صحيفة الاتحاد:
2025-02-13@13:39:10 GMT

«قبر مكشوف».. رواية الألم الإنساني

تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT

أحمد عاطف (القاهرة)
شخصان جمعتهما المصادفة في مقبرة حيث تعيش «رحيل» مع عائلتها وتسعى للهروب من حياة تراها إهانة لكرامتها، بينما لا يرغب «عيسى» الذي يسمي نفسه «بقايا حياة» سوى في قبر يحتضن جسده، من هنا تنطلق الكاتبة الجزائرية وئام شرماطي بأحداث روايتها «قبر مكشوف على السماء».
يبدأ اللقاء بين الشخصيتين أمام قبر يحمل اسم «عيسى منصوري»، والرواية ليست مجرد سرد، بل دعوة للتأمل في الألم الإنساني، الجراح المشتركة، والأمل الذي ينشأ من تشابه جروح النفوس.


وتكشف شرماطي لـ«الاتحاد»، أن شخصية عيسى تجسد تناقضات المجتمع، والأحداث التي مرت كان لها تأثير قوي على تكوين شخصيته، فوالدته كانت من بين الفرنسيين الذين غادروا الجزائر بعد استفتاء تقرير المصير وتُرك تحت رعاية والدته. وأنه عندما كاد يتجاوز هجر والدته له، دخلت البلاد في حرب أهلية هذه المرة وأخذت منه أحب إنسان إلى قلبه، أخته نادية، لذا فولادته ونشأته خلال فترة مضطربة هو ما ذهب بشخصيته إلى ذلك المآل، لذا رغم ما قام به عيسى، إلا أنه يبقى مجرد ضحية.

أخبار ذات صلة معرض «روح الخزف».. يجسد مواجهة الفقد بالفن والإبداع 7 شعراء وقصائد تتأمل الذات في «الشارقة للشعر العربي»

وتشهد الرواية حدثاً مهما هو اختيار رحيل البقاء مع عيسى رغم اضطراب شخصيته، وتوضح الكاتبة: «لن تجد في الحياة شخصاً يفهمك بقدر شخص يملك نفس جرحك، نحن لا ننجذب فقط لمن يملكون نفس طباعنا أو عاداتنا، قد ننجذب أيضاً لمن لهم جراح تشبه جراحنا، وهذا ما حدث لرحيل بعد سماعها قصة عيسى، لقد شعرت أن جراحهما فيها من الشبه ما يجعلهما يتطابقان، فمثلما هناك توأم الروح، هناك توأم الجرح أيضاً». 
وتصف وئام شخصيتي عيسى ورحيل بمعطوبي حياة، وموضع العطب لم يكن في جسديهما، بل في روحيهما، فقد كانا يشبهان فراغين، لهذا رفض عيسى أن يأخذ «رحيل» معه في النهاية لأنه لا يمكن لفراغين أن يملآ بعضهما البعض.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الرواية الثقافة

إقرأ أيضاً:

القس سهيل سعود يكتب : لغز معضلة الألم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

طرح الإنسان منذ وجوده على هذه البصيرة، السؤال الوجودي الأصعب، الذي لم يجد له جوابا شافيا حتى الآن. هذا السؤال هو: لماذا الألم؟ ما هي أسبابه؟ لماذا البعض يتألم بآلام موجعة، بينما البعض الآخر لا يتألمها؟ هل هناك من إجابات مقنعة، للغز معضلة الألم والمرض والموت، الذي لا يميّز بين صغير وكبير؟ إن تفسير معضلة الألم، تبقى التحدّي الأكبر والأصعب لمهمة الإيمان المسيحي. فكيف نفسّر هذه المعضلة، للإنسان المؤمن الذي يعاني المرض والألم، ونحن ندعوه للإيمان بالله الكلّي السيادة والكلّي القدرة والكلّي الخير؟

إذا ما درسنا العهد القديم من الكتاب المقدس، فإننا نلاحظ أن الفكر الذي كان سائدًا في ذهن العبرانيين، هو إرجاع سبب الألم إلى الخطية، إما خطية الإنسان نفسه، أو خطية آبائه وحتى أجداده. وهذا الفكر أيضا اشتركت فيه شعوب المنطقة المحيطة بالشعب العبري، منطقة شعوب الشرق الأدنى. فمفهوم الألم، كقصاص من الله على خطايا الإنسان أو أهله أو أجداده نراه واضحاً في قصة إرسال الله للطوفان، وقصة إحراق الله لمدينتي سدوم وعمورة، وغيرها من القصص الأخرى. أما السبب الآخر للألم، الذي يذكره العهد القديم، هو ليس القصاص وإنما تجربة الإنسان المؤمن واختبار مدى ثبات إيمانه ونضجه في علاقته الروحية مع الله. وفي هذا الإطار نفهم الآلام الكبرى التي تعرض لها النبي أيوب.

يطلعنا إنجيل يوحنا في الاصحاح التاسع من إنجيله، على إجابة المسيح لتلاميذه حول تساؤلاتهم عن ألم إنسان ولد أعمى فاقد لنظره، محاولين معرفة سبب ذلك، فسألوه مستندين إلى الفكر السائد بين الشعب، «يا معلّم من أخطأ هذا أم أبواه حتى حتى ولد أعمى؟» (يوحنا 9: ) 2). فأجاب المسيح قائلا: «لم يخطئ هذا ولا أبواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه». وبالتالي، فالمسيح لم يحمّل مسئولية الألم لا لخطيئة الأب ولا لخطيئة الابن. ولكنه في نفس الوقت

لم يخبرنا عن سبب الألم، ولم يفسّر هذا السر اللغز لتلاميذه، إلا أن المسيح لم يقف مكتوف اليدين أمام ألم الأعمى، بل مدّ يده وساعده، فتفل على الأرض وصنع من التفل طيناً، وطلى بالطين عيني الأعمى، وقال له اذهب اغتسل في بركة سلوام. فمضى واغتسل، وأتى بصيرًا".

إن مشكلة الألم تطرق إليها عدد من آباء الكنيسة واللاهوتيين عبر التاريخ، أبرزهم القديس أوغسطينوس الذي عاش في القرن الرابع الميلادي. في كتاباته حول «أصل وطبيعة وحلول مشكلة الألم والشر في العالم»، ذكر أوغسطينوس بأن خليقة الله جيدة في الجوهر لأن الله عندما خلق الكون «كما تقول قصة الخليقة في سفر التكوين»، فقد رأى ذلك أنه حسن، إنما بسبب الخطية المتمثلة في سقوط آدم وحواء، حدث تشوّه في الإرادة والحرية البشرية، مما أدى إلى إساءة الإنسان علاقته مع الله ومع نفسه، ومع الآخر، في المجتمع، وأيضا مع الطبيعة.

ونتيجة لهذا التشوه الإرادي وتدهور العلاقة على كل الأصعدة، ظهر ويظهر الشر بشكل متعاظم في العالم، يتجسد جزء منه في الحروب والقلاقل والمجاعات والآلام الأخرى التي يسببها الإنسان بسبب تشوه وفساد إرادته. وفي هذا الإطار نستطيع أن نفهم تحميل الرسول يعقوب للناس مسئولية الحروب «يعقوب 4: 1-3» والتفجيرات وقتل الناس الأبرياء.

وأيضاً من نفس مبدأ تشوه وفساد الإرادة والحرية الإنسانية، نستطيع أن نفهم سوء علاقة الإنسان مع الطبيعة، بل سوء استخدام الإنسان للطبيعة والموارد الطبيعية، الأمر الذي يؤدي إلى ظهور الكثير من الأمراض والأوبئة. لهذا تتعالى الأصوات اللاهوتية المسيحية اليوم التي تدعو إلى ضرورة حسن معاملة الطبيعة خليقة الله، والحفاظ عليها لأنه بالحفاظ عليها نحافظ على حياتنا وعلى عالمنا الذي نعيش فيه. فسر القديس أوغسطينوس الأمراض على أنها تشوه وظيفي، بل ظهور أعطال في النظام الوظيفي في الجسم الإنساني. ومن المبدأ نفسه نستطيع أن نفهم أسباب الزلازل والبراكين على أنها يضاً تشوه وظيفي وضعف جيولوجي يصيب بعض المناطق الجغرافية في العالم.

بالرغم من محاولة القديس أوغسطينوس وغيره، تقديم تفسيرٍ جزئيّ لمعضلة الألم في العالم، إلا أنهم لم يستطيعوا سبر غور هذا اللغز الذي يبقى معرفته في سلطان الله. تمنى الشاعر والفيلسوف عمر الخيام، الذي بعد تفكيره وبحثه في أسرار الحياة،في القرن الحادي عشر، أمنية كبيرة مستحيلة التحقّق، فقال، «إن رغبة قلوبنا لو نستطيع أن نعيد صنع الكون بدون ألم».

لكن الحقيقة الصارخة التي نواجهها كل يوم هي وجود الألم، لهذا فالسؤال الأساس الذي يجب أن نجيب عنه هو، كيف نتجاوب مع الألم عندما يعترضنا؟ لقد دعى اتباع الفلسفة الرواقية اليونانية القديمة إلى قبول الألم وتحمله بشجاعة لأن الإنسان يولد في عالم يحتوي الألم، وهو جزء من هذا العالم، فليخضع لهذا الواقع ويتحمله بهدوء. أما الجواب المسيحي واللاهوتي للآلام الإنسانية، هو أنه ليس هناك انتصاراً ظاهرياً وخارجياً لمعضلة الألم المستمرة في هذا العالم الحاضر.

فالانتصار على معضلة الألم، هو أمر روحيّ داخليّ. يتحقــــق ليس بقــــدرات وانجازات الإنســــان، ولكـــن بحضــــور الله فـــي الحياة، إن الرؤية المسيحية للعالم المتألم هي، تقديم حقيقية النعمة والقوة وسط الألم، لتسنده وتمنحه الصبر لتحمل آلامه.

مقالات مشابهة

  • حسام حسن أيضاً يُعاقب أكرم توفيق❗
  • ابن بشار الأسد يقدم رواية جديدة لليلة الفرار من سوريا
  • "يريد أيضا إحلال السلام".. ترامب يعلق بعد اتصال بالرئيس الأوكراني
  • بعض الألم.. هل يدفع المواطن الأمريكي ثمن سياسات ترامب التجارية؟
  • القس سهيل سعود يكتب : لغز معضلة الألم
  • مناقشة رواية «غافة العذبة» في «بحر الثقافة»
  • توكل كرمان: من يحكمون اليمن اليوم لا يقلون ضررا عن سلطة الحوثيين والمجلس الانتقالي مكشوف أمام الجنوبيين قبل الشماليين
  • تغريدة البابا فرنسيس على منصة "إكس"
  • الجزيرة تكشف حملة إسرائيلية للتشكيك في رواية أسير فلسطيني
  • هوية المكان العماني في رواية «زعفرانة» لهدى النعيمي .. التاريخ والسياسة والانتماء