◄ المقدم: العشرون من نوفمبر استحضار لتاريخنا عبر العصور وربط الأجيال بالموروث العماني
◄ العذوبية: تاريخ الإمام أحمد بن سعيد مثال للتفاني في خدمة الوطن والعمل على نهضته
◄ الصقري: إطلاق أسماء السلاطين على الطرق الرئيسية يعزز الوحدة الوطنية
◄ الشبلي: العشرون من نوفمبر سيكون شعلة ونبراساً لإلهام الأجيال

الرؤية- ريم الحامدية
أكد عدد من الباحثين في التاريخ أنَّ تحديد 20 نوفمبر من كل عام يومًا وطنيًا لسلطنة عُمان، يُمثل محطة تاريخية فارقة في مسيرة الدولة العُمانية العريقة، إذ يرمز إلى استحضار واحدة من أبرز المحطات في تاريخ عُمان؛ حيث إنَّ هذا اليوم هو ذكرى تأسيس الدولة البوسعيدية على يد الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي، لافتين إلى أنَّ هذا الحدث كان نقطة تحول حاسمة أسهمت في إنهاء الحرب الأهلية وتوحيد البلاد وطرد الوجود الأجنبي، مما مهد الطريق أمام بناء الدولة العُمانية الحديثة.

 
ويشير الباحثون إلى أنَّ تخصيص هذا اليوم للاحتفال يعكس حرص السلطنة على تعزيز الهوية الوطنية، وربط الأجيال الحاضرة بعمق تاريخهم، وإبراز الدور المحوري لعُمان في المنطقة وعلى الساحة الدولية عبر العصور.
ويُبين الدكتور محمد بن سعد المقدم المؤرخ وعضو الجمعية التاريخية العُمانية، أن تحديد يوم 20 نوفمبر يومًا وطنيًا للسلطنة يمثل إحياءً لحدث تاريخي هام يتمثل في تأسيس الدولة البوسعيدية بقيادة الإمام أحمد بن سعيد، ويعكس الحرص على تعزيز الهوية الوطنية واستحضار مسيرة التاريخ العُماني عبر العصور، مما يساهم في ربط الأجيال الحاضرة بموروث عُمان التاريخي ودورها المحوري في منطقة الخليج وشرق إفريقيا والمحيط الهندي، إلى جانب علاقاتها الدولية المتميزة. 



وحول تسمية الطرق الرئيسية بأسماء سلاطين عُمان، فيشير إلى أن هذه الخطوة تُجسد التكريم والاعتزاز بدورهم التاريخي في بناء عُمان، وترسيخ إرثهم في وجدان المجتمع، بما يعزز من انتماء المواطنين وفخرهم بتاريخهم العريق، كما أن هذه المبادرات الوطنية التي يتبناها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله ورعاه- تهدف إلى ترسيخ الهوية الوطنية التي تطورت عبر التاريخ، حتى عصر النهضة المتجددة.
وتوضح الدكتورة بهية بنت سعيد العذوبية الباحثة في التاريخ الحديث والمعاصر، أن يوم 20 نوفمبر يعتبر يوماً وطنياً مهماً في تاريخ عُمان، إذ يرمز إلى انطلاقة مرحلة جديدة بتولي أسرة البوسعيد الحكم في عُمان، وبداية حقبة تاريخية تعد استمرارا لتاريخ عُمان العريق الموغل في القدم، وبالتالي يعكس اختيار هذا اليوم مدى ارتباط الأسرة البوسعيدية التي حكمت عُمان في القرن الثامن عشر الميلادي بتاريخ عُمان العريق، كما يعكس هذا اليوم اعتزاز عُمان بالقيادة التاريخية لهذه الأسرة التي حافظت على استقرار البلاد واستقلالها على مدار قرون، والمكانة التاريخية لمؤسس الأسرة البوسعيدية الإمام أحمد بن سعيد الذي أثبت كفاءته القيادية وتمكن بسبب خبرته الإدارية والعسكرية من طرد المعتدين من عُمان وإعادة الوحدة الوطنية لعُمان من جديد بعد مرور عُمان بمرحلة من الفرقة والصراعات الداخلية والخارجية، كما أن الأسرة البوسعيدية لم تكن مجرد عائلة حاكمة، بل كانت رمزا للحفاظ على استقلال عُمان وتماسكها في وجه التحديات الإقليمية والدولية.



