ما خيارات العراق في استيراد الغاز بعيدا عن إيران؟
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
لا تزال أزمة الكهرباء في العراق تضرب البلاد بقوة، خاصة في الأسابيع الأخيرة التي شهدت تراجع معدلات إنتاج الطاقة الكهربائية بنحو 9 آلاف ميغاوات.
ويعتمد العراق في إنتاج الطاقة الكهربائية على محطات حرارية وغازية تعمل بالنفط والغاز المحلي، إضافة للغاز الذي تستورده الحكومة من إيران، غير أن توقف إمدادات الغاز الإيراني منذ أكثر من 40 يوما أدى لأزمة كبيرة في البلاد، في الوقت الذي لا تزال فيه الحكومة العراقية تسعى لاستثمار الغاز المصاحب لعمليات الاستخراج النفطي وتجنب إحراقه في الهواء.
ويُعد العراق ثالث أكثر دولة في معدلات إحراق الغاز المصاحب عالميا بعد كل من روسيا وإيران، حيث بلغ مجمل الغاز الذي أحرقه العراق عام 2023 نحو 18 مليار متر مكعب، وفق بيانات للبنك الدولي.
الاعتماد على إيرانوفي ظل الأزمة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط وتراجع النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان والضغط الذي تمارسه واشنطن على بغداد، كشف السياسي البارز عمار الحكيم وزعيم تيار الحكمة المنضوي ضمن الإطار التنسيقي أن الإدارة الأميركية الحالية أبلغت بغداد اعتزام إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب القادمة عدم منح العراق استثناء جديدا لاستيراد الغاز الإيراني، والذي سينتهي في منتصف مارس/ آذار القادم.
إعلانوجاءت تصريحات الحكيم خلال جلسة حوارية أقيمت الأسبوع الماضي في محافظة النجف (جنوبي العراق)، حيث أضاف أن واشنطن أبلغت بغداد بذلك وطالبتها بإيجاد مصادر أخرى للغاز لتشغيل محطات توليد الكهرباء.
وكان العراق قد بدأ عام 2017 استيراد الغاز من إيران، في حين وقعت الحكومة العراقية في مارس/ آذار الماضي عقدا مع طهران لاستيراد 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميا ولمدة 5 سنوات، الأمر الذي يضع العديد من علامات الاستفهام عما ستؤول إليه أوضاع العراقيين بعد مجيء إدارة ترامب.
ورفض المكتب الإعلامي لعمار الحكيم التعليق على هذه التصريحات أو الإجابة على تساؤلات مراسل الجزيرة نت، في حين أكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى للجزيرة نت أن العراق لا يستبق الأحداث، وأن الحكومة العراقية تسعى الآن لتنويع مصادر الطاقة سواء من تركمانستان أو إنشاء محطات توليد كهرباء بالاعتماد على الطاقة الشمسية أو النفط الثقيل.
ويتساءل العراقيون عمّا يمكن للحكومة العراقية فعله للاستغناء عن الغاز الإيراني، حيث يجيب المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي مظهر محمد صالح عن ذلك، مبينا أن الحكومة تعمل على العديد من المشاريع لتنويع مصادر الطاقة.
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد أن توجه العراق لاستيراد الغاز التركمانستاني وتمريره عبر الأنابيب الإيرانية نحو العراق يعد واحدا من هذه الحلول التي ستوفر للعراق نحو 20 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، وأن شركة سويسرية تعاقدت معها الحكومة العراقية هي التي ستتكفل بإيصال الغاز إلى العراق عبر استخدام شبكات الأنابيب الإيرانية.
من جانبه، يؤكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد موسى أن انقطاع الغاز الإيراني أدى لتراجع إنتاج العراق من الكهرباء بنحو 8 آلاف ميغاوات، وأن هذا الانقطاع مستمر منذ أسابيع، وأن التعاقد مع تركمانستان لاستيراد 20 مليون متر مكعب من الغاز يوميا لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن بانتظار الإجراءات المالية التي سيتكفل بها مصرف التجارة العراقي.
