المسلة:
2025-01-12@22:09:01 GMT

شكوك في جدوى طريق التنمية: الواقع أقوى من الطموحات

تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT

شكوك في جدوى طريق التنمية: الواقع أقوى من الطموحات

12 يناير، 2025

بغداد/المسلة:  في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة العراقية لتحقيق رؤيتها عبر مشاريع ضخمة مثل “طريق التنمية”، تظل هذه المبادرة محاطة بالعديد من التساؤلات حول جدواها الحقيقية في السياق الاقتصادي والجيوسياسي الحالي.

و من المعروف أن العراق يمتلك موقعًا جغرافيًا مهمًا في الشرق الأوسط، لكن هذا الموقع، رغم أهميته الإقليمية، لا يمنحه ميزة كبيرة على الساحة العالمية.

فالتجارة العالمية تتم بنسبة تفوق 90% عبر البحار، بينما لا تتجاوز حصة النقل البري 10%، يضاف إلى ذلك أن العراق يقع بعيدًا عن الأسواق الكبرى التي تسيطر على التجارة الدولية. هذا الواقع يشير إلى أن التحديات التي تواجه مشروع “طريق التنمية” تتجاوز القضايا المحلية لتشمل تحديات أكثر عمقًا على مستوى التنافسية العالمية.

دور محدود في التجارة العالمية

تشير الإحصائيات إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تمثل سوى 3.2% من صادرات و2.8% من واردات السلع العالمية. في هذا السياق، يبرز النفط كعامل رئيسي، حيث يشكل نحو 53% من صادرات المنطقة. هذا يعني أن المنطقة ما زالت تعتمد بشكل كبير على صادرات الموارد الطبيعية، فيما تبقى مساهمتها في التجارة غير النفطية منخفضة. وبالتالي، حتى لو تحقق المشروع في العراق، فإن تأثيره على التجارة العالمية سيكون محدودًا جدًا.

و الحديث عن مشروع “طريق التنمية” يعيد طرح الأسئلة حول قدرة العراق على المنافسة مع جيرانه الأكثر استقرارًا اقتصاديًا وسياسيًا مثل الإمارات والسعودية. فهذان البلدان لديهما قدرات مالية ضخمة وأطر سياسية مستقرة، مما يجعل جذب الاستثمارات الكبرى أكثر احتمالًا.

وفي هذا السياق، يصعب على العراق أن يلعب دورًا محوريًا في مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث إن الممرات البرية التي يقترحها البعض لا تبدو ذات أهمية حقيقية في استراتيجية الصين الإقليمية والعالمية.

التحولات الجيوسياسية وأثرها على المشروع

الأوضاع الجيوسياسية في الشرق الأوسط تلعب دورًا محوريًا في تشكيل فرص أو تهديدات لمشاريع مثل “طريق التنمية”. فالعراق، في ظل بيئته الجيوسياسية المضطربة، قد يتأثر بشكل كبير بأي تغيرات في المعادلات الإقليمية. التأثيرات المحتملة لهذه الديناميكيات يمكن أن تكون غير متوقعة، مثلما أظهرت الأحداث الأخيرة في 7 أكتوبر، والتي كان لها تأثيرات خطيرة على ممرات التجارة الدولية. هذه التحديات تجعل من المشروع مسعى داخليًا أكثر منه مسعى إقليميًا أو عالميًا.

الهدف الأساسي: تطوير البنية التحتية
إن “طريق التنمية” في العراق ليس مجرد مشروع ممرات تجارية، بل هو في المقام الأول محاولة لتعزيز البنية التحتية وتحقيق ارتباط لوجستي واقتصادي مع تركيا. في هذا السياق، يبدو أن المشروع يعكس أولويات الحكومة العراقية في تعزيز قدراتها الداخلية قبل أن يتمكن من لعب دور إقليمي أو دولي كبير. قد يعزز المشروع من رأس المال السياسي والاجتماعي للعراق،

لكن لا ينبغي أن يُتوقع منه أكثر من مجرد تحسينات في الشبكة اللوجستية الداخلية.

دور إيران في المشروع
رغم التحديات التي قد تواجه المشروع، يرى البعض في إيران أنه يمكن أن يعزز من حصتها في شبكة النقل الإقليمية عبر ربط العراق وإيران بخطوط السكك الحديدية. هذه الرؤية قد توفر فرصًا لإيران لزيادة الترانزيت وتحقيق مكاسب اقتصادية، لكن المخاوف حول تقليص حصتها في التجارة الإقليمية قد تظل قائمة.

