يؤمن الدكتور«مصطفى مدبولى»، منذ اختيار السيد «محمد عبداللطيف» وزيراً للتربية والتعليم، بأن الرجل لديه رؤية غير تقليدية، ويعرف جيداً الفجوة الموجودة بملف التعليم، مدركاً طبيعة التحديات فى هذا الملف، ثم يوثق لنا «مدبولى» هذا الإيمان الراسخ واليقين الثابت مرة أخرى بعد الموافقة المبدئية على تطبيق «نظام البكالوريا الجديد» الذى قدمه السيد «عبداللطيف»، وحاز موافقة مجلس الوزراء، بعد مناقشات مطولة استمرت مدة ساعتين فقط!، استعداداً لطرحه للحوار المجتمعى قبل تطبيقه فعلياً.
اللافت هنا ليس حالة اليقين السابقة، بل تلك الأسباب التى صدَّرها لنا الدكتور «مدبولى» والسيد «عبداللطيف» عن تطبيق «نظام البكالوريا» الجديد، من منطلق تخفيف الأعباء، ورفع الضغط النفسى عن الطالب وأولياء الأمور، والتخلص من كابوس الثانوية العامة، ورغبة الحكومة فى تغيير فكرة أن الامتحانات حياة أو موت، عن طريق تقليل عدد المواد الدراسية وتوفير فرص للطلاب لدخول الامتحان أكثر من مرة، ثم تأتى المفاجأة بأن «شهادة البكالوريا المصرية» التى سيحصل عليها الطالب ستكون معترفاً بها دولياً، وسوف يتمكن الطلاب من التقديم إلى الجامعات فى الخارج، وكأن طلابنا لم يذهبوا إلى هذا الخارج بشهادات الثانوية القديمة منذ إنشاء ديوان المدارس حتى هذه اللحظة!
نترك تلك الأسباب المألوفة لأسماعنا وأبصارنا لتمرير أى نظام جديد، ثم تطبيقه ثم إلغائه لتبدأ اللعبة من جديد!، وننتقل إلى فلسفة «نظام البكالوريا»، يقول وزير التعليم إن فلسفة شهادة البكالوريا تعتمد على تنمية المهارات الفكرية والنقدية، بدلاً من الحفظ والتلقين، مع تطبيق التقييم المستمر، أين هى الفلسفة الجديدة التى يريد تطبيقها السيد الوزير؟ ومَن أولى بتنمية مهاراته الفكرية والنقدية؟ ومَن يجب عليه الخضوع لعملية التقييم المستمر؟ الطلبة أم السادة المسئولون عن تطوير نظام التعليم فى مصر؟
يا سيادة رئيس الوزراء، منح فرص متعددة من خلال عقد جلستى امتحان سنوياً ليس بجديد، فقد تم العمل به فى عهد الحضرة الخديوية «الخديو عباس حلمى» عام 1913 للحصول على شهادة «معادلة البكالوريا»، وتم تطبيق «نظام التحسين» بدخول الامتحان مرة ثانية فى أول نظام تم تطبيقه بتقسيم «شعبة العلمى» إلى شعبتين منذ 25 سنة تقريباً، إن لم تخُنِّى الذاكرة، فأين الجديد إذن؟
يا سيادة رئيس الوزراء، هل تريد معرفة لماذا هذا اللغط والسخط والحيرة والترقب من الإقدام على كل نظام يتم استحداثه، إليك تلك القصة البسيطة بين الأسد والثعلب:
روى أن الأسد أصبح شيخاً عجوزاً، ضعيفاً، لا يستطيع الصيد، ولا القتال من أجل طعامه، فرقد فى كهف وادّعى المرض، وعندما يأتى حيوان لزيارته، يمسك به ويفترسه، واختفى بتلك الطريقة الكثير من الحيوانات، أما الثعلب الذى رأى الخدعة، فجاء إلى الكهف ولم يدخله، وعندما سأله الأسد: لماذا لم تدخل إلى الكهف أيها الثعلب؟ فأجاب: «الحقيقة كنت أود الدخول، لكنى رأيت كثيرين يسيرون فى هذا الطريق، فيدخلون ولا يعودون!»، نحن كذلك يا سيادة رئيس الوزراء، نخشى الدخول، وقد علمتنا التجارب أن اتجاه المرور فى تلك الأنظمة واحد.