وحول الدلالات الرمزية لتحديد يوم 20 نوفمبر في مسيرة السلطنة وكيف يُسهم في تعزيز الهوية الوطنية، تؤكد العذوبية أن اختيار يوم تولي الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي مؤسس الدولة البوسعيدية يومًا وطنياً للسلطنة يحمل العديد من الدلالات الرمزية والتاريخية المهمة، والتي تعكس عمق ارتباط العُمانيين بتاريخهم وتراثهم الوطني، فهو يبرز الوحدة الوطنية للشعب العُماني، الذي يلتف حول قيادته ويحتفي بتراثه المشترك، كما يعزز هذا اليوم الفخر بالتاريخ العُماني، بدءا من إنجازات الأئمة والقادة العُمانيين وصولاً إلى العصر الحديث.
وتبيّن أن اختيار هذا اليوم سيُسهم في تعزيز الهوية الوطنية على اعتبار أن الإمام أحمد بن سعيد شخصية بارزة في تاريخ عُمان، ولهذا يعتبر الاحتفاء بذكراه تكريما للتراث العُماني والاعتزاز بالتاريخ العُماني العريق، ويؤكد على أهمية الوحدة الوطنية، التي كانت وما زالت أحد أسس قوة الدولة العُمانية واستقرارها، كما يشكل هذا اليوم فرصة للعُمانيين للتأمل في تاريخهم العريق والمساهمة في تعزيز هويتهم الوطنية، كما أن الاحتفال بهذا اليوم يذكر العُمانيين بقيمة العمل الجماعي من أجل بناء مستقبل مشرق لوطنهم، ويبرز الوحدة الوطنية للشعب العُماني، الذي يلتف حول قيادته ويحتفي بتراثه المشترك، كما يُعزز هذا اليوم الفخر بالتاريخ العُماني، بدءا من إنجازات الأئمة والسلاطين وصولاً إلى العصر الحديث.
وتواصل العذوبية قائلة: "إن شجاعة الإمام أحمد بن سعيد وقدرته على مواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية، نقلت عُمان إلى عصر جديد من الاستقرار والازدهار، وهذا بدوره يحمل رسالة مفادها أنَّ القيادة التي تعتمد على الحكمة والقدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية في أوقات الأزمات يمكن أن تحقق إنجازات عظيمة ومن المهم لهذه القيم أن تتجسد في كل فرد، كما أن الاحتفاء بهذا اليوم يُعزز الشعور بالفخر بتاريخ عُمان العريق، ويدفع الشباب إلى التعرف على تاريخهم واستلهام القيم التي ساهمت في بناء وطنهم، وهذا بدوره يوجه رسالة مُهمة إلى العُمانيين في الداخل والخارج الذين يحملون تراثاً غنياً يلزمهم بالمساهمة في تعزيز الصورة الإيجابية لعُمان على المستويين الإقليمي والدولي".
وتضيف: "تاريخ الإمام أحمد بن سعيد يعد مثالاً على التفاني في خدمة الوطن والعمل من أجل نهضته واستقراره، وبالتالي على كل عُماني أن يكون عنصرا فعالا في بناء الوطن، سواء كان في الداخل بتطوير المجتمع أو في الخارج بتمثيل البلاد بصورة مشرقة، وأخيرا فإن تولي الإمام أحمد بن سعيد السلطة جاء في وقت عصيب، لكنه أظهر أن التغيير ممكن إذا توفرت الإرادة والرؤية الواضحة، مما يبعث الأمل بأنه مهما كانت الظروف صعبة، يمكن للإبداع والعمل الجاد أن يُغيرا الواقع نحو الأفضل".
وتُشير الباحثة في التاريخ الحديث والمعاصر إلى أن تسمية الطرق الرئيسية بأسماء سلاطين عُمان ليست مجرد خطوة رمزية، بل هي استثمار في تعزيز الوعي التاريخي والوطني، وإحياء ذاكرة القادة الذين صنعوا تاريخ السلطنة، هذه المبادرة من شأنها أن تكرس ارتباط المجتمع بماضيه المجيد، وتلهم الأجيال الحالية والمستقبلية ضرورة الحفاظ على هذا الإرث والعمل على تحقيق تطلعات الوطن، فتسمية الطرق بأسماء السلاطين تربط الأجيال الحالية بالقادة الذين أسهموا في بناء الدولة والحفاظ على سيادتها واستقرارها فتصبح الأسماء رموزا حيَّة تذكر الناس يوميا بإنجازات هؤلاء القادة ودورهم المحوري في صنع تاريخ عُمان.
من جهته، يؤكد الدكتور ناصر بن عبدالله الصقري أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المساعد بقسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس، أن الخطاب السامي في الحادي عشر من يناير 2025 وفي الذكرى الخامسة لتولي جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في البلاد، سلط الضوء على الإنجازات التي تحققت في السنوات الخمس الماضية، والتي يتفاخر بها أبناء عُمان ويحرصون على الحفاظ عليها لبناء مستقبل أفضل، مضيفا: "الخطاب كان مفعمًا بمشاعر الصدق والمحبة والوفاء التي تجسدت بين الحاكم وشعبه، ولقد حمل الخطاب أيضًا العديد من الدلالات التاريخية".



