في ذكراها .. كواليس أول فيلم جمع ليلى فوزي بزوجها أنور وجدي
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
يوافق اليوم الأحد 12 يناير، ذكرى رحيل الفنانة ليلى فوزي، التي ولدت في 20 أكتوبر عام 1918، ورحلت عن عالمنا بمثل هذا اليوم عام 2005، عن عمر يناهز الـ 86 عامًا.
حياة ليلى فوزيوُلدت ليلى فوزي، في 20 أكتوبر 1923 في تركيا لأب مصري وأم تركية، ونشأت في بيئة عائلية راقية، حيث كان والدها يعمل تاجراً للأقمشة، مما أتاح لها فرصة التعرّف على الفنون والثقافة منذ صغرها.
بدأت ليلى فوزي مشوارها الفني في الأربعينيات، عندما لفتت أنظار المنتجين بجمالها الأوروبي الأخّاذ، فكانت بدايتها الحقيقية في فيلم "مصنع الزوجات" عام 1941. ومع مرور الوقت، تألقت في العديد من الأدوار المهمة، مثل أفلام "غازية من الهند" و**"نور الدين والبحارة"**. وقد تميزت ليلى بقدرتها على تقديم أدوار متنوعة تراوحت بين الفتاة الأرستقراطية الحالمة والمرأة القوية ذات الشخصية الصارمة.
بلغت ذروة نجاحها في فيلم "الناصر صلاح الدين" للمخرج يوسف شاهين، حيث قدمت دور الأميرة الفرنجية بمهارة لاقت استحسان النقاد والجمهور. وقد شاركت ليلى في أكثر من 85 فيلماً على مدار مسيرتها، بالإضافة إلى أعمال تلفزيونية تركت بصمة كبيرة، مثل مسلسل "هوانم جاردن سيتي".
على الرغم من أضواء الشهرة، كانت حياة ليلى الشخصية مليئة بالمواقف المؤثرة. عاشت تجربة حب شهيرة مع الفنان أنور وجدي، الذي تزوجته في سنواته الأخيرة، وكان زواجهما حديث الوسط الفني. رافقته ليلى خلال فترة مرضه حتى وفاته، في موقف إنساني يُبرز وفاءها وإخلاصها.
كما عُرفت ليلى بكرمها وعطفها على زملائها، حيث كانت دائماً حاضرة لدعم الفنانين الشباب. وفي إحدى المناسبات، تبرعت بمجوهراتها لمساعدة إحدى صديقاتها التي مرت بضائقة مالية، في خطوة أثارت إعجاب الجميع.
الفنانة الجميلة ليلى فوزي، خلال لقائها ببرنامج "ساعة صفا" تقديم الإعلامية "صفاء أبو السعود" عن كواليس أول فيلم سينمائي جمعها بزوجها الراحل أنور وجدي قائلة: «كان في مشهد لازم يبوسني فيه أنور بس والدى كان قاعد معانا في البلاتوه وماعرفناش نعمل المشهد قدامه.. وقام مخرج الفيلم بخداع والدى حتى يتم تنفيذ المشهد من خلال اتصال وهمى لوالدى خارج البلاتوه وتم تنفيذ المشهد».
وفاة ليلى فوزيرحلت ليلى فوزي عن عالمنا في 12 يناير 2005، وتركت وراءها إرثاً فنياً وإنسانياً لا يُنسى.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ليلى فوزي الفنانة ليلى فوزي ذكرى ليلى فوزي المزيد لیلى فوزی
إقرأ أيضاً:
استعادة أسامة أنور عكاشة
في كل عام، وفي الأيام الأولى من الشهر الفضيل، أتصفح الفضائيات، لعلي أعثر على مسلسل أتابعه أو مسلسلين، لكنني للأسف أعود بخفيّ حنين. وبالرغم من ذلك أجدني أتابع هنا وهناك، لعلي أرى مواضيع المسلسلات، بحثا وراء مضامين ميلودراما عربية تتعلق بقضايا الإنسان العربي، وتحولات الأوطان، باتجاه الخلاص الجمعي.
ونحن نشاهد هذه الأعمال، نجد أنفسنا منشدين لحنين العقود الثلاثة آخر القرن العشرين، ولربما جزء من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وهكذا فقد وجدت نفسي، في رمضان هذا، أمام السيناريست العربي أسامة أنور عكاشة، ابن مصر الثقافة والفنون، الذي عشنا معه معظم سنوات عمرنا، والذي، رحمه الله، كان جزءا غاليا ومهما من تكويننا الفكري والثقافي.
