أكاديميون: عمان كيان سياسي راسخ يتكئ على إرث عريق أسهم في التواصل الحضاري
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
على الريامي: سيادة كاملة غير منقوصة نالت احترام الدول والشعوب
محمد المقدم: أقدم كيان سياسي في المنطقة ولعبت دورا تاريخيا عبر العصور
بدرية النبهانية: التجربة التاريخية العمانية مرتكز ومبدأ للحاضر والمستقبل
إبتسام الوهيبية: مارست سيادتها عبر الأزمان وعززت سياساتها الاستراتيجية
أكد باحثون وأكاديميون أن الخطاب السامي الذي تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وألقاه بمناسبة الـ(11) من يناير يوم تولّي جلالتِه مقاليد الحكم في البلاد، حمل مضامين ذات أبعاد تاريخية، تؤكد مكانة سلطنة عمان السياسية بين دول العالم، وسيادتها وريادتها العالمية ككيان سياسي راسخ عبر العصور، أسهم في العديد من الجوانب لخدمة الإنسانية والبشرية، ومد جسور التواصل الحضاري وأواصر العلاقات بين حضارات العالم في مشارق الأرض ومغاربها، من خلال إرث تاريخ سياسي عريق وأدوار حضارية في مجالات إنسانية وسياسية واقتصادية.
وأشار الأكاديميون إلى أن سلطنة عمان حافظت على مدى تاريخها الطويل، على علاقات مميزة مع دول العالم، وأسهمت الأمة العمانية في نهضة الكثير من شعوب العالم، من خلال التبادل التجاري والتواصل مع قارات العالم وشعوبها وكياناتها السياسية، مؤكدين أن سلطنة عمان في عهد النهضة المتجددة بقيادة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- تسير على نهج الأسلاف من سلاطين عمان، في نهج علاقاتها مع دول وشعوب العالم، متكئة على إرث تاريخي عريق واحترام العالم لها ولسياسيتها ونهجها الداعي دائمًا إلى العيش بسلام ووئام.
كما أن سلطنة عمان تدرك التأثيرات المتغيرات حول العالم، بعمق الفهم التاريخي للأحداث، الذي أسهم في حكمة التعامل مع هذه الأحداث والمغيرات، بحكمة تستند إلى تاريخ عريق في الحنكة السياسية والهدوء والتعامل بمنطق الثقة المستندة على إرث سياسي ضارب في القدم.
استقلالية القرار العماني
وأكد الدكتور علي بن سعيد الريامي رئيس قسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس على أن من بين ما ذكره جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- في خطابه بتاريخ الحادي عشر من يناير وذلك بمناسبة مرور خمس سنوات على توليه مقاليد الحكم في البلاد وإشارته إلى التحديات، حيث ذكر جلالته: "لم تكن التحديات يومًا عائقًا في طريق أسلافنا لتأسيس دولة شهد لها العالم بالسيادة والريادة"، ولا شك أن لهذا النطق دلالات عميقة وأبعادًا تاريخية، إذ تستمد النهضة العمانية المتجددة ثوابتها ومبادئ سياستها الداخلية والخارجية من الإرث التاريخي والحضاري المكتسب على مر الأزمنة والعصور، ومن التجارب الثرية المتعاقبة التي أثبت التاريخ فاعليتها في التعامل مع مختلف القضايا، إذا ما أدركنا بوعي أين تتموضع سلطنة عمان جغرافيا؟ وكيف أنها لم تكن في يوم من الأيام بمنأى عما يدور حولها من أحداث وتجاذبات قد تكون عاصفة أحيانًا ومؤثرة عليها أحيانًا أخرى، وبالتالي تتطلب الحكمة في التعامل معها، فعُمان بإرثها التاريخي العظيم لم تكن لتدير ظهرها إلى الجدار هروبًا من التحديات المعاصرة، وإنما كانت دائمًا على قدر تلك التحديات والمسؤولية التاريخية، فمن التحديات تخلق الاستجابة، ويمكن أن تخلق الفرص أيضًا، وعليه نوه جلالته -حفظه الله- بأنه ماضٍ على خطى أسلافه في بناء دولة حديثة متجددة في عطائها الداخلي وحضورها الخارجي تواكب المتغيرات وتتكيف مع مختلف التحديات وتواجهها بفكر مستنير.
