اشتكى سكان الضفة الغربية لفترة طويلة من عدم توفر البيانات على خرائط غوغل بما في ذلك المعلومات الدقيقة حول مسارات الطرق وتنظيم الشوارع، مما جعله تطبيقا غير موثوق بالنسبة للكثيرين. ومع ذلك، فإن حرب 7 أكتوبر/تشرين الأول فاقمت هذه المشكلة خاصة مع الأجانب الذين لا يعرفون المنطقة.

تحديات خرائط غوغل بالضفة

ذكر تقرير من موقع وايرد (Wired) حادثة محامية حقوق الإنسان ديانا بطو التي علقت الشهر الماضي في أزمة مرورية لمدة 9 ساعات وذلك لمحاولتها قطع مسافة أقل من 16 كيلومترا، حيث قامت السلطة الإسرائيلية بإقامة حاجز مؤقت على الطريق مما خلف ازدحاما مروريا في الطريق المؤدي إلى الضفة المتنازع عليها.

وفي الكثير من بلدان العالم يمكن للسائقين تجنب هذه الحواجز أو حتى توقعها عن طريق خرائط غوغل، ولكن على مدى السنوات الماضية كان ذلك غير مجدٍ في الضفة التي يقطنها ملايين الفلسطينيين.

وصرحت المحامية مع 4 أشخاص آخرين قادوا مظاهرات في الضفة أن خرائط غوغل كانت توجههم إلى ازدحامات مرورية أو جدران أو طرق مسدودة أو حتى طرق محظورة قد تودي بهم إلى مواجهات خطيرة مع السلطات الإسرائيلية، وهذا ما دفع الفلسطينيين إلى استخدام وسائل التواصل لجمع المعلومات حول حالة الطرق والازدحام المروري.

إعلان

وبعض المشاكل التي أثارها المستخدمون يُعتقد أنها تنبع من ظروف خارجة عن سيطرة غوغل، حيث أصبحت نقاط التفتيش أكثر انتشارا زمن الحرب، وقد تدخلت إسرائيل في قراءات نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس" (GPS) بالمنطقة، ولكن يعتقد المستخدمون أن شركة غوغل يمكنها أن تفعل شيئا لجعل خرائطها أكثر أمانا وموثوقية بالنسبة للفلسطينيين.

وذكر موقع "وايرد" -نقلا عن 3 عاملين في غوغل- أن عشرات الموظفين حثّوا قادة الشركة على مدار العام الماضي لإجراء تحسينات على تطبيق الخرائط والتي من شأنها أن تفيد الفلسطينيين، ويزعم أحد الموظفين أن المستخدمين في الضفة تخلوا عن خرائط غوغل في تنقلاتهم.

ومن جهتها صرّحت المتحدثة باسم الشركة الأميركية كارولين بوردو بأن الازدحامات المرورية الناجمة عن نقاط التفتيش تؤثر في توجيه غوغل وحساباته في الوقت المقدر للوصول، كما كذّبت الادعاءات التي تتهم هذه الخرائط بالتحيز.

وقالت بوردو في بيان "لقد حدثنا آلاف الطرق وأسماء الشوارع والأماكن والرموز البريدية في الضفة وغزة، ونعمل باستمرار للحصول على بيانات دقيقة تساعدنا في رسم خريطة لهذه الأماكن المعقدة جدا".

ووصفت الضفة بأنها معقدة وصعبة المسح بالنسبة لخرائط غوغل، وذلك بسبب الظروف المتغيرة والبيانات غير الثابتة وغير المعروفة بدقة، وأكدت أن خرائط غوغل تظل محايدة بشأن القضايا الجيوسياسية.

وخلال الشهر الماضي، أطلقت خرائط غوغل تحديثا لمساعدة المستخدمين على البحث في الضفة، كما أضافت حوالي 8 آلاف كيلومتر من الطرق في الضفة وغزة منذ عام 2021.

الفصل العنصري الرقمي بفلسطين

بعد الهجوم الإسرائيلي على غزة، انتشر مصطلح "التمييز العنصري الرقمي" في فلسطين والذي يشير إلى حرمان الفلسطينيين من خدمات شائعة مثل يوتيوب وإنستغرام بالإضافة إلى خرائط غوغل التي كانت مصدر إحباط متصاعد لسنوات.

إعلان

وعام 2018 صدر تقرير لمنظمة فلسطينية للحقوق الرقمية تعرف باسم "حملة" (7amleh) أدان الأدوات المستعملة في رسم الخرائط والتي أضرّت بالفلسطينيين بسبب تصاميمها حيث أضفت الشرعية لوجهات نظر الحكومة الإسرائيلية بشأن الأراضي الفلسطينية المتنازع عليها.

وجاء في التقرير "إن خرائط غوغل تمتلك أكبر خدمة لتصوير وتخطيط المسارات العالمية، وبالتالي لها التأثير الأبرز على الرأي العالمي. ولهذا فهي تتحمل مسؤولية الالتزام بمعايير حقوق الإنسان الدولية وتقديم خدمة تعكس الواقع الفلسطيني".