كنت طالبا في مصر أوائل التسعينيات، وكانت القناة الأولى تبث مسلسل ليالي الحلمية، وكنا نحن الطلبة غالبا ما نلتقي لنشاهد الحلقات. وكنت أستغرب، كيف كانت تخف بشكل ملحوظ حركة السيارات والناس في الشوارع، حتى لكأن هناك ما يشبه منع التجول. حدث ذلك في أكثر من مدينة في مصر، مثل طنطا والإسكندرية، والقاهرة. لم يكن صعبا تفسير ذلك، فقك كان الناس أمام شاشات التلفزيون، خاصة بعد تأدية صلاة التراويح. بادرت السائق الذي أقلنا إلى بيت أحد الأصدقاء:
- وأنت ألا تتابع ليالي الحلمية؟
- إنها هنا؟
وأشار إلى جهاز تلفزيون صغير، ثبته السائق في التكسي. وقتها عرفت أن سحر عكاشة قد بلغ مبلغه، خاصة وأنا أشاهد المارة، وقد وقفوا أو جلسوا يتابعون الحلقات على جانبي الشوارع، من خلال تلفزيونات الباعة والمحلات.
ترى ما الذي شدّ الملايين في مصر والعالم العربي لهذه الأعمال الدرامية، والتي صارت تعيش معنا في البيوت، وظلت كذلك تعيش في وجداننا. ترى كيف استطاع هذا الكاتب جذب الملايين؟
كتب عكاشة القصة، والرواية، وقصص الأفلام ومسرحيات، ومقالات رأي، لكن الذي اشتهر به أنور عكاشة هو كتابة سيناريو أهم المسلسلات العربية، حيث اعتبر واحد من أهم كتابا الدراما في الشرق الأوسط، ما يعني العالم أيضا. كان أربعينيا، عندما بدأت رحلته في كتابة الدراما التلفزيونية، كواحد من أشهر الكتاب العرب؛ فقد بدأ رحلته قويا ناضجا، وصاحب رؤية حتى وإن كان ناقدا حادا أحيان.
لقد عشنا ذلك الزمن أطفالا وفتيانا وشبابا، وصولا الى زمن ابيضت به مفارقنا. وهكذا يصعب ألا يحضر أنور عكاشة، وتلك الطواقم الفنية من إخراج وتمثيل وموسيقى وغناء، و"منين يجينا الشجن من اختلاف الزمن".
لماذا نجح أنور عكاشة وانتشر في مصر والعالم العربي الى درجة أنه نافس باسمه أسماء كبار النجوم؟
هي منظومة الإبداع معا، من إتقان اختيار القصة، والتعبير الحقيقي غير المتكلف، وبناء الشخصيات بناء ناضجا، وإظهار أثر التحولات الاجتماعية عليها، كذلك والعلاقات بينها، مع إظهار الدوافع النفسية المرتبطة بالتاريخ الشخص لها، واشتباكها مع التاريخين الاجتماعي والسياسي.
وهنا يحضر الصدق الفني، النفسي والاجتماعي والسياسي في إطار تاريخي، بحيث يقدم الشخصيات والتاريخ الذي كان ويكون، تاركا مسافة بينه وبينها، بما يتيح الشرط الموضوعي، وهكذا نجح عكاشة، ربما باستثناء جلده الزائد لعصر الانفتاح الذي حملّه معظم الإفرازات السلبية للمجتمع.
إنا رحلته الفكرية من خلال الدراما التلفزيونية، ورحلتنا حسب أعمارنا، على مدار أربعة عقود حتى رحيله عام 2010.
على أبواب المدينة، الشهد والدموع، بوابة الحلواني، رحلة أبو العلاء البشري، الراية البيضا، ليالي الحلمية، أرابيسك، ضمير أبله حكمت، زيزينيا، وما زال النيل يجري....كل واحد من تلك الأعمال يحتاج وقفة. والمثير بالأمر أننا حين نعود اليوم الى هذه الأعمال، خصوصا التي شاهدناها في مراحل تكون الفكر والوعي، نكتشف أننا كأننا نراها من جديد، حيث نتجاوز الآن متعة المشاهدة الى إغراء التفكير وربما الكتابة أيضا. كل عمل من تلك الأعمال له تاريخ معنا حسب عمرنا حين شاهدناه أول مرة، وحين تكررت المشاهدة في مراحل عمرية مختلفة.
كان الجامع الناظم في الأعمال التلفزيونية هو رصد أثر التحولات على الشخصيات، ثم اختبار العلاقة بين الشخصية المصرية (العربية) الأصيلة وتلك المنفتحة على العصر.
