المسيحي، إلى المستوى العالمي/ المسيحي الإسلامي، ومن الفاعل الفردي/ المرابي اليهودي، إلى الفاعل المؤسسي، المؤسسة الدينية/ الكنيسة الأم، وكل فروعها في العالم، وجميع القائمين عليها، ابتداء من بابا الفاتيكان، وصولا إلى أصغر متدين مسيحي، ليشهد العالم – بذلك – أكبر عملية شحن طائفي، وأكبر مشروع استثماري يهودي، لمخزون سجون أوروبا، بموجب فتوى من بابا الفاتيكان(اليهودي)، تحث نزلاء السجون، في جميع بلدان أوروبا، على الالتحاق بالحملة الصليبية، لتمنحهم علاوة على صكوك الغفران، لقب (قديس)، سواء قُتلوا أو انتصروا، وفرصة حياة جديدة، في الأراضي المقدسة.
وبذلك المستوى من الانقلاب المفاهيمي العميق، أصبح المجرم الأوروبي قديسا، وأصبح فعله الإجرامي عملا مقدسا، وقُدمت الجماعات الوظيفية الإرهابية، بوصفها كيانات ارتزاقية مشروعة، وكانت جماعة (فرسان الهيكل)، في تموضعها العسكري الديني، ودورها الموغل في الإجرام، وممارسة حرب الإبادة والمجازر الجماعية، تمثل دور بطولة الكيان المتوحش، في الحروب الصليبية، وتقدم الشاهد الواضح، على حقيقة الدور اليهودي، في التأسيس لمفهوم وصورة الجماعات الوظيفية الإجرامية، في صيغتها المقدسة، وطابعها العلني، وطبيعتها الإجرامية، وتوحشها المقدس، وفقا لأيديولوجيا دينية يهودية، تقوم على الإرهاب والتكفير والعنصرية والعداء للآخر مطلقا، وهو ما يخالف طبيعة وأصل الفكر الديني المسيحي، القائم على التسامح والإخاء والتعايش الإنساني، ويكشف عمق الدور اليهودي، وخطورة ممارسته التحريف الممنهج، للمعتقدات والقيم الدينية والأخلاقية المسيحية، وتسخيرها لخدمة أطماع ومشاريع اليهود الإجرامية الإفسادية، ولأن الكنيسة المسيحية لم تنكر ذلك، ولم تتبرأ منه، فقد بقيت كل جرائم الجماعات الوظيفية (المسيحية اليهودية)، التي مورست بحق المسلمين، في كل الحروب الصليبية، وصمة عار أبدية، في جبين الكنيسة والتاريخ والدين المسيحي، وفي المقابل أسقط التاريخ، عن تلك الجماعات الوظيفية الإجرامية، وفي مقدمتها جماعة (فرسان الهيكل)، كل مزاعم التدين والقداسة الكهنوتية، التي ما زال اللوبي اليهودي الصهيوني، يقدمها لجماعاته الإرهابية الاستيطانية الوظيفية، وما زال يستغل ممكناتها التكفيرية والعنصرية والتطرف، في إنتاج حلفائه من الغرب الاستعماري، ومنافقي الأعراب المنحطين.
وفيما يلي أهم مظاهر الصيغة اليهوديّة في الحروب الصليبية:-
١- إنها تمثل إرادة الله تعالى، وهو من أمر بها، ومشارك فيها إلى جانبهم.
٢- نزعة الأنا المتعالية في خطاب الحرب الموجه إلى “شعب الله المختار” و”الرب يريدها”.
٣- منح صكوك الغفران والعفو من الضرائب وإلغاء المحكوميات عن المجرمين المشاركين في الحرب.
٤- تكفير الآخر “المسلم” مطلقاً ووصفه بأقبح وأشنع الأوصاف وإباحة دمه وماله وعرضه، وجعل قتله “قربة إلى الله تعالى”، وهو ذات المنطق اليهودي في الموقف من الآخر “المسلم” خاصة.
٥- اتباع استراتيجية الحرب الخاطفة والأرض المحروقة، وممارسة الإبادة والتوحش.
٦- الغدر بالمعاهدين والتنكيل بمن استسلم، وعدم رعاية أي حرمة للمكان.
٧- الشراكة الفاعلة لفرسان الهيكل، بتمركزهم في قلب الجيش وقيادتهم المستقلة، ودورهم في صنع الانتصارات، وحظوتهم فوق الجميع شعبياً ورسمياً، ليقدموا الشاهد الحي على يهودية الكنيسة.
٨- التمويل اليهودي الخالص لهذه الحروب، والعائدات والمكاسب المادية والمعنوية، التي جناها المرابون اليهود، مقابل ذلك الدعم، في عموم بلاد أوروبا.
٩- الاختراق اليهودي للكنيسة من خلال الرهبنة، حيث اعتلى عرشها ستة بأبوات من اليهود.
١٠- تبني مبدأ الحق الإلهي في الحكم، وتسليم حكم القدس لملك يهودي، وهي النظرية اليهوديّة، التي لا تجيز تولي الحكم في غير نسل داوود خاصة، واليهود عامة.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الدوافع النفسية والاجتماعية للعنصرية