ويلفت الصقري إلى أنَّ الخطاب تضمن تحديد يوم 20 نوفمبر من كل عام يومًا وطنياً مجيدا لعُمان، وهو يوم يرمز إلى حدث تاريخي مُهم في تاريخ عُمان الحديث، وهو ذكرى تولي الإمام المؤسس أحمد بن سعيد البوسعيدي حكم عُمان عام 1744م، وهو قرار يحمل رمزية وطنية كبيرة تتمثل في نجاح الإمام أحمد بن سعيد في تحقيق الوحدة الوطنية وتوحيد عُمان، بعد فترة من الانقسامات والصراعات الداخلية، ليكون ذلك إيذاناً ببدء مرحلة بناء دولة قوية ومُستقلة ذات سيادة.
ويتابع الصقري قائلا: "بلا شك هناك العديد من الدلالات التاريخية والوطنية التي يمكن قراءتها من هذا القرار التاريخي، يأتي في مقدمتها تسليط الضوء على الجذور التاريخية، فتغيير موعد الاحتفال يبرز أهمية هذا الحدث التاريخي، ودوره في تشكيل الهوية العُمانية المعتزة بتاريخها وحضارتها، وعلاوة على ذلك، فإن الإمام أحمد بن سعيد لم يكن مؤسسا للدولة فحسب، بل كان رمزا للحكمة السياسية والقدرة على توحيد الشعب تحت راية واحدة، وترسيخا للوحدة والاستقرار، وهو ما تنعم به عُمان حاليا في ظل القيادة الحكيمة".
ويبيّن الأستاذ المساعد بقسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس، أن الاحتفال بهذا التاريخ يعبر عن رؤية جلالة السلطان هيثم بن طارق- أعزه الله- لتعزيز الارتباط بالتراث الوطني، والاحتفاء بالقيم التي أرساها الإمام المؤسس، وفي ذلك ربط للأجيال الحالية بماضيها التليد، وهو ما يمثل فرصة للجيل الجديد للتعرف على تاريخ سلطنة عُمان، وفهم التحديات التي مرت بها عُمان عبر تاريخها، لتصبح دولة مستقلة ومزدهرة تنعم بالأمن والأمان، وهما من أعظم النعم ولا يستقيم أمر أي دولة بدونهما، وذلك كما عبّر جلالته عن ذلك في خطابه السامي".... فلا يستقيمُ لأمّةٍ دونَهُما أمرٌ ولا يَصِحُّ لدولةٍ دونَهُما استقرارٌ وازدهارٌ."؛ حيث إن حاضر عُمان المزدهر هو انعكاس لماضيها التليد، وما تحقق فيه من منجزات، وأن ما تحقق خلال السنوات الخمس من عمر النهضة المتجددة، هو أمر لم يكن بالسهل، لا سيما إذا ما استذكرنا الظروف التي مرت بها عُمان والعالم بأكمله، وهي ظروف صعبة خلقت تحديات كبيرة، وخاصة في الجوانب المالية، وكيف تمكنت القيادة الحكيمة تخطي تلك الظروف الصعبة بحكمة واقتدار، وفي وقت أقل ما يقال عنه أنه قياسي، وفق خطط مدروسة واضحة المعالم.
ويؤكد الصقري أن يوم 20 من نوفمبر سيكون بمثابة منارة إلهام للأجيال القادمة، يحثهم على التمسك بقيم التفاني وخدمة وطنهم، التي تجسدت لدى العُمانيين عبر تاريخهم، ويدفعهم لبذل كل ما هو ممكن من أجل رفعة وطنهم، ويربط العُمانيين في الداخل والخارج بأرضهم وتاريخهم وتراثهم، ويدعوهم للفخر والاعتزاز به، سواء كانوا داخل الوطن أو خارجه، مضيفا: "نحن اليوم في احتفالنا بالذكرى الخامسة، نستلهم أيضا من التاريخ، أن عُمان عبر تاريخها وما وصلت له من مجد وقوة، هو أمر بذلت فيه تضحيات كبيرة، وواجهت فيها عُمان تحديات كبيرة، ولكنه العزم والإصرار من العُمانيين حكومة وشعبا، هو الذي قهر التحديات، وذلل الصعاب، وما أجدرنا اليوم بأن نقرأ التاريخ، لنستلهم منه الدروس والعبر ".....وإننا نستذكرُ في هذا اليومِ الأغرِّ قادةَ عُمان الأفذاذِ على مرِّ التاريخِ قادةً حملوا رايةَ هذا الوطنِ ووحَّدوا أُمَّتَه وصانُوا أرضَه الطاهرةَ ودافعوا عن سيادتِه، ونحمِلُها من بعدهِم على الطريقِ ذاتِه".
كما يلفت إلى أن التوجيهات السامية بإطلاق أسماء سلاطين عُمان على الطرق الرئيسية في سلطنة عُمان، أمر له دلالاته وذلك لربط الماضي بالحاضر وتعزيز الهوية والوطنية وتعريف الأجيال الجديدة بمن ساهموا في بناء الوطن، وهو ما يعكس التقدير الذي توليه البلد حكومة وشعبًا، لهذه الشخصيات التاريخية وإنجازاتهم، وتضحياتهم، وبما يعزز الروابط بين القيادة والشعب من خلال الحضور الدائم لهذه الأسماء والشخصيات في الحياة اليومية.
ويختتم الصقري حديثه قائلا: "تحديد يوم 20 ليكون يوما وطنيا، والتوجيه بإطلاق أسماء سلاطين عمان على الطرق الرئيسي ليست مجرد شعارات أو احتفالات أو تسميات؛ إنها أدوات استراتيجية لتعزيز الوحدة الوطنية، وترسيخ الهوية المشتركة بين أفرد الوطن الواحد. وهي تحفيز للمواطنين للارتباط بجذورهم التاريخية والعمل من أجل مستقبل مشرق للوطن".
وعن الأهمية التاريخية لتحديد يوم 20 نوفمبر يومًا وطنيًا للسلطنة، يقول خالد الشبلي معلم أول تاريخ، إن تحديد يوم 20 نوفمبر يومًا وطنيًا يعد حدثا فارقا يحمل في طياته دلالات تجسد الاعتزاز بنهضة قامت بفضل سواعد الأجداد وعرق الأبطال، والاعتزاز بتاريخ عظيم من الإنجازات، ليكون هذا اليوم مشعلاً لا ينطفئ في مسيرة الأجيال، يستعيد فيه العُمانيون روح الانتماء للوطن.
ويضيف: "هذا اليوم سيكون شعلة ونبراس للأجيال القادمة، يروي لهم قصة وطن حوّل التحديات إلى إنجازات، وطن لا ينهض إلا بعزيمة وسواعد أبنائه، ولا يبقى شامخًا إلا بهم".
وحول تسمية الطرق الرئيسية بأسماء السلاطين، فيرى أنه تكريم لقيادات أعطت بلا حدود، وهي وسيلة تجعل التاريخ نابضًا في الحياة اليومية، يُعمّق في النفوس معنى الاعتزاز بالوطن ورموزه، لتتجسد معاني الأصالة والعراقة لهذا البلد، الذي يرسم هويته بكل إنجاز ويتباهى بها، مؤكدا: "مثل هذه المبادرات الوطنية تحيي في القلوب مشاعر الولاء، فهي قصائد يكتبها الزمن، تروي قصة وطن نبتت جذوره في أعماق التاريخ وامتدت أغصانه إلى عنان المستقبل".


 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: تعزیز الهویة الوطنیة التاریخ الع مانی الدولة الع مانیة الطرق الرئیسیة الوحدة الوطنیة یوم ا وطنی ا الع مانیین هذا الیوم فی تعزیز سلاطین ع فی بناء من أجل کما أن ع مانی إلى أن

إقرأ أيضاً:

تحذير من حركة أخطبوطية.. الإخوان «تهديد للوحدة الوطنية» فى فرنسا وأوروبا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في تقرير قدم قبل ستة أشهر، وصف واضعو التقرير حركة تهدف إلى "إدخال الإقليم في ظل حكم الشريعة الإسلامية".. إنه تنظيم ينتشر "بطريقة خبيثة" ويثير القلق على أعلى مستوى لأنه "يهدد التماسك الوطني"، كما أفادت معلومات بأن حركة الإخوان المسلمين في فرنسا محل تدقيق في تقرير صدر قبل بضعة أشهر، ويكشف أن وسائل محاولة دفع المجتمع نحو الإسلاموية تتم في سرية تامة، عبر الجمعيات الرياضية والدينية والتعليمية.. وصولاً إلى الانتخابات البلدية، حيث يمكن تنفيذ الهجوم من خلال قوائم متسللة أو عبر مسئولين منتخبين يستسلمون لهذه الحركة. وأكد مصدر أمني لصحيفة "لوبوان": "بالنسبة لانتخابات ٢٠٢٦، سنحذر رؤساء القوائم وحكام المقاطعات ووكلاء الدولة"، موضحاً أن الدولة ليست ضد الدين الإسلامى لكنها بالقطع ضد محاولات "أخونة المجتمع الفرنسى"، فيما أشار مصدر بوزارة الداخلية إلى أن فرنسا تحترم كل الأديان، وفيما يخص الإسلام فقد أنشأت الدولة مجلساً تحت اسم "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" ويختص بالعلاقات مع الحكومة والدولة الفرنسية عند بناء المساجد، وفي التجارة الحلال، وفي تأهيل الأئمة، وغير ذلك من الأمور، فى إطار القانون الصادر عام ١٩٠١، والذى يحدد العلاقة مع جميع الأديان وفق منهج "لا دين فى السياسة، ولا سياسة فى الدين".
 

١٤٠ مسجدًا للإخوان 
 

وبحسب معلوماتنا، فإن ١٣٠ إلى ١٤٠ مسجداً في فرنسا تابعة لجماعة الإخوان المسلمين. وتؤكد وزارة الداخلية أن "هذه هي مصفوفة الإسلام السياسي". في طليعة الحركة توجد الجماعة ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا، التي تم حلها في عام ٢٠٢٠ في فرنسا وأصبحت الآن في بلجيكا تحت اسم (الجماعة ضد الإسلاموفوبيا في أوروبا)، ولكن موجودة أيضًا فى بعض المدارس، ومنها مدرسة ابن رشد الثانوية في مدينة ليل الفرنسية، بحسب التقرير، وهى المدرسة التي أنهت المحافظة عقدها مع الدولة في نهاية عام ٢٠٢٣.
وتضم قائمة مؤسسات الإخوان المسلمين أيضاً مدرسة الكندي الثانوية في ضاحية ليون، والتي تم إنهاء عقدها للعام الدراسي المقبل، وخاصة بسبب وجود أعمال انفصالية فيها. وأخيرا، يتضمن التقرير معهد تدريب الأئمة في نيفر، والذي يخضع لتحقيق جنائي في تمويله، ومعهد سين سان دوني.
 