لقد الكاتب مرّ نفسه في تحولات، من خلال ما مرّت به بلده مصر، والعالم العربي؛ فقد كان ابن 7 سنوات حين حدثت حرب عام 1948، و26 عاما حين حدثت الهزيمة عام 1967، و32 في حرب رمضان أكتوبر عام 1973، ثم ما كان من تحولات سياسية واقتصادية ما بعد ذلك. لذلك فقد عاصر عكاشة تلك الأحداث فكان شاهدا بصدق، كذلك حين عاد الى ما قبل ذلك، منذ ثورة عام 1919، مرورا بالواقع السياسي والاجتماعي في مصر وصولا الى ثورة عام 1952. لذلك كانت آخر أعماله التليفزيونية مسلسل المصراوية، الذي عُرض في أيلول من عام 2007، والذي جسّد من خلاله تاريخ الشعب المصري منذ العام 1914.
كان يحيا ويصغي لما يعيشه، وحين عاد الى ومن لم يعشه، فقد استقصى ما أمكنه من واقع حقيقي، دون تحيّز، وبذلك فقد وصلت أعماله الى قلوبنا وعقولنا، حتى مع الذين اختلفوا بالرؤية الفكرية معه.
كان التلفزيون جهازا سحريا وصل من خلاله الكاتب الى الملايين، ممن يقرؤون ولا يقرؤون، على اختلاف مستوياتهم، مقدما رسالته الفكرية من جهة، ودافعا لنا للتأمل بما كان ويكون، باتجاه مستقبل أكثر وعيا وعدالة.
إن تأمل سيرة أنور عكاشة، يجد أنه تأثر بدراسته وسياق حياته كمواطن مصري وعربي، فقد حصل على ليسانس الآداب من قسم الدراسات النفسية والاجتماعية بجامعة عين شمس عام 1962. ثم عمل بعد تخرجه أخصائيًا اجتماعيًا في مؤسسة لرعاية الأحداث، كما عمل مدرسًا في مدرسة بمحافظة أسيوط وذلك بالفترة من عام 1963 إلى عام 1964، ثم انتقل للعمل بإدارة العلاقات العامة بديوان محافظة كفر الشيخ وذلك بالفترة من عام 1964 إلى عام 1966، ثم انتقل بعدها للعمل كأخصائي اجتماعي في رعاية الشباب بجامعة الأزهر وذلك من عام 1966 إلى عام 1982 عندما قدم استقالته ليتفرغ للكتابة والتأليف.
مرة أخرى. لماذا نستعيد أسامة أنور عكاشة اليوم بعد 18 عاما على آخر عمل إبداعيّ له؟ وبعد 15 عاما على رحيله؟
في ظل غياب قضايا الإنسان المصيرية التي تتعلق بالخلاص العام والفردي، فإننا نتذكر الأعمال الفنية الدرامية، سواء أكانت تلفزيونية أو سينمائية أو مسرحية؛ فحين نستعيد مثلا مسلسلات عكاشة، نجد كيف سبر الكاتب عمق التحولات بين الريف والمدينة في "على أبواب المدينة" كمقاربة رمزية للمجتمع على أبواب الحداثة، وتلك التحديات الاجتماعية ومسؤولية المجتمع. في "الشهد والدموع" نجد كيف أثرت التحولات على الأسر وما ظهر من ظلم لذوي القربى، منتقدا بذلك ما ظهر من تمايزات. كذلك كان مسلسل "الراية البيضا" من أكثر الأعمال الفنية نقدا لعصر الانفتاح الذي كانت "فضة المعداوي" ممثلة له، أما مسلسل "ليالي الحلمية"، بأجزائه الأربعة فكان بحق خير مصور للمجتمع على مدار عقود، في حين طرح مسلسل "ضمير أبله حكمت"، دور الوعي في مناهضة الآثار السلبية لرأس المال غير المنتمي. في حين كان مسلسل "زيزينيا"، خير عمل عبر عن التعددية التي شهدتها مدينة الإسكندرية، كمدينة كوزموبوليتانية.
نحن نستعيد زمن عكاشة وإبداع لأننا نفتقد الجدية والمسؤولية والرسالة، على أمل أن تتجدد الميلودراما العربية باتجاهات أكثر مسؤولية باتجاه التحرر والعدالة والارتقاء والتغيير الإيجابي لحياتنا معا.
ورمضان كريم، يجمعنا على الخير والوعي معا.