 

 

بدر بن خميس الظفري

العنصرية ظاهرة مُتجذِّرة في المجتمعات البشرية، تتغلغل في النفوس من خلال ميول نفسية واجتماعية تدفع الأفراد إلى تصنيف الآخرين وفق معايير سطحية، مما يؤدي إلى تشكل أنماط من التحيز والتمييز.

يشير عالِم النفس الاجتماعي الأمريكي جوردون ألبورت، في كتابه "طبيعة التعصب"، إلى أن العنصرية تتولَّد من الحاجة النفسية إلى التصنيف؛ حيث يسعى الإنسان إلى تبسيط الواقع من خلال وضع الأفراد في قوالب محددة، ما يقود إلى أحكام مسبقة تؤثر في طريقة التعامل مع الآخرين.

ويرى ألبورت أن هذا الميل النفسي نحو التصنيف ينبع من قدرة العقل البشري على معالجة الكم الهائل من المعلومات التي يتلقاها يوميًا. فعوضًا عن تحليل كل فرد على حدة، يميل الإنسان إلى تصنيفه ضمن مجموعة، مما يساعده على التفاعل مع بيئته بسرعة، لكنه يؤدي أيضًا إلى تكوين قوالب نمطية قد تكون غير دقيقة.

ويضيف ألبورت أن التصنيف يصبح مؤثرًا عندما يرتبط بالمشاعر السلبية تجاه المجموعات الأخرى. فالصور النمطية التي تُبنى على هذا التصنيف تسهم في تشكيل السلوك والتوقعات، إذ يبدأ الفرد في التعامل مع الآخرين بناءً على التصورات الشائعة عن تلك الفئة، وليس بناءً على شخصيتهم الفعلية. وتزداد هذه الظاهرة وضوحًا عندما تعززُ هذه التصنيفات عبر التعليم والإعلام والتنشئة الاجتماعية، مما يجعلها جزءًا من الفهم الاجتماعي السائد.

على المستوى النفسي، يرتبط التعصب العنصري بمشاعر عدم الأمان والخوف من الاختلاف. يرى عالِم النفس الكندي الأمريكي بوب ألتيماير، أن الشخصيات التسلطية تميل إلى التعصب ضد المجموعات المختلفة؛ إذ يتسم أصحابها بالخضوع للسلطة، والعدوانية تجاه الغرباء، والتشبث بالمعايير التقليدية. هذه السمات تجعل الأفراد أكثر عرضة لتبني مواقف عنصرية كوسيلة للحفاظ على إحساسهم بالسيطرة.

من جانب آخر، تشرح عالِمة النفس الأمريكية سوزان فِسك، في أبحاثها أن الصور النمطية العنصرية تتشكل نتيجة للارتباطات الوهمية، إذا يعمم سلوك سلبي صادر عن فرد واحد على المجموعة بأكملها. يؤدي هذا النوع من التعميم إلى تعزيز الاعتقادات الخاطئة حول الفئات المختلفة، مما يرسخ التمييز الاجتماعي.

في نظرية السيطرة الاجتماعية التي طوَّرها الأكاديمي وعالم النفس الأمريكي جيم سيدانيوس، تفسرُ العنصرية على أنها أداة نفسية واجتماعية تهدف إلى الحفاظ على الامتيازات الطبقية وترسيخ عدم المساواة. وفقًا لسيدانيوس، فإن المجتمعات البشرية بطبيعتها تميل إلى تشكيل هياكل هرمية؛ حيث تهيمن بعض الجماعات على غيرها من خلال موارد القوة والسلطة. وهذه السيطرة تتجذر في الاعتقادات الجماعية التي تبرر هذه الفوارق وتغذيها.

