أحمد ياسر يكتب: نافذة فرص الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
مرحلة جديدة حرجة بدأت مع الانتفاضات العربية عام 2011، وتتطورت معها سياسة الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي، حيث جلبت تلك الفترة ومازالت تحديات أمنية خطيرة لكلا الجانبين فيما يتعلق بالمنطقة التي لديهما فيها مصالح استراتيجية حيوية.
حتى أن مخاوف الاتحاد الأوروبي دفعت المفوضية الأوروبية إلى إطلاق "أجندة إيجابية" في عام 2012 تهدف إلى معالجة التحديات المشتركة في الشرق الأوسط من خلال التعاون الوثيق مع تركيا، و أيدت دول الاتحاد الأوروبي، التي ذكرت أن تركيا والكتلة يمكن أن تكون أقوى إذا اتحدت، المبادرة بسبب الأهمية الاستراتيجية لأنقرة في المنطقة.
وبسبب الافتقار إلى التقارب فيما يتعلق بمواقفها بشأن التطورات الإقليمية، فضلاً عن مواقف بعض دول الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بعضوية تركيا المحتملة في الكتلة، فشلت في التعاون بشكل فعال والاستفادة من هذه المبادرة، ومع ذلك، وعلى الرغم من التوترات السياسية والخلافات بين القادة الأتراك وقادة الاتحاد الأوروبي، تعاونت أنقرة مع بروكسل في مسائل أمنية بالغة الأهمية طوال هذه الحقبة.
يعتقد صناع السياسات الأتراك أنه إذا تم منح تركيا العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين - والتي غالبًا ما يشار إليها بالعصر الذهبي للعلاقات التركية الأوروبية - فإن أوروبا كانت ستتمتع ببنية أمنية أكثر تكاملاً وقوة.
نظرًا لموقعها الراسخ داخل الهياكل الأمنية الغربية وصناعة الدفاع المتقدمة والقدرات العسكرية المثبتة، فإن تركيا في وضع جيد لتعزيز البنية الأمنية في أوروبا، كما أن التهديدات الأمنية المتزايدة، بدءًا من العدوان الروسي إلى عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، تثبت بشكل أكبر الدور الحاسم الذي تلعبه تركيا في دعم أمن أوروبا.
ونظراً لهذا الواقع، دعا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إلى تحول في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وحث على العودة إلى عصر "ما قبل ساركوزي" ــ في إشارة إلى الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، الذي خدم من عام 2007 إلى عام 2012. وعلى مدى السنوات الأخيرة، أدى صعود زعماء مثل ساركوزي، الذي زعم أن تركيا لا تنتمي إلى أوروبا، إلى تغذية الشكوك المتزايدة داخل النخبة التركية وزيادة المشاعر المناهضة للاتحاد الأوروبي بين عامة الناس.
وعلاوة على ذلك، فإن التحوط التكتيكي لتركيا، مثل نهجها تجاه مجموعة البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون، أدى إلى تعميق الشكوك داخل الاتحاد الأوروبي، وقد أوضح "فيدان" في السابق أن تركيا لن تكون مهتمة بالانضمام إلى هذه المنظمات إذا كانت بالفعل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي.
وهذا يشير إلى أن أنقرة لا تسعى بجدية إلى الانضمام إليها. وعلى الرغم من التوترات المستمرة مع الاتحاد الأوروبي، فإن الموقف الجيوستراتيجي لتركيا يفرض عليها السعي إلى تعاون أوثق مع أوروبا. وفي المقابل، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يتخلى عن موقفه المنافق وأن يعترف بتركيا كشريك حيوي للتعاون.
في حقبة ما بعد الانتفاضات، كان الاتحاد الأوروبي هو الذي سعى إلى التعاون التركي في مواجهة التحديات الإقليمية، وليس العكس. وفي مارس 2016، وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية مع تركيا تهدف إلى وقف تدفق الهجرة غير النظامية عبر تركيا إلى أوروبا، ومع ذلك، فشلت هذه الصفقة في تحقيق النتائج المتوقعة للعلاقات التركية الأوروبية.
وتدعو أنقرة الآن إلى تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي على أساس بناء وموجه نحو النتائج، وخاصة بعد زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى أنقرة الشهر الماضي، والتي أشارت إلى رغبة الجانبين في إعادة بدء حوار سياسي رفيع المستوى. وأعلن فيدان أنهما اتفقا من حيث المبدأ على عقد قمة بين تركيا والاتحاد الأوروبي في عام 2025 للتنسيق بشأن كيفية المضي قدما في كل هذه القضايا.
نافذة جديدة من الفرص مفتوحة الآن أمام الاتحاد الأوروبي للتعاون مع تركيا..
إذن، لماذا يشكل انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي أهمية كبيرة في الاستراتيجية الإقليمية للاتحاد الأوروبي؟
مع انهيار نظام الأسد، يمكن لسوريا، التي غيرت بشكل جذري في السابق ديناميكيات العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، أن تكون بمثابة نقطة انطلاق رئيسية للتعاون، لقد كان سقوط نظام الأسد الشهر الماضي بمثابة نقطة تحول بالنسبة لسوريا والتي سيكون لها عواقب بعيدة المدى ليس فقط على المنطقة ولكن أيضًا على أوروبا.
وبعد مناقشات مع القيادة التركية، أشارت فون دير لاين إلى أن الاتحاد الأوروبي سيعزز مشاركته مع السلطة الجديدة التي أطاحت ببشار الأسد، لقد أصبحت سوريا نقطة محورية لكل من تركيا ودول الاتحاد الأوروبي، ومن المرجح أن تؤكد أنقرة على أن اللحظة الحالية تقدم فرصة تاريخية في سوريا، وهي فرصة يمكن أن تكون بمثابة نقطة تحول للاستقرار الإقليمي وأمن أوروبا.
ولا شك أن قضية عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم ستكون محوراً مركزياً للمناقشات السياسية الأوروبية، وفي حين أن هذا وقت من عدم اليقين الكبير في سوريا والمنطقة بشكل عام، فإنه يقدم أيضاً فرصة فريدة للتعاون.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: تركيا الاتحاد الأوروبي المزيد الاتحاد الأوروبی فی
إقرأ أيضاً:
القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط.. أين تقع وما الغاية منها؟
في عملية لوجستية ضخمة استغرقت أكثر من 70 رحلة جوية، “نقل الجيش الأمريكي نقل كتيبة دفاع جوي من طراز “باتريوت” إلى الشرق الأوسط”.
وأكدت مصادر عسكرية أمريكية أن “الخطوة جاءت ضمن تعزيزات أوسع تشمل نشر المزيد من الطائرات والسفن الحزبية في المنطقة خاصة مع تصاعد التوترات مع إيران و”الحوثيين” في اليمن”.
وبحسب المصادر، “من ضمن التعزيزات العسكرية الإضافية، تم تمديد نشر حاملة الطائرات “يو إس إس هاري ترومان” في البحر الأحمر، وإرسال مجموعة ضاربة إضافية إلى الشرق الأوسط، بالإضافة إلى طائرات مقاتلة وحاملة الطائرات “يو إس إس كارل فينسون” التي وصلت حديثا إلى المنطقة”.
في السياق، عرضت وكالة رويترز، تقريرا عن “الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسطـ”.
وقالت الوكالة: “لطالما أدارت الولايات المتحدة قواعد في أنحاء الشرق الأوسط، وأكبرها قاعدة العديد الجوية في قطر، التي بُنيت عام 1996، بناء على عدد الأفراد، وتضم الدول الأخرى التي تنشر فيها الولايات المتحدة قواتها البحرين والكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة”.
وأضافت: “يوجد عادة حوالي 30 ألف جندي أمريكي في جميع أنحاء المنطقة، وهو انخفاض حاد مقارنة بالفترة التي شاركت فيها القوات الأمريكية في عمليات كبرى حيث كان هناك أكثر من 100 ألف جندي أمريكي في أفغانستان عام 2011، وأكثر من 160 ألف جندي في العراق عام 2007”.
وقالت رويترز: “للولايات المتحدة ما يقرب من 2000 جندي في سوريا في قواعد صغيرة، معظمها في الشمال الشرقي، ويتمركز حوالي 2500 جندي أمريكي في العراق، بما في ذلك في موقع “يو إس يونيون 3″ في بغداد”.
و فق رويترز، “صرح البنتاغون بأنه عزز قواته إلى الشرق الأوسط في الأسابيع الأخيرة. كما نقل ما يصل إلى ست قاذفات “بي-2” في مارس إلى قاعدة عسكرية أمريكية بريطانية في جزيرة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي، وهو ما قال الخبراء إنه سيضعها في موقع مثالي للتدخل السريع في الشرق الأوسط، كما أرسل البنتاغون طائرات أخرى ومزيدا من معدات الدفاع الجوي، بما في ذلك كتيبة دفاع صاروخي من طراز باتريوت، “وتتواجد حاملتا طائرات أمريكيتان في الشرق الأوسط، تحمل كل منهما آلاف الجنود وعشرات الطائرات.
وتابعت الوكالة: “تتمركز القوات الأمريكية في الشرق الأوسط لأسباب متعددة،ففي بعض الدول، مثل العراق، تقاتل القوات الأمريكية مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ويوجد في الأردن، مئات المدربين الأمريكيين، ويُجرون تدريبات مكثفة على مدار العام”.
وأضافت: “كما تتواجد القوات الأمريكية في دول أخرى، مثل قطر والإمارات العربية المتحدة، كضمان أمني، وللتدريب، وللمساعدة في العمل العسكري الإقليمي عند الحاجة”.
وقالت: “القواعد الأمريكية منشآت شديدة الحراسة، تشمل أنظمة دفاع جوي للحماية من الصواريخ أو الطائرات المسيرة، لا تتعرض المنشآت في دول مثل قطر والبحرين والمملكة العربية السعودية والكويت عادة لهجمات، لكن القوات الأمريكية في العراق وسوريا تعرضت لهجمات متكررة في السنوات الأخيرة”.
وتابعت: “منذ عام 2023، شنّت حركة “أنصار الله” اليمنية (الحوثيون) أكثر من 100 هجوم على سفن قبالة سواحل اليمن، قائلين إنها كانت تضامنا مع الفلسطينيين في حرب إسرائيل على غزة مع حركة “حماس”،وشملت هذه الهجمات ضربات بطائرات مسيّرة وصواريخ على سفن تابعة للبحرية الأمريكية في المنطقة”.