خالد خلاف يكتب: أشرف صبحي وتجربة الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
شهادة شخصية في رؤية تصنع الأثر
خالد خلاف
قبل عامين، قُدِّر لي أن أخوض تجربة ستظل محفورة في ذاكرتي، حين شُرفت باختياري عضوًا في مجلس أمناء المدن الرياضية المصرية (نادي النادي). لم يكن هذا الاختيار مجرد شرفٍ، بل مسؤولية حملتني إلى عالمٍ جديد، مليءٍ بالتحديات والطموحات.
حين تلقيت هذا التكليف من معالي الأستاذ الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، شعرت بأنني جزء من مشروع أكبر، مشروع يحمل رؤية مصرية أصيلة تجمع بين الابتكار والتنمية.
مجلس أمناء يعكس روح التعاون
لم يكن مجلس الأمناء مجرد تجمع للأسماء اللامعة؛ كان منظومة حقيقية للتعاون والتكامل. الدكتور حسام الملاحي، الصديق والاخ الاكبر، كان وراء ترشيحي لهذه المسؤولية. هذا الرجل الذي يحمل في قلبه حلمًا لتطوير التعليم والمجتمع، فتح لي الباب لأكون جزءًا من هذا المجلس.
رئاسة المجلس كانت للمهندس محمد الرشيدي، رجل الصناعة الذي ترك بصمة لا تُمحى في قطاع التعليم العالي. بوجود هذه النخبة المتميزة، تحول العمل داخل المجلس إلى خلية نحل نشطة. ولا يمكنني إلا أن أعبر عن عميق امتناني وتقديري للمهندس محمد الرشيدي، الذي كثيرًا ما وضع العمل العام في النادي أولوية فوق أعماله الخاصة. لقد خصص من وقته وجهده ساعات وأيامًا لتنسيق إيقاع نموذج الإدارة والتشغيل، ولم يتردد في اتخاذ قرارات حاسمة في الأوقات الحرجة لضمان حماية وصيانة نموذج الشراكة مع القطاع الخاص. هذا النموذج، الذي صممه معالي الوزير ووضعه بين أيدينا، بات شاهدًا على تضافر العقول ووحدة الجهود من أجل تحقيق هدف واحد: تقديم الأفضل لوطننا العزيز.
لحظة الانبهار: زيارة نادي النادي
عندما زرت أول فرع من فروع نادي النادي، شعرت بالدهشة. لم أكن أتوقع أن أرى هذا المستوى من البنية التحتية والتصميم العصري.
فرع أكتوبر، الذي افتتحه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل ثلاث سنوات، كان علامة فارقة. أما فرع مصر الجديدة، فقد أضاف بُعدًا آخر لهذه التجربة. لكن التحفة الحقيقية كانت في العاصمة الإدارية الجديدة، حيث ينتظر الافتتاح فرعٌ بمواصفات عالمية، فرع يعكس روح المدينة الجديدة وطموحها.
الشراكة مع القطاع الخاص: خطوة جريئة نحو المستقبل
وسط هذا الإنجاز، كانت المفاجأة الأكبر عندما قدم لنا معالي الوزير شريك الإدارة: شركة UFC. كانت هذه اللحظة تجسيدًا عمليًا لرؤية الدكتور أشرف صبحي في تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص.
هذه الخطوة لم تكن مجرد قرارٍ إداري، بل رؤية جريئة تهدف إلى رفع كفاءة الإدارة وضمان استدامة المؤسسات.
الدروس المستفادة من الشراكة
التجربة أكدت لي أن الشراكة مع القطاع الخاص ليست مجرد خيار، بل ضرورة لتحقيق:
• كفاءة تشغيلية: الشركات الخاصة تجلب خبراتها وكفاءاتها لضمان تقديم خدمات عالية الجودة.
• استدامة مالية: تقليل العبء المالي عن الدولة وتحقيق استدامة اقتصادية للمؤسسات.
• ابتكار مستمر: القطاع الخاص معروف بقدرته على الابتكار وإيجاد حلول جديدة.
كلمة شكر من القلب
مع مرور العامين على هذه التجربة، أود أن أوجه شكري العميق لمعالي الوزير أشرف صبحي. لقد كان داعمًا ومشجعًا لكل فكرة ومبادرة خرجت من مجلسنا. كانت رؤيته وإيمانه بالنموذج سببًا رئيسيًا في نجاح هذه التجربة.
الختام: رؤية تلهم المستقبل
الشراكة بين القطاع العام والخاص ليست مجرد تجربة تُحكى، بل نموذج يُحتذى به. هي قصة نجاح تؤكد أن مصر قادرة على قيادة مسارات التنمية بطرق مبتكرة.
شكرا معالي الوزير، لأنك أثبت أن العمل برؤية وتكامل يصنع الفرق.
خالد خلاف
عضو مجلس الأمناء
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: القطاع الخاص معالی الوزیر بین القطاع أشرف صبحی
إقرأ أيضاً:
عبد السلام فاروق يكتب .. جمال حمدان: عبقري المكان والزمان
في مثل هذا اليوم، يُشرق علينا ذكرى ميلاد أحد أبرز العقول التي أنجبتها مصر، العالم الجليل والمفكر الموسوعي جمال حمدان، الذي ترك بصمةً لا تُنسى في عالم الفكر الجغرافي والاستراتيجي. إنه الرجل الذي أدرك أن الجغرافيا ليست مجرد خرائط وأرقام، بل هي تاريخ وحضارة وصراع وجود، وهي الروح التي تسري في عروق الأمم.
وُلد جمال حمدان في 4 فبراير 1928، في قرية "ناي" بمحافظة القليوبية، لتبدأ رحلة عقلٍ شغوف بالمعرفة، وعينٍ ترى ما وراء الظواهر. كان حمدان نموذجًا للعالم الذي يجمع بين الدقة العلمية والرؤية الفلسفية، فجعل من الجغرافيا علمًا حيًا يتنفس ويتفاعل مع التاريخ والسياسة والثقافة.
إذا كان هناك من أعطى لمصر هويتها الجغرافية والتاريخية بشكلٍ عميق، فهو جمال حمدان. في كتابه الشهير "شخصية مصر: دراسة في عبقرية المكان"، قدم حمدان تحليلًا استثنائيًا لشخصية مصر، مؤكدًا أن مصر ليست مجرد قطعة أرض، بل هي كيان حي يتفاعل مع محيطه. لقد رأى في نهر النيل شريان الحياة، وفي الصحراء درعًا واقيًا، وفي الموقع الاستراتيجي جسرًا بين الشرق والغرب.
لم يكن حمدان مجرد عالم جغرافي، بل كان فيلسوفًا يرى في الجغرافيا مرآةً تعكس روح الشعوب. لقد أدرك أن مصر هي "هبة النيل"، لكنها أيضًا هبة موقعها الفريد وتاريخها العريق. كانت رؤيته للهوية المصرية رؤيةً شاملة، تجمع بين الماضي والحاضر، وتستشرف المستقبل.
المفكر الاستراتيجي
لم تكن كتابات جمال حمدان مجرد أبحاث أكاديمية، بل كانت دراسات استراتيجية تُقدم رؤىً عميقة لمستقبل مصر والعالم العربي. في كتابه "استراتيجية الاستعمار والتحرير"، كشف حمدان عن آليات الاستعمار الحديث وأدواته، ودعا إلى ضرورة التحرر الفكري قبل التحرر السياسي. كان يؤمن بأن المعرفة هي السلاح الأقوى في مواجهة التحديات.
لقد تنبأ حمدان بتحولات العالم قبل أن تحدث، ورأى في العولمة خطرًا على الهويات الوطنية، لكنه أيضًا رأى فيها فرصةً للتفاعل الحضاري إذا ما أُحسن استغلالها. كانت أفكاره استباقية، تجمع بين الحذر من المخاطر والتفاؤل بإمكانيات التغيير.
*إرث جمال حمدان: نورٌ يُضيء الطريق*
رحل جمال حمدان جسديًا في 17 أبريل 1993، لكن أفكاره وإرثه الفكري ما زالا يُضيئان طريق الأجيال الجديدة. لقد كان رجلًا متواضعًا، عاش بعيدًا عن الأضواء، لكنه ترك خلفه كنزًا من المعرفة لا يُقدّر بثمن.
في ذكرى نستذكر جمال حمدان ليس فقط كعالم جغرافي، بل كرمزٍ للعقل المصري الحر الذي يُدرك قيمة الأرض والتاريخ، ويدعو إلى التفكير النقدي والتحرر من قيود التبعية الفكرية. لقد كان حمدان صوتًا للهوية المصرية في زمنٍ كادت تُغيب فيه الأصوات الحقيقية.
إننا في ذكرى ميلاد جمال حمدان، نحيي ذكرى رجلٍ جعل من الجغرافيا فلسفةً للحياة، ومن المعرفة سلاحًا للتحرر. لقد كان بحقٍّ "عبقري المكان"، الذي أدرك أن الأرض ليست مجرد تراب، بل هي تاريخ وحضارة وروح. فلتظل أفكاره نبراسًا يُضيء طريقنا نحو المستقبل.
تحيةً إلى روح جمال حمدان، عبقري مصر وفيلسوف الجغرافيا.