لجريدة عمان:
2025-01-12@18:51:20 GMT

توازن وحكمة وتمسك بالجذور والمبادئ

تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT

توازن وحكمة وتمسك بالجذور والمبادئ

"عمان": يقول المؤرخ توماس كارليل "إن التاريخ هو صناعة الأبطال"، ورغم ما يدور حول هذه المقولة من جدل بين فلاسفة التاريخ إلا أن هذه المقولة ما زالت تلقي بظلالها على فهمنا للتاريخ ومراجعتنا له.. فالأبطال وحدهم الذين يخلدهم التاريخ لأنهم هم من صنعه.. سواء كانت صناعتهم له بالحكمة والفكر أو بالقوة والأثر.

وعندما يستعيد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم في خطابه يوم امس السبت أسلاف عُمان وسلاطينها إنما كان يستعيد سيرة الأبطال، بالمعنى الأثير للجماهير عن معنى البطل وتوصيفه.

فهؤلاء الأسلاف من السلاطين هم من أرسى أسس الدولة وكيانها الذي نراه ونقرأه وهم من صار رمزا للقوة والوحدة.

ولم يكن بناء "عُمان" التي هي عليها اليوم بصورتها البهية المنسوجة بخيوط الحكمة والسلام بالأمر الهين، بل كان تحدّ أمام صراعات جمة هي في الحقيقة شكل هذه الحياة وطبيعتها، وكان توحيدا لكل الإنقسامات حتى وصلت عمان إلى وحدتها الوطنية الراسخة اليوم والتي أصبحت جزءا أساسيا وركنا من أركان إيمان العماني.

وإذا كان جلالة السلطان المعظم قد استشهد بالسيد أحمد بن سعيد البوسعيدي مؤسس الدولة البوسعيدية فإن في ذلك رمزية مهمة لفكرة توحيد عمان على كل ترابها في لحظة كانت تعيش فيها عُمان صراعات كبرى هددت استقلالها ووحدتها في منتصف القرن الثامن عشر الميلاد، قبل أن يظهر السيد أحمد بن سعيد بوصفه "البطل" القادر على مواجهة التحديات واستعادة وحدة عُمان وتحريرها من العدوان الخارجي وحفظها من الانقسامات الداخلية.

ومن يعد إلى التاريخ يفهم كيف التف العمانيون جميعا دون استثناء حول هذا البطل المؤسس الذي وحد الصفوف وحقق الاستقرار، وحفظ كيان الدولة من المس أو الانهيار وأرسى قيم العدل والحكمة والاتزان.

وشهدت عُمان في عهد السيد أحمد بن سعيد ازدهارا اقتصاديا بفضل تعزيز التجارة البحرية وتطوير الموانئ، لاسيما مسقط، واهتم ببناء أسطول بحري قوي في وقت كانت القوة البحرية هي السلطة والسيادة في العالم الأمر الذي ساهم في حماية التجارة العمانية والإقليمية وتوسيعها. كما شهدت فترة حكم السيد أحمد بن سعيد إهتماما بالتعليم والثقافة حيث أنشئت المدارس وازدهرت العلوم الدينية والأدبية وبرز الشعراء والأدباء.

ومن تلك اللحظة، بدأت رحلة الأسرة البوسعيدية التي تحكم عُمان منذ 280 سنة فيما يمكن اعتبارها من بين أطول الأسر الحاكمة في العالم اليوم. وحافظ سلاطين الدولة البوسعيدية على إرث عُمان ومبادئها وقيمها وقدموا في سبيل ذلك الانجازات والتضحيات.. وتوسعت الدولة في عهدهم إلى أن شملت في وقت من الأوقات أجزاء واسعة جدا من جزيرة العرب ومن شرق أفريقيا وبسطت نفوذها في المحيط الهندي ورفرفت الراية العمانية على مساحات شاسعة من الأرض.

وكانت الدولة البوسعيدية التي جعل جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، يوم تأسيسها يوما وطنيا عمانيا تكريما لسلاطينها العظام تحمل فكر عميقا لبناء عُمان وفهما أعمق لشكل المنطقة ومراكز القوة فيها ولذلك نقلت العاصمة في عهد السلطان حمد بن سعيد إلى مسقط فيما يمكن أن نعتبره اليوم فكرا اقتصاديا تقدميا في تلك المرحلة من مراحل التاريخ القديم.

وفي عهد السيد سعيد بن سلطان، بلغت عمان ذروة المجد البحري، وذروة امتدادها الجغرافي حيث أصبحت ممتدة جرافيا إلى زنجبار وعموم الساحل الشرقي لأفريقيا بل وإلى أعماق القارة السمراء وأصبحت السفن العمانية تبحر في المحيط متحكمة بالتجارة وناشرة للأمن والاستقرار.

ورغم التحديات التي مرت على المنطقة وعُمان بشكل خاص خلال عقود الدولة البوسعيدية إلا أن من يعد إلى التاريخ يدرك حجم الإضافات الكبرى التي أضافها سلاطين البوسعيد لعُمان بشكل خاص وللمنطقة بشكل عام.

وفي عام 1970، بزغ على عُمان فجر جديد بتولي السلطان الراحل قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في عمان وهو السلطان الذي نقل عُمان من حقبة تاريخية إلى حقبة أخرى مليئة بالضوء والتحديث والمجد وقاد نهضة شاملت ربوع عمان وأسس البُنى الراسخة، وآفاق التطور، وشيّد مدنا حديثة، وأرسى قواعد دولة عظيمة، وحقق إنجازات دبلوماسية أضحت عُمان فيها صوتا للحكمة والسلام. وعلى الصعيد المحلي، شهدت عُمان تطويرا كبيرا في البنية الأساسية والتعليم والصحة والاقتصاد، وحقق احتراما دوليا ومكانة مرموقة على جميع الأصعدة.

واليوم في عصر النهضة المتجددة يسير على ذات النهج، حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم –حفظه الله ورعاه-، يواصل المسير حاملا راية الأسلاف، يخط خطوطا واضحة نحو مستقبل اقتصادي متنوع، وطن ينصف الأجيال القادمة بإنجازات تبنى على صلابة الماضي، ويحتضن العالم بسياسة حكيمة، قوامها السلام والتعاون.

ومع السياسة الحكيمة التي يتبعها جلالة السلطان هيثم بن طارق –حفظه الله-، والمتمثلة في التنويع الاقتصادي، تعزيز الكفاءة الحكومية، وتطوير الموارد البشرية، لضمان استدامة النهضة العُمانية ومواكبة التحديات المستقبلية، بانت ثمار ذلك بعد مضي 5 أعوام من تولي جلالته مقاليد الحكم.

وما زالت عُمان اليوم تضع خطوط مستقبلها المشرق ولكن تلك الخطوط موصولة بجذورها فالقيم والأخلاق التي يتمسك بها العمانيون اليوم هي امتداد لتاريخهم الذي بني بالتضحيات وبني بالتوازن و الحكمة.

واستطاعت أسرة البوسعيد أن تحقق التوازن لهذا البلد، وذلك من خلال التمسك بالتراث والتاريخ العريق والهوية الوطنية، وهذه المنحى هو الذي درجت عليه عُمان عبر تاريخها الطويل وهو الذي يعطيها اليوم ميزة مهمة في ظل الصراع العالمي حول بقاء الهُويات الوطنية واندثارها.. لكن عُمان لا تستطيع أن تنبت عن تاريخها ولذلك نراها تذهب نحو مستقبلها بكثر من الثبات.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السلطان هیثم بن طارق الدولة البوسعیدیة

إقرأ أيضاً:

سميرة سعيد: “الديفا” التي تواصل إبداعها وتنجح في كل العصور (بروفايل)

 

تحتفل اليوم الفنانة سميرة سعيد بعيد ميلادها، وهي واحدة من أبرز وأهم الأصوات في تاريخ الغناء العربي. 

 

 

واستطاعت بموهبتها الاستثنائية أن تجمع بين الأصالة والتجديد، وفرضت نفسها كأيقونة فنية من خلال قدرتها على التكيف مع كل حقبة، مع الحفاظ على هويتها الفنية الخاصة، ويشتهر صوتها برنينه الفريد الذي لا يمكن أن تخطئه الأذن، وتتميز بقدرتها على تقديم أغاني تحمل روحًا شبابية رغم مرور الوقت.

سميرة سعيد


 

مسيرة حافلة بالإنجازات

 

 

سميرة سعيد بدأت رحلتها الفنية في سن مبكرة، حيث أظهرت موهبتها منذ طفولتها في المغرب، فكانت تغني لأم كلثوم وعبد الحليم حافظ، عندما سمعها العندليب الأسمر لأول مرة، أُعجب بصوتها بشكل لافت، وقال لها إنه لا يمكن أن يكون هذا الصوت لطفلة، وحاول إقناع أهلها بأن تذهب إلى القاهرة لدراسة الموسيقى، إلا أن عائلتها رفضت لكونها كانت لا تزال طفلة.

 

 

ومع ذلك، تنبأ عبد الحليم حافظ لها بمستقبل فني كبير، وها هي اليوم تُحقق هذه النبوءة.


 

 تعاونات فنية ونجاحات مستمرة

 

 

و على مدار مشوارها الفني، تعاونت سميرة مع أعظم الشعراء والملحنين العرب، بما في ذلك بليغ حمدي ومحمد عبد الوهاب في بداية مسيرتها، وعندما تطورت الموسيقى العربية وظهرت أسماء جديدة من الملحنين الشباب، لم تتردد سميرة في التجديد والابتكار لتواكب العصر، مما جعل كل ألبوم لها يحقق نجاحًا كبيرًا.

 

 

 ألبوماتها دائمًا ما تحمل بصمتها الخاصة، سواء من حيث الكلمات أو الألحان التي تختارها بعناية.


 

من “الطفلة المغنية” إلى “الديفا”

 

 

سميرة سعيد، التي بدأت حياتها الفنية منذ أن كانت طفلة، أثبتت أن الإبداع لا يعرف سنًا أو حدودًا. 

 

و بفضل موهبتها وحبها للموسيقى، استطاعت أن تظل على قمة النجاح طوال مسيرتها، مُحتفظةً بمكانتها كأيقونة فنية عربية.

 

 

و يذكرأن لقب “الديفا” الذي أطلقه جمهورها عليها ليس مجرد لقب، بل هو تعبير عن استمراريتها ونجاحاتها المتواصلة لعقود طويلة. 

 

 

و في الوقت الذي اشتهر فيه هذا اللقب بالفنانات الأوبراليات، أضافه جمهور سميرة لها كعنوان يعبر عن التألق والازدهار المستمر.


 

أحدث أعمال سميرة سعيد

في السنوات الأخيرة، نجحت سميرة في تقديم أغاني جديدة تواكب العصر، وكان أحدث أعمالها أغنيتها “زن” التي أطلقتها مؤخرًا، والتي لاقت تفاعلًا كبيرًا من جمهورها. 

 

 

الأغنية تحمل رسائل إيجابية ومشاعر شبابية، مما يعكس روحها المتجددة.


 

سميرة سعيد: ظاهرة فنية لا تتكرر

سميرة سعيد ليست مجرد فنانة، بل هي ظاهرة فنية حقيقية أثبتت أن النجاح لا يتوقف على الموهبة فقط، بل على القدرة على التطور والتجديد،  هي نموذج حقيقي للفنان الذي يصنع تاريخه الخاص ويترك بصمة لا تُنسى في عالم الفن.


 

في عيد ميلاد سميرة سعيد، نتمنى لها المزيد من النجاح والإبداع في السنوات المقبلة، وأن تظل دائمًا مصدر إلهام لكل الأجيال.

مقالات مشابهة

  • السلطان هيثم بن طارق.. ومرحلة التأسيس للمستقبل
  • عُمان.. سيرة الأرض التي لا تنحني
  • سلطان عمان يوجه بصرف معاش إضافي للمستفيدين من التقاعد
  • في مثل هذا اليوم| ميلاد سميره سعيد ورحيل السلطان قابوس وهادي الجيار
  • عمان تحتفل بيوم تولى السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم
  • عُمان تحتفي بالمنجز لا بالزمن
  • سميرة سعيد: “الديفا” التي تواصل إبداعها وتنجح في كل العصور (بروفايل)
  • الأرقام المذهلة التي أعلنتها عمان
  • سميرة سعيد: أيقونة الفن التي تجاوزت الحدود واحتضنها الزمن