أتريد أن تعرف يا «دكتور مدبولى» رؤية الكثير منا للنظام الجديد، سواء عن جهل به، أو خوف منه، إليك واقعة نشرتها مجلة «الزهور» لصاحبها «أنطون الجميل» عام 1910 تحت عنوان «الحجَّاج والبكالوريا»، ذكرت فيها أن عشرات من التلاميذ الذين تقدموا لامتحان البكالوريا فى مصر سيسقطون، والذنب فى ذلك على الحجَّاج، ولو كان حفظه الله، أى الحجَّاج، عرف ماذا سيصيب فريقاً من شبان القرن العشرين بسببه، لدعا على لسانه بالقطع أو على الأقل لمنع كتَّاب ديوانه من تدوين خطابه لأهل العراق، لئلا يُطلب من طلبة «البكالوريا» أن يفكوا رموزه للحصول على الشهادة، وكان المطلوب من التلاميذ تفسيره: «ما يقعقعُ لى بالشنان، ولا يغمزُ جانبى كتغماز التين، ولقد فُررِتُ عن ذكاء، وفتشتُ عن تجربة... والله لأحزمنكم حزم السلمة، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل...»، الكثير منا ينظر إلى نظام «البكالوريا المنتظر»، نظرة التلاميذ لطلاسم «الحجَّاج»!
فى النهاية: هل من المعقول أن نبقى تائهين منذ إنشاء ديوان المدارس 1837 مروراً بديوان المعارف ونظارة المعارف، وصولاً إلى وزارة التربية والتعليم الآن، فى فضاء أسئلة: متى يتحقق حلم تطوير التعليم؟ ومتى نستقر على نظام للمناهج التعليمية؟، متى يعود الانضباط للمدارس وكيف يستعيد المعلم هيبته؟ وما هى سبل القضاء على الكثافة الطلابية؟... إلى آخره من تلك الأسئلة التى أصبح تكرارها نوعاً من أنواع السخف العام.
أخيراً: نحن لسنا فى حاجة إلى مسميات أو أنظمة جديدة يتم تطبيقها ثم العدول عنها، ثم إعادة تدويرها، نحن فى حاجة إلى نظام تعليم حقيقى متاح للجميع، ورؤية جادة، بعيداً عن فلسفة المعانى، وبواطن الألفاظ والمرادفات والنوايا.
الخلاصة: التعليم قضية أمن قومى.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أشرف عزب الدكتور مصطفى مدبولي محمد عبداللطيف وزيرا للتربية والتعليم الموافقة المبدئية نظام البكالوريا الجديد
إقرأ أيضاً:
التعليم تحسم الجدل حول نظام البكالوريا | تفاصيل جديدة
قدمت مذيعه صدي البلد ماهيتاب مختار تغطيه عن تفاصيل مادة البرمجه ونظام البكالوريا المصريه بديل الثانوية العامة
مادة البرمجة سيتم تدريسها في نظام البكالوريا المصرية في الصفين الأول والثاني الثانوي وتكون ماده البرمجة في الصف الأول الثانوي مادة غير مضافة للمجموع
وأكدت وزارة التربية والتعليم أن المدارس الثانوية الحكومية المصرية مؤهلة لتدريس مادة البرمجة في نظام البكالوريا المصرية لأنها مجهزة ببنية تكنولوجية وصارت متصلة بالإنترنت بشبكات واي فاي داخلية قوية.
طريقة تدريس مادة البرمجةوقالت وزارة التربية والتعليم أنه جاري الاتفاق مع وزارة الاتصالات على طريقة تدريس مادة البرمجة في نظام البكالوريا المصرية
سواء اونلاين او عن طريق الحضور
وأضافت وزارة التعليم أنه سيتم عقد تدريبات كثيرة خلال الفترة القادمة لمعلمي الحاسب الالي استعدادا لبدء تدريس مادة البرمجة
ةبالإضافة لمادة البرمجة المقرر تدريسها في البكالوريا المصرية
لن تكون مادة تقليدية، ولن يتم تدريسها على السبورة ولكن يتم تدريسها بطرق مختلفة ومتطورة.