مشكور يا جيشنا!!
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
تأمُلات
مشكور يا جيشنا!!
كمال الهِدَي
بعيداً عن الانفعالات اللحظية وتوزيع التهم المجانية دعونا نطرح على أنفسنا بعض الأسئلة لأن المولى عز وجل خصنا كبني آدمين بنعمة العقل لكي نفكر ونتأمل ونتساءل قبل أن نفرح أو نحزن.
أول هذه الأسئلة هو: ناس مدني ديل كانوا ساكنين في بيوت شيدوها وأثثوها من حر مالهم ولا كانت هذه البيوت هبة من أحد!
وهل خرجوا من هذه البيوت برغبتهم وأهملوها لتُنهب ويدمر بعضها بعد ذلك، أم أنهم أُجبروا على الفرار منها وتركها لقمة سائغة لأوباش هذا الزمان لكي ينهبوها ويعيثوا في كل المدينة فساداً لأن هناك من تخلوا عن دورهم في حماية هؤلاء المواطنين!
بالطبع قُتل من قُتل، وشُرد من شُرد، ونُهب من نُهب لتقصير، بل وتخاذل وتواطؤ ذات المؤسسة التي خرج سودانيون كثر اليوم وهم يرددون العبارة الماسخة والإكليشيه عديم المعنى ” جيش واحد.
أقول “عبارة ماسخة وإكليشيه عديم معنى” لا كراهية في الجيش، لكن لأن هذا الجيش نفسه لم يعد واحداً بعد أن إختار قادته منذ عشرات السنين أن يؤسسوا عدداً مهولاً من المليشيات من شاكلة المليشيا التي يحاربونها حالياً.
ولا أفهم أيضاً حالة النكران التي يعيشها الكثير ممن يقولون أن الجيش دخل المدينة الفلانية أو حرر المنطقة العلانية، في الوقت الذي يتابع فيه نفس هؤلاء النفر فيديوهات قادة مختلف المليشيات الكيزانية المجرمة وهم يتباهون وبانتصاراتهم الزائفة، وهي زائفة لأن أكثر من تضرروا هم أهلنا لا أفراد المليشيا.
إذاً فلنكن شجعان ونقول أننا نؤيد الكيزان في حربهم علينا وألا مانع عندنا من أن يقتلوا بعضنا ويشردوا البعض الآخر ثم يعيدوننا لبيوتنا لنهلل لهم ونعتبرهم أبطالاً.
وفي هذه الحالة لابد أن يُطرح السؤال: لماذا إذاً ضحينا بخيرة شبابنا عباس فرح وهزاع وكشة ومحجوب التاج وست النفور وبقية رفاقهم الأكرم منا جميعاً!
ما معنى أن نهتف وقتذاك “العسكر للثكنات والجنجويد ينحل” لنرتد على أعقابنا في حين آخر ونردد ” جيش واحد.. شعب واحد”!
ألا نشعر بالخجل من أنفسنا ولا ببشاعتنا كشعب يصفق لمن قتلوا خيرة شبابه وألقوا بجثثهم في النيل!
الثورة موقف مبدئي يا جماعة الخير لا يفترض أن تغير إيماننا به الظروف.
والموقف الصحيح بعد كل ما فعلوه بنا من قتل وتشريد ونزوح وتجويع يفترض أن يكون العكس، أي ألا نقف معهم في خندق واحد تحت أي ظرف من الظروف وإلا أصبحنا شعباً (مصلحياً) لا يعرف حقوقه ولا واجباته وهو ما لا ينسجم مع فكرة أن تكون ثورياً.
فهؤلاء الجنجويد لم يهبطوا على أرض السودان بطائرات أمريكية أو روسية بل هم من صناعة قادة هذا الجيش الذي تهتفون له، ومن منح بعض مرتزقتهم الجنسية السودانية هم أيضاً قادة تنظيم الكيزان البغيض.
ولو جاؤنا من خارج الحدود لوقفنا مع الجيش ( لو كان لدينا جيشاً وطنياً حقيقة) لمحاربتهم وطردهم من بلدنا.
أما بالوضع الحالي فلا يمكن إطلاقاً تبرير الوقوف مع جيش هو صانعهم لأغراض خبيثة أهمها أن يدخلوننا عبرهم في هذا (الجحر) الضيق.
وللأسف نحن شعب انطلت عليه ألاعيب الكيزان عشرات المرات ولهذا فلهم الحق في أن يروا أن السودان صار ملكاً لهم وألا سبيل لحكمه من أي فئة سواهم.
ما من عاقل أو شخص سوي لا تفرحه فكرة أن يعود مُشرد لبيته وموطنه، لكن فليفرح الناس في دواخلهم على الأقل دون هذه المواكب واللغة الهتافية التي غمر بها بعضنا الوسائط.
تفرح بالعودة في دواخلك مع الأخذ في الإعتبار التفكير في مساءلة ومحاسبة قادة هذا الجيش على عدم القيام بحماية المواطنين والهروب وقت الشدة بالرغم من إستئثارهم بأكثر من ٨٠٪ من ميزانية الدولة.
هذا هو الموقف السليم لو كنا شعب واعٍ ومدرك لحقوقه وواجباته كما نزعم.
أما المواكب والمسيرات الداعمة فليست (فرحة وطن) كما كتب أحد منافقيهم، بل هي واحدة من غفلات السودانيين فبمثل هذا الفعل نمنح الكيزان صك على بياض ونبدو كم يقولون لهم” أقتلونا، شردونا، أفتكوا بنا، أهينونا وبرضو راضين بحكمكم لنا”.
لدينا الكثير من المواقف والمفاهيم الغريبة لكننا لا نقر بذلك.
فالجيش مثلاً خط أحمر ولا يجب المساس به بالرغم من بيعه لنا ولأراضينا منذ عشرات السنين، لماذا لا أدري.
العجيب أن ضابط الجيش الذي يتقاضى راتباً من مال هذا الشعب دون أن يؤدي دوره في حماية الوطن والمواطن مقدس جداً والمساس به يعد ضعفاً في الوطنية، لكن المعلم، الأستاذ الجامعي، أو الطبيب لا يحظى بذات المكانة مع إنه يؤدي دوره على أكمل وجه.
ومصيبتنا الأعظم هي أن العديد من مستنيري هذا البلد إما أنهم يجارون عواطفهم أو يمضون وراء بعض الغوغائيين والمهرجين الذي يتوهمون أنهم أكثر الناس وطنية ويقولون عن كل من لا يدعم الجيش “خائن وعميل” مع إن أكبر خونة وعملاء هذا البلد هم قادة الجيش أنفسهم.
فكيف لنا أن نتحدث عن الوعي بالله عليكم!!
أضحكني أحد المحتفين بالإنتصار وهو يكتب “خلصنا من الجنجويد باقي لينا الكيزان” وهو لا يدري أنه يقف مع هؤلاء الكيزان في خندق واحد ويدعمهم.
بالطبع تابع الكثيرون فيديو من هدد أكثر من ستة آلاف من المتعاونين المفترضين بالبل والإلقاء في البحر، لكن الناس غضوا الطرف عن ذلك لأنهم يودون الإستمرار في الفرح الزائف.
وما كان لهؤلاء المجرمين أن يتجاسروا بمثل هذه التهديدات لولا الصكوك على بياض التي يمنحها لهم الشعب الغافل.
يقتلون المتعاونين من المواطنين العاديين، بينما يرافقهم بكل الود من تسبب في سقوط المدن وموت المئات وتشريد الآلاف ولا يزال بيننا من يردد ” جيش واحد.. شعب واحد”.
لن نساير الموجة، وأي كاتب رأي يطبق مقولتنا عديمة المضمون (الموت مع الجماعة عرس) عليه أن يكسر قلمه لأنه يصبح قلماً عديم الجدوى.
هو فرح زائف لأن الحروب لا تُحسم بإسترداد منطقة أو مدينة، بل يطيل ذلك من أمدها.
وحتى لو قدر لهم أن يبيدوا الجنجويد – وهو ما لم يحدث في أي حرب- فماذا هم فاعلون مع العشرات من المليشيات التي تتشكل كل يوم!
من يدعم فكرة (لا للحرب) حقيقة لا يفترض أن يصفق لإنتصار أي من الطرفين في معركة أو مجموعة معارك.
قاتل الله الكيزان و مليشياتهم وأخذهم أخذ عزيز مقتدر.
الوسومالجيش الدعم السريع الكيزانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع الكيزان
إقرأ أيضاً:
قبر متواضع.. يحمل اسمًا واحدًا فقط: فرنسيس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استهل البابا فرنسيس وصيته الروحية، التي كُشف عنها مؤخرًا، كاشفًا من خلالها عن مكنونات قلبه، واختياره الأخير لمثواه، وسط مشاعر من التواضع والوفاء لأم المسيح.
إشراقة النهاية: "شمس حياتي تميل إلى المغيب"
في لحظة تأمل هادئة، عبّر الحبر الأعظم عن شعوره بقرب نهاية رحلته الأرضية. وبثقة ثابتة في الحياة الأبدية، اختار أن يُودّع هذا العالم بكلمات بسيطة، لكنها عميقة، تعكس جوهر إيمانه ومسيرته.
أمنية أخيرة: أن تُحتضن رفاته في أحضان مريم
أكد البابا رغبته بأن ترقد رفاته في بازيليك القديسة مريم الكبرى، وهي الكنيسة التي كان يقصدها للصلاة مع بداية ونهاية كل زيارة رسولية، ليضع فيها آماله وشكره بين يدي العذراء مريم. هذا المكان، الذي طالما حمل له رمزية خاصة، سيكون مسكنه الأبدي، بانتظار يوم القيامة.
قبر متواضع… يحمل اسمًا واحدًا فقط: فرنسيس
ففي إشارة إلى تواضعه، طلب البابا أن يكون قبره بسيطًا، بلا زخرفة أو نقوش، وألا يُكتب عليه سوى اسمه: فرنسيس. واختار موقعه بدقة، بين كابيلا “Salus Populi Romani” و”Cappella Sforza”، كما جاء في الملحق المرفق بوصيته.
ترتيب النفقات وتنفيذ التعليمات
أوضح البابا أن نفقات إعداد القبر ستُغطى من تبرّع خاص كان قد خصّصه لهذا الغرض، وتم تحويله إلى البازيليك. كما أوصى المونسنيور رولانداس ماكريكاس بتنفيذ كافة الإجراءات اللازمة.
صلاة، ألم، وسلام: رسالة في ختام الرحلة
ففي نهاية وصيته، طلب فرنسيس من كل من أحبّه أن يواصل الصلاة من أجله، مؤكدًا أنه قدّم ألمه في المرحلة الأخيرة من حياته كذبيحة من أجل السلام في العالم، والأخوّة بين الشعوب.
توقيع يختصر حياة كاملة
وُقّعت هذه الوصية في بيت القديسة مارتا، بتاريخ ٢٩ يونيو ٢٠٢٢، وهو التاريخ الذي يحمل دلالة رمزية في الكنيسة الكاثوليكية، حيث يُحتفل بعيد القديسَين بطرس وبولس، شهيدَي الإيمان.