ومن الجدير بالذكر أن بعض الدول -مثل الولايات المتحدة والصين والهند- فرضت متطلبات محددة على مرشدي خرائط غوغل، ولكن قضايا الضفة تنحصر في "توجيه التنقل" والتي لم تجذب كثيرا من الاهتمام عبر التاريخ، وهي الآن تشكل مخاوف أمنية للكثير من المستخدمين.

وتدّعي المحامية الفلسطينية -التي تسافر بانتظام إلى الضفة من منزلها في حيفا- أن خرائط غوغل ضللتها عدة مرات خلال السنوات الأخيرة، وفي إحدى المرات أرشدتها إلى جدار قديم بُني منذ عام 2003.

ومن جانبها قالت ليلى التي تعمل في شركة أميركية عن ُبعد والقاطنة بالضفة "ذات مرة استخدمت خرائط غوغل للوصول إلى مكتب في القدس الشرقية، ولكنها فشلت تماما في إرشادي وجعلتني أسلك طريقا مقطوعا".

سكان الضفة يعانون من مشكلات مع خرائط غوغل التي لا تميز بين الطرق المسموحة للعامة وتلك المخصصة للإسرائيليين فقط (رويترز) خرائط غوغل تفصل طرق الإسرائيليين عن الفلسطينيين

حتى قبل الحرب، عانى سكان الضفة من مشكلات مع خرائط غوغل والتي لا تميز بين الطرق المسموحة للعامة وتلك المخصصة للإسرائيليين فقط، كتلك التي تؤدي إلى المستوطنات التي لا يفترض على الفلسطينيين عبورها.

وبحسب تجربة المحامية بإحدى زياراتها من حيفا إلى رام الله، كانت خرائط غوغل توجهها إلى بوابة مغلقة حيث تفاجأت بالجنود الإسرائيليين يقتربون من سيارتها وأسلحتهم موجهة نحوها، وأوضحت أن غوغل تحصر تحسيناتها على طرق الإسرائيليين وهذا ما يُشكل خطرا على الفلسطينيين بشكل عام. وتقول إنها عندما تسلك طريقا خاطئا وتمر على الجنود الإسرائيليين فإنها تتحدث الإنجليزية على أمل أن تمر كأجنبية ضائعة، ولكن الفلسطينيين الآخرين سيحاولون التراجع بأسرع ما يمكن.

إعلان

وبالمقابل تدّعي المتحدثة باسم غوغل أن شركتها لا تميز بين طرق الفلسطينيين والإسرائيليين، لأن ذلك سيتطلب معرفة بالمعلومات الشخصية الخاصة بالمستخدمين مثل جنسيتهم.

وفي بعض الحالات ترفض خرائط غوغل تقديم اتجاهات في مدن الضفة مثل الخليل ورام الله، وتعرض رسالة تقول "تعذر حساب اتجاهات القيادة". وبهذا الصدد يقول أحد موظفي غوغل "يرجع ذلك لأن الشركة لم تستثمر في تمكين الاتجاهات بين المناطق الإدارية الثلاث بالضفة، حيث إن اثنين منها يخضعان لسيطرة السلطات الإسرائيلية".

الحلول البديلة

بسبب كثرة مشاكل خرائط غوغل، بحث الفلسطينيون عن حلول بديلة وقد كان أمامهم بعض الخيارات رغم أنها محدودة، فمثلا تطبيق الخرائط من آبل أكثر فائدة في مدن الضفة ولكنه محصور لمستخدمي هواتف آيفون وهي نادرة نسبيا في فلسطين. وبالمقابل يُعد تطبيق "ويز" (Waze) المملوك لغوغل خيارا آخر ولكن الفلسطينيين لا يحبذونه لأنه تأسس في إسرائيل.

وقد لجأ العديد من الفلسطينيين إلى قنوات تليغرام ومجموعات واتساب وصفحات فيسبوك بالإضافة لتطبيق يدعى "أزمة" (Azmeh) لمشاركة المشاكل المرورية ومواقع نقاط التفتيش الجديدة، ويمكن استخدام هذه المعلومات لرسم الطريق يدويا ولكن طبيعة الضفة المليئة بالأحداث غير المتوقعة والمفاجآت تجعلها غير مجدية لمعرفة حال الطرق في الوقت الفعلي.

وهذه الحلول لا تزال تفشل، ففي سبتمبر/أيلول العام الماضي اضطرت المحامية ليلى لقضاء 30 دقيقة على الهاتف مع شخص يعرف المنطقة جيدا، وذلك لمساعدتها في العثور على منزل صديق في مدينة أريحا بالضفة. وبالمقابل قالت موظفة فلسطينية بإسرائيل أن رحلة في الضفة تستغرق ساعة واحدة أخذت منها ما يقارب 5 ساعات لأن نقطة التفتيش أغلقت قبل موعدها المحدد ولم توفر خرائط غوغل أي مؤشر على ذلك.

