بوابة الوفد:
2025-01-12@19:34:43 GMT

فرص مهدرة فى حياة الشعوب

تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT

يحلو للبعض استقراء الماضى، رغم مضيه، سعيًا للتعلم والعظة والعبرة. لذا يتكرر اللوم لنظام الأسد فى سوريا، كونه أهدر فرصًا عديدة لتصحيح المسار والإفلات بالبلاد من سيناريو اللا دولة.

والمؤسف أن مثل هذه الفرص، مرت على كثير من الحكام، لكنهم جميعًا أهدروها تحت تصور خصوصية الوضع، وسيطرتهم المطلقة على كل شىء.

وتتكرر الإشارات فى التاريخ حول صحوات الضمير اللافتة التى تنتاب بعض المستبدين، فيتحولون إلى ملائكة، ويحاولون إصلاح كل شىء.

غير أن موجة التصحيح فى الأغلب لا تكتمل لأسباب مختلفة.

ويحكى لنا ابن إياس فى «بدائع الزهور فى وقائع الدهور» فى أحداث سنة 922ه، 1516 م كيف استيقظ ضمير السلطان المملوكى قانصوه الغوري،عندما علم بتأهب العثمانيين لغزو مصر، وقرر رد المظالم، والتحول إلى حاكم عادل، فقام بخلع الفاسدين، ورد الحقوق، وإبطال المكوس، فـ«ارتفعت الأصوات له بالدعاء بالنصر، وانطلقت النساء بالزغاريد من الطيقان».

لكن الانتفاضة التصحيحية من السلطان المستبد اقترنت بخطر داهم يهدد عرشه وحياته، لذا لم يُكتب لها النجاح، إذ سرعان ما قاومه رجاله، وخانه بعضهم لينهزم فى موقعة مرج دابق أمام العثمانيين، ويُقتل.

فى تاريخ مصر المعاصر كانت هزيمة يونيو 1967 ضربة قاصمة لأمجاد وأحلام ثورة يوليو ولفكرة «المستبد العادل» التى بشرت بها. ورغم ذلك استخدمها بعض الناصريين للإيحاء بأن الكارثة التى حلت نبهت عبدالناصر إلى ضرورة التخلى عن الاستبداد وسلك طريق الديمقراطية كموجة تصحيح واجبة، وهو ما طرحه كتابان مهمان حديثان الأول «هزيمة الهزيمة» لمصطفى بكرى، والثانى «أخيل جريحًا» لعبدالله السناوى.

فى الكتاب الأول استعان مصطفى بكرى بالمحاضر السرية لاجتماعات ما بعد 1967، والتى تضمنت مناقشات حول أسباب الهزيمة وكيفية التصحيح، وكان من بين التصورات اللافتة ما قدمه عصام حسونة وزير العدل وقتها من ضرورة استعادة الحريات والتعددية، وهو ما أيده «عبدالناصر» وقتها لكن قولًا فقط.

فى الكتاب الثانى خلص «السناوي» من خلال وثائق جديدة إلى أن ناصر أبدى نوايا ديمقراطية، قبيل الهزيمة، ففى سنة 1966 قال فى اجتماع خاص: «إن الحزب الواحد أثبت عيوبه، ولا بد أن تكون هناك معارضة، والمعضلة هى ألا تقوم هذه المعارضة بالرجوع بالوطن إلى الوراء». والمشكل أن الإشارة جاءت فى وقت أزمة اقتصادية، وربما مناورة سياسية للتخلص من بعض المناوئين، ولم يُثبت عبدالناصر صدق نواياه، بدليل وقوع الهزيمة.

فى أماكن أخرى حكايات لا تنتهى عن نوايا إصلاح ركزت على الشكلية دون اهتمام بالمضمون الحقيقى لطلب العدل والإصلاح. ومثلًا، إننى أتذكر عندما سافرت فى ربيع 2002 إلى العراق قبل الغزو الأمريكى، وذهبت بصحبة صديق عراقى إلى شارع بالعاصمة يُسمى «العرصات» كان يضم ملاهى ليلية. ولفت نظرى هدوء الشارع الغريب، فتساءلت عن ذلك، فحكى لى الصديق أن القائد صدام حسين قرر بعد الحرب الإصلاح العام، فأعلن ما يُسمى بـ«الحملة الإيمانية». وعلى إثر ذلك أغلقت كل الملاهى فى شارع العرصات، وقبض على الراقصات وقطعت رءوسهن وعلقت فوق أعمدة الإنارة، وتم تغيير العلم العراقى ليحمل لفظ «الله أكبر»، وسارعت زوجات قادة الحزب ورجال القائد بارتداء الحجاب، وانتشر التدين المظهرى، وكأن القائد قد عاد إلى الله. كانت الحملة الإيمانية لصدام نموذجًا مثاليًا لتوبة الديكتاتور الذى يصحح ديكتاتوريته بمزيد من العسف.

لكن كما علمنا التاريخ، توبة الديكتاتور عمومًا لا تصلح، لأن التوبة الوحيدة له، هى خروجه من السلطة بإرادته.

والله أعلم

 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد

إقرأ أيضاً:

بلاء وآية من آيات الله.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بتدوينة عن الحرائق المستعرة في أمريكا

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أثار زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، تفاعلا بتدوينة وصف فيها الحرائق المشتعلة في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية بأنها "بلاء وآية من آيات الله"، مؤكدا أنه من "المعيب التشفي بالشعوب والرقص على جراحاتها".

وقال مقتدى الصدر في تدوينة عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، تويتر سابقا، مساء السبت: "إن الحرائق التي اشتد أوارها، وعلا لهيبها واستعرت وتأججت في بعض المدن الأمريكية، ما هي إلا آية من آيات الله تعالى في خلقه، حتى وإن قيل إنها مفتعلة".

وأردف مقتدى الصدر في منشوره: "فهي بلاء على من وجه سلاحه وناره بوجه الشعوب المستضعفة في الأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا والعراق واليمن، وقتل أطفالهم ونساءهم وشيوخهم وهدم مقدساتهم ومستشفياتهم وبيوتهم ومحالهم ولم يرع فيهم إلا ولا ذمة".

ومضى زعيم التيار الصدر قائلا عن تلك الحرائق المستعرة منذ أيام: "وهي ابتلاء لا ليعذب الله فيه الشعب، بل ليذكر الله فيه الشعب الأمريكي بما تفعله حكومتهم التي تدعم الصهاينة...فهي الشريك الأكبر لهم"، حسب وصفه.

وأضاف مقتدى الصدر: "لذا فمن المعيب التشفي بالشعوب والرقص على جراحاتها، ولابد من التفرقة بين الظالم والراضي بالظلم من جهة، وبين الرافضين للظلم والطغيان والاحتلال والفساد والرذيلة والمجازر الدموية والإرهاب الممنهج، من جهة أخرى"، حسب قوله.

وختم مقتدى الصدر تدوينته قائلا: "فديننا دين المحبة والسلام مع أهل السلام فقط...فكل الشعوب إما إخوة لنا في الدين أو نظراؤنا في الخلق، إلا من استوطن في بلادنا وعاث فيها فسادا وظلما".

وأثارت تدوينة زعيم التيار الصدري العراقي تفاعلا على منصة "إكس"، وجاءت أبرز الردود كالتالي:

مقالات مشابهة

  • عمراني: “اقصائنا سببه الهزيمة التي تلقيناها داخل الديار”
  • بلاء وآية من آيات الله.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بتدوينة عن الحرائق المستعرة في أمريكا
  • أحاديث في السياسة.. الهزيمة
  • حسام عبد المجيد: الزمالك يسعى للفوز وتفادي الهزيمة بالكونفدرالية
  • بين الطغيان والسقوط: لماذا تنتهي أنظمة الاستبداد بالثورات؟
  • عمرو أديب عن نفاذ باقة الإنترنت قبل موعدها: البركة قلت
  • أذكار المساء.. عبادة صغيرة بأثر عظيم في حياتك اليومية
  • حرية الأنظمة وعبودية الشعوب
  • لماذا يجب صلاة المغرب في رجب؟.. احذر تفويتها أو تأخيرها لـ7 أسباب