ناشط مصري: اختطاف القرضاوي يثبت أن الثورة المضادة ما زالت حية
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
قال الناشط المصري تقدم الخطيب، إن اعتقال وترحيل الشاعر المعارض عبد الرحمن القرضاوي، إلى الإمارات يثبت أن الثورة المضادة ما زالت حية وأنها بخير.
وأكد الخطيب في مقال له نشره موقع "ميدل إيست آي" وترجمته "عربي21" أن الترحيل غير القانوني للقرضاوي من لبنان إلى الإمارات يشير إلى الدناءة التي وصل إليها التواطؤ الإقليمي في سعيه للقضاء على كل أشكال المعارضة.
ورأى المعارض المصري أن قضية ترحيل القرضاوي هي قضية تلقي بظلال قاتمة على المشهد السياسي في المنطقة، وخاصة في لبنان، لافتا إلى أن ما حدث هو أقرب إلى أفعال العصابات الإجرامية، بدون أدنى اعتبار للقانون أو الإنسانية.
تاليا نص مقال تقدم الخطيب:
يعتبر اختطاف المعارض المصري عبد الرحمن يوسف القرضاوي من قبل الإمارات العربية المتحدة هذا الأسبوع حدثاً بارزاً لسوف تكون له أصداؤه في أنحاء العالم العربي.
تلقي هذه القضية بظلال قاتمة على المشهد السياسي في المنطقة، وخاصة في لبنان. فما حدث هو أقرب إلى أفعال العصابات الإجرامية، بدون أدنى اعتبار للقانون أو الإنسانية.
كان القرضاوي، الذي يحمل الجنسيتين المصرية والتركية، قد اعتقل من قبل السلطات اللبنانية قبل أن يتم ترحيله بشكل غير قانوني إلى الإمارات العربية المتحدة على الرغم من أنه لا يرتبط بمواطنة مع أي من البلدين – وهي سابقة تقع في وضح النهار على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي.
يمكن تحليل هذا الحدث من مستويات متعددة. فعلى الجبهة اللبنانية المحلية، يثير ما جرى تساؤلات حول مدى الالتزام بمبدأ سيادة القانون، وبالمعاهدات الدولية، وحول مدى ما تتمتع به مؤسسات الدولة اللبنانية من نزاهة، وكذلك حول اللاعبين السياسيين الذين يتحكمون بها.
وأما إقليمياً، فيعكس ذلك ما يجري على نطاق أوسع من صراع بين القوى ضمن شرق أوسط يعاد تشكيله، وتسعى إسرائيل لفرض هيمنتها عليه. لا يمكن فصل قضية القرضاوي عن التغيرات الكاسحة التي تشهدها المنطقة منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2023.
وأما من الناحية القانونية، فإن قرار لبنان تسليم القرضاوي إلى الإمارات العربية المتحدة يثير العديد من الأسئلة، نظراً لأن التسليم يتطلب في العادة وجود اتفاقات ثنائية بين البلدين المعنيين وكذلك وجود ضمانات بأن الشخص الذي يتم تسليمه لن يتعرض للتعذيب أو المحاكمة غير العادلة.
في حين أن مذكرة صادرة عن الحكومة اللبنانية وصفت قضية القرضاوي بأنها "مسألة سيادية"، فإن من المعقول افتراض أن المبرر سياسي أكثر منه قانوني. وذلك أنه لا وجود لمعاهدة تحكم بقوة القانون التسليم بين لبنان والإمارات العربية المتحدة، بل تشير المذكرة الحكومية إلى أن تبرير الترحيل يتعلق أساساً بوعد من الإمارات العربية المتحدة بالمعاملة بالمثل في الحالات المشابهة.
انتهاك الأعراف القانونية
يضاف إلى ذلك أن التهم الموجهة إلى القرضاوي تتعلق بآراء تم تناقلها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبر مؤخراً عن رجائه بأن مستقبل سوريا ما بعد الأسد لن يتعرض للإعاقة من قبل الدول العربية، بما في ذلك مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
إن ترحيله على عجل، وحرمانه من فرصة الاستئناف، ينتهك الأعراف القانونية ويؤكد على وجود دوافع سياسية من وراء القرار. كما أن هذا الإجراء يسلط الضوء على التعاون القائم بين دول عربية بعينها من أجل قمع المعارضين السياسيين، الأمر الذي يثير القلق إزاء التزام هذه البلدان بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
بل إن ترحيل مواطن مصري إلى بلد لا يحمل جنسيته يؤكد مدى هشاشة، بل وانعدام، استقلال القضاء اللبناني. كما أنه يكشف عن مدى تحكم المال الخليجي بالطبقة السياسية في لبنان.
يشير قرار مجلس الوزراء اللبناني حول هذه القضية إلى أن وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان وعد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بأن القرضاوي سوف يحظى بمحاكمة عادلة – وهو تعهد يتناقض بشكل حاد مع السجل الحقوقي لدولة الإمارات العربية المتحدة. كما أنه يعكس أن الإجراء الذي اتخذه لبنان بناء على ذلك مدى انعدام استقلاله، حيث إن الدولة تقدم المصالح الاقتصادية على سمعتها وعلى سيادتها.
وعلى الصعيد السياسي، يسلط اختطاف القرضاوي الضوء على الحركيات الناشئة وعلى التغيرات الطارئة داخل منطقة الشرق الأوسط، حيث ينسجم ذلك مع الجهود المبذولة لإقامة نظام إقليمي جديد تهيمن عليه إسرائيل، التي باتت تحتل موقع القيادة في تحالف يضم عدداً من الأنظمة العربية في مواجهة محور المقاومة الذي تقوده إيران.
