قال الوزير الإسرائيلي السابق حاييم رامون إن حرب غزة بمثابة فشل استراتيجي مدوٍ لإسرائيل، داعيا إلى رؤية الحقيقة التي لا تزال مخفية خلف إنجازات الجيش الإسرائيلي.

وكتب في مقالة لصحيفة "معاريف": "لا تدعوا الإنجازات التكتيكية للجيش الإسرائيلي تخفي الحقيقة المرة. فلا تزال حماس تسيطر على معظم الأراضي وعلى السكان وعلى المساعدات الإنسانية وتحتفظ بـ 100 رهينة، وتستمر في إطلاق الصواريخ، ويؤدي هذا إلى نزيف دماء جنودنا".

وأضاف: "فشلت هيئة الأركان والمجلس الوزاري للحرب في تحقيق الهدف الرئيسي للحرب، وهو الإطاحة بحكم حماس وتدمير قدراتها العسكرية وتحرير الرهائن، ولو قالوا لنا في بداية الحرب، إنه بعد نحو ثلاثة أشهر من القتال ستكون هذه هي الحقيقة ما كان أحد منا سيصدق أن هذا قد يحدث، والآن بعد 15 شهرا من القتال لم يتم تحقيق أي من أهداف الحرب".

ولفت رامون إلى أن "إسرائيل ضربت حزب الله بشدة، ودمرت الوسائل الرئيسة للجيش السوري، وقضت على نظام الدفاع الجوي الإيراني، وأضعفت بشكل كبير السيطرة الإيرانية على المنطقة، وهذه إنجازات استراتيجية هائلة، ولكن في قطاع غزة لا تزال حماس تسيطر على جميع المناطق التي لا يتواجد فيها الجيش الإسرائيلي، ولا تزال تحتفظ بقوة عسكرية كبيرة، ولا تزال تحتجز 100 رهينة، وهي تنجح في إدارة القتال بشكل فعال ضد قواتنا".

وتابع الوزير السابق: "فقط في شهر يناير، سقط 13 جنديا في القتال داخل القطاع، وأصيب العشرات بجروح خطيرة، ولا يزال بإمكان حماس إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل حتى الوقت الحالي كما لو أننا لا نشن حربا هناك منذ 15 شهرا".

وشدد على أن "الإنجازات التي حققها الجيش الإسرائيلي في ساحات القتال الأخرى تسلط الضوء فقط على عمق الفشل في القطاع. نعم، تعرضت حماس لضربة قاسية العام الماضي، وتمت تصفية قادتها يحيى السنوار ومحمد الضيف والآلاف من مقاتليها، لكن حكمها المدني لا يزال ممتدا على كل القطاع، وقوتها العسكرية لا تزال تعمل، ويجب ألا تخفي الإنجازات التكتيكية المثيرة للإعجاب للجيش الإسرائيلي الحقيقة المرة: الحرب في القطاع هي فشل إستراتيجي مدوٍ".

وأكد أنه "في ضوء الإنجازات الإستراتيجية المثيرة للإعجاب بالجيش الإسرائيلي في الساحات الأخرى يمكننا التأكيد بشكل قاطع أن الفشل الاستراتيجي في مواجهة حماس وهي أضعف أعدائنا لم يكن محتما.. هذا الفشل هو نتيجة لخطة استراتيجية خاطئة ولعجز القيادة العسكرية والحكومة في استخلاص الدروس واعتماد خطة بديلة".

وأشار إلى أنه "في هذه الحرب، حددت الحكومة بالتشاور مع هيئة الأركان هدفا استراتيجيا رئيسيا صحيحا: تدمير دولة حماسستان، وهو هدف كان ينبغي تحقيقه منذ العام 2008 في عملية الرصاص المصبوب، لكن للأسف فشلت. ومنذ ذلك الحين كان يجب تحديد هذا الهدف بأنه هدف الحرب في كل عملية عسكرية في القطاع، ولكن للأسف لم يحدث ذلك حتى كارثة 7 أكتوبر، ولكن من البداية كانت خطة الحرب التي أعدتها هيئة الأركان غير قادرة على تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي".

وأضاف: "الفشل الاستراتيجي المتوقع مسبقا كان نتيجة لخطأين رئيسيين: استراتيجية الدخول والخروج التي تم تحديدها للعمليات البرية، والمقاومة لإنشاء حكومة عسكرية مؤقتة في القطاع ولإشراف الجيش الإسرائيلي على المساعدات الإنسانية وتوزيع الخبز والمياه على السكان المدنيين".

وتابع رامون: "يجب الإشارة إلى الخطأ الحاسم في أن هيئة الأركان رفضت بدء العمليات البرية في الشمال والجنوب في وقت واحد، وفقط في مايو – يونيو استولى الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا والمعابر، بمعنى آخر أعدت هيئة الأركان خطة استراتيجية سمحت لحماس بالحصول على إمدادات مستمرة من الأسلحة والوقود والطعام دون عوائق لمدة سبعة أشهر".

وشدد على أن "رئيس الأركان هرتسي هاليفي هو المسؤول عن تشكيل استراتيجية الدخول والخروج، التي تقوم على خروج قوات الجيش الإسرائيلي من أي منطقة قتال فور انتهاء مهمة هزيمة قوات حماس هناك، ومن البداية لم يكن هناك أي منطق عسكري في هذه الاستراتيجية، لأنه كان واضحا أن حماس ستعود إلى أي مكان يتركه الجيش الإسرائيلي".

ولفت إلى أن "الجنرالات الأمريكيين ذوي الخبرة شرحوا ذلك لقيادات الأمن لدينا، ولكن هؤلاء أصموا آذانهم عن سماعها. وجه الجنرال الأمريكي تشارلز براون، انتقادا غير مباشر لهيئة الأركان عندما أوضح أنه ليس فقط يجب عليكم الدخول حقا وتدمير العدو الذي تقاتل ضده، بل يجب عليك أيضًا السيطرة على الأرض ثم عليك تحقيق الاستقرار".

وأكد أنه "في المناطق التي خرج منها الجيش الإسرائيلي بعد أن سيطر عليها أعادت حماس بناء قوتها بسرعة، واضطر الجيش للعودة للقتال فيها مرارا وتكرارا. حدث ذلك في الشجاعية، وفي الزيتون، وفي خان يونس، وبالطبع في جباليا حيث نخوض الآن معركة موسعة للمرة الثالثة! وذلك بعد أن أوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في ديسمبر 2023 أن قوات الجيش الإسرائيلي أكملت السيطرة على مخيم اللاجئين في جباليا، وفكك الكتيبة الشمالية لحماس التي كانت تعمل في المنطقة".

وتابع رامون: "الرفض العنيد لإنشاء آلية سيطرة للجيش الإسرائيلي على توزيع الطعام والمساعدات الإنسانية سمح لحماس بمواصلة الحفاظ على حكمها المدني وقوتها العسكرية، إضافة إلى الاستيلاء على معظم المساعدات الإنسانية التي دخلت القطاع، واستخدمتها لتزويد قواتها، وتمويل تجنيد متطوعين جدد في صفوفها، والحفاظ على سيطرتها على السكان المدنيين".

وشدد على أن "الفشل الاستراتيجي في القطاع تتحمل مسؤوليته ثلاث جهات رئيسية: رئيس الوزراء نتنياهو، والوزير السابق يوآف غالانت، ورئيس الأركان هاليفي، حتى لو لم تكن هناك الكارثة الكبرى في 7 أكتوبر، كان يجب على الثلاثة أن يذهبوا إلى منازلهم بسبب فشلهم هذا".

واختتم مقاله قائلا: "على أي حال، لا يمكن تصحيح الأخطاء التي ارتُكبت في الحرب الآن، ويجب التوجه نحو المستقبل، وفي الأشهر الأخيرة حارب الجيش الإسرائيلي بشكل مكثف في جباليا، ولكن حتى الآن لا يبدو أن هناك أي نية للقيام بما كان يجب أن يتم منذ بداية القتال: احتلال كامل القطاع وإنشاء آلية سيطرة للجيش الإسرائيلي على توزيع الخبز والمياه للسكان، بمعنى آخر يبدو أن الخطة هي الاستمرار في المستنقع القتالي والسماح لحكم “حماس” بالاستمرار، وبالتالي ليس هناك أي معنى للاستمرار في الحرب، وأن جنودنا سيستمرون في الموت في مهمة بلا هدف استراتيجي".

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الجيش الإسرائيلى المساعدات الانسانية قطاع غزة وزير إسرائيلي سابق الجیش الإسرائیلی للجیش الإسرائیلی الإسرائیلی على هیئة الأرکان فی القطاع لا تزال

إقرأ أيضاً:

سياسة الأرض المحروقة.. تصعيد العدوان الإسرائيلي على غزة وسط مواقف متباينة

في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي يتواصل منذ 7 أكتوبر 2023، أسفرت الهجمات الأخيرة على مدينة غزة وبلدتي خانيونس وبيت لاهيا عن سقوط عدد من الشهداء الفلسطينيين بالإضافة إلى إصابة آخرين، مما يضاعف معاناة سكان القطاع المحاصر. 

وتزايدت الحصيلة اليومية للضحايا وسط حرب إبادة جماعية مستمرة، بعد أن استأنفت إسرائيل هجماتها في 18 مارس 2025 عقب تنصلها من اتفاق وقف إطلاق النار.

استشهاد و إصابة فلسطينيين في الهجمات الأخيرة

في صباح يوم الأحد 13 أبريل 2025، استهدف القصف الإسرائيلي منزلًا في بلدة خزاعة شرق خانيونس جنوبي قطاع غزة، مما أدى إلى استشهاد خمسة فلسطينيين. 

وفي رفح، استهدفت قوات الاحتلال مراكب الصيادين الفلسطينيين في مواصي المدينة، ما أسفر عن إصابة صياد. كما تعرضت بلدة دير البلح لغارتين جويتين أسفرتا عن تدمير مقر بلدية المنطقة بالكامل، وتسببتا في أضرار مادية كبيرة في المناطق المجاورة.

وأكدت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" في تقريرها أن غارة إسرائيلية استهدفت خيمة تأوي نازحين في منطقة أصداء شمال غرب خانيونس، أسفرت عن استشهاد فلسطينيين وإصابة آخرين. بالإضافة إلى استشهاد شاب جراء انفجار جسم من مخلفات الاحتلال في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، في حين استشهد آخر في حي الشجاعية شرق غزة إثر قصف إسرائيلي.

حصيلة الشهداء والإصابات

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن حصيلة الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي ارتفعت إلى 50,944 شهيدًا و116,156 مصابًا منذ بداية العدوان في أكتوبر 2023. وأضافت الوزارة في تقريرها الإحصائي اليومي أن الهجوم الأخير أسفر عن وصول 11 شهيدًا و111 إصابة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. 

كما بيّنت أن حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 مارس 2025، بلغت 1,574 شهيدًا و4,115 إصابة.

التهديدات الإسرائيلية

في إطار التصعيد المستمر ضد القطاع، هدد وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في منشور على منصة "إكس"، بجعل قطاع غزة "أصغر وأكثر عزلة". 

وأوضح كاتس أن قوات الجيش الإسرائيلي سيطرت على محور موراج الذي يقسم غزة من الشرق إلى الغرب، ما يؤدي إلى تحويل مناطق كبيرة في القطاع إلى "مناطق أمنية" تحت السيطرة الإسرائيلية. 

وادعى كاتس أن هذه العمليات العسكرية تأتي ضمن إستراتيجية تهدف إلى الضغط على حركة حماس لإجبارها على قبول صفقة للإفراج عن الأسرى.

حماس: "لن يعود الأسرى بالضغط العسكري"

من جهتها، أكدت حركة "حماس" في بيان مقتضب أن أسرى الاحتلال الإسرائيلي لدى المقاومة في قطاع غزة لن يعودوا عبر التصعيد العسكري. 

وأشارت الحركة إلى أن التصعيد الإسرائيلي ضد المدنيين هو "رسائل دموية إجرامية" للضغط على المقاومة، بالتزامن مع تحركات الوساطات المصرية والقطرية، والحديث عن مقترحات جديدة للتوصل إلى هدنة أو صفقة تبادل أسرى.

وتابعت الحركة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وحكومته لن يحققوا تقدمًا في ملف الأسرى دون التوصل إلى صفقة تبادل. وأكدت أن الأسرى لن يعودوا إلا بالقرار الذي يرفض نتنياهو اتخاذه.

الوفد الحمساوي في القاهرة

أعلنت حركة حماس مساء السبت 12 أبريل 2025، عن توجيه وفد برئاسة القيادي خليل الحية إلى العاصمة المصرية القاهرة، تلبية لدعوة من الحكومة المصرية. 

وأوضحت الحركة أن الوفد سيجتمع مع الوسطاء من قطر ومصر لمتابعة جهود التوصل إلى اتفاق لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني. كما جاء الوفد لمواصلة الجهود للضغط من أجل التوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع الاحتلال.

استمرار العدوان في ظل المواقف المتباينة

يواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في تصاعد مستمر، ومع تزايد أعداد الشهداء والجرحى، يتأزم الوضع الإنساني في القطاع بشكل غير مسبوق. 

ومع استمرار سياسة الأرض المحروقة، التي تتبعها إسرائيل، لا تبدو المواقف الدولية المتبناة تجاه هذا العدوان حاسمة. بينما تتواصل محاولات حماس لإيجاد حل عبر الدبلوماسية والوساطات، تظل الحرب مفتوحة على جميع الاحتمالات، وتبقى نتائجها مرهونة بمواقف الأطراف المختلفة على الساحة الدولية والإقليمية.

مقالات مشابهة

  • سياسة الأرض المحروقة.. تصعيد العدوان الإسرائيلي على غزة وسط مواقف متباينة
  • رئيس أركان إسرائيلي سابق يطالب بأسر نتنياهو وباراك يطالب بإنهاء الحرب
  • طوفان الأقصى.. مفاجأة كبرى تعيد تشكيل قواعد الاشتباك.. تحول استراتيجي
  • رئيس الأركان الإسرائيلي يحذر من نقص عدد الجنود بصفوف الجيش
  • الجيش الإسرائيلي يقر بقصف المستشفى المعمداني في غزة
  • الجيش الإسرائيلي يقصف المستشفى المعمداني ويخرجه عن الخدمة
  • الجيش الإسرائيلي: قصفنا "المعمداني" لوجود عناصر من حماس فيه
  • وفد من حماس بالقاهرة وصحيفة تكشف تفاصيل عرض إسرائيلي جديد
  • صورة: الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء جديدة في خان يونس
  • معهد بحوث إسرائيلي يكشف عن 3 خيارات أمام تل أبيب في قطاع غزة.. ما هي؟