خلاصة
مشروع “طريق التنمية” في العراق هو أكثر من مجرد ممر تجاري، بل هو مشروع بنية تحتية يهدف إلى ربط العراق بتركيا وتعزيز استقراره الداخلي. ومع ذلك، لا يبدو أن للعراق دورًا كبيرًا في الخريطة الجيوسياسية الكبرى لمبادرة الحزام والطريق الصينية. في ضوء هذه المعطيات، يبقى هذا المشروع ذا طابع محلي وإقليمي أكثر منه مشروعًا عالميًا، ويحتاج العراق إلى أن يعزز استقراره الداخلي ويمتلك القدرة على جذب الاستثمارات قبل أن يأمل في تأثير أوسع.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: طریق التنمیة أکثر من

إقرأ أيضاً:

الأردن يوقع على مشروع لتحلية ونقل مياه البحر.. كم متر مكعب سنويا؟

وقعت الحكومة الأردنية الأحد، على عقد مبدئي لمشروع تحلية ونقل مياه البحر من محافظة العقبة جنوبا إلى العاصمة عمّان.

وشهد رئيس الوزراء جعفر حسان توقيع العقد في مقر رئاسة الوزراء، بين الحكومة ممثلة بوزارة المياه والري، وتحالف المستثمرين الذي تقوده شركتا ميريديام وسويز (Meridiam ـ Suez)، وهي شركة عالمية رائدة في هذا المجال.

وكان لافتا حضور السفيرة الأمريكية في عمّان يائل لمبرت توقيع العقد، إضافة إلى وجود مسؤولين بينهم وزير الاتصال الحكومي محمد المومني، ووزيرة التخطيط والتعاون الدولي زينة طوقان، ووزير المياه والري رائد أبو السعود، بحسب وكالة الأنباء الرسمية "بترا".

المشروع الذي يعد "الناقل الوطني" الأكبر للمياه في الأردن، يستهدف نقل 300 مليون متر مكعب سنويا من مياه البحر الأحمر وخليج العقبة إلى العاصمة عمّان ومنها لبقية المحافظات الأردنية.


ويهدف المشروع إلى تحلية المياه، وبالتالي إيجاد حلول مستدامة لنقص المياه الحاد الذي يعاني منه الأردن منذ سنوات.

وأكد الوزير أبو السعود أن "مشروع الناقل الوطني مبادرة وطنية رائدة ستضم واحدة من أكبر محطات التحلية على مستوى العالم ويعد أكبر مشروع للبنية التحتية يتم بناؤه في الأردن على الإطلاق وفي المنطقة حيث سيشمل هذا المشروع نظاما متطورا لمنظومة سحب مياه البحر على شاطئ خليج العقبة".

إضافة إلى "إقامة منشأة تحلية متطورة تعتمد على تكنولوجيا تقنية التناضح العكسي (Reverse Osmosis)، وهي عملية تقنية لتنقية ومعالجة مياه البحر وتحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب، ونظام نقل المياه يمتد لمسافة 450 كيلومترًا تقريبا للوصول إلى عمان، بالإضافة إلى محطات ضخ ذات سعة عالية ومكونات للطاقة المتجددة".

وسيتولى ائتلاف شركتي Meridiam-Suez مسؤولية تمويل وتصميم وبناء وتشغيل وصيانة النظام على مدى فترة الامتياز التي تشمل مرحلة البناء و26 عامًا من التشغيل، وعند انتهاء فترة الامتياز ستعود ملكية المشروع إلى وزارة المياه والري بالكامل.

ومن المتوقع أن يوفر مشروع الناقل الوطني عند بدء عملياته 300 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب سنويًا، وهو ما يكفي لتلبية احتياجات حوالي 4 ملايين إنسان.

مقالات مشابهة

  • هل يجوز أخذ قرض من البنك لعمل مشروع؟.. ليس ربا في هذه الحالة
  • الأردن يوقع على مشروع لتحلية ونقل مياه البحر.. كم متر مكعب سنويا؟
  • السفير الصيني: سندعم طريق التنمية
  • المشاط: تمكين المرأة محور رئيسي من محاور التعاون مع شركاء التنمية متعددي الأطراف
  • المشاط: التمكين الاقتصادي للمرأة ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والتشغيل
  • توتال اينرجي تعاود العمل بمشروع عملاق في العراق
  • مجلس الدولة يواصل دعم مسيرة التنمية الوطنية بحزمة من القوانين والدراسات
  • التنمية المحلية: تنسيق شامل بين الوزارات لتجميل القاهرة الكبرى
  • "القصيبي": الوضع فى اليمن كارثي بكل ما تحمله الكلمة