وقال الريامي لقد أشار جلالته -أيده الله- إلى نقطة جوهرية تتعلق بالسيادة والريادة، وفي ذلك دلالة عميقة على استقلالية القرار العماني في مختلف القضايا، وهي ذات السياسة التي عرفت بها سلطنة عمان تاريخيًا، ومن الثوابت التي لا محيد عنها مهما كان الثمن ومهما تطلب ذلك من تضحيات، سيادة كاملة غير منقوصة في إدارة شؤونها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما يحقق مصالحها، ويستجيب لمبادئها التي تقوم على حضور الحس الإنساني.
وأوضح رئيس قسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس بأن (الريادة) التي أشار إليها، المقام السامي في خطابة، تعكس الإسهام الحضاري العماني قديمًا وحديثًا، سواء على صعيد ما حققته النهضة الحديثة من قفزات تنموية في مختلف المجالات أو على صعيد ما تركته من إرث في سياستها الخارجية التي تقوم على مبدأ -كما عبّر جلالته في بواكير خطاباته المهمة- "أن تظل رسالة عمان للسلام تجوب العالم، حاملة إرثًا عظيمًا، وغايات سامية، تبني ولا تهدم، وتقرب ولا تباعد".
وأكد الدكتور علي الريامي رئيس قسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس على أن كل تلك المحاور المهمة في خطاب جلالته ـ حفظه الله ورعاه- فإنه يوجه رسالة بليغة لأبناء شعبه بضرورة البناء على ما سبق من إنجازات، وما تركه الأسلاف من إرث وعطاء وتضحيات، وفي تلك التوجيهات السامية رؤية استراتيجية للنهوض بعُمان التي نطمح إلى أن نراها، ونرى هذا التمازج الذي يجمع بين الأصالة والحداثة، وعندما يقول جلالته: "نتقدم بثقة في سبيل الوصول بهذا البلد العظيم إلى مكانته الأسمى التي يستحق" فإن في ذلك دلالة واضحة على المضي قدمًا دون كلل أو ملل لمواصلة مسيرة البناء والتقدم وتحقيق النماء والازدهار، وهي رسالة تحفيز وشحذ الهمم، ورسالة تفاؤل بمستقبل مزهر بمشيئة الله.
أقدم كيان سياسي
من جانبه، أكد الدكتور محمد بن سعد المقدم عضو الجمعية التاريخية العمانية محاضر بقسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس (سابقًا)، أن السيادة والريادة لسلطنة عمان كانت حاضرة منذ عصور قديمة وعرفت بذلك عبر الزمان، وهو تجسيد تاريخي لدور عمان الإقليمي والدولي عبر العصور.
وقال المقدم: سلطنة عمان أقدم كيان سياسي في منطقة الخليج والمحيط الهندي، وكان لها دور حضاري في المنطقة، فهي أول دولة عربية تطرد البرتغاليين من أرضها ومن شرق إفريقيا.
وأشار إلى أن تأسيس الإمبراطورية العمانية في التاريخ الحديث ضارب في القدم، ووصل عمان الحضاري مع دول العالم يعتبر نموذجا، وتعتبر رحلة السفينة (السلطانة)، عام 1840 إلى الولايات المتحدة الأمريكية واحدة من بين الرحلات التاريخية التي تؤكد حضارة عمان وتاريخها العريق في التواصل مع العالم والغرب، مؤكدًا على أن سلطنة عمان وعبر إرثها التاريخي الممتد منذ آلاف السنين، لعبت دورا تاريخيا وسياديا عبر عصور تاريخية متعاقبة.
الدور التاريخي الراسخ
من جانبها، قالت الدكتورة بدرية بنت محمد بن شامس النبهانية باحثة ومحاضرة في التاريخ: إن رؤى صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- خلال خطابه السامي، جاءت مرسخة لأهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية والثبات على المبادئ والأسس التي ترسخ الأمن والأمان والاستقرار، ورسالة مباشرة لأحداث عديدة شهدتها سلطنة عمان خلال ٢٠٢٤م.
وأشارت إلى أن الخطاب جاء مرسخًا للدور التاريخي لعمان وكل من مر على تاريخها من أسر حاكمة دون تحديد، مؤكدا على ثوابت الدولة البوسعيدية ودورها في تاريخ عمان.
وأكدت النبهانية على أن الخطاب جاء مُشدّدا على فكرة أن التحديات التي واجهتها الأجيال السابقة عبر تاريخ عمان الممتد لم تشكل لها عائقًا، بل كانت دافعًا لبناء دولة قائمة على ثوابت حضارية، وأشار الخطاب إلى أهمية التاريخ والتقاليد في تشكيل الهوية الوطنية العمانية، ويعكس فخر القائد بتراث بلاده الطويل في مواجهة الأزمات والصعوبات.
وفي قوله "البناء على ما أسسوه" يوضح أن هناك مسارًا واضحًا ومحددًا يرتبط بتطوير عمان، وهو ما يعكس الرؤية والاستمرارية في القيادة، ويعكس الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي تتمتع به سلطنة عمان، والذي يعد أحد عناصر السيادة القوية.
كما أشارت النبهانية إلى ما تضمنه الخطاب حول "المكانة الأسمى التي يستحقها" وقالت: إن ذلك يعكس فكر جلالة السلطان المعظم في الطموح والتطلع المستمر لعمان في الساحة الدولية، فالسير بثقة نحو هذه المكانة يعكس إيمان الحكومة والشعب بقدراتهم وإمكانياتهم، وتعزز من مكانة سلطنة عمان في المجتمع الدولي، وتزيد من احترام الدول الأخرى لها.
موضحة أن خطاب جلالته -أيده الله- اتسم بالتحفيز والمستقبلية، إذ يسعى إلى تعزيز الروح الوطنية، وتشجيع المجتمع العماني على العمل بجد لاستدامة الريادة والتميز في مختلف المجالات، وأكدت أن النطق السامي عكس أهمية العمل الجماعي والتعاون بين كافة أطياف المجتمع لضمان استمرارية السيادة والريادة العمانية عالميًا مستلهمة من التجربة التاريخية العمانية مرتكزًا ومبدأ للحاضر والمستقبل.
سيادة تاريخية
من جانبها، أكدت الدكتورة إبتسام بنت سالم الوهيبية من كلية الافتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس أن أهم الدلالات في الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- هو الدمج بين الفكر السيادي والريادي، حيث أشار جلالته بقوله: "لم تكن التحدّياتُ يومًا عائقًا في طريقِ أسلافِنـا لتأسيسِ دولةٍ شهِدَ لها العالمُ بالسّيادةِ والرّيادة، ولن تكــونَ لنــا إلا دافعـًا للبناءِ على ما أسّسوا سائرينَ على هَدْيٍ من ثوابتِنا الحضاريةِ الراسخة، نتقدمُ بثقةٍ في سبيلِ الوصولِ بهذا البلدِ العظيمِ إلى مكانتِه الأسمى التي يستحق" حيث يشير الفكر السيادي إلى أن سلطنة عمان دولة مستقلة، وتتمتع بسيادة تامة في كل قراراتها، على مر التاريخ، ويشهد لها العالم ذلك من خلال تعاملها مع الدول والمنظمات الدولية، عبر التاريخ.
وأشارت الوهيبية إلى أن تحقيق الاستقلالية والتمكين الذاتي على المستويات الفردية أو المؤسسية أو الوطنية، يقوم على المبادئ التي تحفز القدرة على اتخاذ القرارات بدون الاعتماد المفرط على الآخرين، وضمان التحكم الكامل في الموارد والفرص لتحقيق الأهداف طويلة الأمد وكذلك ضمان الأستدامة، وقد مارست سلطنة عمان سيادتها عبر الأزمان والعصور من خلال أدارة ازماتها الاقتصادية والبيئية وتعزيز سياساتها الاستراتيجية مثل تطوير الصناعات المحلية لتحقيق الأكتفاء الذاتي.
وأوضحت الوهيبية بأن الفكر الريادي يعبر عن القدرة على ابتكار حلول جديدة بطرق مبتكرة، وتحويل الأفكار إلى واقع ملموس ومشاريع وكذلك يركز الفكر الريادي على استشراف المستقبل وهذا ما لمسناه في رؤية عمان 2040. وقد خطت السلطنة خطوات حثيثة نحو تشجيع ريادة الأعمال من خلال دعم صناديق الشباب الابتكارية واستخدام الأفكار الريادية لتحقيق تنمية اقتصادية وبيئية واجتماعية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السلطان هیثم بن طارق حفظه الله ورعاه أن سلطنة عمان کیان سیاسی من خلال عمان ا على أن إلى أن لم تکن
إقرأ أيضاً:
سفير سلطنة عمان: معرض القاهرة الدولي للكتاب عيد سنوي للثقافة والمعرفة في العالم العربي
رحب عبد الله بن ناصر الرحبي، سفير سلطنة عمان، لدى جمهورية مصر العربية، بالدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، والدكتور أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، ومحمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين العرب، وفريد زهران، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، والسادة الحضور، مهنئًا جمهورية مصر العربية، بالدورة الجديدة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، التي تحل فيها سلطنة عمان ضيف شرف هذا العام.
وأكد خلال فعاليات المؤتمر الصحفي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، أن معرض القاهرة الدولي للكتاب، عيد سنوي للثقافة والمعرفة في العالم العربي، عيد ينتظره الناشر والقارئ، والكاتب، لافتًا إلى أن معرض القاهرة الدولي للكتاب بعد أن تجاوز عمره نصف قرن، أكد ريادته عربيًا، ورسخ مكانته عالميًا.
وتابع: «وفي الدورة الـ56 جاء اختيار سلطنة عمان ضيف شرف في هذا المعرض الدولي الكبير، اعترافًا مقدرًا، بدور سلطنة عمان في الثقافة العربية نعتز به، وتأكيدًا لأواصر عمانية مصرية تمتد في التاريخ لآلاف السنين، وتمتد في الواقع لتشمل السياسة والثقافة والتبادل التجاري، وهي أوصر شيدت على قاعدة صلبة من القناعة بالمصير المشترك والأفق الواحد الذي تسعى الدولتان الشقيقتان إلى بلوغه في خدمة رقي الإنسان والأوطان وسلام الإنسانية».
وأوضح أن الثقافة سفير نور في كل العصور، والكتاب تاريخ للإنسانية في رقيها وتحضرها، وهو سجل التاريخ البشري الذي نقل العلم من جيل إلى جيل ومن حضارة إلى حضارة، وبه تمايز الإنسان عن مخلوقات لم تعرف الكتابة، وأقسم الله بهذه النعمة العظيمة في القرآن الكريم فقال: (نۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ).
وأكمل: «في هذا العرس الثقافي العربي الكبير يدفعنا عزم راسخ على أن تكون مساهماتنا كضيف شرف إضافة إلى الثروة الثقافية العربية، وأن تكون صورة أمينة وشاملة لإسهام بلادنا في النتاج الحضاري الإنساني، فالثقافة العمانية لم تزل في حاجة إلى مزيد من الجسور مع نظيراتها في العالم العربي، لتكون صورتها أقرب إلى حقيقتها: عراقًة وغنى، والمثقفون العمانيون يتقدمون بخُطا ثابتة بنتاجات متنوعة، وغير القليل منهم تقدموا صفوف حائزي جوائز مرموقة.
ولا شك في أن الأزياء الوطنية العمانية مرآة للعراقة والتنوع والثراء، بتميزها وجمال ألوانها وخصوصية تعبيرها عن الشخصية العمانية من النظرة الأولى.
وثمن اختيار بلاده لهذا التكريم، وشكر القائمين على هذا العرس الثقافي المشهود، متمنيًا أن تكون صورة عُمان بعده أكثر وضوحًا وأن تكون الثقافة العمانية بفضل هذا الاختيار أكثر حضورًا في المشهد الثقافي العربي، ومن مصر العزيزة تبدأ خارطة الثقافة العربية، فهي الشقيقة الكبرى التي قدمت للثقافة العربية الكثير.
وفي النهاية تقدم بالشكر للقائمين على المعرض، متمنيًا عملًا موفقًا يليق بالبلدين الشقيقين وعلاقتهما الوثيقة.