وعن إمكانية استيراد الغاز القطري المسال لسد الحاجة الفعلية للبلاد، كشف موسى في حديثه للجزيرة نت أن استيراد الغاز القطري بحاجة لمد خطوط أنابيب بين العراق وقطر، أو إنشاء منصات استيراد للغاز المسال في ميناء الفاو جنوبي العراق، كاشفا عن أن الحكومة ماضية في دعوة شركات متخصصة لإنشاء منصات استيراد الغاز المسال في ميناء الفاو خلال 8 أشهر، وأن الحكومة الآن في طور دعوة 6 شركات متخصصة لإنشاء هذه المنصات.
إعلانويؤكد ذلك المستشار الحكومي مظهر محمد صالح الذي يضيف أن جهود استثمار الغاز المصاحب مستمرة وأن المشاريع الحكومية لاستثماره كليا ستكتمل عام 2028، في حين لا تزال الحاجة ملحة لاستثمار حقول الغاز الطبيعي في البلاد، في الوقت الذي يحرق فيه العراق حاليا ذات الكمية التي يستوردها من إيران، وفق قوله.
وكان العراق قد أبرم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عقدا مع تركمانستان لتوريد 20 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى العراق، في حين لم يدخل العقد حيز التنفيذ حتى الآن، ويشير مراقبون إلى أن دخول العقد حيز التنفيذ مرهون بموافقة أميركية على تمرير الغاز عبر الأنابيب الإيرانية.
أما استاذ الاقتصاد النفطي في جامعة المعقل بالبصرة نبيل المرسومي فيرى من جانبه أن النمو المتصاعد للطلب على الكهرباء في العراق يحتم على الحكومة العراقية الإسراع في تنويع مصادر الطاقة، مضيفا "بات من العبث الاعتماد على إيران في تحقيق أمن الطاقة في العراق، لا سيما أن إيران تعد مصدرا غير موثوق ومعرضا للعقوبات، ومن المتوقع أن تفرض إدارة ترامب القادمة مزيدا من العقوبات عليها".
وبين -في حديثه للجزيرة نت- حاجة البلاد لمد خط أنابيب للغاز لاستيراد الغاز المسال من قطر، لا سيما أن المسافة بين ميناء حمد في قطر وميناء أم قصر بالعراق لا تتجاوز 650 كيلومترا فقط، فضلا عن حاجة البلاد لمزيد من الربط الكهربائي مع دول الجوار مثل السعودية التي يمكنها تزويد العراق بنحو ألف ميغا وات، إضافة للكويت التي ستورد نحو 500 ميغاوات.
أزمة مستمرةوفي الشأن ذاته، يضيف المرسومي أن المشاريع المحلية التي تعوّل الحكومة عليها في استثمار الغاز المصاحب بحاجة لما لا يقل عن 3 سنوات، لأجل اكتمال 4 مشاريع حيوية في حقول حلفاية والناصرية وأرطاوي التي ستضيف 1200 مقمق (مليون قدم مكعب قياسي)، إضافة للعقد مع شركة توتال الفرنسية الذي ستضيف 600 مقمق أخرى.
إعلانورغم جهود الحكومة، فإن البلاد تنتج حاليا 18 ألف ميغاوات فقط، وفق المرسومي الذي يؤكد أن نصف محطاته التوليدية الغازية تعمل على الغاز الإيراني المستورد، كاشفا عن أن أزمة الكهرباء ستستمر مستقبلا، انطلاقا من حاجة البلاد الكبيرة للطاقة الكهربائية التي تقدر بـ 43 ألف ميغاوات حاليا مع ازدياد الحاجة للكهرباء كل عام بفعل الزيادة السكانية والنمو.