وتنص النظرية على أن الأفراد الذين ينتمون إلى الجماعات المهيمنة غالبًا ما يتبنون مواقف تبرر الوضع القائم، فيما قد تظهر بعض الفئات المستضعفة استعدادًا لقبول هذه الهياكل بسبب تعرضهم المستمر لخطاب يرسخ دونيتهم. يوضح سيدانيوس أن هذه التوجهات تعكس تفاعل العوامل الاقتصادية والاجتماعية مع العوامل النفسية؛ حيث يظهر الميل الطبيعي للبشر إلى تفضيل مجموعاتهم الخاصة، إضافةً إلى التخوف من الجماعات الأخرى.

وتعدّ هذه النظرية ذات أهمية خاصة في فهم كيف تصبح العنصرية جزءًا من بنية المجتمع. فالنظام الاجتماعي القائم على السيطرة ينتج تفسيرات وأيديولوجيات تعزز التمييز، مما يجعل مقاومتها تحديًا كبيرًا أمام الأفراد الذين يتأثرون بها سلبًا.

وتُشير الدراسات إلى أن النزعات العنصرية تزداد حدتها في أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسية، حينها يسعى الأفراد إلى الدفاع عن امتيازاتهم باستخدام وسائل متعددة، مما يؤدي إلى تصاعد التوترات العرقية والاجتماعية، ويبحث الأفراد عن كبش فداء لتحميله مسؤولية الظروف المتدهورة.

من جهة أخرى، يرى فيدريريكو ولاكس أن التحيز العنصري ينغرس في العقل الباطن نتيجة التنشئة الاجتماعية، مما يجعل الأفراد يتصرفون وفقه دون وعي واضح. أي أن العنصرية تتشكل عبر موروثات ثقافية وتعليمية تعزز الفروقات بين الجماعات.

 ومن هنا يؤكد علماء الاجتماع أن المجتمعات التي تقوم على التراتبية الطبقية تميل إلى إنتاج أنظمة تفكير عنصرية تبرر عدم المساواة. عندما يتكرر خطاب التمييز في الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام، يصبح جزءًا من الإدراك الجماعي، مما يؤدي إلى ترسيخ الفوارق بين الجماعات، ويصبح أمرًا طبيعيًا مبررًا يعد من يستنكره شاذا عن المجتمع.

ويرى الباحثون أن العنصرية تتجلى في البنى الاجتماعية التي تدعم التمييز المنهجي، فعندما تستبعد فئات معينة من فرص العمل أو التعليم بسبب خلفياتهم العرقية أو الاجتماعية، يتحول التمييز إلى جزء من النظام العام، مما يعمّق الفجوة بين الفئات المختلفة.

إنَّ الدوافع النفسية والاجتماعية للعنصرية متشابكة ومتداخلة، حيث يتأثر سلوك الأفراد ومواقفهم بمزيج من العوامل الفردية والجماعية التي تحدد نظرتهم إلى الآخرين. والتفاعل بين الحاجة النفسية إلى التصنيف والظروف الاجتماعية التي تعزز هذه النزعات يجعل من العنصرية ظاهرة مستمرة تتخذ أشكالًا مختلفة عبر الزمن والمجتمعات.

مقالات مشابهة

  • ويتكوف: مقترح بتمديد هدنة غزة إلى ما بعد رمضان وعيد الفصح اليهودي
  • إذا لم يطور جبريل ومناوي خطابهما ويقتربا من الوسط والشمال والشرق في تحالفات سياسية (..)
  • اتساع رقعة المقاطعة الأوروبية للمنتجات الامريكية
  • مجلس الشورى يدين الجرائم التي ترتكبها الجماعات التكفيرية بحق المدنيين في سوريا
  • المفتي: العالم يحتاج إلى مساعدة الفقراء ومساندة الدول الضعيفة بدلا من الحروب
  • ارتفاع عدد ضحايا مجازر الجماعات التكفيرية في سوريا إلى 1383 شهيدًا
  • الدوافع النفسية والاجتماعية للعنصرية
  • مجلس الشورى يدين الجرائم التي ترتكبها الجماعات التكفيرية في سوريا
  • مجلس الشورى يندد بجرائم الإبادة التي ترتكبها الجماعات التكفيرية في الساحل السوري
  • «المقريف» يترأس اجتماع لجنة «الملاكات الوظيفية» في المؤسّسات التّعليمية