في هذا الشرق الأوسط الذي يعاد تشكيله يتم بشكل واضح تهميش حقوق الإنسان والقانون الدولي. فالقرضاوي ليس الضحية الوحيدة، فغزة لم تزل تعاني منذ وقت طويل تحت وطأة هذه المعادلة، بينما ينصب تركيز اللاعبين الإقليميين حصرياً على إدارة الصراع بدلاً من السعي إلى حله.
تنحصر جهود وقف الحرب على غزة في المفاوضات حول الرهائن ومحادثات وقف إطلاق النار وتوفير المساعدات الإنسانية، بينما تحافظ الدول على التنسيق القوي مع إسرائيل، الأمر الذي يؤكد على وجود توجه أوسع في المنطقة للتضحية بحقوق الإنسان لصالح المنافع السياسية المتبادلة.
الهدف الأساسي
في نفس الوقت، يعكس اختطاف القرضاوي وجود جهود ثورية مضادة غايتها قمع المعارضة والحركات الثورية في المنطقة. فالقرضاوي واحد من أبرز شخصيات انتفاضة 2011 في مصر، ولطالما لعب دوراً مهماً في الحراك الذي أفضى إلى الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، وظل يجاهر بانتقاده للنظام السلطوي نثراً وشعراً.
حولته تلك المزايا إلى هدف أساسي لقوى الثورة المضادة في مصر وفي الإمارات العربية المتحدة. فبعد دعمها للانقلاب العسكري في مصر في عام 2013، سعت الإمارات العربية المتحدة وغيرها من دول الخليج إلى تعزيز هيمنتها على المنطقة مستخدمة ثرواتها ونفوذها في قمع حركات التغيير السياسي.
ثمة تشابك عميق بين الحراك الإقليمي والصراع السوري، حيث أسفر سقوط الرئيس بشار الأسد عن تداعيات كبيرة، ومنها أنه قوض لدى قوى الثورة المضادة السردية التي كانت ترى أن الانتفاضات الثورية تجلب الدمار والانقسام الدائمين، متحججين حينها بما آلت إليه الأوضاع في سوريا.
يضاف إلى ذلك أن ارتقاء القوى الإسلامية في سوريا، بغض النظر عن انتماءاتها، ينظر إليه باعتباره مصدر تهديد. يتصادف ذلك مع تنامي نفوذ تركيا في المنطقة مقابل تراجع الحضور الإيراني. ولقد زاد من تضاؤل نفوذ إيران، وبشكل خاص في لبنان، إضعاف حزب الله بعد اغتيال زعيمه.
وبذلك عادت المنطقة إلى التوترات القديمة، والتي من سماتها المحور الخليجي المصري الذي يخشى من انبعاث الإسلام السياسي ومن تحالفه مع تركيا، التي تسعى، من جانبها، إلى إحياء المشروع التاريخي المتمثل في مد نفوذها الإقليمي، وتعزيز دورها في الصراعات الإقليمية، كتلك التي تدور في سوريا وفي ليبيا.
تكشف إدارة تركيا الاستراتيجية لهذه الأزمات، بما في ذلك تمددها المحسوب داخل سوريا، عن رغبتها في طمأنة دول الخليج في نفس الوقت الذي تخدم فيه مصالحها.
ما من شك في أن اختطاف القرضاوي أحد النتائج الثانوية لهذا الحراك الإقليمي، الذي يعكس سعي تركيا للتوسع إقليمياً، وما طرأ على لبنان من تبدل في ميزان القوة بعد ما أصاب حزب الله من وهن وتراجع، ومحاولات سوريا العبور إلى شاطئ الأمان والنجاة من مكائد الثورة المضادة.
يؤكد ذلك تنامي السلطوية داخل بلدان الإقليم، تأثراً بنموذج عبد الفتاح السيسي في مصر، الذي بات قدوة تحتذى من قبل أركان الثورة المضادة في منطقة الشرق الأوسط.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية عبد الرحمن القرضاوي الإمارات الثورة المضادة الترحيل العصابات الإمارات ترحيل الثورة المضادة العصابات عبد الرحمن القرضاوي سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإمارات العربیة المتحدة الثورة المضادة إلى الإمارات فی المنطقة فی لبنان فی مصر من قبل
إقرأ أيضاً:
الإمارات تتسلم المتهم عبد الرحمن القرضاوي من لبنان
تسلمت دولة الإمارات من السلطات المختصة في لبنان المتهم عبد الرحمن القرضاوي، بناء على طلب التوقيف المؤقت الصادر بحقه من الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب-إدارة الملاحقة والبيانات الجنائية.
والطلب مقدم من قبل الجهات المختصة في دولة الإمارات، لارتكابه أعمالا من شأنها إثارة وتكدير الأمن العام، حسبما أعلنت وكالة أنباء الإمارات (وام).
وجاء أمر التسليم "بناء على تقديم طلب تسليم من السلطة المركزية بدولة الإمارات المتمثلة بوزارة العدل إلى السلطة المركزية بجمهورية لبنان وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل والقوانين والتشريعات الوطنية لكلا البلدين".
وأكدت دولة الإمارات على "وقوفها بحزم ضد كل من يستهدف أمنها واستقرارها، وأنها لن تتوانى عن ملاحقة المطلوبين واتخاذ الإجراءات القضائية في حقهم".