الأجسام المضادة
 

ومع ذلك، فإن المعركة مستمرة، كما يعتقدون في بوفو، حيث أكّدوا: "لقد منحنا النموذج الجمهوري مناعةً. يجب كشف أساليب عمل حركة الإخوان المسلمين، وإعادة حشد جميع هياكل الدولة لرصد دقيق للغاية على المستوى المحلي، ووضع حواجز إدارية". وصرح مصدر أمني لصحيفة "لوبوان" بأن الارتباط بجماعة الإخوان المسلمين ليس جريمة في حد ذاته، لكن توصياتهم والأعمال التي يستخدمونها قد تُجسّد نزعة انفصالية. ويجب تدريب المسئولين الحكوميين في الوزارات على كشف التسلل الإسلامي، وأكد رئيس الاستخبارات الإقليمية، برتراند شامولو، أنهم "يتقدمون بخطوات صغيرة، فيما يتعلق بالحجاب فى أماكن العمل والمدارس الحكومية، ورفض ارتداء الملابس المختلطة، وارتداء ما يُسمى بالملابس "الإسلامية"، وما إلى ذلك. وعندما تريد الدولة إعادة فرض قواعد الجمهورية بطرد الأئمة، أو تجميد الأصول، أو إغلاق المساجد، تسمع أصواتًا تُدين الإسلاموفوبيا. وهو مصطلح صاغته جماعة الإخوان المسلمين. ويكمن الخطر في أن بعض المسلمين المعتدلين سيقتنعون برواية الضحية هذه، خاصةً أن ١٠٠ ألف مصلٍّ يرتادون المساجد التي تديرها جماعة الإخوان المسلمين.
 

انتشار أيديولوجى
 

فى سياق متصل، تُظهر عالمة الأنثروبولوجيا فلورنس بيرجود بلاكلر كيف ينجح الإسلاميون في شق المجتمعات الغربية، وترى أن الخطط التي وضعتها جماعة الإخوان المسلمين تتكشف كما كان متوقعا: فقد انتشرت أيديولوجيتهم إلى ما هو أبعد من دائرة الإخوان، إلى درجة أنها أصبحت الهوية الرئيسية والمعيار الديني للمسلمين الأوروبيين. وتضيف: لا ينبغي الحكم على جماعة الإخوان المسلمين بناءً على أعداد أعضائها المعلنة، بل بناءً على مهاراتها التنظيمية وقدرتها على فرض موضوعاتها المفضلة في المجتمعات الأوروبية. لقد حاولوا بكل الوسائل - وفي كثير من الأحيان بنجاح - تقويض المؤسسات وسعوا إلى "أسلمة" المعرفة، وخاصة العلوم الإنسانية. 
وأكدت فلورنس بيرجود بلاكلر أن حركة الإخوان المسلمين حركة عابرة للحدود الوطنية تريد غزو العالم من خلال جعله "متوافقًا مع أفكار الجماعة". وتختلف استراتيجيتها في التأسيس والتوسع فى القارة الأوروبية عن استراتيجيتها في البلدان الإسلامية؛ ويمر هذا التحول أولاً عبر الثقافة والاقتصاد، في عالم معولم تهيمن عليه أيديولوجيات التجارة الحرة والشمولية. تاريخياً، بدأت جماعة الإخوان المسلمين تتشكل في الحرم الجامعي للجامعات الأوروبية والأمريكية في ستينيات القرن العشرين، حيث التقى الطلاب واللاجئون الإسلاميون من المغرب والشرق الأوسط وباكستان. هؤلاء الشباب الذين لم يتمكنوا من العودة إلى بلدانهم، حيث يخاطرون بالسجن أو الموت بينما يمكنهم ممارسة شعائرهم الدينية بسلام في أوروبا، صنعوا لأنفسهم مصيراً جديداً، وهو أسلمة الأراضي غير الإسلامية من خلال الدعوة والتبشير وتغيير التركيبة السكانية. وتستخدم جماعة الإخوان المسلمين ما يسمى بـ"أسلمة المعرفة"، والتي تتمثل في تحويل التفكير النقدي الغربي ضد نفسه.
 

أساليب ملتوية
 

وحول أساليبهم، توضح الباحثة أن يوسف القرضاوي نظّر لعقيدة هذه الحركة فيما يمكن تسميته "نظام عمل" مهمته توجيه المكونات الدينية والقانونية المختلفة للإسلام السني من موقف وسطي حتى تتمكن من تحقيق الأهداف النهائية، وهي إقامة الخلافة على الأرض. وتلعب الجماعة على مهارات وخصائص كل شخص لإعادة توجيهه نحو الهدف، من خلال التسلل إلى البيئات التي يجب غزوها. إنها تعمل بطريقة منهجية للغاية من خلال خطة، وتخفي نفسها وتتصرف في أغلب الأحيان في إطار القوانين الديمقراطية.
وفى هذا الإطار، تقول الباحثة: أفضل أن أستخدم مصطلح "المكر" على الأسلوب الذي تتبعه الجماعة ويتضمن الازدواج والخداع. إنها تستخدم قوة أعدائها ضد نفسها، وتستخدم بعض خصومها ضد آخرين، ولا ترفض التحالف المؤقت مع بعض أعدائها، إذا كانت ستحارب عدوًا أكبر. إن جماعة الإخوان المسلمين تستخدم الكذب والتدليس والتخريب وحرب العصابات القانونية والترهيب و"أسلمة المعرفة"، والتي تتضمن الاستيلاء على التفكير الغربي النقدي وتحويله ضد نفسه. ومن أجل الخوف من اعتبارها مذنبة بارتكاب الظلم، تنحني الديمقراطية أمام المطالب المجنونة لضحاياها المفترضين.
وتستمر الباحثة فى كشف حقيقة أساليب الإخوان المسلمين فتقول: بدأ الإخوان بالاستيلاء على المدارس القرآنية والمساجد المحلية، وتغطية المنطقة بالجمعيات الإسلامية التي لم تعد أسماؤها عربية بل أصبحت أسماء شائعة ومحلية، مثل جمعية المسلمين "جيروند"، و"أنجيه"، أو "ليل". وكان عددهم قليلا، في مواجهة إسلام قنصليات بلدانهم الأصلية، وكانوا أكثر اهتماما بالسيطرة على مواطنيهم في الشتات من اهتمامهم بالإيمان. ولم يكن هذا ارتجالاً، بل كان نتاج خطط متتالية عملت الجماعة على نشرها فعلياً من خلال تحويل أو خنق التيارات الإسلامية المختلفة. وفي كتابي، أتحدث عن العديد من هذه الخطط، بما في ذلك خطة الداعية الراحل يوسف القرضاوي، الذي أعلن عن استراتيجيته لإقامة "حركة إسلامية" في عام ١٩٩٠ على مدى الثلاثين عاماً القادمة؛ وهى خطة تم تنفيذها جزئيا. وكان أحد الأهداف هو تكوين النخبة المسلمة، وكان الهدف الآخر أسلمة المعرفة من خلال العلوم الإنسانية.
وتؤكد على أنه ينبغي أن يكون الجميع على علم بالطريقة الخاصة التي تعمل بها "الماسونية الإسلامية". ويجب تدريب جميع الخدمات الحكومية، وكذلك الخدمات الاجتماعية والشركات، وخاصة تلك العاملة في قطاع الحلال. ويجب وقف تمويل بعض المنظمات غير الحكومية التي من المفترض أنها تحارب العنصرية أو الإسلاموفوبيا أو التطرف، والتي تشكل منافذ حقيقية لنشاط الإخوان المسلمين. ويجب أن يتم خوض هذه المعركة على مستوى المؤسسات الأوروبية. وأخيرا، يجب علينا أن نساعد المسلمين الذين لا يريدون نفوذ الإخوان المسلمين، حتى يتمكنوا من تحرير أنفسهم منه والسماح بعودة التعددية في الحركات.
 

مقالات مشابهة

  • راشد بن حميد: الإمارات جعلت من الهوية الوطنية عنواناً للفخر
  • تحذير من حركة أخطبوطية.. الإخوان «تهديد للوحدة الوطنية» فى فرنسا وأوروبا
  • باشوات مصر.. مؤرخون يرفضون اقتراح الغزالي حرب بعودة الألقاب الملكية: هزل في وقت الجد
  • الاثنين.. جلالة السلطان يغادر البلاد متوجها إلى مملكة هولندا
  • السليمانية تحتفي بإرث كاك أحمد شيخ في ملتقى ثقافي شامل
  • معركتنا الوطنية في خطر
  • نيابة عن المقام السامي.. السيد شهاب يتوج الفائزين بـ"كأس جلالة السلطان للهجن"
  • جلالةُ السلطانِ المعظّمِ يُصدِر مرسومًا سلطانيًّا ساميًا
  • جلالة السلطان يصدر مرسوما ساميا
  • المطية مخايل تتوج بكأس جلالة السلطان للهجن