فى زيارتى الحالية إلى كندا، أتجول فى الحدائق مع أفراد أسرتى ونتوقف من حين لآخر لنلتقط بكاميرا الموبايل صورا عالية الجودة.
ألفيتنى أسترجع الذكريات التى كانت فيها صورنا بالأبيض والأسود، صورًا تلتقط لحظات الحياة فى زواياها الخافتة، مشوشة أحيانًا، ومتوسطة الجودة فى معظمها. كانت تلك الصور توثّق المناسبات الخاصة، والرحلات المدرسية، والأعياد، وحفلات الزفاف، فتجسّد الحياة بتدرجاتها الرمادية، رغم بساطتها.
ثم جاء التصوير الفورى ليغيّر المشهد تمامًا. مع ظهور كاميرات «بولارويد» التى بدت ثورية فى ذلك الوقت، أصبحت اللحظات تُلتقط وتُعرض فورًا. لم نعد ننتظر أيامًا لرؤية صورنا، بل كانت تظهر أمامنا فى الحال، نابضة بالحياة وبالألوان، قادرة على التقاط اللحظة وقت حدوثها.
ومع مرور الزمن، تطوّر التصوير ليصبح تجربة رقمية بالكامل. لم تعد الصور تُحفظ فى الألبومات التقليدية بل أصبحت تُلتقط وتُشارك فورًا عبر الهواتف الذكية. ولعل أكثر ما أدهشنى هو ظهور الذكاء الاصطناعى فى التصوير، الذى لم يعد يقتصر على تعديل الصور، بل أصبح قادرًا على خلق صور جديدة بالكامل من الصفر—كأنما أصبح الواحد منّا علاء الدين يأمر جنى الذكاء الاصطناعى أن يبتكر عوالم جديدة، وهو أمر لم يكن ليُتصور فى طفولتى. لقد غيّرت الفلاتر الرقمية وبرامج التعرّف على الوجوه والخوارزميات من الطريقة التى نرى بها العالم.
اليوم، أحمل كاميرا فى جيبى طوال الوقت، لكنها أكثر من مجرد أداة لالتقاط الصور. أصبحت امتدادًا لحياتى الاجتماعية، وفنى، وذكرياتى. لا يزال نفس الشعور بالتعجيل اللحظى الذى بدأ مع صور بولارويد يعيش فى عالم التصوير الرقمى، مع القوة التى تضاعفها وسائل التواصل الاجتماعى. اليوم، نحن جميعًا مصورون، سواء استخدمنا كاميرات متطورة أو تطبيقات بسيطة لالتقاط اللحظات. ومع ذلك، لا يزال التقاط الصورة ينتهى بنفس النتيجة: إنه يتيح لنا إيقاف الزمن، واحتجاز لحظة من حياتنا، وتجميدها فى ثلاجة العالم الرقمى كى نراها فى المستقبل.
بينما أتأمل صور طفولتى بالأبيض والأسود، أدرك حجم التغيير الذى طرأ على أساليب التصوير. من صور نُلتقط بعناية إلى الصور الفورية، ثم إلى الصور الرقمية التى يولّدها الذكاء الاصطناعى، تواصلت رحلة تطور الطريقة التى نلتقط بها العالم من حولنا. التصوير إذًا ليس مجرد أداة أو تقنية لتوثيق اللحظات، بل هو رحلة دائمة فى عمق الذاكرة،؛ مرآة نرى فيها ملامح تطوّرنا وتغيّرنا، وسيلة لاختزان الماضى والتفاعل معه، لتظل تلك اللحظات حيّة فى أذهاننا، تذكّرنا بمن كنّا وكيف أصبحنا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كندا لحظات الحياة الذكريات
إقرأ أيضاً:
حساب منسوب لنجل الأسد يروي اللحظات الأخيرة قبيل سقوط النظام
أفاد حساب منسوب لـ "حافظ"، نجل الرئيس السوري السابق بشار الأسد، على منصتي "إكس"، و"تليغرام"، تدوينات تتضمن تفاصيل جديدة عن ليلة الخروج من دمشق، قبل دخول الفصائل المسلحة للعاصمة، وإسقاط حكم عائلة الأسد الذي استمر قرابة نصف قرن.
وجاء في الحساب المنسوب لنجل الأسد، والتي حذفت تدويناته لاحقاً إنه "لم يكن هناك أي خطة ولا حتى احتياطية، لمغادرة دمشق، ناهيك عن سوريا". وأضاف أنه "بخصوص أحداث يومي السبت والأحد 7 و8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لم يكن هناك شيء خارج عن المألوف الذي اعتدناه منذ السنوات الأولى للحرب".
View this post on InstagramA post shared by Asharq News الشرق للأخبار (@asharqnews)
وتابع الحساب "استمر الوضع على هذا الحال، إذ كان الجيش يحضر للدفاع على دمشق، ولم يكن هناك ما يوحي بتدهور الأمور حتى خبر انسحاب الجيش من حمص، الذي كان مفاجئاً كما كان قبله انسحاب الجيش من حماة وحلب وريف إدلب".
وأوضح قائلاً: "وحول ما قيل عن مغادرتنا دون إبلاغ أبناء عمتي الذين كانوا موجودين في دمشق، فأنا من قام بالاتصال بهم أكثر من مرة حالما عرفنا بانتقالنا، وعلمنا من العاملين في منزلهم أنهم غادروه إلى وجهة غير معروفة".
BREAKING:
This is the first of a two part post from Bashar al-Assad's son, Hafez al-Assad.
I can confirm this account is his and not an imposter. We've been in communication recently, and I was aware that he was going to create a Telegram channel and this also account here on… https://t.co/z8DAQmTPUm pic.twitter.com/ThQnKXepL4
وأشار إلى أنه "بعد حين، انطلقنا باتجاه مطار دمشق الدولي ووصلنا إليه حوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل والتقينا بعمي ماهر هناك، حيث كان المطار خالياً من الموظفين بما في ذلك برج المراقبة، ومن ثم انتقلنا على متن طائرة عسكرية روسية إلى اللاذقية، حيث هبطنا في مطار حميميم قبل طلوع الفجر".
ولفت الحساب إلى أنه في ساعات النهار الأولى من يوم الأحد، كان من المفترض أن نتحرك باتجاه الاستراحة الرئاسية في منطقة برج إسلام، والتي تبعد عن القاعدة بالطريق أكثر من 40 كيلومتراً، ولكن محاولات التواصل مع أي أحد من العاملين فيها باءت بالفشل، حيث كانت جميع الهواتف التي تم الاتصال بها مغلقة، وبدأت ترد المعلومات بانسحاب القوات من الجبهة وسقوط آخر المواقع العسكرية.
وأردف بالقول "بعد الظهر، أطلعَتنا قيادة القاعدة على خطورة الموقف في محيطها، وأبلغَتنا بتعذر الخروج من القاعدة، نظراً لانتشار الفصائل المسلحة والفوضى وانسحاب الوحدات المسؤولة عن حماية القاعدة، بالإضافة إلى انقطاع الاتصال مع كافة القيادات العسكرية".
وأضاف "بعد التشاور مع روسيا، طلبت منهم تأمين انتقالنا إلى موسكو، حيث أقلعنا باتجاهها على متن طائرة عسكرية روسية، ووصلنا إليها في ليل يوم الأحد 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي".