المسلة:
2025-04-14@13:18:18 GMT

شكوك في جدوى طريق التنمية: الواقع أقوى من الطموحات

تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT

شكوك في جدوى طريق التنمية: الواقع أقوى من الطموحات

12 يناير، 2025

بغداد/المسلة:  في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة العراقية لتحقيق رؤيتها عبر مشاريع ضخمة مثل “طريق التنمية”، تظل هذه المبادرة محاطة بالعديد من التساؤلات حول جدواها الحقيقية في السياق الاقتصادي والجيوسياسي الحالي.

و من المعروف أن العراق يمتلك موقعًا جغرافيًا مهمًا في الشرق الأوسط، لكن هذا الموقع، رغم أهميته الإقليمية، لا يمنحه ميزة كبيرة على الساحة العالمية.

فالتجارة العالمية تتم بنسبة تفوق 90% عبر البحار، بينما لا تتجاوز حصة النقل البري 10%، يضاف إلى ذلك أن العراق يقع بعيدًا عن الأسواق الكبرى التي تسيطر على التجارة الدولية. هذا الواقع يشير إلى أن التحديات التي تواجه مشروع “طريق التنمية” تتجاوز القضايا المحلية لتشمل تحديات أكثر عمقًا على مستوى التنافسية العالمية.

دور محدود في التجارة العالمية

تشير الإحصائيات إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تمثل سوى 3.2% من صادرات و2.8% من واردات السلع العالمية. في هذا السياق، يبرز النفط كعامل رئيسي، حيث يشكل نحو 53% من صادرات المنطقة. هذا يعني أن المنطقة ما زالت تعتمد بشكل كبير على صادرات الموارد الطبيعية، فيما تبقى مساهمتها في التجارة غير النفطية منخفضة. وبالتالي، حتى لو تحقق المشروع في العراق، فإن تأثيره على التجارة العالمية سيكون محدودًا جدًا.

و الحديث عن مشروع “طريق التنمية” يعيد طرح الأسئلة حول قدرة العراق على المنافسة مع جيرانه الأكثر استقرارًا اقتصاديًا وسياسيًا مثل الإمارات والسعودية. فهذان البلدان لديهما قدرات مالية ضخمة وأطر سياسية مستقرة، مما يجعل جذب الاستثمارات الكبرى أكثر احتمالًا.

وفي هذا السياق، يصعب على العراق أن يلعب دورًا محوريًا في مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث إن الممرات البرية التي يقترحها البعض لا تبدو ذات أهمية حقيقية في استراتيجية الصين الإقليمية والعالمية.

التحولات الجيوسياسية وأثرها على المشروع

الأوضاع الجيوسياسية في الشرق الأوسط تلعب دورًا محوريًا في تشكيل فرص أو تهديدات لمشاريع مثل “طريق التنمية”. فالعراق، في ظل بيئته الجيوسياسية المضطربة، قد يتأثر بشكل كبير بأي تغيرات في المعادلات الإقليمية. التأثيرات المحتملة لهذه الديناميكيات يمكن أن تكون غير متوقعة، مثلما أظهرت الأحداث الأخيرة في 7 أكتوبر، والتي كان لها تأثيرات خطيرة على ممرات التجارة الدولية. هذه التحديات تجعل من المشروع مسعى داخليًا أكثر منه مسعى إقليميًا أو عالميًا.

الهدف الأساسي: تطوير البنية التحتية
إن “طريق التنمية” في العراق ليس مجرد مشروع ممرات تجارية، بل هو في المقام الأول محاولة لتعزيز البنية التحتية وتحقيق ارتباط لوجستي واقتصادي مع تركيا. في هذا السياق، يبدو أن المشروع يعكس أولويات الحكومة العراقية في تعزيز قدراتها الداخلية قبل أن يتمكن من لعب دور إقليمي أو دولي كبير. قد يعزز المشروع من رأس المال السياسي والاجتماعي للعراق،

لكن لا ينبغي أن يُتوقع منه أكثر من مجرد تحسينات في الشبكة اللوجستية الداخلية.

