همومة: ما حدث في طرابلس بين “الأربعات والردع” لن يؤثر على مجريات الأحداث السياسية
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
قال عضو اللجنة السياسية بمجلس الدولة الاستشاري أحمد همومة، إن لجنة إعداد قوانين الانتخابات (6+6) ستعقد الأحد المقبل، اجتماعا تقابليا، في أول لقاء لها بعد اختيار رئاسة جديدة للمجلس.
همومة وفي تصريحات صحفية، أوضح أن الجلسة الرسمية للمجلس ستعقد أول سبتمبر، وحتى الآن لم يوجه رئيس المجلس الجديد محمد تكالة دعوة رسمية للجلسة.
وبين أن أهم المحاور أو البنود التي من المتوقع مناقشتها تتعلق بآخر المستجدات الأمنية والسياسية على الساحة.
وأشار إلى أنه بعض أعضاء المجلس قد يطلبون مراجعة عمل المجلس طيلة المدة الماضية من حيث النجاحات والإخفاقات لتصحيح بعض الإجراءات التي اتخذت سابقا ولم تُؤت أكلها.
همومة رأى أن ما حدث من صدام في طرابلس بين اللواء 444 وقوة الردع، لن يكون له تأثير على مجريات الأحداث
المصدر: قناة ليبيا الحدث
إقرأ أيضاً:
الطوابع البريدية في عُمان
تُعد الطوابع البريدية إحدى أهم وسائل التواصل والتفاعل بين الناس، فهي رسالة ثقافية مسؤولة عن نقل الأحداث وتوثيقها من ناحية، وتأصيل العديد من التجارب والخبرات، وتسويق الأمكنة والأزمنة التاريخية، كما أنه يتماس مع الكثير من الظواهر الإنسانية في كافة المجالات (السياسية، والتاريخية، والاجتماعية وغيرها). إنه تمثيل رمزي بأبعاد فنية وجمالية، قادرة على تجسيد الأحداث وتأريخها وتحليلها وفق معطيات بصرية مركَّزة.
ولقد ارتبطت الطوابع البريدية بالفنون التشكيلية وقدرة الفنانين على تصوير الأحداث وتمثيلها، ولذلك فإنها تمثِّل قيمة فنية رمزية ومعرفية وحضارية، إضافة إلى قيمتها النفعية، ولهذا فإنها مسؤولة عن تجسيد ثقافة المجتمعات وتاريخ حضارتها وإبراز تنوعاتها الفكرية والثقافية، في قالب جمالي يعكس الأبعاد الفنية التجريبية أو الوجودية أو غيرها، فهذه الطوابع ليست مجرد صور بأحجام صغيرة بقدر كونها رسالة فنية وفكرية تعكس تاريخ الأمم وثقافتها.
ولأن الطوابع البريدية مرتبطة بالفنون التشكيلية فإنها تقدِّم رؤية فنية وإبداعا جماليا يقوم على مجموعة من التوليفات الرمزية، التي تشكِّل تجسيدا للقيم والمعايير الفنية التي تعتمد عليها، إضافة إلى قدرتها على تمثيل تلك الرؤية التي تعكس تاريخ البلدان وأحداثها التي تبتغي إبرازها وتقديمها إلى العالم، فهذه الطوابع تظهر باعتبارها تكوين جمالي له دلالات حسية ورمزية، تجسِّد قيم الشعوب ومكونات ثقافتها، وتعبِّر عن حسيَّة الفنانين ووجدانهم من حيث ترميزاتها الفنية والجمالية.
لقد أسهمت الطوابع البريدية منذ أن ظهرت في القرن التاسع عشر، في تسجيل العديد من الأحداث وتوثيقها، وسرد التاريخ الحضاري للبلدان، وكذلك تكريم الشخصيات التاريخية المؤثرة على مر العصور؛ حيث استطاعت أن تنشر الثقافات وتسوِّقها، وقدمت وصفا عن تنوُّعات الثقافة والموارد الطبيعية والوراثية ، بل نقلت كل ما يتعلَّق بذلك التنوُّع حتى على المستوى الحضاري، الذي يكشف التقدُّم التنموي الذي تحرزه الدول، فالطوابع البريدية بطاقات تعريف بحضارات الدول.
لذلك فإن إنتاج الطوابع البريدية يحتاج الكثير من الحرص من الناحية الفنية والحضارية؛ فليست كل الأحداث يمكن تجسيدها باعتبارها فنا، وليس كل الظواهر يمكن أن تمثِّل إضافة ذات قيمة جمالية مؤثرة، ولهذا فإن انتقاء الأحداث والظواهر والمناسبات التي تستحق إصدار طوابع بريدية خاصة بها، يُعد من بين المعايير التي يتم من خلالها إنتاج تلك الطوابع، ذلك لأن الصور التي تجسدها تعبِّر عن جوهر الطوابع وقيمتها الثقافية والحضارية، التي تنطلق منها قيمتها الرمزية.
ولأن عُمان واحدة من تلك الدول التي اعتنت بالطوابع البريدية، ليس باعتبار ارتباطها بالقيمة النفعية الخاصة بالمراسلات الورقية، بل أيضا لرمزيتها وقدرتها الفنية، التي ارتبطت بالفنون التشكيلية والبصرية، وقيمتها الحضارية التي أرَّخت للعديد من الأحداث التاريخية العمانية، ورمزت للكثير من الشخصيات العمانية التي أسهمت في تنمية حضارتها على مر التاريخ، كما صورَّت ترميزات إيحائية لأحداث مرَّت على عُمان وكان لها تأثير اجتماعي ونفسي مباشر.
يخبرنا كتاب (إصدارات الطوابع البريدية في سلطنة عمان)، الصادر عن هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، أن الطوابع البريدية ظهرت في عُمان منذ عام 1944، ثم مرحلة الاستقلال البريدي في عام 1966، حيث بدأت عُمان تُصدر طوابعها البريدية التي تُعد سجلا لأهم الأحداث التاريخية والاجتماعية والاقتصادية التي مرَّت على عُمان، كما خلَّدت ذكرى شخصيات أسهمت في تأسيس مراحل الحضارة العمانية وكان لها دور في تاريخ الدولة الحديثة.
ففي أبريل 1966 تم إصدار أول مجموعة طوابع عمانية باسم (مسقط وعُمان)، تتكوَّن من 12 طابعا متنوِّعا لرموز مثَّلت صور من عُمان (القلاع العمانية، وصور الشعار الوطني)، ثم صدرت أوَّل مجموعة طوابع تذكارية في عام 1969 للاحتفال بتصدير أول شحنة من النفط، وهكذا توالت الإصدارات من الطوابع العمانية التي جسَّدت رمزيات الحضارة والثقافة والتنمية الحديثة في عُمان، ولقد شهدنا تدشين العديد من الطوابع البريدية، التي مثَّلت الكثير من تلك الرموز سواء أكانت في المناسبات الوطنية أو تجسيدا لأبرز منجزات النهضة، أو إبراز التنوُّع البيولوجي والبيئي الذي تتميَّز به عُمان، إضافة إلى تجسيد المناسبات الإقليمية والدولية، التي تمثِّل ما تؤمن به عُمان في علاقاتها الدولية القائمة على التسامح والتعايش والسلام.
وبعد أول طابع مثَّل تذكارا بمناسبة مرور 200 عام على حكم أسرة البوسعيد لسلطنة عُمان وصدر في عام 1944، ها هي عُمان تدشِّن طوابع تذكارية بمناسبة مرور 280 عاما على حكم أسرة البوسعيد، لتمثِّل إحدى ظواهر التوثيق التاريخي المرتبط بالفن التشكيلي البصري، الذي يرمز إلى هذه المناسبة، باعتبارها ذكرى تاريخية ترتبط بمؤسِّس الدولة البوسعيدية الإمام أحمد بن سعيد، التي تسرد تاريخ الأئمة والسلاطين البوسعيديين الذي توالوا على حكم عُمان منذ عام 1744م، وحتى حكم السلطان هيثم بن طارق.
تظهر الطوابع البريدية الخاصة بهذه المناسبة التذكارية في مجموعة من الأشكال سواء أكانت تلك التي ترمز للدولة البوسعيدية في لوحة رمزية تمثِّل (رأس الخنجر البوسعيدي)، الذي يرمز إلى العزة والفخر والشهامة العمانية، إضافة إلى البطاقة التذكارية التي تقدِّم السرد التاريخي للأئمة والسلاطين، والطوابع البريدية التذكارية التي تستعرض صور أولئك السلاطين والقادة، والبطاقات البريدية ثلاثية الأبعاد، التي تجسِّد تلك الشخصيات التي توالت على حكم عُمان منذ بدء الدولة البوسعيدية.
إن تدشين هذه الطوابع التذكارية لا يمثِّل توثيقا لجزء أصيل من التاريخ العماني الممتد عبر الحقب الحضارية وحسب، بل أيضا تأصيلا للدور الذي قدمته أسرة البوسعيد في توحيد الدولة، ودحر الغزاة والمستعمرين من ناحية، وما قدَّمه الأئمة والسلاطين خلال فترات حكمهم لعُمان، وما أصَّلوه من مبادئ وقيم إنسانية وحضارية ما زالت راسخة في ذهنية الشعب العماني، وقد أصبحت تمثِّل قيمة حضارية وفكرية قائمة على التسامح والتعايش والسلام.
إن الطوابع البريدية ليست صورا فنية تذكارية وحسب، إنما توثيق حضاري يمثِّل قيمة ثقافية لها امتداد معرفي يرتبط بالدولة وتاريخها من ناحية، وقدرتها التنموية من ناحية أخرى؛ فالدول التي تهتم بالطوابع تعكس مدى احترام ثقافتها وتسويق تلك الثقافة عبر منافذ فنية ما زالت لها جماهيريتها رغم التحولات التقنية الواسعة الانتشار، فالطوابع الحديثة استفادت من تلك التقنيات خاصة على المستوى الفني، وذلك ما تعكسه الطوابع التذكارية في إفادتها من تقنيات ثلاثية الأبعاد، وتقنيات التصميم الفني، التي تظهر في الكثير من الخطوط الفنية المعتمدة، إضافة إلى فنيات الصور وغيرها.
فالطوابع البريدية اليوم تظهر في حُلة جديدة من النواحي الفنية والثقافية، بما تقدمه من قيمة جمالية لمحتوى الصور والرموز والعلامات التي تؤسِّس محتوى بصري له تاريخ فكري، لا يوثِّق لليوم وحسب، بل يؤرِّخ تاريخا للأجيال، الأمر الذي يجعل اهتمام عُمان المتزايد بها يمثِّل الوعي بأهمية تلك الطوابع وفنيتها وقيمتها التي ترسِّخ ليس فقط للأحداث وإنما تقدِّم عمقا تاريخيا واجتماعيا يعيد أمجاد عُمان ويذكِّر بهذا العمق الحضاري الممتد.
إن الإنتاج الفني للطوابع البريدية يقدِّم وعيا فنيا وجماليا، يعبِّر عن فكر المجتمع ويرسِّخ الوعي الجماعي القائم على العمق التاريخي والحضاري الذي تتميَّز به عُمان، فهذه الطوابع لوحات فنية ومحتوى بصري فكري قيِّم، يعرفه الشغوفون بجمع الطوابع البريدية؛ أولئك الذين يوثِّقون هذا الفن ويؤرِّخون إنتاجه الفني، ويقدِّمونه باعتباره قيمة حضارية وفنية، والذين يؤِّكدون لمن يشكِّك في صمودها في ظل التطورات التقنية، أنها فن مستدام قادر على الاستفادة من تلك التطورات وتقديم محتويات بصرية إبداعية متجددة.
إن الطوابع البريدية تخبرنا عن تاريخ الدولة وثقافتها، وتطورها، وفكرها المتجدِّد، وصمود شعبها وقوته، كما تعكس تطوراتها الفنية والتقنية التي تظهر في الثيمة البصرية.
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة