أحمد مراد (تونس، القاهرة)
تواصل تونس، خلال عام 2025، جهودها المكثفة لتعزيز الأمن المائي ومواجهة أزمة ضعف الموارد المائية الناجمة عن موجة الجفاف التي تُعانيها البلاد منذ سنوات بسبب تداعيات التغير المناخي.
في هذا السياق، تُنفذ السلطات التونسية مجموعة من الاستراتيجيات والخطط الجديدة، من بينها خطط «التسقيف» التي تسعى لتحديد حصة الفرد من الاستهلاك اليومي من المياه بنحو 125 لتراً، بحسب مدير الهندسة الريفية بوزارة الزراعة عبد الحميد منجة، والتي تعتمد على اقتناء تجهيزات مقتصدة في المياه بالمنازل والوحدات السياحية والصناعية، في إطار استراتيجية الوزارة في أفق 2050.


وأوضح الناشط السياسي التونسي، صهيب المزريقي، أن تونس تعمل على تسريع وتيرة استغلال محطات تحلية مياه البحر، في إطار الاستراتيجية الجديدة التي تهدف إلى التوسع في مشروعات التحلية لتأمين الاحتياجات المائية للسكان، لافتاً إلى أنها بدأت العام الماضي في تشغيل 3 محطات في صفاقس وسوسة وقابس.
وقال المزريقي، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن الاستراتيجية المائية الجديدة تستهدف أيضاً الحفاظ على المياه السطحية والجوفية ومراقبتها من الناحيتين الكمية والنوعية عن طريق تعزيز البنية التحتية من خلال التعبئة الإضافية بإقامة سدود جديدة، وتسريع تشغيل السدود قيد الإنشاء، وإعادة تأهيل وتطوير تقنيات توفير المياه في المناطق الجافة، ووضع خطة للتوازن في سنوات الجفاف بين العرض والطلب على المياه، بحسب المنطقة الجغرافية والمحافظة حتى عام 2050.
وذكر أن الاستراتيجية المائية تعمل على تحسين منظومات جلب مياه الشرب وشبكات الري وزيادتها من 67% حالياً إلى 85%، مضيفاً أن هناك خططاً لتنفيذ مشاريع ترابط بين المياه والطاقة والإنتاج الفلاحي بالاعتماد على الطاقة المتجددة.
وبحسب بيانات مرصد الفلاحة التابع لوزارة الفلاحة التونسية، أن مخزون المياه في السدود التونسية تراجع إلى أقل من 20% وتراجعت إمدادات المياه خلال 2024 بأكثر من الثلث، ويقدر العجز بنحو 68%، وتُعد تونس ضمن الدول التي تُعاني الإجهاد المائي.
وشددت الأستاذ في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والتصرف بجامعة تونس، سلمى السعيدي، على أهمية الاستراتيجيات والخطط الجديدة التي تتبعها تونس لتعزيز أمنها المائي ومواجهة أزمة ضعف الموارد المائية، حيث تعمل الاستراتيجية على تحقيق تحسين مستدام في الإمدادات، كما تعكس التزام الحكومة بمعالجة أزمة المياه الناجمة عن تداعيات التغيرات المناخية التي تسببت خلال السنوات الخمس الماضية في موجة جفاف شديدة أدت إلى تقليص حجم الموارد المائية.
وقالت السعيدي، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن الحكومة التونسية تعمل على استخدام تقنيات عديدة، من بينها تحلية مياه البحر، والترشيح الخضري والمستنقعات الصناعية لتنقية المياه وتحسين جودتها، إضافة إلى تعزيز إدارة الموارد وضمان توزيعها بشكل عادل، وتطوير البنية التحتية المائية.

أخبار ذات صلة بيراميدز يتأهل إلى دور الثمانية في «أبطال أفريقيا» بيراميدز يصعق الترجي في الوقت القاتل

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: تونس الأمن المائي الجفاف

إقرأ أيضاً:

ما الشاهقة المائية التي شوهدت في السعودية مؤخرا؟

في ظاهرة نادرة أشبه بمشاهد الأساطير، شهدت سواحل منطقة "رابغ" غرب السعودية ظهور شاهقة مائية، وهو حدث جوي استثنائي يسمى كذلك "التنين المائي".

وكما يتم تصوير التنين في الأساطير الشعبية بالكائن الضخم ذي الجسم الثعباني والأجنحة الكبيرة التي تمكنه من الطيران، مع قدرته على نفث النار، فإن الشاهقة المائية تتصاعد رياحها الهائجة، في حين يلتف حولها الماء كما يلتف الدخان حول التنين وهو ينفث النيران، وتمتد الشاهقة من السحاب إلى سطح الماء كعنق طويل يتراقص بعنف وسط العاصفة.

وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة نادرة، حيث يتم رصدها في دول مثل الولايات المتحدة (خاصة ساحل فلوريدا) وأستراليا، فإن السعودية وغيرها من دول الخليج لم تكن معتادة على رؤيتها إلا في فترات متباعدة.

ومع ذلك، يثير ظهورها في هذا التوقيت تساؤلات عن الأسباب التي أدت إلى حدوثها، وهل هي نتيجة التغيرات المناخية التي تركت بصماتها على طقس الخليج في السنوات الأخيرة.

الشاهقة المائية دائمة الظهور في الدول التي تطل على المحيطات المفتوحة (شترستوك) كيف تتشكل الشاهقة المائية؟

يقول أستاذ علوم البحار الفيزيائية بمعهد علوم البحار المصري، أحمد رضوان، إن "شرح الظاهرة وآليات حدوثها قد يفسر ظهورها الأخير في السعودية، وكذلك ظهورها قبل ذلك في شتاء 2022 على سواحل إمارة الفجيرة بدولة الإمارات".

إعلان

وتحدث هذه الظاهرة عندما تلتقي تيارات هوائية دافئة ورطبة من سطح البحر مع تيارات هوائية باردة وجافة من الطبقات العليا في الجو، مما يؤدي إلى تكون دوامة قوية تتجمع فيها المياه على شكل عمود دوار.

ويوضح رضوان أنه "عادة ما تتهيأ هذه الظروف في المياه الدافئة (حوالي 26 درجة مئوية وما فوق)، ولذلك فهي دائمة الظهور في الدول التي تطل على المحيطات المفتوحة، حيث يكون هناك تباين كبير في درجات الحرارة بين الهواء والمياه، ومع ذلك، لم تكن تحدث في دول الخليج العربي، لأن المياه، رغم أنها دافئة نسبيا، فإن حرارتها لم تكن مرتفعة بما يكفي لتوفير الطاقة اللازمة لتشكيل دوامة هوائية قوية".

والجديد الذي بدأ يطرأ على مناخ الخليج العربي هو ارتفاع درجات حرارة المياه، بسبب موجات الحرارة البحرية الناتجة عن التغير المناخي، مما ساعد على توفير البيئة المناسبة لظهور "التنين المائي"، كما يشير رضوان.

وموجات الحرارة البحرية هي فترات طويلة من ارتفاع غير طبيعي في درجات حرارة سطح البحر مقارنة بالمعدل المعتاد لهذه المنطقة في الفترة الزمنية نفسها، وتمثل هذه الظاهرة تغيرات حرارية كبيرة تدوم لفترة من الزمن.

ووفقا لدراسة نشرتها دورية "دييب سي ريسيرش بارت تو" حول "ديناميكيات موجات الحر البحرية في الخليج العربي"، تشهد مياه المنطقة زيادة ملحوظة في كل من تكرار وشدة موجات الحرارة البحرية، حيث ترتفع درجات حرارة سطح البحر في المنطقة بمعدل 0.36 درجة مئوية لكل عقد.

وتشهد بعض المناطق زيادات تصل إلى 0.7 درجة مئوية لكل عقد، وهذه الزيادة تتجاوز المعدل العالمي الذي يتراوح بين 0.06 درجة مئوية و 0.08 درجة مئوية لكل عقد، مما يجعل الخليج العربي من أكثر المناطق تأثرا بموجات الحرارة البحرية.

الفرق الرئيسي بين الشاهقة المائية والأعاصير الاستوائية هو أن الشاهقة المائية، دوامة بحرية صغيرة الحجم نسبيا وتستمر لفترة قصيرة (شترستوك) ظاهرة ليست مفاجئة

ويقول رضوان "مع هذه الزيادات الواضحة، ستصبح مشاهد مثل الشاهقة المائية معتادة، مثلما أصبحت الأعاصير معتادة أيضا، للسبب نفسه وهو ارتفاع درجة حرارة المياه".

إعلان

وشهدت دول الخليج خلال الـ5 سنوات الماضية أعاصير غير معتادة، وهو ما توقعته دراسة أميركية نشرت قبل 10 سنوات في دورية "نيتشر كلايميت تشينج"، حيث توقعت أن تتشكل أعاصير استوائية للمرة الأولى في الخليج العربي جراء التغير المناخي وآثار ظاهرة الاحتباس الحراري.

وقالت الدراسة إن المياه الضحلة والدافئة للخليج العربي، التي لم تسجل أي أعاصير من قبل، قد تولد العواصف في المستقبل كآثار جانبية لظاهرة الاحتباس الحراري.

ويوضح رضوان أنه "وفقا لما ذهبت إليه هذه الدراسة، فليس من المفاجئ بالنسبة لنا ظهور الشاهقات المائية في الخليج، لأنها تتشكل للأسباب نفسها التي تؤدي إلى تكون الأعاصير، مع اختلافات في الحجم والمفعول".

ويشرح "الشاهقة المائية تتشكل عندما تلتقي تيارات هوائية دافئة ورطبة من سطح البحر مع تيارات هوائية باردة وجافة من الطبقات العليا في الجو، أما الأعاصير الاستوائية، فتتكون عندما تلتقي تيارات هوائية دافئة ورطبة مع تيارات هوائية باردة، لكن على نطاق أكبر بكثير، وتكون الأعاصير الاستوائية عبارة عن دوامات هوائية عمودية تؤدي إلى تكوين مركز ضغط منخفض يجذب الهواء الدافئ والرطب، مما يخلق دوامة قوية".

ويوضح أنه "في كل من الشاهقة المائية والأعاصير الاستوائية، يكون هناك تيار هوائي صاعد، حيث يرتفع في الأولى الهواء الرطب إلى السماء، مما يؤدي إلى تكاثف بخار الماء وتشكيل السحب، وفي النهاية يتكون العمود المائي، أما في الأعاصير الاستوائية، فيتصاعد الهواء الرطب من سطح البحر نتيجة لارتفاع درجة حرارة المياه، مما يساهم في تكوين السحب والعواصف الشديدة".

ويضيف "الفرق الرئيسي بين الشاهقة المائية والأعاصير الاستوائية هو أن الشاهقة المائية، دوامة بحرية صغيرة الحجم نسبيا وتستمر لفترة قصيرة (من بضع دقائق إلى 10 دقائق)، وتكون الرياح أقل قوة من الأعاصير الاستوائية، ولكنها قد تسبب أضرارا إذا كانت قريبة من السواحل، أما الأعاصير الاستوائية، فهي دوامات بحرية كبيرة الحجم، تدوم لفترة أطول، ويمكن أن تؤدي إلى أضرار واسعة النطاق نتيجة الرياح الشديدة والأمطار الغزيرة".

إعلان لا مجال للتوقع

وكما أنه لا مجال لتحديد مكان وزمان وصول الأعاصير بدقة، فإن التحدي يكون أكبر مع الشاهقات المائية. ويقول رضوان "يمكن باستخدام نماذج الطقس العالمية وتكنولوجيا الأقمار الصناعية مراقبة الظروف الجوية التي قد تساهم في تشكيل الأعاصير، ويساعد ذلك على توقع حدوث إعصار استوائي قبل أيام أو أسابيع قليلة من وصوله إلى مرحلة تشكيله الكامل، ولكن تحديد مكان وزمان وصوله بدقة يظل تحديا".

ويضيف "الوضع يكون أصعب مع الشاهقات المائية، فعلى الرغم من أنه يمكن تحديد الظروف التي تسبق تشكيلها، فإن التنبؤ بها يصعب أكثر بسبب قصر فترة حياتها (من بضع دقائق إلى 10 دقائق)".

وعليه، فإن ظهور الشاهقات المائية أو ما يعرف بـ"التنين المائي" في السعودية، يعكس تزايد تأثيرات التغير المناخي على المنطقة، ومع ارتفاع حرارة مياه البحر نتيجة لموجات الحرارة البحرية، قد نشهد ظهور المزيد من هذه الظواهر، وهذا يفرض علينا ضرورة فهم هذه الظواهر وتحليلها بشكل دقيق لمواجهة تحديات التغير المناخي، ولحماية السواحل والنظم البيئية البحرية من تأثيراتها المتزايدة.

مقالات مشابهة

  • ما الشاهقة المائية التي شوهدت في السعودية مؤخرا؟
  • الموارد المائية: إنجاز 25% من أعمال تأهيل التكسية الحجرية في بغداد
  • حموشي يشرف على إفتتاح مدرسة جديدة لتكوين حراس الأمن بمراكش لتعزيز التكوين الشرطي بالمغرب
  • مصر: نرفض التصرفات الأحادية في الموارد المائية المشتركة
  • الرئيس السيسي: تم إنشاء محطات معالجة المياه لمواجهة الفقر المائي
  • «الرئيس السيسي»: الدولة تعمل على زيادة المياه المحلاة والمعالجة لمواجهة الفقر المائي
  • الرئيس السيسي: الدولة تعمل على زيادة المياه المحلاة والمعالجة لمواجهة الفقر المائي
  • السيسي: نعمل على زيادة المياه المحددة والمعالجة لمواجهة الفقر المائي
  • الرئيس السيسى: الدولة تعمل على زيادة المياه المحلاة والمعالجة لمواجهة الفقر المائي