دور إيران في المشروع
رغم التحديات التي قد تواجه المشروع، يرى البعض في إيران أنه يمكن أن يعزز من حصتها في شبكة النقل الإقليمية عبر ربط العراق وإيران بخطوط السكك الحديدية. هذه الرؤية قد توفر فرصًا لإيران لزيادة الترانزيت وتحقيق مكاسب اقتصادية، لكن المخاوف حول تقليص حصتها في التجارة الإقليمية قد تظل قائمة.

خلاصة
مشروع “طريق التنمية” في العراق هو أكثر من مجرد ممر تجاري، بل هو مشروع بنية تحتية يهدف إلى ربط العراق بتركيا وتعزيز استقراره الداخلي. ومع ذلك، لا يبدو أن للعراق دورًا كبيرًا في الخريطة الجيوسياسية الكبرى لمبادرة الحزام والطريق الصينية. في ضوء هذه المعطيات، يبقى هذا المشروع ذا طابع محلي وإقليمي أكثر منه مشروعًا عالميًا، ويحتاج العراق إلى أن يعزز استقراره الداخلي ويمتلك القدرة على جذب الاستثمارات قبل أن يأمل في تأثير أوسع.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: طریق التنمیة أکثر من

إقرأ أيضاً:

بسبب التعريفات الأمريكية ..الصين تقيم دعوى قضائية لدى منظمة التجارة العالمية

الثورة نت/..

أعلنت وزارة التجارة الصينية، اليوم الجمعة، إقامة دعوى قضائية ضد الولايات المتحدة أمام آلية تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية عقب أحدث زيادة في التعريفات الجمركية الأمريكية.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت أمس عن زيادة إضافية في ما يسمى “التعريفات الجمركية المتبادلة” المفروضة على المنتجات الصينية.

وقال المتحدث باسم الوزارة في تصريح أوردته وكالة الأنباء الصينية “شينخوا’ إن إجراءات التعريفات الجمركية الأمريكية تعد نموذجا للتنمر والقسر من جانب واحد، إذ أنها تمثل انتهاكا صارخا لقواعد منظمة التجارة العالمية، وتقوّض بشدة النظام التجاري متعدد الأطراف القائم على القواعد، فضلا عن أنها تقوّض النظام الدولي للاقتصاد والتجارة.

وأضاف أن الصين ستحمي حقوقها ومصالحها المشروعة بكل صرامة، وستتمسك بحزم بالنظام التجاري متعدد الأطراف والنظام الدولي للاقتصاد والتجارة.

وأوضح المتحدث أن الصين تحث الجانب الأمريكي على تصحيح أخطائه على الفور، وإلغاء جميع الإجراءات الجمركية أحادية الجانب المفروضة على الصين.

مقالات مشابهة

  • الأكبر تاريخيا.. ما جدوى اتفاقات الطاقة بين العراق وشركات أمريكية؟
  • الأكبر تاريخيا.. ما جدوى اتفاقيات الطاقة بين العراق وشركات أمريكية؟
  • حقن التربة الرملية.. مشروع وطني يخوض معركة التنمية في قلب صحراء المنيا
  • السيسي لمجتمع الأعمال القطري: المصريون يرحبون بكم كشركاء في مسيرة التنمية والازدهار
  • "حقن التربة الرملية".. مشروع وطني يخوض معركة التنمية في قلب صحراء المنيا
  • سوريا.. نسبة التجارة مع العراق انخفضت إلى 5%
  • الولايات المتحدة تسعى لإبرام 90 اتفاقًا في 90 يومًا لإنهاء التوترات... وسط شكوك وعقبات
  • وزير الخارجية:طريق التنمية يُفيد تركيا اقتصاديا وتجاريا أكثر من العراق
  • بسبب التعريفات الأمريكية ..الصين تقيم دعوى قضائية لدى منظمة التجارة العالمية
  • الصين تقيم دعوى قضائية لدى منظمة التجارة العالمية بسبب التعريفات الأمريكية