ويضيف "حتى لو استثمرت جميع كميات الغاز المصاحب التي تحرق حاليا، سيبقى العراق بحاجة لاستيراد الغاز، وذلك يعني ضرورة استثمار حقول الغاز الطبيعي في عكاز بمحافظة الأنبار والمنصورية في ديالى وخورمور في السليمانية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ملیون متر مکعب من الغاز یومیا الحکومة العراقیة لاستیراد الغاز الغاز الإیرانی الغاز المصاحب استیراد الغاز أن الحکومة للجزیرة نت من إیران فی حین
إقرأ أيضاً:
رغم الضغط الأمريكي: إيران تعرض مقايضة الكهرباء بالاستثمارات في العراق
13 مارس، 2025
بغداد/المسلة: يؤكد يحيى آل إسحاق، رئيس غرفة التجارة المشتركة بين إيران والعراق، أن العراق ليس لديه حالياً القدرة على توفير بديل للكهرباء الإيرانية إذا ما تم إلغاء الإعفاءات الأمريكية، مشيراً إلى أن الضغوط على العراق ستكون أشد من الضغوط على إيران نفسها. ويضيف أن القطاع الخاص الإيراني يمتلك الخبرات الفنية والهندسية التي تتيح له لعب دور أساسي في تطوير البنية التحتية الكهربائية للعراق، في حال توافرت الظروف المناسبة لذلك.
واشنطن تضيق الخناق على صادرات الطاقة الإيرانية
ومنذ إعادة فرض سياسة “الضغط الأقصى” من قبل الولايات المتحدة، تسعى واشنطن إلى تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران، وخصوصاً في قطاع الطاقة، الذي يمثل أحد مصادر التمويل الأساسية لطهران. وقد دفع هذا التوجه الإدارة الأمريكية إلى منع أي تخفيف للعقوبات، بما في ذلك عدم تجديد الإعفاءات التي تتيح للعراق استيراد الكهرباء من إيران، وهو ما يضع الحكومة العراقية أمام تحديات خطيرة في ظل عدم اكتمال مشاريع تطوير بنيتها التحتية في قطاع الطاقة.
العراق بين الحاجة الملحة والمنافسة الإقليمية
وتشير التقديرات إلى أن العراق يعتمد على إيران في تزويده بنحو 40% من احتياجاته الكهربائية، ومع استمرار أزمات الشبكة المحلية، يصبح من الصعب إيجاد بدائل فورية. لكن في المقابل، تتزايد المنافسة الإقليمية على سوق الطاقة العراقي، حيث تسعى الصين إلى الدخول بقوة من خلال عقود مقايضة تعتمد على تبادل البنية التحتية مقابل النفط، في حين تعمل السعودية وتركيا على إيجاد موطئ قدم لهما في هذا السوق الاستراتيجي.
خيارات إيران للتعامل مع التحديات
وفي ظل هذه التطورات، تحاول إيران البحث عن طرق بديلة للبقاء في سوق الطاقة العراقي. ويقترح المسؤولون الإيرانيون أن يقوم القطاع الخاص الإيراني بتنفيذ مشاريع استثمارية داخل العراق، مقابل مستحقاته المتراكمة لدى بغداد. كما أن الشركات الإيرانية، التي أنجزت سابقاً مشاريع كبرى في العراق، تسعى للحصول على عقود جديدة في مجالات إنتاج الكهرباء وصيانة المحطات ونقل الطاقة، مستفيدة من خبراتها الفنية الطويلة.
مستقبل الكهرباء في العراق.. إلى أين؟
ومع استمرار الضغوط الأمريكية والتنافس الإقليمي المتزايد، يبقى السؤال المطروح هو: كيف سيتعامل العراق مع أزمة الكهرباء في المرحلة المقبلة؟ وهل سيتمكن من تحقيق التوازن بين تأمين احتياجاته الطاقوية والضغوط السياسية المفروضة عليه؟ في ظل هذه المعادلة الصعبة، يبدو أن بغداد ستظل بحاجة إلى الكهرباء الإيرانية، ولو لفترة أطول مما تتوقعه واشنطن.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts