يمكن فهم الدعوة التي وجّهها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى بناء عالم تسوده قيم الإنسانية والعدالة وتحترم فيه المقدسات في خطابه إلى الأمة بمثابة مواجهة فكرية من قائد يتبنّى مسار القيادة الأخلاقية في مواجهة عالم يعيش في مأزق أخلاقي تكاد تغيب عنه قيم الإنسانية والعدالة وتُهدم فيه المقدسات وتحاصَر الهويات الوطنية، وتُغتال فيه الكرامة الإنسانية على الملأ في انتهاك صارخ لكل القوانين والتشريعات الدولية.

ويعني جلالة السلطان هيثم المعظم هذه الدعوة لأنه يفهم عميقا حجم التغيرات التي تحدث في العالم والتي تحدث بشكل خاص في الإقليم الذي نعيش فيه ولذلك تتجاوز الدعوة سياقها الرسمي إلى سياق فكري يخاطب عقل الإنسانية لتبحث عن مسار أكثر عدالة لمستقبلها المتشظي تحت وقع الأزمات وسباق القوى الكبرى لفرض هيمنتها على شعوب معزولة لا تجد الحد الأدنى من الكرامة والإنسانية، وهويات تطمَس تحت وطأة الاستعلاء الثقافي ورحى العولمة التي ما زالت تدور على كل شيء.

إن الواقع الذي خاطبه حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم يشهد اليوم غياب القيم التي ترفعها مؤسسات النظام العالمي السائد لكنها في الحقيقة الواقعية غير موجودة والعالم الذي يفترض أن يكون ساحة للأمن والسلام كما تعاهد العالم بعد الحرب العالمية الثانية هو اليوم ساحة مفتوحة لحروب لا تنتهي وبأشكال متعددة لا حصر لها، يُنظَر للاختلاف فيها باعتباره تهديدا وليس ثراء. لقد جعلت الحروب الثقافية والعرقية، وحروب الإبادة الجماعية والسياسات التي تُدار بمنطق القوة لا القانون، جعلت العدالة قيمة هامشية، لا تذكَر إلا في الخطابات فيما تغيب بشكل كامل في الممارسة الحقيقية.

والعدالة التي يتحدّث عنها عاهل البلاد المفدى هي أكبر من القوانين، هي روح الحضارة وأس بنائها وهي القيمة التي تتحقق عبرها إنسانية الإنسان وفي غيابها تسود العالم الكراهية وينشط التطرف والإرهاب ويغيب الأمن والأمان والاستقرار.

لقد ركّز جلالته -أعزه الله- على فكرة الكرامة الإنسانية التي لم تكن في يوم من الأيام رفاهية فكرية بل هي في الوعي الحضاري أساس لكل بناء حضاري وهي لم تكن خلال ذلك امتيازا بل حق يولد مع الإنسان وأكدته كل الشرائع السماوية والقوانين البشرية قبل أن تسيء استخدامه لصالح توجهات سياسية وطائفية.

وإذا نظرنا إلى توقيت هذه الدعوة نجد أن العالم يعيش في حالة عميقة من الانقسام، وفي مرحلة حساسة من التحولات الكبرى التي يصفها البعض بأنها مخاض لإعادة تشكيل نظام عالمي جديد لا يتأسس على قطب واحد ولكن على أقطاب متعددة تحترم حرية الإنسان وكرامته وتعلي من قيمة العدالة.. وتتحقق فيه الشراكة بين كل القوى ضعيفها وقويها ويحضر فيه الحوار والدبلوماسية.

تضع دعوة جلالة السلطان لبناء عالم تسوده العدالة والكرامة الإنسانية العالم أمام مرآة تعكس واقعه المتشظي، وتفتح نافذة على ما يمكن أن يكون إذا اختار قادته الحكمة على الصراع، والعدالة على الظلم، والإنسانية على الجشع.. لكن لا يكفي أن نسمع الدعوة دون أن نعيها وأن نحوّلها واقعًا في حياة هذا العالم من أجل أن تنتصر العدالة والإنسانية. والعالم أمام فرصة أن يجتمع ويتفاهم على أساس أخلاقي إذا لم يستطع أن يتعاون على أساس ديني وفي هذا خلاصه من كل المآزق التي يعيشها والتي ستحاصره في القريب العاجل إذا لم يجد خلاصه الآن.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

روسيا: سلطات كييف «تتفاخر» بالأعمال الإرهابية التي تنفذها

أعلن مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أن سلطات كييف تتباهى بارتكاب أعمال إرهابية وارتباطاتها بالمنظمات الإرهابية الدولية.

وقال نيبينزيا خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي: تتفاخر السلطات الأوكرانية بارتكاب أعمال إرهابية وارتباطاتها بشبكات إرهابية دولية.

وأشار نيبينزيا أيضا إلى أن كييف تزود الإرهابيين بمسيرات وأسلحة، وأن السلطات الأوكرانية اعترفت بشكل مباشر بالفعل بأنها ساعدت المسلحين المرتبطين بتنظيم القاعدة الإرهابي "المحظور في روسيا" الذين هاجموا القوات الحكومية في مالي.

وأضاف نيبينزيا أن أوكرانيا كانت تستخدم في السابق كقاعدة عبور للمقاتلين الإرهابيين الأجانب، لكنها تحولت الآن إلى مركز لوجستي يتم من خلاله توزيع الأسلحة الغربية الموردة لنظام كييف إلى جميع أنحاء العالم.

وفي السياق ذاته، أشار نيبينزيا إلى أن موسكو قالت منذ فترة طويلة إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تدعم المتطرفين في جميع أنحاء العالم، مشيرا إلى أن هذا كان يعزى إلى الدعاية الروسية، ولكن في النهاية تبين أن كل ذلك كان صحيحًا.

وقال نيبينزيا: نحن لسنا مندهشين من الكشف الأخير عن أنشطة وكالة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ولقد تحدثنا منذ فترة طويلة عن حقيقة أنها تمول المتطرفين في جميع أنحاء العالم، لقد تم إلقاء اللوم في وقت سابق على الدعاية الروسية، ولكن في النهاية تبين أن كل ذلك كان صحيحًا.

وفي وقت سابق من اليوم، أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أن نشر قوة لحفظ السلام في أوكرانيا يتطلب تفويضًا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وإلا فإن مثل هذه القوات ستصبح هدفًا مشروعًا لموسكو.

وقال نيبينزيا: نظرا للإرهاق العام من الأزمة الأوكرانية، بدأت بالفعل شائعات مختلفة في الانتشار، بما في ذلك مثل هذه الشائعات الغريبة. يجب أن يكون مفهوماً بوضوح: لا يمكن لأي "قوات حفظ سلام" أن تعمل دون تفويض من مجلس الأمن الدولي.

اقرأ أيضاً«روسيا»: العلاقات الروسية الأمريكية على «وشك الانهيار»

هل ستقدم روسيا تنازلات لإنهاء الحرب مع أوكرانيا؟

روسيا: ما قامت به أوكرانيا من استهداف مدرسة داخلية يعتبر جريمة حرب

مقالات مشابهة

  • مزيان: أزيد من 9 آلاف صحفي في العالم يعملون على تشويه صورة الجزائر 
  • شايب يؤكد على العناية السامية التي يوليها رئيس الجمهورية للعنصر الشبابي
  • دعوة متمردي الكونغو لعودة النازحين إلى ديارهم تثير جدلا واسعا
  • بالفيديو| القرقاوي خلال افتتاح «قمة الحكومات»: الحضارة الإنسانية تمر بمرحلة مفصلية
  • هيثم مفيد يكتب: المسكوت عنه في عالم مصطفى بيومي
  • روسيا: سلطات كييف «تتفاخر» بالأعمال الإرهابية التي تنفذها
  • كيف ينظر الليبراليون لمخطط ترامب لتهجير الفلسطينيين؟.. الامبريالية "الشرسة" تهديد للمبادئ الليبرالية وللحضارة الإنسانية
  • مكتب الشؤون التنموية بديوان الرئاسة يُنظم 6 جلسات نقاشية في القمة العالمية للحكومات
  • كريستيانو رونالدو يساوي 850 مليون دولار!
  • إطلاق "واحة الصاروج" بمدينة السلطان هيثم.. و82 ألف ريال أعلى سعر لـ"فلل عهد"