وبالنظر إلى المستقبل، قد تؤدي هذه المشاكل في خرائط غوغل إلى تأثيرات اجتماعية واقتصادية طويلة الأمد، فقد تزدهر المبادرات التكنولوجية المحلية نتيجة الحاجة لمعالجة هذه التحديات مما قد يقلل من وجود هيمنة غوغل بالضفة. علاوة على ذلك، قد يدفع السيناريو الجيوسياسي المستمر لمزيد من التدقيق الدولي الصارم حول كيفية إدارة شركات التكنولوجيا لعملياتها بمناطق النزاع.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات خرائط غوغل فی الضفة

إقرأ أيضاً:

فتح: لن نسمح لـحماس بإعادة إنتاج مغامراتها في قطاع غزة بـ الضفة الغربية

رفضت حركة التحرير الوطنيّ الفلسطينيّ (فتح) ممارسة حماس للممارسات التي أدت الى دمار قطاع غزة مرة أخرى في الضفة الغربية، مستنكرة البيان الاخير الذي اصدرته حركة المقاومة.

 وقالت فتح في بيان لها نشرته وسائل الاعلام الفلسطينية إنه "لا حقّ لحماس التي رهنت نفسها لصالح إيران وغيرها من المحاور الإقليمية، ووفرت الذرائع المجانية للاحتلال كي ينفّذ أكبر حرب إبادة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، والتي أدت إلى دمار قطاع غزّة، واستشهاد وفقدان وإصابة وأسر أكثر من مئتي ألف من الأطفال والنساء والرجال، التي احتمت بهم "حماس" بدل أن تحميهم وتحمي بيوتهم، وتسببت كذلك في ما وصلت إليه الأوضاع الكارثية في قطاع غزة من انتشار ظواهر الجوع والفقر والحرمان من أبسط الاحتياجات الإنسانيّة، وانهيار منظومة الخدمات الأساسيّة من تعليم وصحة وغيرها، أن تعيد إنتاج مغامراتها في الضفة".

وأضافت "فتح"، في البيان، أن إصرار "حماس" على خطاب المزايدة والتخوين المؤسّس على افتراءات وتلفيقات لا تتصل بالواقع والوقائع ضمن تساوق علني مع مخططات الاحتلال؛ عبر محاولات تأجيج الفلتان الأمنيّ والفوضى في الضفة الغربيّة؛ من خلال الدعم الصريح لمجموعات الخارجين على القانون، يؤكد أن "حماس" ما زالت ماضية في سياستها التي لم تجلب للشعب الفلسطيني سوى الكوارث والموت والدمار.

وشددت "فتح" على أنّ ما ورد في بيان "حماس" الأخير من تناقضات وافتراءات سعت من خلالها لحرف الأنظار عن ممارساتها في غزة منذ انقلابها الدمويّ عام 2007، لغاية يومنا هذا، سواء كانت الإعدامات الميدانيّة أو الخطف أو سياسة تكسير العظام والترهيب باسم الدين والمقاومة، وصولا إلى سرقة المساعدات الإنسانيّة، وشرعنة الجريمة المنظّمة ... الخ، لن ينطلي على شعبنا بوعيه، وهذه الخطابات التضليليّة تلتقي أهدافها مع أهداف الاحتلال لتنفيذ مخططاته ضدّ شعبنا. وفق نص بيانها.

وقالت: إن "الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة بوصفها الامتداد الطبيعيّ والتاريخيّ للثورة الفلسطينيّة المعاصرة، تقدّم صفوة أبنائها شهداء؛ للحفاظ على المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ من العبث أو المصادرة لصالح جهات إقليميّة لا تريد سوى تحقيق مصالحها واستخدام القضيّة الفلسطينيّة العادلة لمآربها، وعلى وجه الخصوص؛ المآرب الإيرانيّة التوسعيّة الرامية إلى تحويل فلسطين لمنطقة نفوذ لها ولو على حساب دم آخر طفل فلسطيني، مضيفة أنّ شعبنا الذي قدم الآلاف المؤلّفة من الشهداء دفاعا عن قراره الوطنيّ المستقل لن يسمح بأية محاولات لاستلاب هذا القرار من أي جهة كانت ومهما كان الثمن".

مقالات مشابهة

  • وزير إسرائيلي يدعو لاستقطاب مليون يهودي للاستيطان في الضفة الغربية
  • وزير الدفاع الإسرائيلي من الضفة الغربية: لن نسمح بتحويلها إلى جنوب لبنان
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 7 فلسطينيين في الضفة الغربية.. بينهم 3 أطفال
  • فتح: لن نسمح لـحماس بإعادة إنتاج مغامراتها في قطاع غزة بـ الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال تقتحم عدة بلدات في الضفة الغربية
  • مستوطنون في الضفة الغربية يقاضون إدارة بايدن بسبب العقوبات التي فرضتها
  • المقاومة.. مفارقة تخلط أوراق الاحتلال والسلطة في الضفة الغربية
  • إسرائيل تواجه تحديات بميزانيات ضخمة لتعزيز الأمن على الحدود
  • الضفة الغربية.. قوات الاحتلال تقتحم قريتين شرق قلقيلية